تخطي إلى المحتوى
معرضُ الرّباط للكتاب ينطلق في العاشر من الجاري بمشاركة 48 دولة وأكثر من 700 دار نشر معرضُ الرّباط للكتاب ينطلق في العاشر من الجاري بمشاركة 48 دولة وأكثر من 700 دار نشر > معرضُ الرّباط للكتاب ينطلق في العاشر من الجاري بمشاركة 48 دولة وأكثر من 700 دار نشر

معرضُ الرّباط للكتاب ينطلق في العاشر من الجاري بمشاركة 48 دولة وأكثر من 700 دار نشر

للعام الثالث على التوالي، تُنصَبُ السُّرادقات الكبرى والخيامُ الفارهة في ساحات متنزّه الّسويسي الغابوي وشرق متنزه الحسن الثاني الشاسع قبالة القصر الملكي العامر المشهور بـ"المشور السعيد"، لاستقبال الدورة التاسعة والعشرين من المعرض الدولي للنشر والكتاب، والنسخة الثالثة منه في العاصمة السياسية الرباط، التي أضحت تلقب بـ"عاصمة الأنوار" وأضيف إليها تسمية "العاصمة الثقافية" انتزعتها من فاس المسمّاة في ماضيها بالعلمية.

بتنظيم الدورة الجديدة لمعرض الكتاب في الرباط، يبدو أن قرارًا قد حُسم ولا رجعة فيه بنقله من الدار البيضاء مدينة الاقتصاد والميناء الدولي والبورصة، وحيث انطلق للمرة الأولى بمبادرة من وزير الثقافة والخارجية الأسبق محمد بن عيسى وأصبح تقليدًا مغربيًّا عربيًّا ودوليًّا وعرسًا للكتاب المغربي الذي شهد في أجنحته وأنشطته ظهورًا تدريجيًّا وعبورًا بمراحل إنتاج ونشر وتوزيع صعبة، إلى أن تهيأ له التراكم كمًّا والقيمة الفكرية والإبداعية نوعًا. لذلك كان مفهومًا استياء البيئة الثقافية في الدار البيضاء وامتداداتها الشاسعة جنوبًا وغربًا لقرار لحرمانها من موعدها السنوي البارز، خاصة وقد أصبحت معْلمةً اقتصاديةً ماليةً بالدرجة الأولى، ورئة الثقافة فيها تختنق بينا تأسست فيها أهمّ المكتبات عربيةً وفرنسيةً وأروقةَ العرض التشكيلية. لمعالجة ردود فعل هذا التغيير عمدت وزارة الثقافة المغربية إلى حلول مرضية ومناسبة، أوّلها تنظيم معرض لكتاب الطفل والناشئة في الدار البيضاء، وإلى تنظيم معارض في جهات مختلفة في كبريات مدن المملكة، استحسنها الجمهور والناشرون.

أصبح معرض الكتاب اليوم في الرباط هو الفيصل، وهو المقابل الجديد لسابقه التاريخي في الدار البيضاء، وينظم توقيته بتنسيق مع اتحاد الناشرين العرب، أي يندرج في السلك العام للمعارض العربية بأكملها، ولا غرو فهو بشهادة الناشرين في دورتيه الأوليين من أنجحها تهيئة وعرضًا واستقبالًا لجمهور نوعي، وحققوا فيه مبيعات مباشرة مجزية زيادةً على تعاملهم مع جمهور مثقف ومحاور، فلا ننسى أن الرباط مركز جامعيّ أول في المغرب وخاصرتها أيضًا مؤسسات كبرى للتعليم العالي بما يوفر شرائح واسعة من القراء الحقيقيين والمحتملين. 

لنقدم أهم المعلومات التقنية للتعريف. قلنا إنها الدورة 29 للمعرض. في تاريخ يمتد من العاشر إلى التاسع عشر من أيار/ مايو. 

ينظم المعرض من طرف وزارة الشباب والثقافة والتواصل (قطاع الثقافة) ومديرية الكتاب بمصالحها المختلفة. وتعتمد الوزارة المعنية نهجَ الشركاء، وهكذا يشترك معها ماديًّا ومعنويًّا محافظة الرباط وسلا القنيطرة وجهتها والجماعة الممثلة لسكان الرباط. بلغ عدد الدول المشاركة هذا العام ثمانيَ وأربعين دولة، وعدد العارضين المباشرين الذين قبلت مشاركتهم 743 دارًا. وتبلغ المساحة الإجمالية للمعرض ما يربو عن 35 ألف متر.

 

جدير بالإشارة أن هذا المعرض يتيح الفرصة لعدد من المؤسسات الوطنية الرسمية وشبه الرسمية ذات الصبغة الفكرية والاقتصادية والحقوقية وما له اتصال بالمجال العام للتعريف بها هياكل وأعمالًا، وكذلك للإعلام الوطني ولتمثيليات ثقافية دبلوماسية وأجنبية، أصبحت القارة الأفريقية في السنوات الأخيرة محورًا معتمدًا نظرًا للانفتاح المتزايد للمغرب على القارة السمراء في ميادين شتى، بالإضافة، بطبيعة الحال، إلى حلفاء تقليديين بين غرب وعرب، في إطار سياسة شاملة تعتمد التوازن وتنويع العلاقات ومفهوم التعددية اللغوية. وشأن المعارض الدولية، يعتمد معرض الرباط في كل دورة ضيف الشرف، وقد اختيرت منظمة التربية والثقافة والعلوم (يونسكو) ضيف هذا العام ببرنامج مميز لخدمات هذه المنظمة في مجالات تخصّصها وفي إطار حوار الحضارات والثقافات الذي تضطلع به.  

دأبت المعارض العربية في السنوات الأخيرة على مصاحبة عروض دور النشر جديدها وقديمها، بإعداد برامج ثقافية متنوعة موازية لحركة البيع وتنقّل القراء بين أجنحة دور النشر. في المعارض التقليدية تُخصِص الأجنحة مكانًا وأوقاتًا للكتاب يوقعون فيها كتبهم لمعجبين بهم وراغبين في التعرف عليهم عن كثب، وما أبهرها الطوابير التي يمكن مشاهدتها في المعارض الغربية يمتد الوقوف فيها أحيانًا ساعات للفوز بتوقيع كاتبة أو باحث، ما نتطلع إليه نحن العرب. باتت هذه الأنشطة ظاهرة طاغية على المعارض والتعبيرات الثقافية الموازية تُلقى فيها محاضرات، وتُعقد ندوات، وتُخصص جلسات لكتاب مشاهير، حول تيمات وقضايا محورية في الأدب والفكر والفن والبيئة وفنّ المائدة وما استجد في العصر. حتى يكاد الذنَب أو الموازي أن يأكل الرأس والجسد، أي معرض النشر، الكتاب وفضاءه، لكن ينبغي النظر إلى هذا التفاوت في معارضنا العربية من زاوية أن معرض الكتاب يعد عندنا موسمًا وعرسًا ثقافيًّا استثنائيًّا بامتياز ويسعى إلى الاحتفاء بالثقافة وروادها ومنتجيها، كذلك بجعل المناسبة فرصةً للتفكير في قضايا معاصرة ذات حيوية، للمجتمع المحلي، أو على مستوى القارة، أو العالمي، وهذا بعض أهداف وطموح معرض الرباط.

المصدر: 
النهار العربي