تخطي إلى المحتوى

قضايا أدب الطفل

تمثل الحبكة أو القضية التي تدور حول أحداثها القصة أو الرواية، حجر الزاوية والمحور الرئيسي لبناء مكونات العمل بكل ما يحمل من قيم وأهداف وطموحات، هذا فضلاً عن رغبات يسعى لتحقيقها المبدع خلال شروعه في كتابة عمل أدبي، ويعتقد البعض أو يظن خطأ أن القضايا التي يطرحها أدب الأطفال من الضروري أن تكون بسيطة وبعيدة تماما عن القضايا المركبة، متعددة المحاور متشابكة الموضوعات، وهذا لا يمت إلى الواقع بأي حال من الأحوال ذلك لأن الأصل في قصص الأطفال هو أسلوب الطرح، وليس القضية المعروضة.

ذلك أن أغلب قصص الأطفال، ومنذ نشأة أدب الطفل عبر مختلف العصور وبين العديد من الثقافات وبمتابعة بسيطة نجد أنه استطاع أن يعرض أغلب القضايا الاجتماعية والتاريخية والدينية والعلمية وغيرها من الموضوعات المختلفة بصورة لا تقل عن أي نوع من أنواع الآداب الأخرى، لكن الفكرة الأساسية أو الاختلاف الجوهري بين ما يعرضه أدب الطفل من قضايا وغيره من الأنواع الأخرى، هو كيفية التناول وطريقة العرض التي من الضروري أن تتميز بالكثير من العناصر والتي يأتي على رأسها البساطة في العرض والسهولة في طرح الموضوعات بعيدًا عن التعقيد والتركيب والتكلف .

حيث إنه من السهل جدًا طرح أصعب الموضوعات وأكثر القضايا إلحاحًا بصورة بسيطة وسهلة لتحقيق الأهداف التي يسعى المبدعون للوصول إليها ، والذي بدوره يحدث عند الاستعانة بجمل سهلة الفهم ومصطلحات متداولة ومعروفة ودارجة يسهل على الطفل التعرف عليها، هذا فضلا عن تمكنه من التقاط الفكرة التي يسعى الكاتب لتوصيلها إليه بيسر دون الحاجة إلى وسائل إيضاح أو شرح، وهذا بالتأكيد هو جوهر الاختلاف بين أدب الطفل في تناوله للقضايا التي توصف في كثير من الأحيان بالصعوبة وبين مختلف الآداب الأخرى .

قديمًا كانت أكثر القضايا التي يسعى المبدعون إلى طرحها يغلب عليها الطابع الاجتماعي والأخلاقي والتربوي وعبر العصور المختلفة ونتيجة لتطور الأحداث بدأت تظهر على السطح أنواع أخرى من الموضوعات منها ما هو تاريخي وديني وتعليمي كلها يتم مناقشتها بنفس طريقة الطرح والتناول التي تتميز بالبساطة في العرض ومؤخرًا بدأ أدب الطفل يطرح نوعية مختلفة من الموضوعات التي تناقش ظاهرة أو مشكلة وتسعى لإيجاد حل لها مثل ظاهرة التنمر وكيفية تقبل الطفل والمجتمع لذوي الاحتياجات الخاصة وغيرها هذا فضلا عن قضايا أخرى تحاول أن تبسط للطفل مصطلحًا من المصطلحات أو عنصرًا من العناصر التكنولوجية المستخدمة، يحاول المبدع من خلاله عرض مضمون القصة أن يبسط العديد من المفاهيم التي يصعب إيضاحها للطفل أو يحذره من خطورة الاعتماد الكلى على هذه النوعية من التكنولوجيا مثلما حدث مع العديد من القصص التي تناولت بالشرح والتفصيل وسائل التكنولوجيا الحديثة مثل الفيس بوك واليوتيوب وغيرهما سواء بمدحه أو بتقديم العديد من وسائل التحذير للطفل من خطورتها .

هذا وتمكن العديد من المبدعين من طرح الكثير من الموضوعات التي وصفها البعض بالصعوبة عبر تناول بسيط غير متكلف خلال قصصهم التي حققت نجاحات منقطعة النظير وتمكنت من الوصول بكل سهولة ويسر وتقبلها الأطفال رغم صعوبتها ذلك لأنه استخدم المعادلة السحرية بأن كل ما يمر به الإنسان من صعوبات ومواقف سيئة سيكافأ في النهاية بنتائج مبهرة جدا تساعده على نسيان ما مر به من مآسٍ ذلك كما حدث في قصة “علاء الدين ” الشهيرة التي تمكنت عبر أحداثها من عرض قضايا مهمة جدًا مثل فقدان الأب والأم والتشرد بصورة سردية فكاهية بسيطة تمكنت من خلالها من مساعدة الأطفال على تقبل فكرة الفقد والحرمان، حيث تمكن المؤلف من معالجة كافة الأزمات التي مر بها البطل ليساعده في النهاية على أن يصبح إنسانًا سويًا يخدم نفسه ومجتمعه وعليه فقصص الأطفال ليست ببعيدة عن تناولها للكثير من القضايا المهمة والحيوية لكن الفكرة تكمن في طريقة الطرح وأسلوب العرض وتمكن المبدع من السيطرة على مفاتيح قصته بصورة تحقق الهدف المطلوب .

المصدر: 
مجلة الملتقى