تخطي إلى المحتوى
رواية واحدة خلدت أسماء أصحابها رواية واحدة خلدت أسماء أصحابها > رواية واحدة خلدت أسماء أصحابها

رواية واحدة خلدت أسماء أصحابها

يكتب الأديب روايات عديدة ليصل في نهاية المطاف إلى الرواية التي تحقق له شهرة كبيرة وتكون علامة فارقة في مسيرته، في الوقت الذي يعلن فيه أن الرواية الأجمل لم يكتبها بعد، في حين أن تاريخ الأدب قدم أسماء لكتّاب لم يكتبوا سوى رواية واحدة استطاعوا من خلالها تحقيق شهرة واسعة، وكانت تجربة يتيمة لهم، لكنها كانت من روائع ما كُتِب في الرواية الفن الأصعب من بين الفنون الأدبية.

ذهب مع الريح

يأتي في مقدمة هؤلاء الكاتبة الأميركية مارجريت ميتشيل (1900-1942) وهي من أتحفتنا برائعتها اليتيمة “ذهب مع الريح” والتي احتاجت لإنجازها ست سنوات من 1930 إلى 1936 ونالت عليها عام 1937 جائزة البوليتزر للرواية، وفي العام 1939 تم تحويلها إلى فيلم سينمائي فاز بثماني جوائز أوسكار، وصُنف الفيلم في المرتبة الرابعة ضمن أفضل 100 فيلم أميركي خلال القرن العشرين، وظل حتى عام 2006 ثاني أعلى الأفلام إيراداً في تاريخ السينما الأميركية، كما أصدرت الحكومة الأميركية طابعاً تذكارياً بمناسبة مرور 25 عاماً على عرض الفيلم.

لم تكتب ميتشيل الرواية في سن مبكرة وهي التي كانت تعمل صحفية إلى أن تزوجت واعتزلت الصحافة، وبعد إصابتها بمرض أقعدها في البيت لجأت إلى القراءة التي كان معظمها حول الحرب الأهلية الأميركية التي كانت تستمع إلى قصصها من أقربائها الذين شاركوا فيها، وتتناول ميتشل في روايتها التاريخية ما خلفته الحرب الأهلية من آثار على الجنوب الأميركي وعلى بطلة الرواية سكارليت أوهارا على مدار خمسة عشر عاماً، وحين طالب القرّاء بجزء ثان لها رفضت الكاتبة، مؤكدةً أن الرواية انتهت، فطالبوها برواية أخرى، فأجابت أن كل إمكانياتها الأدبية وطاقتها فرّغتها في هذه الرواية، أما النقاد فقد فسّروا امتناعها بالخوف من أن لا تحقق النجاح المشابه لما حققته في “ذهب مع الريح”.

دكتور زيفاجو

عُرِف عن الروسي بوريس باسترناك أنه شاعر ومُترجِم لمسرحيات شكسبير، إلا أن شهرته كانت من خلال روايته الوحيدة “دكتور زيفاجو” التي نشرها خارج روسيا عام 1957 لتنجح نجاحاً كبيراً ويحصل من خلالها على جائزة نوبل للآداب عام 1958 وقد تمت ترجمتها للعديد من لغات العالم، وتم تحويلها إلى فيلم سينمائي عام 1965 حصل على خمس جوائز أوسكار، ويتناول باسترناك في روايته الثورة البلشفية في روسيا من وجهةِ نظر اجتماعية ومن خلال قصة حب رومانسية، حيث تدور الأحداث بين عامي 1903 و1929 حول الطبيب يوري زيفاجو الذي يتزوج من فتاة جميلة قبل الحرب العالمية الأولى، ويعيش معها حياة سعيدة، إلى أن يتم استدعاؤه لأداء الخدمة العسكرية كطبيب أثناء الحرب، ويتعرّف هناك على لارا الممرّضة الحسناء التي يقع في حبّها، لتبدأ بينهما قصة حب تنتهي مع نهاية الحرب.

أن تقتل طائراً بريئاً

كانت هذه الرواية هي الوحيدة للكاتبة الأميركية نيلي هاربرلي (1926-2016) وبسبب النجاح الكبير الذي حققته الرواية حصلت على الميدالية الرئاسية للحرية في العام 2007 على مجمل مسيرتها الأدبية، وسبق ذلك تحويل هذه الرواية الكلاسيكية الأكثر شعبية في الولايات المتحدة إلى فيلم عام 1962 فاز بثلاث جوائز أوسكار، ولاقت الرواية نجاحاً ساحقاً بمجرد نشرها عام 1960 وفازت بجائزة بوليتزر عام 1961 وطُبع منها أكثر من 30 مليون نسخة منذ تاريخ نشرها، وتمت ترجمتها لأكثر من 20 لغة، وقد تناولت الكاتبة فيها قضايا اجتماعية مستوحاة من طفولتها، وسلّطت فيها الضوء على بعض الشخصيات كشخصية بورادلي الغامضة والمنعزلة، وشخصية المحامي أتيكوس فينتش الذي يدافع عن رجل أسود اتّهم زوراً باغتصاب فتاة بيضاء، لتسلط الكاتبة من خلاله الضوء على موضوع التفرقة العنصرية التي عاصرتها في طفولتها في بلدتها مونروفيل في ولاية ألاباما في الجنوب الأميركي، ويمكن تلخيص موضوع الرواية في النصيحة التي قدمها المحامي أتيكوس فينتش لابنته الصغيرة سكاوت: “لن تفهمي شخصاً حتى تأخذي الأمور من وجهة نظره، حين ترتدين جلده وتعيشين به” وحين حققت روايتها نجاحاً كبيراً قالت:”لم أتوقع نجاحاً لهذه الرواية.. كنت آمل لها موتاً سريعاً ورحيماً على يد النقاد، لكن في الوقت ذاته تمنيت أن تعجب شخصاً ما بشكل كاف ليشجعني.. تمنيت القليل ونلت الكثير جداً، وبشكل ما كان هذا مرعباً مثل ذلك الموت السريع والرحيم”.

ترجمت الرواية إلى العربية داليا الشيال أستاذة الأدب الإنكليزي في جامعة القاهرة ونشرتها دار الشروق في مصر عام 2011.

مرتفعات وذرينغ

أجمع النقاد على أن هذه الرواية واحدة من أهم وأشهر كلاسيكيات الأدب الإنكليزي، وهي الرواية الوحيدة لكاتبتها إيميلي برونتي (1818-1848) والتي كانت شخصية منعزلة، وقد لجأت إلى الكتابة لتكون متنفساً لها، وقد نشرت الرواية لأول مرة عام 1847  ومن المفارقات أن برونتي ماتت بمرض السل عام 1848 عن عمر ثلاثين عاماً وهو المرض الذي اختارته ليموت أبطال روايتها بهوهي التي تدور أحداثها في مرتفعات وذرينغ عبر قصة حب تودي بأبطالها إلى الهلاك، وقد صُنّفت الرواية في قائمة نادي الكتاب النرويجي وهي القائمة التي شارك في وضعها 100 كاتب من 54 دولة كواحدة من أفضل 100 رواية، وتمت ترجمتها إلى عشرات اللغات وتحويلها إلى عدة أفلام سينمائية وأعمال تلفزيونية وإذاعية، كما أُنجز عنها فيلم مصري مستوحى من أحداثها حمل عنوان “الغريب” عام 1956.

الجمال الأسود

رواية أصدرتها الكاتبة البريطانية آنا سويل(1820–1878) قبل وفاتها بعدة أشهر، ويُطلَق عليها أحياناً اسم “الحصان الأسود” وقد اشتهرت والدة آنا بالكتابة في مجال قصص الأطفال، وساهمت الابنة في تحرير مخطوطات والدتها وهي في سن مبكرة، إلا أنها لم تنشر أياً من كتاباتها الخاصة قبل بلوغها الـ 57 من عمرها، وقد  كتبت “الجمال الأسود” خلال السبع سنوات الأخيرة من عمرها عندما أصبحت حبيسة منزلها بسبب المرض، وتم نشرها قبل وفاتها بوقت قصير وأصبحت من أهم وأحب كلاسيكيات الأطفال في كل العصور، وحطمت أرقام المبيعات القياسية، واحتلت المرتبة السادسة ضمن أكثر الكتب مبيعاً باللغة الإنكليزية، وكان نجاح الرواية بدايةً لعدد كبير من الروايات والقصص التي جعلت من الحيوان بطلاً لها، وكتبت سويل روايتها متأثرة بطرق المعاملة القاسية التي كان يستخدمها بعض الأسياد في عصرها مع خيولهم، فكتبت لتستدرالعطف والشفقة والمعاملة الطيبة للخيول،وقصة “الحصان الأسود” التي تُروى على لسان الحصان بطل القصة تتناول المراحل المختلفة في حياته من خلال مروره على سلسلة من الأسياد القساة لينهار من سوء المعاملة،لكن في النهاية يتم إنقاذه من خلال مالكه الجديد الطيب.

دوريان غراى

تحت هذا العنوان أصدر الشاعر والقاص والكاتب المسرحي البريطاني أوسكار وايلد (1854 – 1900) روايته الوحيدة عام 1891 والتي نُشرت لأول مرة عام 1890 كحلقات مُسلسلة في إحدى المجلات الأميركية، وقد هاجمها الإنكليز حينها بعنف بحجة أنّها تُسيء لأخلاق المجتمع الإنكليزي المُحافظ، ومع هذا حاول وايلد الدفاع عن روايته وعن فن الرواية وعن القارئ، وقام بتنقيح النسخة التي سبق نشرها في المجلة وأضاف إليها، لتقوم إحدى دور النشر بطباعة الرواية عام 1891 ووصف وايلد الرواية بأنها رؤية ساخرة للغرور وخواء الرفاهية والرغبات العمياءوفيها استعراض فَجّ وصريح لكل القبح الموجود فينا عندما نتعالى على أحكام الطبيعة حيث تتناول قصة دوريان جراي الذي كان يتمتع بجمال لا يُقاوَم ومكانة اجتماعية مرموقة، لكنه مغرور، وعندما رسمه صديقه الرسام بكى لأن هذا الوجه في اللوحة سيحتفظ بشبابه بينما سيشيخ هو ويهرم، وتمنى لو يحدث العكس،لتبين لنا الرواية أن صورته في اللوحة التي رسمها صديقه كانت مع كل خطأ يرتكبه بحق الآخرين تتغير وتكثر فيها التجاعيد.

عاملة المنزل

صدرت في العام 2009 وهي للكاتبة الأميركية كاثرين ستوكيت وحققت نجاحاً كبيراً، وتصدرت قائمة الكتب الأكثر مبيعاً على لائحة “نيويورك تايمز” وكانت ستوكيت قد بدأت بكتابة الرواية بعد أحداث أيلول 2001 لتنهيها بعد خمس سنوات، ولأنّها لم يسبق لها النشر ولم تكن لها علاقات قوية رفضت دور النشر تبنيها، إلى أن وافقت إحداها، وقد رصدت الكاتبة في روايتها فترة مهمة من تاريخ الولايات المتحدة على الصعيد الاجتماعي والسياسي في ستينيات القرن الماضي، حيث كان التمييز العنصري قد بلغ ذروته مقابل تزايد نشاط قادة حركة حقوق الإنسان من الأميركيين من الأصول الأفريقية، لذلك تحدثت فيها عن المعاملة السيئة والعنصرية التي تتعرض لها العاملات ذوات البشرة السوداء في منازل النساء ذوات البشرة البيضاءمن خلال صحفية تعمل على تأليف كتاب عن حياة الخادمات السود في بيوت السادة البيض، فتلجأ إلى خادمتين قصت كل منهما قصتها وشجعتا باقي الخادمات على ذلك، لنعيش من خلال هذه القصص حياة الخادمات السود والعنصرية التي كانت  تُمارس ضدهن يومياً.

نُشرت الرواية في أكثر من 30 دولة، وتُرجمت لعدة لغات، وتم تحويلها إلى فيلم شهير عام 2011 ترشح لأربع جوائز أوسكار، فاز بواحدة منها، كما ترشح لأربع جوائز جولدن جلوب وفاز بواحدة..والكاتبة من مواليد العام 1969وحاصلة على شهادة في اللغة الإنكليزية والكتابة الإبداعية، وعملت في نشر وتسويق المجلات أثناء إقامتها في مدينة نيويورك.

ذكريات فتاة جيشا

للكاتب الأميركي (مواليد 1956) الذي درس الأدب الياباني في جامعة هارفاد، وأكمل دراساته العُليا في التاريخ الياباني في جامعة كولومبيا، وسافر للعمل في طوكيو لفترة من حياته، لذالم يكن من الغريب أن تكون هذ الرواية هي الوحيدة التي كتبها في حياته،وتدور أحداثها في اليابان عن عالم فتيات الجيشا، وصدرت عام 1997 وتصدّرت قائمة الكتب الأكثر مبيعاً على لائحة “نيويورك تايمز” لأكثر من مئة أسبوع متواصل، وبيعت منها ملايين النسخ وتمت ترجمتها لأكثر من 30 لغة، كما تم تحويلها لفيلم عام 2005 ترشح لست جوائز أوسكار، فاز بثلاث منها، كما ترشح لجائزتَي جولدن جلوب فاز بواحدة منهما، وتدور أحداث الرواية حول حياة تشيوساكاموتو التي باعتها أسرتها بسبب الفقر وهي طفلة في التاسعة من عمرها مع شقيقتها الكُبرى إلى أحد بيوت الجيشا في كيوتو، فعاشت سنواتها من الطفولة إلى المراهقة إلى النضج والشباب كإحدى فتيات الجيشا، والجيشا بمثابة مدارس تمكثُ فيها الفتيات سنوات طويلة في التدريب والتعلّم، حتى يصبِحْن مؤهَّلات للقيام بمهامهنّ المتنوعة التي تدور جميعها حول حسن الضيافة، التي كانت تحتاجها المجتمعات المخمليَّة القديمة وكلمة جيشا تعني فنانة وهي تتكون من مقطعين: “جي” ومعناها البارع في الأداء “الفنيوشا” ومعناها الإنسان.

الناقوس الزجاجي

صاحبة الرواية هي الشاعرة الأميركية الشهيرة سيلفيا بلاث(1932-1963) وروايتها أشِبه بسيرة ذاتية نشرتها قبل انتحارها بوقت قليل، ويشير النقاد إلى أن بلاث كانت غزيرة الإنتاج الأدبي، إذ لها عدد كبير من القصائد الشعرية والقصص القصيرة، لكنها نجحت في رواية واحدة أصدرتها عام 1963 معبّرة فيها عن اكتئابها الذي لازمها طوال حياتها القصيرة وهواجسها وتساؤلاتها عن الحياة والموت، ومن يقرأ الرواية لن يشعر بالدهشة من انتحار مؤلفتها.

نُشرت الرواية للمرة الأولى عام 1967 ولم تُنشر في الولايات المتحدة حتى العام 1971 تلبيةً لأماني زوجها ووالدتها،وقد تُرجمت الرواية إلى أكثر من عشر لغات، وتدور أحداثها حول فتاة شابة تأتي من ضواحي بوسطن إلى نيويورك لتكون متدربةً في إحدى مجلات الموضة، وبعد انتهاء التدريب تعود إلى بلدتها، لكنها لا تعود كما كانت، فهناك ما تغير بداخلها دون أن تدرك ما هو، ويوماً بعد يوم تسوء الأمور ويُسيطر عليها الاكتئاب وتطالبها والدتها بالذهاب إلى طبيب نفسي، فتذهب عدة مرات ثم تنقطع، وتتدهور حالتها وتحاول الانتحار أكثر من مرة ليتم وضعها تحت الرقابة في إحدى المشافي النفسية،وقد تم تحويل الرواية إلى فيلم يحمل نفس الاسم عام 1979.

الحارس في حقل الشوفان

على الرغم من أن جيروم ديفيد سالينغر( 1919—2010) هو كاتب أميركي له عدد من المقالات والقصص القصيرة إلا أن شهرته مبنية على روايته الوحيدة “الحارس في حقل الشوفان” الصادرة عام 1951 وقد أقرّ سالينغر في إحدى المقابلات بأن روايته قد أخذت شكلاً يشابه السيرة الذاتية، إذ أن حياته ونشأته في صباه تتطابق مع حياة بطلها المراهق، وعلى الرغم من أنها في الأصل موجهة للقراء البالغين لكنها أصبحت ذات شعبية كبيرة بين القراء المُراهقين بسبب محاورها الرئيسية مثل اليأس والعزلة خلال مرحلة المراهقة، حيث أصبح بطل الرواية هولدنكولفيلد رمزاً لتمرد المراهقة، وقد أسس سالينغر بكتابته للرواية نهجاً جديداً في الكتابة الأدبية الأميركية والعالمية أطلق عليه نهج الكتابة الغاضبة.

تُرجمت الرواية إلى أغلب لغات العالم، وفي العام 2005 وضعتها مجلة “تايم” ضمن قائمتها لأفضل 100 رواية مكتوبة بالإنكليزية منذ العام 1923 كما اختارتها دار المكتبة الحديثة وقرّاؤها ضمن أفضل 100 رواية إنكليزية في القرن العشرين، وقام بترجمتها للعربية أ.غالب هلسا عام 1978.