كان 2021 عاما مليئا بالأعمال الأدبية المميزة، سألنا عدداً من الروائيين عن أهم الكتب والروايات التى قرأوها خلال العام المنتهى، لنقدم من خلالهم للقارئ خريطة بحصاد العام الثقافى، وأهم ما صدر فيه من روايات نالت رضا المتخصصين، فما يشيد به أهل الصنعة أنفسهم جدير بأن يكون ضمن قائمة الترشيحات لمن يريد أن يقرأ أهم الأعمال فى العام، فإلى أهم ما قرأه الروائيون والروائيات من أجيال واتجاهات مختلفة.
رشا عدلى: «صمت الفتيات» تقدم معاناة النساء أثناء الحرب
عن حصاد العام الثقافى بالنسبة لها وأهم الأعمال التى قرأتها، قالت الكاتبة الروائية رشا عدلى: كان عام ممتلئا بالقراءات الجميلة. بالنسبة لى، القراءة طقس يومى ونظرا لكثرة الكتب التى قرأتها لا يمكننى حصرها جميعها، ولكن هناك عدة أعمال تركت أثرا، وليس بالضرورة أن تكون اجمل الكتب، ولكن ربما أثارت فى شيئا معينا، مثل رواية "صمت الفتيات" للكاتبة الانجليزية "بات باركر"، والتى انتهيت من قراءتها مؤخرا. هى رواية تاريخية، تعيد فيها الكاتبة كتابة الإلياذة بوجهة نظر مغايرة، وبشكل مختلف تماما عن الفكرة التى استقرت فى عقولنا عن هذه الأسطورة، لأنها كتبت الحرب من وجهة نظر النساء اللاتى تم أسرهن، حيث تعبر عن معاناة النساء أثناء تلك الحرب الملحمية. هذا ما تعنيه الكتابة التاريخية الحقيقية، فالأمر ليس مجرد سرد وقائع وأحداث حدثت بالفعل، ولكن سرد ما لا يسود. فالأعمال التاريخية الناجحة هى التى تثير أسئلة وتساؤلات بعلامات استفهام كبرى.
وتضيف عدلى: من أهم وأفضل الروايات التى قرأتها هذا العام أيضا، وربما ستبقى من أجمل الروايات بالنسبة لى "الدرب الضيق إلى مجاهل الشمال". يمكننى أن أقول نعم هكذا يحكى التاريخ ويكتب عن الحرب عن الألم عن الحب عن الفقد عن الموت … فى اعتقادى أن ما كتب على غلاف الرواية من "فاينانشال تايمز" يلخص كل شيء "رواية فلاناغان تحفة أدبية نادرة". الرواية حاصلة على جائزة المان بوكر، للكاتب الاسترالى ريتشارد فلاناغان. ترجمة المترجم السورى خالد الجبيلى.
وتواصل رشا: هذا العام أيضا كان من الجيد أن أتعرف على الروائية اليابانية يوكو أوغاوا قرأت لها فى البداية رواية "غرفة مثالية لرجل مريض"، وفيها تحكى الكاتبة عن اللحظات التى عاشتها رفقة أخيها الأصغر الذى يقترب من الموت فى غرفة المستشفى الجميلة والنظيفة والمثالية، حيث تختلط اللحظات الممزوجة بأسى وحزن بلحظات تعلق وحب. رواية ممتلئة بالمشاعر المختلفة. بعدها، وكعادتى عندما يعجبنى عمل لروائى، أحرص على قراءة بقية أعمال الكاتب، فقرأت لها رواية "حذاء - شرطة الذاكرة" وعدة روايات أخرى لها، لأكتشف عالمها الجميل.
وتنتقل رشا عدلى من الأدب اليابانى إلى الفرنسى، وتقول: قرأت أعمال الكاتبة الفرنسية "آنى ارنو" التى أحبها كثيرا، والتى تأتى أعمالها على شكل نوفيلا قصيرة، ولكنها تعبر فيها عن ما يعجز الكثير من الكتاب عن التعبير عنه فى روايات من مئات الصفحات، قرأت لها هذا العام رواية "الحدث"، وهى رواية فى السيرة الذاتية، تستعيد فيها الكاتبة ما اعتبرتْه حدث حياتها (الحدث، وهو العنوان الذى أعطى للكتاب). حيث كتبت تدوين ذكرى حملها الأول، وسعيها لإجهاضه، وصعوبة ذلك فى زمن الستينيات، ليس فقط بسبب القانون الذى يعاقب بالسجن وبغرامة مالية، ولكن أيضا بسبب رفض ونبذ المجتمع. قرأت أيضا أحدث أعمال "غيوم ميسو" رواية "هل ستكون هنا" و"الحياة رواية"، غيوم ميسو أعمالها وقعها سريع، ومشوقة، ولكنها فى المجمل لا تترك أثرا كبيرا. بجانب الأعمال الروائية، هناك الكثير من القراءة فى الفن والتاريخ فى حقب زمنية معينة، خاصة وأننى أكتب رواية جديدة تجمع بين هذه المجالات.
فريد عبد العظيم: بدأت العام بقراءة «وحدها شجرة الرمان»
يقول الروائى الشاب فريد عبدالعظيم عن حصاد قراءاته فى العام المنتهى: كان 2021 عاما مناسبا تماما للقراءة، جائحة كورونا والمكوث الاضطرارى بالمنزل لفترات طويلة جعلا الفترات المخصصة للقراءة تتضاعف، بدأت العام بقراءة رواية "وحدها شجرة الرمان" للروائى والأكاديمى العراقى سنان أنطون، وتلتها الكثير من الأعمال المميزة أبرزها، رواية "ما لم تروه ريحانة" للكاتب أدهم العبودى، ورواية "اختفاء السيد لا أحد" للروائى الجزائرى أحمد طيباوى، والتى فازت بجائزة نجيب محفوظ الممنوحة من قسم النشر بالجامعة الأمريكية فى القاهرة.
ويضيف فريد: أعجبتنى رواية "بوجارت أعزف لى لحنا" كلاسيكيا للكاتبة جيلان صلاح سلمان، ورواية "التائهون" للروائى اللبنانى أمين معلوف، و"حجر بيت خلاف" للكاتب محمد على ابراهيم، و"كل أحذيتى ضيقة" للكاتب والمترجم عادل أسعد الميرى، و"أيام النوافذ الزرقاء" للروائى عادل عصمت، و"على خطى جرينتش" للروائى والصحفى شادى لويس بطرس، و"الهاموش" للقاص إسلام عبد الغنى، والمجموعة القصصية "النحنحات" للكاتب السورى إبراهيم صموئيل، وأنهى عام 2021 بإعادة قراءة ملحمة "الحرافيش" لنجيب محفوظ.
شيرين سامى: «الحرافيش» أجمل رواية قرأتها فى حياتى
تقول الروائية والكاتبة شيرين سامى: من أجمل الأعمال التى قرأتها فى 2021 رواية "جسور مقاطعة ماديسون"، للكاتب "روبرت جيمس والر"، وهى رواية كرصاصة فى القلب، أتت كمعزوفة فريدة، تحكى عن قصة حب فلسفية تطرح العديد من الأسئلة حول الحب والحياة. كما قرأت المجموعة القصصية "بعد ما يناموا العيال"، قصص بديعة لا تنسى، تحكى ببساطة محببة وفلسفة رائقة عن الشخصية المصرية وتفاصيل الحياة التى لا ننتبه لها لكنها تشكّل وجداننا.
وتضيف: أدهشتنى رواية "بنات الباشا"، للكاتبة نورا ناجى، رواية مذهلة! جريئة ومقتحمة. رواية أصوات عن تسع نساء من أعمار وطبقات اجتماعية وظروف حياتية مختلفة، يجمعهن نسيج واحد من الإنسانية الخالصة. كما قرأت رواية "اعتذار"، وهى رسالة طويلة قررت الكاتبة أن تكتبها لتتحرر. تقمصت فيها دور أبيها الميت لتقدم لنفسها المبررات والأسباب والمشاعر والاعتذار الذى انتظرته منه أعواما طويلة ولم يأت أبدا.
وتكمل شيرين: قرأت أيضا رواية "أحد الأمومة"، للكاتبة "جراهام سويفت"، وهى رواية رومانسية، تراجيدية، بسرد خلّاب، على غرار حكاية سندريلا، لتحكى عن قصة حب الخادمة لسيدها، لكن بطريقة أكثر حداثة، حيث لا تنتظر البطلة الرجل حتى تصل إلى ما تريده. وكذلك قرأت رواية "ليلة القبض على فاطمة"، نوفيلا لغتها حيّة وفريدة، عن امرأة تهرب من سطح لسطح، وهى تروى حكايتها بمنتهى الجنون العاقل. رواية عن التضحية، الأحلام المؤجلة، الفساد والحب وأزمة العطاء
وتواصل: أقرأ الآن "دفاتر الوراق" للكاتب الأردنى جلال برجس، وهى رواية فاتنة بسرد شديد الجمال. كما أقرأ رواية "سمرقند" وهى رواية تاريخية غنّية بالحكايات المُبهرة، تسافر فيها مع عمر الخيّام فى رحلاته وتعيش معه أحداث التاريخ وفلسفته.
وتختتم شيرين حديثها قائلة: أما أجمل ما قرأت هذا العام وقد تأخرت كثيرا فى قراءته هى رواية "الحرافيش" لعميد الرواية العربية نجيب محفوظ، التى أعدها أجمل رواية قرأتها فى حياتى، وليس فى 2021 فحسب، وهى بالنسبة لى مرجع للدراسة والتعلّم والاستزادة، والشعور بالجمال والتحليق، وليست فقط رواية.
عمرو العادلى: سجــون دوريس ليسنج.. وماكيت طارق إمام
من جانبه قال الروائى والكاتب عمرو العادلى: أفضل ما قرأت فى 2021. كتاب "سجون نختار أن نحيا فيها" لدوريس ليسنج، ترجمة سهير صبرى. ورواية "ماكيت القاهرة" لطارق إمام. ورواية "السندباد الأعمى" لبثينة العيسى. ورواية "الاشتياق إلى الجارة" للحبيب السالمى.
ويضيف العادلى: أعجبنى أيضا كتاب "مسار الرواية الأسبانو أمريكية"، تأليف مجموعة من الكتاب، وترجمة محمد أبو العطا. ورواية "الوعد" لدورينمات، ترجمة سمير جريس. ورواية "الباحث عن الذهب" للفرنسى لوكليزيو، ترجمة فتحى العشرى.
محمد الفخرانى: وحيد الطويلة كتب «كاتيوشا» كأنه مغنى متجول
الروائى الكبير محمد الفخرانى، ركز فى حصاد العام على ما قرأه من روايات لأدباء مصريين، مشيدا بها وبأهميتها، وقال: من بين الأعمال التى لفتت نظرى لعام 2021 رواية "كاتيوشا"، للكاتب وحيد الطويلة، يُقدِّم فى روايته قصة حب، وقصة كتابة معًا، بمتعة وجمال، يكتب "وحيد" كأنه مُغنِّى متجوِّل.
ويضيف: رواية "روح"، للكاتب "محمد على ابراهيم"، فى روايته نقرأ عالمًا نادرًا ما نراه فى كتابة، يتنقل فيها بين أكثر من مستوى للغة، ويطرح تساؤلات، كاتب يهوى اللعب مع كتابته. وكذلك قرأت رواية "سافو"، للكاتب "هانى عبد المريد"، يُقدِّم لنا علاقة فكرية بين "سافو"، الشاعرة الأولى، وكاتب شاب يبحث فى معنى الكتابة وأفكارها، رواية تنضم لمشروع "هانى عبد المريد" المتفرِّد.
ويكمل الفخرانى: أعجبتنى رواية "شيطان الخضر"، للكاتب "محمد ابراهيم طه"، فى هذه الرواية لغة رائقة، وحالة من الصفاء الإبداعى، وشخصيات غاية فى الرهافة والجموح معًا. ورواية "كل ما أعرف"، للكاتب "على قطب"، لأن بها الكثير من رشاقة اللغة، واللعب الفنى، والإيقاع السريع المحسوب، كأنها مزيج من حالة سينمائية وروائية منسوجة بمهارة.
ويختتم الفخرانى حديثه قائلا: سأهتم بقراءة المجموعة القصصية "المتفاعل"، الصادرة مؤخرًا، للكاتب "محمد أبو الدهب"، وهو كاتب تقرؤه لتجد فى كتابته شيئًا مختلفًا ومميز.