يُعدّ الكتاب حقا وسيلة ضرورية للانتفاع بالمعارف ونقلها ونشرها في ميادين التربية والتعليم والعلوم والثقافة والإعلام في جميع أرجاء العالم. لذلك فإن الاحتفال باليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف إنما يتمثل في تعزيز التمتع بالكتب والقراءة. وفي 23 أبريل كل عام، وهو تاريخ رمزي في عالم الأدب العالمي، يصادف ذكرى وفاة عدد من الأدباء المرموقين مثل شكسبير وسرفانتس ودي لافيغا، تُقام احتفالات في جميع أرجاء العالم تبرز القوة السحرية للكتب ـ بوصفها حلقة وصل بين الماضي والمستقبل، وجسراً يربط بين الأجيال وعِبر الثقافات.
يوجد في العالم ما يقرب من 7 آلاف لغة، إلّا أنّ العديد منها آخذ بالاندثار على جناح السرعة، مع العلم أنّ أغلب هذه اللغات مستخدمة في كنف الشعوب الأصلية التي تُمثّل حصّة الأسد من التنوع الثقافي في العالم. تجدر الإشارة إلى أنّ الأمم المتحدة لا تضع قيوداً على ماهيّة الثقافات أو الشعوب التي يمكن تصنيفها كثقافات وشعوب أصليّة. وسبق لنا جميعاً أن اختلطنا بشعوب أصليّة، سواء في بلادنا أو في بلاد أخرى.
وقد شهدنا العام الماضي فجر حقبة جديدة تجلّت في استهلال العقد الدولي للغات الشعوب الأصلية. وتولي الأمم المتحدة الأولوية للارتقاء بالتنوع اللغوي والتعددية اللغوية وترويجهما. إنّ اللغات المحلية ولغات الشعوب الأصلية جزء أصيل من ميثاق شبكة “العاصمة العالمية للكتاب” الذي يُقدّم مفهوماً أقلّ صرامة لماهية “الكتاب” ليشمل تحت مظلته أشكالاً أدبيّة مختلفة تضم التقاليد الشفويّة، في جملة أمور أخرى. وستصبّ اليونسكو جلّ اهتمامها في اليوم العالميّ للكتاب وحقوق المؤلف على لغات الشعوب الأصليّة.
في مناسبة اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف تقوم اليونسكو ومنظمات دولية تمثل القطاعات الثلاثة المعنية بصناعة الكتب ـ الناشرون وباعة الكتب والمكتبات باختيار مدينة كعاصمة عالمية للكتاب كي تحافظ، من خلال ما تتخذه من مبادرات، على الزخم الذي تنطوي عليه الاحتفالات بهذا اليوم حتى 23 أبريل العام المقبل.
ويعتبر 23 أبريل تاريخ رمزي في عالم الأدب العالمي، فهو يصادف ذكرى وفاة عدد من الأدباء المرموقين مثل وليم شكسبير وميغيل دي سرفانتس والاينكا غارسيلاسو دي لافيغا. وكان من الطبيعي بالتالي أن تخصص اليونسكو يوم 23 نيسان/أبريل لإبراز مكانة المؤلفين وأهمية الكتب على الصعيد العالمي، ولتشجيع الناس عموماً، والشباب على وجه الخصوص، على اكتشاف متعة القراءة واحترام الإسهامات الفريدة التي قدمها أدباء دفعوا بالتقدم الاجتماعي والثقافي للبشرية إلى الأمام.
مناصرة الكتب وحقوق المؤلف
ومن خلال مناصرة الكتب وحقوق المؤلف، تدافع اليونسكو عن الإبداع والتنوع والمساواة في الانتفاع بالمعارف. وإننا نعمل في جميع المجالات، بدءاً بشبكة المدن المبدعة في مجال الأدب وانتهاء بتعزيز محو الأمية والتعلّم بالأجهزة المحمولة والمضي قدماً في الانتفاع المفتوح بالمعارف العلمية والموارد التربوية.
ولقد بات اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف منبراً يجمع الملايين من الناس في جميع أركان العالم، وذلك بفضل المشاركة النشطة لجميع الأطراف المعنية: الناشرون والمعلمون وأمناء المكتبات والمؤسسات العامة والخاصة والمنظمات غير الحكومية الإنسانية ووسائل الإعلام وكل من يتحفّز للعمل الجماعي في هذا الاحتفال العالمي بالكتب والمؤلفين.
وبالتالي من الطبيعي أن تخصص اليونسكو يوم 23 أبريل لإبراز مكانة المؤلفين وأهمية الكتب على الصعيد العالمي، ولتشجيع الناس عمومًا، والشباب على وجه الخصوص، على اكتشاف متعة القراءة واحترام الإسهامات الفريدة التي قدمها أدباء دفعوا بالتقدم الاجتماعي والثقافي للبشرية إلى الأمام.
“يونسكو” ومدّ الجسور بين الثقافات
واليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف الـذي يصادف 23 أبريل من كل عام، أقرّته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو” في هذا التاريخ، للاهتمام بحركة النشر والتأليف، وتبني المبادرات والمشروعات الطموحة؛ التي تعزز الحركة الثقافية والارتقاء بالمجال الأدبي والمعرفي وترسيخ مكانة القراءة لدى شرائح المجتمع كافة.
ويبرز هذا اليوم أهمية الكتاب، ومدّ الجسور بين الثقافات وإثراء صناعة الكتاب وتعزيز التمتع بالكتب والقراءة، بوصفها حلقة وصل بين الماضي والحاضر والمستقبل، وإبراز مكانة المؤلفين وأهمية الكتب على الصعيد العالمي، وقد حققت المملكة في هذه الصناعة ريادة في الاهتمام بهذه الصناعة؛ سواءً من خلال تطوير مؤسساته، أو دعم المشروعات التي تثري الجانب الثقافي، الذي يحتفي بالكتاب بصفته مدرسةً معرفيةً اعتمد عليها الإنسان منذ قديم الزمان.
فرصة لحماية الكتب
ويمثل اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف فرصة لإعادة هذه الحميمة تجاه الكتاب وتطوير بيئته، وتعزيز مكانته وعلاقته بالمجتمع كونه قيمة معرفية وثقافية تملأ الأفق الحضاري الذي يطل على الفكر والمعرفة بجميع صورها وأشكالهاـ حيث تتمثل جهود المملكة ممثلة في وزارة الثقافة في الاهتمام بالكتاب كوعاء المعرفة، وحاضن الإبداع ومثبت العلم؛ وذلك في التشجيع على القراءة بطرق عديدة، والتعريف بالإنتاج الفكري والأدبي والعلمي، وتدعيم حركة التأليف والنشر، إلى غير ذلك من الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها الوزارة، تلبيةً لتطلعات القطاع العريض من المثقفين والأدباء وعموم المجتمع، خاصةً في ظل مبادراتها لتعزيز دور المكتبات وتطويرها، باعتبارها من أهم روافد الثقافة، والحافظة لتراث الأمم وحضارة الشعوب.
تجربة عمرها 16 سنة
مرت 16 سنة منذ أن أعلنت اليونسكو يوم 23 أبريل بوصفه “اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف”. وأصبح عدد متزايد من الشركاء يحتفل بهذا اليوم، الذي أثبت منذ ولادته مدى اهميته كمناسبة للتأمل والإعلام بشأن موضوع بالغ الأهمية.
وبات ملايين الناس يحتفلون بهذا اليوم في أكثر من مائة بلد في إطار الجمعيات والمجالس والهيئات العامة والتجمعات المهنية والمؤسسات الخاصة. ونجح اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف خلال هذه الفترة الطويلة في تعبئة الكثير من الناس، من جميع القارات والمشارب الثقافية، لصالح قضية الكتاب وحقوق المؤلف. فقد أتاحت لهم هذه المناسبة الفرصة لاكتشاف عالم الكتاب بجوانبه المتعددة وتقديره حق قدره والتعمق فيه، ونعني بذلك: الكتاب بوصفه وسيلة للتعبير عن القيم وواسطة لنقل المعارف، ومستودعا للتراث غير المادي، ونافذة يستشرفون منها على التنوع الثقافي ووسيلة للحوار، ومصدر للثراء، وثمرة لجهود مبدعين يكفل قانون حقوق المؤلف حمايتهم.
كل هذه الجوانب كانت موضع مبادرات كثيرة في مجال التوعية والترويج أتت بنتائج ملموسة. ولكن لا ينبغي الاكتفاء بما تم تحقيقه وإنما المضي قدما في هذا الدرب بلا كلل أو ملل.
عواصم الكتاب
في سنة 2002 أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) الإسكندرية عاصمة عالمية للكتاب، وهي العاصمة الثانية بعد مدريد التي كانت عاصمة عالمية للكتاب سنة 2001. في 2019 ، أعلنت اليونسكو مدينة الشارقة في الإمارات العربية المتحدة عاصمة عالمية للكتاب، وذلك نظرا للطبيعة الابتكارية والشمولية لترشيحها، فضلا عن برنامج الأنشطة الذي تقدمه والقائم على المجتمع المحلي.
اختارت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب لسنة 2024، لتصبح أول مدينة فرنسية تنال هذا اللقب منذ إطلاقه عام 2001. وأبدت اليونسكو في بيان "إعجابها" بالأهمية التي توليها ستراسبورغ للكتاب "كوسيلة لمواجهة تحديات الانصهار الاجتماعي والتغير المناخي". وقالت إن ستراسبورغ، وهي المدينة الفرنسية الوحيدة التي شاركت في المنافسة، "تسلط الضوء على دور الكتاب في تشارك المخاوف البيئية والمعارف العلمية، مع إعطاء أولوية للشباب كلاعبين في التغيير".
واعتبرت رئيسة بلدية المدينة الفرنسية الفائزة جان بارسيغيان خلال مؤتمر صحفي أعقب الإعلان الرسمي أن "الرهان من هذا الترشيح كان في أن نظهر أن الرابط القوي جدا لستراسبورغ مع القراءة لا يرتبط فقط بتراثها الغني للغاية. الكتاب حيّ في ستراسبورغ وله جمهوره، إنها مدينة نهمة على القراءة وعاشقة للكتب، مع منظومة مذهلة من الكتّاب والرسامين التوضيحيين ودور النشر".
تلتزم المدن التي يقع عليها الاختيار لتكون عاصمة عالمية للكتاب بتعزيز مكانة الكتاب وتشجيع القراءة لدى جميع الفئات العمرية والسكانية، داخل حدودها الوطنية وخارجها، كما تلتزم بتنظيم برنامج أنشطة طيلة العام. وتنطلق فعاليات هذه السنة الاحتفالية في 23 أبريل/نيسان 2024، تزامنا مع اليوم العالمي للكتاب وحقوق النشر.
وستكون ستراسبورغ المدينة الـ24 التي تحمل لقب العاصمة العالمية للكتاب منذ 2001. وستكرّس ستراسبورغ ميزانية لهذا الحدث تبلغ 4.5 ملايين يورو، وفق رئيسة البلدية.
وتنافست ستراسبورغ على نيل اللقب مع 9 مدن أخرى، هي عمّان الأردنية وهافانا الكوبية وياش الرومانية وكذلك أوبيدوس البرتغالية والرياض السعودية وسالامانكا الإسبانية، وأيضا طشقند الأوزبكية وبلوفديف وفيليكو تارنوفو البلغاريتان
يأتي اختيار ريو دي جانيرو لتكون العاصمة العالمية الخامسة والعشرين للكتاب بعد مدريد (2001)، والإسكندرية (2002)، ونيودلهي (2003)، وأنتويرب (2004)، ومونتريال (2005)، وتورينو (2006)، وبوغوتا (2007)، وأمستردام (2008)، وبيروت (2009)، وليوبليانا (2010)، وبوينس آيرس (2011)، ويريفان (2012)، وبانكوك (2013)، وبورت هاركورت (2014)، وإنتشون (2015)، وفروتسواف (2016)، وكوناكري (2017)، وأثينا (2018)، والشارقة (2019)، وكوالالمبور (2020)، وتبليسي (2021)، وغوادالاخارا (2022)، وأكرا (2023)، وستراسبورغ (2024).
تتألف اللجنة الاستشارية لليونسكو المعنية باختيار العاصمة العالمية للكتاب من ممثلين عن الاتحاد الأوروبي والدولي لباعة الكتب، ومنتدى المؤلفين الدولي، والاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات، ورابطة الناشرين الدولية، واليونسكو.