تخطي إلى المحتوى
شيخ الناشرين السوريين محمد عدنان سالم .. يترجل شيخ الناشرين السوريين محمد عدنان سالم .. يترجل > شيخ الناشرين السوريين محمد عدنان سالم .. يترجل

شيخ الناشرين السوريين محمد عدنان سالم .. يترجل

” آخر الأساطين العرب، وعاشق الفكر والثقافة” هكذا نعي الدكتور محمد عدنان سالم” شيخ كار الوراقين” في سورية والعالم، بعد رحلة طويلة قضاها في البحث والفكر والثقافة، وتجلى ذلك كله في مؤسسته التي طبقت شهرتها الآفاق، وتربعت مطبوعاتها في غير مكتبة من العالم العربي والعالمي” دار الفكر” التي كانت تهدف ليس إلى الربح والمال، بل نشر الوعي والثقافة بين أبناء المجتمع، وهو ما أكد عليه مراراً بقوله” لا مناص من الاعتماد على وعي القارىء، وقدرته على النقد، ومستوى المناعة الفكرية عنده”.

وفي حفل تأبينه وحضور عدد من المثقفين والمفكرين والمهتمين بالشأن الثقافي بين د. محمد سليمان عريف الحفل أننا لسنا أمام رجل عادي أو شخص عابر، بل رجل شكل في مسيرة حياته أنموذجاً للإصرار والتحدي في حمل راية الثقافة بتعددها وتنوعها في فترات عديدة واجه خلالها عقبات وتحديات لا حصر لها.

وقد آمن الراحل بتراث الأمة وخدمتها من خلال إصداراته، كما آمن بالتعددية والانفتاح أمام دعوات الانغلاق، فكان بحق رجلاً مسؤولاً ” رجل في مؤسسة”.

د. بثينة شعبان: صاحب رسالة
وأوضحت د. بثينة شعبان المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية، في كلمتها التي قرئت بالنيابة، أن سالم أسس دار الفكر في العام 1957، وكان ناشراً تنويرياً يقف ضد التطرف بكل أشكاله، ينشر لكل الكتّاب على اختلاف عقائدهم ورؤاهم الفكرية، لإيمانه بحرية الفكر والتفكير، مناهضاً لأي نوع من أنواع الوصاية على القارىء، وكان مفكراً ومبدعاً ومثقفاً وكاتباً وصاحب رسالة قبل كل شيء.

وأضافت: أهم ما يميز الراحل أنه باق معنا فكراً وإبداعاً وعبر مؤلفاته ومنها” القراءة أولا، هموم ناشر عربي، الكتاب العربي وتحديات الثقافة، أمريكا والإرهاب .. ” وغيرها من النتاجات الثقافية القيمة التي ستبقى بين أيدينا ننهل منها وتستنير بها الأجيال العربية القادمة.

* محمود سالم: يجسد القيم والمثل العليا..
وتحدث شقيق الراحل محمود سالم عن علاقته بأخيه الذي يكبره بأربع سنوات، عن محطات من حياة الراحل، واهتماماته بالثقافة والفكر.

كما تحدث الدكتور عمرو سالم وزير التجارة وحماية المستهلك، عن صفات الراحل وقد تربى في كنفه بعد استشهاد والده وهو في السنة الأولى من عمره، ولم يشعر بمعنى اليتم إلا يوم فقده، فقد كان له الأب الناصح والحنون والراعي لشؤونه.

وبيَّن أن من ينشأ في كنف عدنان سالم يتعلم القيم والأخلاق الذي يتجسد ليس في البيت مع العائلة، بل في علاقاته مع الآخرين، فهو مدرسة ينشر المحبة والدفء والمعرفة لمن حوله.

* حسان الزعبي: عاش لأمته وللمعرفة..
وفي كلمته تحدث حسان الزعبي المدير الإداري في دار الفكر عن مراحل من سيرة الراحل عدنان سالم، وقال: إن سالم استطاع أن يؤسس مذهباً في النشر نموذجياً، وخدم المعرفة على مدى عشرات السنين بإخلاص واندفاع، وعاش حياته لأمته، يأسى لحالات ضعف بها، ويبشر بأعمال المفكرين الذين يبحثون في أسباب نهضتها.

لم يكن النشر هدفه، وإنما إيصال المعرفة النافعة للقراء، فقد كان يفتح نوافذ المعرفة كلها، ولا يؤمن بالمنع أبداً كما لا يؤمن بالوصاية على القراء أيضاً، بل يؤمن بتربية المناعة وخصوصاً في هذا الزمن المنفتح.

كما اهتم بالأطفال اهتماماً خاصاً، يريد أن يقدم إليهم ما ينفعهم من أدب يناسبهم، يعتمد على معطيات الحضارة العربية الإسلامية، للوقوف في وجه الآداب الوافدة التي قد تؤذي خيالهم.

 

* هيثم حافظ: منارة المبدعين..
وبدوره تحدث هيثم حافظ رئيس اتحاد الناشرين السوريين عن الراحل عن سالم وأنه شخصية فكرية ووطنية شامخة، وقال: لقد تعلمنا على يديه وأخذنا السعي لازدهار صناعة النشر وتقدمها وحسن اختيار المنشورات بمعايير الإبداع واحترام حقوق الملكية الفكرية، ومنه كنا نستمد التصميم وعزيمة تحقيق الطموحات.

كان منارة يقصده المبدعون من خلال مؤسسته الثقافية التي اكتسبت مكانة سامية في مجال النشر السوري والعربي، وكان الراحل تاريخاً حافلاً بالإنجازات، عشق اللغة العربية وخصص لها العديد من الإصدارات، فهو صانع مبدع للفكر والمعرفة.

وطلب بدوره أن تخصص قاعة في مكتبة الأسد باسمه، وإطلاق اسمه على إحدى المدارس، وسيكون شخصية معرض الكتاب في دورته القادمة، ولن تطوى صفحته، بل سيبقى إرثه الفكري والمهني العريق ملهماً وموجهاً للناشرين العرب جميعهم.

محمد رشاد: رائد النشر
وبالنيابة قرأ عبد الرؤوف قدور كلمة محمد رشاد رئيس اتحاد الناشرين العرب وقال:
إن الاجتماع في حضرة السالم ليس لإحياء ذكرى وفاته، بل كي نستخلص الكثير من تجاربه لتكون صورة مشرقة ومضيئة أمام الجميع، فقد تمتع الراحل بالصدق والأمانة في سلوكه مع الآخرين، إضافة إلى ثقافته الواسعة وسعة اطلاعه، واستحق عن جدارة لقب” رائد النشر في العالم الإسلامي”.

آمن بضرورة الأخذ بالأساليب الحديثة في النشر، ودعا إلى النشر الإلكتروني، فهو ناشر عالمي تفوق محلياً وعربياً ثم اتجه دولياً، وكان شعاره” افعل الممكن إلى أقصى حد ممكن”
وشرح بدوره تطور دار الفكر والجوائز التي استحقها الراحل والكتب التي قام بتأليفها ونشرها وترجمتها، واعتمد في نشره على معايير الإبداع والعلم والحاجة ومعايير التخطيط للمستقبل.

* د. توفيق البوطي: رجل في مؤسسة وتاريخ..
وفي كلمته بيَّن د. توفيق البوطي رئيس اتحاد علماء بلاد الشام بأن الراحل استثمر الحياة التي عاشها بمعيار ومختلف، فهو لا يقيس الحياة بعدد الأيام، وإنما بما قدم، فهو مؤسسة وتاريخ، رجل يحمل مهمة ورسالة، يتطلع من خلال مؤسسته إلى بناء جيل يقرأ ويدرك ماذا يقرأ.

وتطلع الراحل إلى تحفيز النشىء إلى القراءة الهادفة من خلال مشروع رائد سماه” القارىء النهم” يشجع الناشئة لبناء عقولهم بالمعرفة الهادفة والقراءة النافعة.

* د. نزار أباظة: يؤمن بالتغيير..
وتحدث د. نزار أباظة مدير النشر في دار الفكر عن قصته مع الراحل عدنان السالم، وقال: تعلمت منه الرحمة والدأب، وحب الآخرين، فقد كنت تلميذاً في مدرسته أتلقى دروساً في الفكر والعلوم والثقافة، وخصوصاً في الحوارات المفتوحة، لأنه يؤمن بأن بارقة الحقيقة لا تظهر إلا من صدام الأفكار.

* وليد قصاب: رجل بألف..
ومن قصيدته في رثاء عدنان سالم نقتطف:
عدنان نشهد أنه ما كان يشغله، عن الخيرات يوما شاغل
ومضى حميداً إرثه، من خلفه جبال إلى هام الثريا بازل
نشرت كنوزاً بالنفائس ثرة، خيراتها للظامئين مناهل
لا يرحل الأفذاذ إن صنيعهم، غيث من الخيرات دوما وابل
* حسن سالم: على خطا الوالد..
واختتم حسن سالم المدير التنفيذي في دار الفكر بكلمة شكر للمشاركين في تأبين الراحل، ووعد بدوره أن يسر على خطا الوالد في سيرته المهنية والأخلاقية.
تخلل حفل التأبين فيلماً تسجيلياً عن سيرة الراحل محمد عدنان السالم، يوثق محطات من حياته وإنجازاته والقيم التي تحلى به وما أورثه من معايير في عالم النشر والطباعة.

المصدر: 
جريدة الثورة