على هامش معرض الرباط الدولي للكتاب 2022، ومن خلال الأنشطة المقامة في المعرض، وكذا زواره من مسؤولي دور النشر في العالم، كان الحوار مع لارا مانفيل مديرة منشورات جامعة أوتاوا، إضافة إلى خبرتها في مجال النشر.. كرئاستها لجمعية المنشورات الجامعية الكندية، وعضويتها في الرابطة الإنكليزية/الكندية للناشرين، والرابطة الدولية للمنشورات الجامعية. عن زيارتها للمغرب ورؤيتها للتعاون وسوق النشر الحالي كان الحوار التالي..
*وما الصورة التي يُكونها المُتخيَّل الكندي عن المغرب؟
ـ يُنظَر إلى المغرب على أنه بلد المتناقضات، وبلد كل ما هو غريب أيضا. من ناحية، ثمة المغرب الذي يعود تاريخه إلى أكثر من ألف عام، بما يحتويه من فخاريات رائعة وسجاد وثريات من طراز ألف ليلة وليلة، ومدن أسطورية، وفنِّ طهوٍ وموسيقى أسطوريَّيْن، ومواقع أثرية استثنائية. إنه بلد الشمس والليمون ومُسْتهَلُ الصحراء الكبرى. وهناك كُتَّابُه الكبار ومفكروه العظماء، أذكر من بينهم الطاهر بن جلون. وفي الوقت ذاته، ثمة أيضا المغرب المعاصر، بلد الكليمانتين المنتشر في أسواقنا الممتازة. بيد أن معلوماتنا العامة عن البلد ما تزال جزئية على الرغم من وجود جالية مغربية كبيرة في كندا، بالإضافة إلى ذلك، فإن المغرب نادراً ما يتصدر، شأنه في ذلك شأن البلدان المغاربية الأخرى، عناوينَ الأخبار الرئيسية أو الثانوية. لكننا نعلم أن المغرب ليس فقط سوقا مهما في حد ذاته، لكنه أيضا جسر عبور إلى بلدان المغرب الكبير وافريقيا جنوب الصحراء.
*وماذا عن الوضع الذي تحتله ترجمة الكتب الكندية في السياسة العامة لمنشورات جامعة أوتاوا إلى ألسنة أخرى، وإلى العربية على وجه الخصوص؟
ـ تبدو لنا الترجمة إلى العربية مسألة مثيرة للاهتمام بشكل خاص بالنظر إلى شساعة سوقها. وقد ذهبتُ سنة 2019 إلى معرض الشارقة للكتاب، لتدشين تطوير علاقاتنا مع الناشرين الناطقين باللسان العربي. لكن الجائحة أوقفت هذه المبادرة. وعلى إثر ذلك، قامت جامعة أوتاوا بتبني الفرانكوفونية العالمية أولويةً استراتيجيةً للتنمية بصورة واضحة. لذا فإن منشوراتنا توجد في وضع جيد يُمَكِّنها من المضي قدما في تطوير السوق العربية، من خلال إقامة معرض يكون أكثر أنكلوفونية، وآخر يكتسي طابعا فرانكوفونيا بشكل أكبر.
*لنأخذ، في السياق ذاته، حالة جان دوليل الذي لم يُترجَم إلى العربية سوى مرتين فقط قبل الترجمة الحالية التي قمتُ بها للاقتباسات التي نحتفي بصدورها الآن، كيف يمكنكِ تفسير ذلك؟
ـ يمثل نسجُ علاقات مع ناشرين عرب تحديا كبيرا بالنسبة إلى الناشرين الذين لا يعرفون اللسان العربي. يتحتم عليك أولاً الذهاب إلى المعارض الدولية، وهو الأمر الذي ليس متاحا للجميع بالتأكيد، ثم إنه ليس من السهل دائما التواصل مع الناشرين العرب، على الرغم من حسن النية التي لدى الجميع، لأن بعضهم لا يتحدث الإنكليزية ولا الفرنسية. وقد بدا لي هذا واضحا في الشارقة، إذ كان ثمة فريق نشيط من المترجمين الفوريين، يساعدون الناشرين على التواصل في ما بينهم. وكان ذلك مفيدا جدا. لقد أصبحت وسائط التواصل الافتراضية العُرفَ السائد في العديد من السياقات (سكايب، زوم، فيس تايم وغيرها) بما في ذلك في عالم النشر، وقد اعتدنا على هذا النمط من الاتصال أثناء الجائحة. لكنني أدركت الآن، بعد أن أعدت تجديد صلتي بالسفر، أن لا شيء يَحُل محل الاتصال المباشر. يتطلب القيامُ بالمعاملات التعرفَ على بعضنا بعضا – مهنيا وشخصيا- وبناءَ الثقة في ما بيننا.
أما في ما يتعلق بترجمة جان دوليل إلى العربية، فإنه يسعدني أنه تُرجِم إلى هذا اللسان، وأتمنى أن يتاح باللسان العربي المزيدُ من عناوينه ومن العناوين الأخرى.
*ماهي ظروف الكتاب والنشر في كندا بعد جائحة كوفيد؟
ـ تتسم صناعة الكتاب والنشر الكندية بكونها دينامية، متنوعة وتستحق الاكتشاف بالتأكيد. لقد غيَّرت الجائحة، كما هو الحال في كل مكان، طريقةَ عملنا جذريا، إذ كنا في حالة إغلاق تام لمدة ثلاثة أشهر تقريبا، خلال ربيع عام 2020. وما زال الأمر لم ينته بعد، حيث في الأسبوع الماضي، أُصيب ابن أحد العاملين معي بفيروس كوفيد. لكننا تعلمنا كيف نتعايش مع هذا الواقع الجديد. ما لم يتوقعه أحد هو أن الجائحة جعلتنا نكتشف طعم القراءة من جديد، على الأقل لفترة من الوقت، وهو الأمر الذي استفاد منه بعض الناس كثيرا، على الرغم من أن بعضهم الآخر لم يستفد من هذه الهبة غير المنتظرة، كما هو الحال في كل مكان.