تخطي إلى المحتوى
أحلام المثقفين للثقافة المصرية فى 2022 أحلام المثقفين للثقافة المصرية فى 2022 > أحلام المثقفين للثقافة المصرية فى 2022

أحلام المثقفين للثقافة المصرية فى 2022

لكل منا أحلام وأمنيات مع بداية العام الجديد، توجهنا إلى المثقفين والأدباء لنتعرف على أحلامهم ورؤيتهم للثقافة المصرية خلال عام 2022، وما يرجون حدوثه فى العام الجديد، بما يضيف للثقافة المصرية قوة وانتشارا وحداثة، بوصف الثقافة هى القوة الناعمة التى لا غنى عنها أبدا، وكانت هذه بعض أحلامهم وأمنياتهم على المستويين الشخصى والعام التى ينتظرون ويرجون تحققها فى 2022.

أحمد الخميسى: أن تصل ثقافتنا إلى الفلاحين والقرى البعيدة

الكاتب الكبير أحمد الخميسى، بدأ حديثه بتركيز الضوء على ما لفت انتباهه فى 2021 وأهم ما شهدته من ظواهر ثقافية، وقال: يشق على الحديث بصورة شاملة عن حصاد عام 2021 الثقافى، لأن ذلك يقتضى الإحاطة بكل أو معظم ما صدر من أعمال، ولم يعد ذلك فى مقدور أحد. لكن الملاحظ أننا لم نر فى مجال المسرح عملا جذب انتباه الحركة الثقافية، أو ألقى بحجر فى بركة راكدة، وينطبق ذلك أيضا على المجال السينمائى.

ويضيف: فى هذا المجال قد يجدر بنا التوقف عند حركة الترجمة، التى ينهل منها فى الآونة الأخيرة أدباء كثيرون، ويبرز هنا اسم المترجم الشاب مارك جمال، وهو مترجم مبدع بكل معنى الكلمة، متمكن من العربية قدر تمكنه من الإسبانية، وآخر ما قدمه لنا رواية "فى العراء" للكاتب الإسبانى خيسوس كاراسكو، علاوة على ما سبق أن قدمه من أعمال بارزة تغنى المخيلة الأدبية العربية.

ويكمل الخميسى: هناك جماعات شبابية أشبه بالحلقات تعكف على ترسيخ الثقافة مثل موقع يسمى "كتب مملة"، يشرف عليه القاص المترجم أمير زكى، ويقدم عادة كل جديد من المقالات والقصص، وهناك مواقع أخرى شبيهة مهمة تتحرك بمبادرات فردية يجب الالتفات إليها ورعايتها. ورغم كل ذلك من الصعوبة بمكان القول إن هناك عملا أدبيا أثار موجة قوية من اهتمام القراء، وهذه مشكلة متعلقة بهجرة القراءة والغوص فى وسائل التواصل الحديثة، وأيضا بانصراف معظم الكتاب إلى الغرائبية والإبهار والدوران حول الذات. ومما يؤسف له أن ينتهى العام بإعلان من دار نشر عن "تنقيح ومراجعة" أعمال نجيب محفوظ! هل يصح أن نقوم بتنقيح الأهرامات وتعديل شكلها ومراجعتها؟ عملية لم تحدث من قبل فى تاريخ الأدب العالمى كله.

واختتم الخميسى حديثه قائلا: أرجو لثقافتنا فى العام المقبل أن تصل إلى الفلاحين والقرى البعيدة ومكتبات المدارس، لأن الكتاب سلاح فى مواجهة الظلمة والتطرف، ولعله السلاح الأقدر والأكثر إشعاعا.

زيزيت سالم: أرجو الاهتمام بالتعليم والتوسع فى بناء المدارس

من جانبها قالت الكاتبة والروائية زيزيت سالم: لا أحد ينكر أن مشروع مكتبة الأسرة كان من أهم المشروعات الثقافية فى القرن العشرين، فقد ساهم فى تنشئة وعى أجيال من الشباب، حيث تنوعت السلاسل الإبداعية والإصدارات الجيدة، مما كان له الأثر العميق فى حفظ تراث البلد وإحياء ذاكرتها الإبداعية فى كافة المجالات.

وتضيف: رغم ما حل بالعالم الآن من توابع الفيروس الاستثنائى كورونا الذى أصاب العقول بحالة من التبلد، فإن وزارة الثقافة المصرية نفذت مبادرة هامة هى "اقرأ معانا" التى أتاحت الفرصة لتعريف القارئ، وهو فى مكانه، بمختلف الكتب والإصدارات بالتواصل مع مؤلفيها صوتا وصورة، ولم تقتصر على الكُتَّاب المصريين فقط، بل على الكُتَّاب من جميع أنحاء الوطن العربى، حيث اتجهت المجتمعات نحو السوشيال ميديا بكل قوتها تجنبا للتجمعات، ولكن هذا الاتجاه الإلكترونى كان له تأثير عكسى على المؤسسات الثقافية الأخرى، فأصبح الكثير من دور النشر يكتفى بطباعة نسخ محدودة جدًّا لبعض الأعمالوتواصل زيزيت: ممتنة لما أنجزته فى 2021، حيث سيصدر لى قريبا ديوان شعر بعنوان "ليلٌ طويلُ القامة"، ومجموعة قصصية بعنوان "حاسة الحب السابعة"، وأتمنى فى عام 2022 على الصعيد العام أن يتم الاهتمام بالتعليم أولا وأخيرا، حيث يجب التوسع فى بناء المدارس، لتجنب تكدس الفصول بالطلبة، وتحديث المناهج التعليمية، وتنمية مواهب الأطفال فى المدارس، بالتركيز على حصص النشاط المدرسى، من مكتبة وموسيقى ومسرح ورسم وتربية بدنية، وكافة أشكال الفنون والرياضة، وإنشاء عدة مكتبات جديدة فى جميع المحافظات، وتجديد نشاطها الثقافى، إلى جانب دعم المراكز الثقافية الحالية بشكل يجذب الأطفال والشباب، فإصلاح العقول يبنى جيلًا مثقفًا واعيا.

وتختتم أمنياتها وأحلامها لعام 2022 قائلة: ينبغى أيضا النظر للتعليم الجامعى على أنه وسيلة وليس غاية، وأن يحصل المعلم على حقوقه كاملة، وعلى راتب يحفظ له هيبته بين الطلاب. وأتمنى أيضا، بعد الإبهار الذى رأيناه فى افتتاح متحف الحضارات بالقاهرة وطريق الكباش بالأقصر، أن يتم تدريس اللغة الهيروغليفية للطلاب فى المدارس بطريقة مبسطة لزيادة وعيهم بالهوية الثقافية، والاهتمام باللغات الأجنبية فى المدارس الحكومية فى مرحلة التعليم الأساسى.

منى الشيمى: مشروع حقيقى لنشر الثقافة ضد الشعبوية والتطرف

قالت الكاتبة والروائية منى الشيمى عن أحلامها للثقافة المصرية فى العام الجديد: أتمنى أن يفكر القائمون على الثقافة المصرية فى مشروع حقيقى لنشر الثقافة فى مواجهة الشعبوية والتطرف الدينى والفكرى، مشروع يشابه ما قامت به الثقافة الجماهيرية فى ستينيات القرن العشرين، لم تتبن الدولة وقتذاك عمل مشروعات ثقافية وحسب، بل جعلت الجمهور العريض فى كافة القرى والنجوع البعيدة تسعى للمشاركة والنهل منها، حتى تنقية الدودة من القطن، أنتجت لها الأفلام، وكانت السينما المتنقلة تجوب الأماكن حتى حدود الصحراء، ربما التحديات أكبر فى ظل وجود ثقافة الإنترنت، ولا أقدم اقتراحات، حتما المؤسسة الثقافية لديها الخبرات والأبحاث فى هذا المجال.

 

وتضيف الشيمى: أتمنى مشاركة مثقفينا بشكل أكبر فى الحياة السياسية، وعادة -كما قرأنا فى التاريخ- ما يتوصل المثقف لأفكار لا تراود ذهنيات أخرى كثيرة. الثقافة الحقيقية درع أمان فى مواجهة السنج والبلط والسيوف، التى ملأت الحياة المصرية حتى قراها النائية البعيدة.

 

 

وتختتم الشيمى حديثها قائلة: هناك أمنية تراودنى منذ عامين، أن يتبنى أحد البنوك المصرية الخالصة مشروع جائزة أدبية بقيمة مادية معتبرة، لتصمد مصر ثقافيا كما كانت دائما، على غرار جائزة أبى القاسم الشابى والتى يمولها البنك التونسى. أرجو ألا تكون تلك الأمنيات كالعادة مجرد موضوع يليق برأس السنة.

رشا الفوال:

أحلم بتنوير أكثر فاعلية

قالت الشاعرة والناقدة رشا الفوال: أحلم بتنوير أكثر فاعلية يرتكز فى المقام الأول على إبداعات الشباب فى قرى ومدن مصر، تنوير يبطش بالتوجهات الفكرية التى استباحت فى الآونة الأخيرة وجدان المواطن المصرى، تنوير على كافة المستويات، فى الفنون والآداب، لاستعادة هيمنة الفن والثقافة المصرية، واستعادة البصمة الفريدة لما تمتلكه مصر من قدرات. ويرتكز هذا التنوير ثانيا على شراكة دائمة بين المبدع والمتلقى فى الكتابة والنقد، والدراسات البينية، ربما يتحقق ذلك بإعادة الاعتبار لدور الثقافة الجماهيرية، والحركة النقدية البناءة، وفتح المجال لترجمة الإبداع الأدبى المصرى لعدة لغات.

وتضيف: مصر دولة تتسم بالتنوع الثقافى، ربما كان هذا التنوع سببا من أسباب بقاء الحس الفنى والأدبى رفيع المستوى، فعلى هامش الحلم، لا أنكر السعى المثمر لوزارة الثقافة فيما يخص حرصها على تبادل الرؤى، وإقامة المؤتمرات الإقليمية، وافتتاح عدد كبير من بيوت الثقافة، فى ظل أزمة الوباء التى سيطرت على كل دول العالم، لكننا بحاجة دائمة للتنقيب عن المبدعين فى كافة المجالات، ودعمهم بكل ما تمتلك الدولة المصرية من آليات قادرة على مواجهة الإرهاب الفكرى، بنشر ثقافتنا وإحياء تراثنا، وتحريض المواطن على التفكير الناقد، القادر على التصدى لمحاولات طمس الهوية المصرية.

شريف صالح: وضع سياسة ثقافية تستجيب للتحديات

يرى الروائى شريف صالح أن الثقافة المصرية ومنذ سنوات تفتقر إلى الاستراتيجية أو السياسة الثقافية المعبرة عن اللحظة الراهنة وتحدياتها، وقال: ربما آخر من اهتم بالثقافة كجزء من مشروعه السياسى هو عبد الناصر، لأنه كان ثمة إيمان بحصة كل فرد من الثقافة مثل الخبز. الآن الثقافة المصرية تعانى تحت وطأة أربعة تحديات: أولها الرجعية الدينية، وثانيها التسليع والنزعة الاستهلاكية والعولمة. وثالثها الضغط الاقتصادى على عامة الناس الذى يجعل الثقافة ترفًا. ورابعها المنظومة الثقافية البيروقراطية التى تفتقر لروح المبادرة والابتكار

ويكمل: لذلك أمنيتى الأساسية للثقافة المصرية أن توضع سياسة ثقافية تستجيب لهذه التحديات جميعها، ويصبح لها تأثير إيجابى على هويتنا وحل أزماتنا، مثل الزيادة السكانية والتلوث والجهل والأمية. لا أحد ينكر حركة العمران الواسعة، وما تقوم به الدولة من مشاريع تحديث، لكن كل هذا البناء المادى فى حاجة إلى بناء رمزى ومعنوى مواز له.

ويواصل شريف حديثه قائلا: أنا هنا لا أتحدث عن الثقافة كمرادف للأدب، بل عن كل ما تنتجه وسائل الإعلام ودور النشر وأكاديميات وكليات الآداب والفنون والمكتبات وقصور الثقافة والمسارح وصالات السينما. كل هذا يحتاج رؤية عصرية من الدولة. فليس منطقيا أن يكون لدينا أجمل مدرسة لتلاوة القرآن، ثم نستعير من غيرنا، وليس منطقيا ألا يعرف طلاب المدارس طه حسين وأم كلثوم ونجيب محفوظ ومو صلاح، وليس منطقيا أن يتقوقع دور الثقافة المصرية إقليميًا وعربيا.

ويختتم صاحب "حارس الفيسبوك" كلامه قائلا: هذه أمنيتى على الصعيد العام. أما على الصعيد الخاص، وبعد استقرارى فى مصر، أتمنى أن تصدر قريبًا روايتى للناشئة "سرقة أذكى مخ فى العالم"، عن سيرة أينشتاين، وقد وقعت عقدها. كذلك لديّ رواية للكبار أعمل حاليًا على مراجعتها، وأتمنى أن تنشر خلال الشهور القادمة.

المصدر: 
مجلة الإذاعة والتلفزيون