على " تيك توك"، أثبت المحتوى المؤيد للفلسطينيين أنه أكثر شعبية بين المستخدمين من الجيل وأولئك الذين ولدوا بين عامي 1997 و2012. فمقاطع الفيديو على هذه المنصة التي استخدمت وسم #StandWithPalestine (أقف إلى جانب فلسطين) جذب أكثر من 870 مليون مشاهدة، مقارنة بأكثر من 240 مليون للمقاطع التي تستخدم وسم #StandWithIsrael (أقف إلى جانب إسرائيل)، وهذه أرقام وفرتها "تيك توك" نفسها رداً على اتهامات مسؤولين أميركيين لها بالتلاعب بالمستخدمين عبر الخوارزميات "لغسل أدمغة الشباب وتحريضهم ضد إسرائيل"، وهي تدعم إحصاءات أخرى تظهر أن الجيل الأصغر من الأميركيين أقل تعاطفاً مع الاحتلال الإسرائيليمن آبائهم.
وعلى صعيد شكل المقاطع نفسها، رصدت "بي بي سي" تناقضاً ملحوظاً في ما يبدو عليه المحتوى الأكثر شيوعاً الذي يدعم الفلسطينيين أو الاحتلال الإسرائيلي. على سبيل المثال، تثير مقاطع الفيديو التي ينشرها المدونون الفلسطينيون على الأرض من غزة، والمستخدمون المؤيدون للفلسطينيين الذين يعلقون على الحرب بين إسرائيل وغزة، ردود الفعل الأكثر إيجابية بين المستخدمين الأصغر سناً. في الوقت نفسه، يبدو المحتوى الذي يقدمه جنود الاحتلال أكثر تنسيقاً وملاءمة بهدف مواكبة اتجاهات "تيك توك" الرائجة.
وأمام الارتفاع الملحوظ في عدد مناصري القضية الفلسطينية على "تيك توك" بين المستخدمين دون 40 عاماً، لم تسلم "تيك توك" من الاتهامات باحتضان "معاداة السامية". الممثل الكوميدي ساشا بارون كوهين الذي حضر اجتماعاً أخيراً مع المديرين التنفيذيين لـ"تيك توك" اتهم المنصة بأنها "تحتضن أكبر حركة معادية للسامية منذ النازيين". في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، دعا السيناتور الأميركي جوش هاولي مجلس الشيوخ إلى التصويت على حظر "تيك توك" في الولايات المتحدة. وبعد نشر "تيك توك" لإحصاءاتها، اتهمها السيناتور الأميركي ماركو روبيو بـ"التقليل من إرهاب حركة حماس"، مضيفاً أن الوقت قد حان لحظرها. خلال الشهر نفسه، قال الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إن "تيك توك" وغيرها "تغسل أدمغة المستخدمين".
لكن المنصة أكدت أن "خوارزمية التوصيات الخاصة بها لا تنحاز إلى أي طرف، ولديها إجراءات صارمة لمنع التلاعب". وأفادت بأنها منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حذفت أكثر من 1.1 مليون مقطع "في منطقة الصراع" لانتهاك إرشاداتها، "بما في ذلك المحتوى الذي يروج لحماس وخطاب الكراهية والإرهاب والمعلومات المضللة".
وضمن ما حذفته "تيك توك" رسالة كتبها زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن عام 2002، وعنوانها "رسالة إلى أميركا". خلال الأسابيع الماضية، بدأ الكثير من الشباب، وتحديداً الأميركيين، بتداول هذه الرسالة التي كتبها بن لادن لتبرير هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 التي أودت بحياة أكثر من 3 آلاف شخص في الولايات المتحدة، وبينها دعم الأخيرة للاحتلال الإسرائيلي وجرائمه بحق الفلسطينيين. المقاطع التي تضمنت وسم #LetterToAmerica (رسالة إلى أميركا) جذبت أكثر من 14 مليون مشاهدة، وفقاً لشبكة سي أن أن، وذلك قبل حذفها. بعد المشاركة الواسعة للرسالة، حذفتها "ذا غارديان" من موقعها حيث كانت قد نشرتها باللغة الإنكليزية. وأوضحت الصحيفة البريطانية أنها "قررت حذف الرسالة، وتوجيه القراء إلى مقالات إخبارية تضعها في سياقها الأصلي".
وبالحديث عن "إكس"، اتُهمت المنصة بإتاحة المحتوى المضلل والعنيف والكراهية، ووجهت إلى مالكها إيلون ماسك انتقادات حادة، بعدما رد على منشورات تروج لنظريات معادية للسامية. أصر ماسك منذ ذلك الحين أنه ليس معادياً للسامية، وفي سياق تأكيد موقفه هذا، زار الكيان الصهيوني، وتوجه رفقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى إحدى مستوطنات غلاف غزة حيث نفذ المقاومون الفلسطينيون عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر. وقال ماسك إنه عاش "يوماً صعباً عاطفياً: رؤية الأماكن التي قُتل فيها ناس. وأيضا مشاهدة الفيديو الذي يفرح فيه القتلة... تمت تغذية هؤلاء الناس بالدعاية منذ كانوا أطفالاً (...) عندما يتغذى البشر بالأكاذيب منذ طفولتهم، سيعتقدون أن قتل الأبرياء أمر جيد. يمكن للدعاية أن تؤثر على عقول الناس إلى هذا الحد". كما عقد حواراً مع نتنياهو عبر "إكس"، قال فيه الأخير: "علينا نزع سلاح غزة بعد تدمير حماس" و"القضاء على التطرف" في الأراضي الفلسطينية.
في المقابل، دعا القيادي في حركة حماس أسامة حمدان، الثلاثاء الماضي، ماسك إلى زيارة قطاع غزة "للاطلاع على حجم المجازر والجرائم التي ارتكبت ضد أبناء شعبنا، التزاماً بمعايير الموضوعية والمصداقية، وابتعاداً عن سياسة الانحياز والمعايير المزدوجة في التعامل مع قضية شعبنا وحقوقه المشروعة". ورد ماسك عبر "إكس"، قائلاً: "يبدو الوضع خطيراً هناك حالياً".
و"إكس" تعد منصة شائعة لدى السياسيين والصحافيين. ويبدو أن المحتوى المؤيد لإسرائيل فيها لا يزال يتمتع بانتشار أكبر، مقارنة بـ"تيك توك". المحتوى المنسق، بما في ذلك التسجيلات للرهائن الذين احتجزتهم "حماس"، والذي شاركه حساب "دولة إسرائيل"، حظي بعدد مشاهدات كبير، وفقاً لبيانات "إكس". على سبيل المثال، بين 16 و21 نوفمبر، حقق الحساب المذكور أكثر من 40 مليون مشاهدة على المنصة. بالمقارنة، فإن الحساب الرسمي على "إكس" للبعثة الفلسطينية لدى الأمم المتحدة، حصل على نحو 200 ألف مشاهدة لمنشوراته خلال الفترة نفسها، ويتابعه عدد أقل بكثير من متابعي الحساب الإسرائيلي.