تخطي إلى المحتوى
رسالة تعزية ووداع برحيل الأستاذ محمد عدنان سالم رحمه الله بقلم وسام العالم الجزائري رسالة تعزية ووداع برحيل الأستاذ محمد عدنان سالم رحمه الله بقلم وسام العالم الجزائري > رسالة تعزية ووداع برحيل الأستاذ محمد عدنان سالم رحمه الله بقلم وسام العالم الجزائري

رسالة تعزية ووداع برحيل الأستاذ محمد عدنان سالم رحمه الله بقلم وسام العالم الجزائري

وفاة العلامة محمد عدنان سالم، صاحب دار الفكر؛(رحمك الله يا كهف العلم،ويا قبلة العلماء؛ويا أيها الأب والمعلم، والمرشد الخرّيت، والمفكر الألمعيَّ)
من مطار الجزائر الدولي بدأت رحلة تكريم العلاَّمة "محمد عدنان سالم"بـ وسام العالم الجزائري، في طبعته العاشرة؛ عام 1440ه/2017م؛ حيث نزل من الطائرة هو وأفرادٌ من عائلته قادمين من سوريا، وكان في انتظاره ثلة من أبنائه وأصهاره وأحفاده، جاؤوا من بلادٍ مختلفةٍ، ليشهدوا الحدثَ التاريخيَّ؛ ولكنَّ الذي أثَّر فينا، نحن لجنة تنظيم الوسام، هو تلك اللحظات السعيدة التي جمعت العائلة على صعيدٍ واحدٍ، وهم متفرّقون عبر العالم لأعوام، فاختلطت دموعُ الفرح بدموع الشوق، ودموعُ الانتظار بدموع الحمد، ودموع الوجل بدموع الأمل... 
وقلنا يومها: "لقد تحقَّق المأمول، واكتملت المناسبة، فوالله لقد كانت تلك اللحظات أبلغ من حفل التكريم، وهل في الدنيا أحبّ إلى المرء من لقاء الأحبَّة".
إليك أستاذي وشيخي،
محمد عدنان سالم أتوجَّه بالكلمات، ولقد كنتُ أخصُّك بها حيًّا، وها اليوم أرسلها لك وأنت في عليين "مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا".
رحمك الله ميتًا، كما رحمك حًّيا؛ كنتَ كهف العلم، وقبلةَ العلماء؛ ولقد كنتَ الأب والمعلّم، المرشد الخرّيت، والمفكر الألمعيَّ؛ ملأت الدنيا خيرا، وعمرتها برًّا؛ بما حباك الله به من خصالٍ قلَّما تجتمع في واحدٍ؛ ومن خلالك عرفَ الملايين من الناس عبر العالم أجمع، معنى الوسط والوسطية، ودلالة التسامح والحوار؛ فمن خلال ما نشرت عبر عقود من الزمان، في دار الفكر الرائدة، دخلتَ كلَّ بيت، وزرت كلَّ مدرسة، وأقمتَ بكل جامعة؛ وأجزم أن لا وجود في العالم لمكتبةٍ ذات قيمة لا تحوي عنوانا أو عنوانين من ثمراتك اليانعات...
أستاذي، لئن كنتَ لا تسمعني على التحقيق، فإنَّ قلبك هنالك في عالم الملائكة يحسُّ بنبضات قلبي من هنا في عالم البشر؛ وإني  - ومن معي - بحول الله شاهدٌ لك في حضرة الخلق، وعند الخالق؛ أنَّك أدَّيت الأمانة التي حُملتها، وبلَّغت ما كُتب لك أن تبلّغ من الحق، ونشرت ما حباك الله به من العلم النافع، وسعيت فيما وفَّقك الله إليه من العمل الرافع...
شيخي #محمد_عدنان_سالم، نم هنيئا، فلقد تركت عقِبا ربَّيته على عينٍ منك، ونشَّأته على حبّ الله جل جلاله، وعلى حبّ رسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى حبّ الخيّرين من عباد الله في الأولين والآخرين، وعلى حبّ الفكر الرصين، والقول المتين، والعمل المكين...
لقد تركتَ لنا ابنك البار حسن سالم، وإخوته الأطهار، ومَن يحوم حولهم من الفضلاء الأخيار؛ وإنهم بحول الله سيزودونك بالصدقة، ولن تنقطع الملائكة الكتبةُ من رسم الحسنات على لوحك الكريم: "ولدٌ يدعو لك، أو صدقة جارية، أو علم يُنتفع به"؛ وإنك بحمد الله جمعت الثلاثة، وزدت عليها.
معلّمي 
محمد عدنان سالم، بلّغ سلامي إلى الذين قضوا نحبهم قبلك، من روَّاد الأمة وهداتها، من معلّميها ومفكّريها، وممن صدق ما عاهد الله عليه... 
بلّغ سلامي إلى مالك بن نبي، 
وإلى  عبد الوهاب المسيري، 
وإلى محمد سعيد رمضان البوطي، 
وإلى  وهبة الزحيلي،
 وإلى  شوقي أبو خليل... 
والقائمة طويلة؛ عسانا نلحق بكم عن قريب، غير مبدّلين ولا مغيّرين...
رحمك الله "يا كهف العلم، ويا قبلة العلماء؛ ويا أيها الأب والمعلم، والمرشد الخرّيت، والمفكر الألمعيَّ"... نسأل الله لك تمام الرضوان، وأن ينزلك أعلى الجنان، فيصدق فيك قول الكريم المنان: "يا أيتها النفس المطمئنَّة، ارجعي إلى ربك راضية مرضية، فادخلي في عبادي، وادخلي جنتي".
 د محمد باباعمي
برج البحري، الجزائر
الجمعة 19 شوال 1443ه/20 ماي 2022م
- ملاحظة: هي تعزية للعالم الإسلامي أجمع، ومن باب أولى لأهل العلامة الشهيد 
محمد عدنان سالم، ولأقربائه ومحبيه، ولسورية والجزائر... وجميع أرض الله، وقد بلَغها أثره الطيب، شاهدا له عند من لا يُضيع أجر المحسنين، سبحانه وهو القائل: "إنا نحن نحيي الموتى، ونكتب ما قدَّموا، وآثارهم".
- راسلته رحمه الله حين كان مريضا، وهاتفت ابنه حسن لأطمئن عليه، ومن يومها والقلب في وجل، واللسان يلهج بالدعاء.

وسام العالم الجزائري
‏٢٠ مايو‏، الساعة ‏١١:٣١ م‏  · 
 

المصدر: 
دار الفكر