القراءة فعل خصب وتثاقف وكما يقال هي أكثر من حياة ضمن الحياة الواحدة فمن يقرأ يشارك الآخرين حيواتهم ومعارفهم وعقولهم .
من هنا كان الاهتمام باللغة التي نقرأ بها سواء كانت اللغة الأم أم لغة أخرى مكتسبة وصدرت عشرات بل مئات الدراسات التي تبحث في معنى القراءة ضمن اللغة .
كتاب هندسة اللغة الاستماع والقراءة والتحدث ..كيف ولماذا..الصادر عن دار الفكر في دمشق لمؤلفه الدكتور توفيق عمر بلطه جي ..من الدراسات المعمقة في هذا اللون من المباحث التي يجب أن يطلع عليها الجميع ولاسيما الأهل والمربين وايضا طلاب اللغات .هندسة اللغة كعنوان أولي تمهيدي فعلا يثري المعنى الذي أراده المؤلف ..
الهندسة ليست التخطيط العمراني الميكانيكي وما في المفهوم من معان أخرى..بل الأهم فيها هندسة العقول والقدرة على نسج عباءة لغوية لا تمزقها الأيام ولا تجعلها يابسة جافة أبدا .
يبدأ الباحث كتابه بما قاله البعض عن اللغة العربية .
ينقل قول العالم الألماني فريتاج أن اللغة العربية أغنى لغات العالم .وقول المستشرقة الألمانية زيغريد هونكه :كيف يستطيع الإنسان أن يقاوم جمال هذه اللغة ومنطقها السليم وسحرها الفريد .
وكذلك ما قاله المستشرق الفرنسي رينان عن كمالها ..ورأي لويس ما سينيون الذي رأى أن اللغة العربية هي التي أدخلت إلى الغرب طريقة التعبير العلمي .
وبعد ذلك وعبر ٢٠٠ صفحة من القطع الكبير ومن خلال الأربعة فصول يناقش مهارات اللغة في القراءة والاستماع والتحدث والكتابة ثم يبين ضرورات وأهمية كل مهارة بطريقة علمية تربوية شائقة.
الكتاب ليس دراسة جافة منفرة وان كان يتبع الأسلوب العلمي الرصين فهو مكتوب بماء اللغة ورونقها وقدرتها على التعبير الذي يبعث في الروح والعقل جماليات الإبداع ويقدم لنا مادة جمالية مهمة وأدوات الفهم فيما نكتب ونقرأ وكيف نعبر ونتحدث و نستمع..
إنه باختصار أسلوب جديد في طرائق تعليم العربية.