تخطي إلى المحتوى
القراءة في الوطن العربي: أرقام مخيفة وحلول منتظرة القراءة في الوطن العربي: أرقام مخيفة وحلول منتظرة > القراءة في الوطن العربي: أرقام مخيفة وحلول منتظرة

القراءة في الوطن العربي: أرقام مخيفة وحلول منتظرة

الإشكالات التي تثيرها القراءة في الوطن العربي كثيرة ومتعدّدة، وتزداد حدّتها في عصرنا الحالي؛ ونحن نعيش طفرة غير مسبوقة للتكنولوجيا الحديثة، حيث تنوعت طرق البحث والمعرفة، بين المرئي والمسموع والمكتوب. لكن رغم هذه الطفرة التكنولوجية الحديثة، التي أغرت الإنسان عموما والإنسان العربي على وجه التخصيص، تبقى للقراءة طقوسها وخصوصياتها، وتظل المدخل الأساسي للتقدم في شتى مجالاته.. ولا أدل على ذلك من أن أوّل سورة قرآنية نزلت على النبي، تحث على القراءة .
وقد كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن الأسباب التي تقف وراء العزوف عن القراءة في الوطن العربي، سواء تعلق الأمر بقراءة الكتب، أو قراءة المجلات والصحف والجرائد الورقية. فتطرّق المهتمون إلى مداخلها ومخارجها والمعيقات التي تحول دون توسيع دائرة الإقبال عليها، وهذا ما سيفتح شهية السؤال من جديد كمحاوله لاكتشاف جغرافية الكتاب في وطننا العربي، وبالتالي الوقوف على ما توفّره المكتبات العمومية من خدمات. وعليه نطرح السؤال التالي:
– لماذا تراجعت عملية شراء الكتب؟
– وهل استطاعت الجهات المسؤولة عن النسق الثقافي العام أن تعيد الدفء إلى علاقة القارئ بالكاتب؟ أم أن ثمة إكراهات تحول دون التطبيع مع الكتاب وخصوصا ما يقرأ ورقيا؟
– وما مدى تأثير وسائل التكنولوجيا الحديثة على الإقبال على المطالعة الورقية؟
وهي إكراهات تتطلب حلولا ذاتية وموضوعية لتجاوز العزوف عن القراءة.
فالناظر إلى طبيعة المشهد القراءاتي في الوطن العربي، يلحظ تدني بورصة الإقبال على الكتاب والمكتبات، ما دفع الكثير من المهتمين إلى دق ناقوس الخطر معلنا إفلاس مقولة الجاحظ الشهيرة التي تعتبر «الكتابُ هو الجليس الذي لا يُطريك… والصاحب الذي لا يعاملك بالمَكْر، ولا يَخْدعك بالنّفاق، ولا يحتال لك بالكذب». كل ذلك يحتم ضرورة الوقوف عند العوامل التي ساهمت بشكل أو بآخر في هذا التدني، والتي لا شك في أن وراءها عوامل اقتصادية وثقافية وسياسية واجتماعية وتواصلية وتقنية. فإذا كانت وقت القراءة في البلدان العربية لا يتجاوز ست دقائق في السنة للفرد الواحد. وإذا كان معدل نشر الكتب لا يصل إلى كتاب واحد لكل ربع مليون؛ حسب إحصائيات رسمية تقدمت بها اليونسكو والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم منذ سنوات، وهي أرقام تخيّب آمال الناشرين ودور الطبع والمنعشين الثقافيين، فهل ضعف الإنتاج كاف لوحده لتبرير العزوف عن القراءة؟ أم أن هناك عوامل أخرى تحول دون عودة الكتاب الورقي إلى الواجهة؟
الأمية:
انتشار الأمية في المجتمع العربي وتذبذب سن سياسة احتواء فئات عريضة ومحاولة إنقاذها من تيه وظلام الجهل ترفع بورصة العازفين عن القراءة، رغم المجهودات التي تبذلها الجهات المسؤولة، التي ما زالت تفتقر إلى طول النفس وسياسة الاحتضان والتوجيه المحكم والتدريب المعقلن.
مكتبات عمومية:
أما في ما يرتبط بالمكتبات العمومية في المغرب كنموذج؛ فيلاحظ أنها تقدم خدمات متنوعة لتشجيع القراءة الورقية. منها مجانية التسجيل والإعارة الخارجية وتوفير الظروف الملائمة للقارئ، وفق الإمكانيات المتاحة، لكن تواجهها إكراهات متعدّدة، خصوصا أمام سطوة العالم الافتراضي الذي وفّر مراجع ومصادر مجانية مصوّرة، ما يستوجب سن استراتجيات بديلة تقوم على تحفيز القراء ليتصالحوا مع القراءة الورقية، وبالتالي خلق بدائل لمواجهة المستقبل الرقمي.
ارتفاع ثمن الكتب:
كما أن ارتفاع ثمن الكتاب يساهم في حرمان فئة مهمة من المواطنين من الاستفادة من تعزيز مخزونهم المعرفي وتنمية الوعي لديهم، ما يستوجب سن سياسة تقوم على تخفيض سعر الكتب لتصبح في متناول الجميع، وخصوصا ذوي الدخل المحدود. وقد يشجع هذا الإجراء شراء الكِـتاب بأسعار مقبولة.

القدس العربي