تخطي إلى المحتوى

الوسطية والاعتدال في المنهج الدعوي عند الشيخ الغزالي

20% خصم 20% خصم
السعر الأصلي $6.00
السعر الأصلي $6.00 - السعر الأصلي $6.00
السعر الأصلي $6.00
السعر الحالي $4.80
$4.80 - $4.80
السعر الحالي $4.80

اعتمد المؤلف في هذا الكتاب على ما كتبه الشيخ محمد الغزالي عن نفسه، هذا من جانب حياته، ومراحل تعلمه والوظائف التي أسندت له، أما بالنسبة إلى المنهج الذي ارتضاه في دعوته فقد استعان المؤلف بكتابات الشيخ التي تتعلق بالدعوة، بالإضافة إلى ما كتبه في الدراسات التي تناولت الجانب الدعوي والفكري، وخاصة دراسة يوسف القرضاوي عنه، مستنبطاً منها منهجه الوسطي الاعتدالي، وقد اعتمد المؤلف المنهج الاستردادي، والمنهج التاريخي، كما تطرق للمفاهيم الأساسية مثل الوسطية والاعتدال والمنهج الدعوي.

المؤلف
التصنيف الموضوعي
134 الصفحات
17x24 القياس
2010 سنة الطبع
9789933101237 ISBN
0.21 kg الوزن

مقدمة الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على حبيبه ومصطفاه إمام الدعاة، وأسوة المعلمين الهداة، ورحمة الله المهداة، ونعمته المسداة سيدنا محمد، وعلى آله الأطهار وصحبه الأخيار والتابعين الأبرار، ومن تبع هداه وسار على نهجه المبين وصراط الله المستقيم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد: فمن الأشياء الجميلة والمفرحة أن تجد عالماً أو نجماً من النجوم الساطعة قد أفرد مؤلفاً أو مذكرات خاصة عن حياته حتى يسهل معرفته على الحقيقة التامة، لأن بعض الصفات والطباع لا يمكن لأحد كشفها إلا أن يدلي ويعرف بها صاحبها. وقد ترك لنا إمامنا الشيخ محمد الغزالي شيئاً من ذلك تحت اسم مذكرات الشيخ الغزالي - قصة حياة - مؤلفاً بطريقة رائدة قل نظيرها، وهو الشيء الذي أثلج صدورنا لأن الكتابة عن الأئمة وتاريخهم صعبة للغاية بل يكاد يوصف من يقدم عليها بالتهور، وهذا ما أشار إليه الدكتور يوسف القرضاوي بقوله: «...فأنا أتهيب الكتابة عن الأئمة والمصلحين الكبار، وخصوصاً بعد أن سمعت الشيخ مرة يقول: لا يكتب عن الأئمة إلا إمام... ومن لي بالإمامة أو العبقرية حتى أكتب عن إمام وعبقري مثل الغزالي؟»[(1)]. على هذا الأساس جعلت عمدتي في الكتابة عن الشيخ الغزالي ما كتب هو عن نفسه، مقتبساً نصوصاً بأكملها حتى أبقيها على قدرها من العذوبة والذوق، لما يميزها من لغة جميلة وأدب رفيع ودقة في العبارة مع إفادة بالمعنى على أكمل وجه. هذا من جانب حياته ومراحل تعلمه والوظائف التي أسندت له، أما بالنسبة إلى المنهج الذي ارتضاه في دعوته فقد استعنت بكتاباته - التي وقعت بين يدي - في مجال الدعوة، إضافة إلى ما كُتِب عنه من الدراسات التي تناولت الجانب الفكري والدعوي؛ كدراسة الدكتور يوسف القرضاوي التي تعد بحق وحقيقة مستوفية لحق الشيخ على هذه الأمة، التي وقف حياته كلها من أجل الدفاع والذود عنها، مستنبطاً منها منهجه الوسطي الاعتدالي الذي تميز فيه، بل تفرد به على ما أعتقد في هذا العصر. أهمية الموضوع وأسباب اختياره يقول العلامة الدكتور يوسف القرضاوي: «وظللت أتابع الشيخ وهو يخوض معركة بالغة الخطر، كان هو فارسها المقدم، ورائدها الأول»[(2)]. وهو ما أشار إليه أيضاً المفكر الإسلامي الدكتور محمد عمارة بقوله:«لقد أدركت - وأنا الذي سبق ودرست الآثار الفكرية لأكثر من ثلاثين من أعلام الفكر الإسلامي، وكتبت عنهم الكتب والدراسات - أدركت أنني حيال الشيخ الغزالي لست بإزاء مجرد داعية متميز، أو عالم من جيل الأساتذة العظام، أو مؤلف غزير الإنتاج، أو مفكر متعدد الاهتمامات، أو واحد من العاملين على تجديد فكر الإسلام لتتجدد به حياة المسلمين.أدركت أنني بإزاء جميع ذلك وأكثر منه وأهم»[(3)]. من هنا تبرز أهمية هذا الموضوع؛ لأنها تتعلق بأحد أقطاب التجديد الإسلامي ورائد الدعوة إلى الله على بصيرة، يقول الشيخ القرضاوي: «ولا يرتاب راصد لحركة الإسلام ومسار أمته، على رأس القرن الرابع عشر الهجري، أن الشيخ الغزالي أحد أعمدة التجديد الإسلامي الرئيسية في هذا العصر، سواء نظرنا إليه من خلال جهوده الذاتية في الفكر والدعوة والتوعية والتربية، أم من خلال عمله في الحركة التجديدية الكبرى؛ حركة الإخوان المسلمين التي يعد هو أحد أركانها الراسخة، وألسنتها الصادقة...»[(4)]. وقد اخترت هذا الموضوع للأسباب التالية: 1- لما لهذا الموضوع من أهمية بالغة كما أسلفنا، خاصة في هذا العصر الذي كثرت فيه الفضائيات التي تطلع علينا بعدد غير قليل ممن يسمونهم بالدعاة، وبعضهم أبعد ما يكون عن هذا اللقب الذي يسعون إلى تحقيقه عن طريق هذه الأبواق الدعائية، حتى صار ما يعرف بالنجومية من الدعاة، فراح بعضهم يحقق هذا الغرض، غافلاً عن المهمة الحقيقية للداعية، وهي تحقيق مرضاة الله فيما أمر به من تبليغ دينه، إضافة إلى إسعاد البشرية بهذه الرحمة المهداة للعالمين. وعليه، ارتأيت أن أقدم هذا البحث عسى أن يكون أنمودجاً يحتذى به في ميادين الدعوة إلى الله، لأن إمامنا الشيخ الغزالي رسم منهجاً متوازناً في هذا الطريق أسوته في ذلك رسول الله (ص). 2- لقد وجدت العلامة إمام الدعاة الشيخ الغزالي له حق علينا يجب أن نوفيه إياه في إبراز معالم منهجه، لأنه ظل يخدم الأمة الإسلامية وقضاياها مدة طويلة من الزمن، بل وهب لها حياته كلها. 3- كما أنها تلبية لدعوة الشيخ الفاضل الدكتور يوسف القرضاوي لإنصاف هذا العالم الجليل، الذي أفنى شبابه وشيخوخته في الذود عن حمى الإسلام ورسالته الخالدة، حيث يغدو الشيخ الإمام موضعاً لأطروحات علمية أكاديمية لرسائل الماجستير والدكتوراه، تتناول الجوانب الفكرية والدعوية والجهادية من حياة الشيخ[(5)]. الصعوبات والعوائق وقد واجهتني صعوبات في أثناء بحثي، وعلى رأسها: الشخصية الكبيرة والبارزة التي اخترتها، حيث إنه من الصعب الكتابة عن الأئمة لما ذكرناه آنفاً، وخاصة إذا كانت هذه الشخصية هي الإمام الشيخ محمد الغزالي، فما من شك أنه كلما اجتهدت في إعطاء صورة حقيقية عن منهج دعوته لم تصل إلى إيفائه حقه، إلا أن عذري في الإقدام على هذا العمل، ولو كان ناقصاً، أنه ما لا يدرك كله لا يترك جله. بالإضافة إلى عدم القدرة على اختصار حياة عالم جليل ملؤها العطاء، في بحث ضيق، قد أستطيعه بسهولة إذا كان الموضوع عن غير الغزالي الأديب، البليغ، صاحب الأسلوب الفذ، الذي يفرض عليك عدم اختصار كلامه، وإنما أخذه كما هو في فقرة متناسقة دقيقة؛ هذه البلاغة الفريدة جعلتني كلما أردت أن أثبت فقرة نافستني أخرى في السياق نفسه وبأسلوب مغاير جذاب، وذات قيمة مساوية، فتجـدني مشدوهاً أياً منها أختار، فإما أن أثبتهما معاً وبذلك يطول البحث، أو أن أترك واحدة منهما وأنا حزين القلب لما فات من فائدة عظيمة. وهذا ما لاقاه غيري على ما هم عليه من قدر ورفعة. وقد اعتمدت في هذه الدراسة المنهج الاستردادي، أو ما يسمى بالمنهج التاريخي، وهو المنهج المستخدم عادة في العلوم التاريخية والأخلاقية والشرعية والأدبية بل الإنسانية بصفة عامة، لأن الوصول إلى نتيجة يعتمد أساساً على معلومات الآخرين السابقة نستفيد منها ونضيف إليها، وقد اعتمدت في الغالب على معلومات غيري، وخصوصاً أن البحث متعلق بأحد أقطاب الدعوة والفكر، حيث كنت ناقلاً أكثر من أي شيء لبلوغ النتيجة المرجوة. من أجل هذا رحت أكتب بقلم الإمامين - الغزالي، والقرضاوي - في هذه الدراسة التي قسمت خطواتها إلى مقدمة وأربعة مباحث مع خاتمة. حيث عرضت في المقدمة إلى مكانة الشيخ الغزالي ورسوخه في الجانب الفكري والدعوي، مع الخطة التي سرت عليها في البحث. ثم أردفت بمبحث أول تطرقت فيه إلى مفاهيم حول وحدات عنوان البحث، من مفهوم للوسطية والاعتدال، وتعريفٍ للمنهج الدعوي، وتوسعت قليلاً في التعريف بالشيخ محمد الغزالي، لما له من أهمية تخدم موضوع البحث، فتطرقت إلى حياته آخذاً بالاعتبار مولده ونشأته، مع مراحل تعلمه، والمؤهلات التي تحصل عليها، إلى جانب الوظائف التي أسندت إليه، ثم وفاته. ولكي تتبلور الفكرة جيداً عن شخصية الشيخ نقلت شهادة حية لأحد العلماء البارزين في مجال الدعوة الإسلامية العلامة يوسف القرضاوي، ووضعتها تحت عنوان (كلمة الشيخ القرضاوي فيه)، بالإضافة إلى التعريج على مواقفه بوصفه رجل دعوة في أثناء التعريف به، لما تضفيه من إبراز صورة واضحة عن هذا الداعية الملهم الفذ. ثم انتقلت إلى مبحث ثانٍ، وضعته تحت عنوان: منهج الدعوة ووسائلها ومميزات الداعية، وهو صلب موضع البحث، أين برزت أو تجلت لنا الوسطية والاعتدال في أبهى صورها. ومن خلالها استنتجت أن الوسطية والاعتدال هي المنهج الأصوب والعود الأصلب في هذا الطريق. ثم تلوته بمبحث ثالث تعرضت فيه إلى نظرة الشيخ الغزالي التكاملية الشاملة للإسلام وشريعته التي استمدها من ثقافته الغزيرة والمتنوعة بجميع العلوم، سواء كانت كونية دنيوية أم دينية أخروية، مما ألهمه هذا الفيض الزخم من أساليب الدعوة المتعددة والمتنورة، إضافة إلى التطرق إلى نظرته للحق ومواقفه فيه، وتميزه في النقد اللاذع البناء، مع بعض الشواهد لذلك. وأتممت هذه الدراسة بمبحث رابع عرضت فيه رؤيته المتوازنة لبعض أبرز القضايا الفقهية المعاصرة، التي خاض فيها أغلب الفقهاء والمفكرين من المسلمين، ومن غير المسلمين، بين مثبت وناقد أو رافض لها، وجعلتها عينة لثمرة جهوده من خلال سيره في هذا المنهج الأصيل. وفي الأخير وضعت خاتمة جمعت فيها أهم المحطات والنقاط التي تطرقت إليها، مع ما وصلت إليه من نتائج حول أهمية هذا المنهج الذي سلكه الشيخ الغزالي في طريق الدعوة إلى الله. شكر وتقدير وقبل أن أختم كلامي هذا، أتوجه بالحمد والشكر أولاً وأخيراً لله عز وجل على فضله ومنته علينا بأن هدانا إلى الإيمان، وساقنا إلى هدي القرآن؛ {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لاَ تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلاَمَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ} [الحجرات: 49/17] . ثم أتوجه بالشكر إلى الوالدين الكريمين اللَّذَيْنِ حباني الله بهما، على ما قدماه لي من اهتمام في الصغر وفي الكبر، حتى خلفاني في زوجتي وعيالي على كبرهما. كما أتقدم بالشكر إلى رفيقة دربي وقدري الغالي؛ زوجتي المخلصة، لما أولته من دفعٍ لي لإتمام دراستي، وتحملها فراقي، دون أن أنسى فلذات كبدي بناتي الأطهار: أنفال، حنين، أريج الندى، قطوف الجنة، لبابـة الروح، أنسام درَّة، وصبرهن على بعدي عنهن، وما تحملنه من لوعة الشوق والفراق. كما أتوجه بالشكر والتقدير إلى إخوتي وأخواتي الذين طالما كانوا لي دعماً وعوناً من كبيرهم إلى صغيرهم. وأخص بالشكر أيضاً جميع أساتذتي الكرام المخلصين في مهمتهم النبيلة، وكل من علمني حرفاً سواء من قريب أم من بعيد. وإلى جميع أصدقائي المحبين، وعلى رأسهم الصديق الوفي الخال الطيب بن الشلي الذي تحمل مسؤولية أعمالي من بعدي. كما أتوجه بالشكر والعرفان إلى أعز أصدقائي في سورية الأخ الكريم أبو محمود أحمد بوشهري - رب أخ لم تلده أمك - الذي أولاني وأهلُه بالرعاية، فعوضوني عن أهلي بالجزائر، من توفير للمسكن وتمهيد للصعاب، والاهتمام بأموري كلها، مما أعانني على تخطي عقبات الغربـة. وشكري الخالص أيضاً لجميع الأصدقاء بهذا البلد الطيب المضياف (سورية). وختاماً لهذا، أسأل الله عز وجل أن يجعل عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم، وأن يتقبله مني على تواضعه ونقصانه، وأن يجعل ثوابه يصل إلى روح الشيخ محمد الغزالي الطاهرة.كما أسأله أن يصحبنا العصمة من كل خطأ وزلل، وأن يوفقنا للصواب من كل قول وعمل، وألاَّ يكون عملي هذا تطاولاً على ما قام به غيري من دراسات حول هذا الداعية الرمز. أبو أنفـال نورالدين بن رابح اعزيـز دمشق في 10 رمضان 1429 هـ الموافق لـ: 10 سبتمبر 2008 م