تخطي إلى المحتوى

يهود يكرهون أنفسهم: محاكم التفتيش الصهيونية

20% خصم 20% خصم
السعر الأصلي $5.50
السعر الأصلي $5.50 - السعر الأصلي $5.50
السعر الأصلي $5.50
السعر الحالي $4.40
$4.40 - $4.40
السعر الحالي $4.40
يتحدث عن الذات اليهودية وتناقضاتها، وهيستيريا المحرقة، واليهود المعادون لإسرائيل، وصراعات الفقه الإسرائيلي، وحركة المؤرخين الإسرائيلين الجدد، مع لمحة عن المواقف العربية

المؤلف
التصنيف الموضوعي
غلاف نوع التجليد
أبيض نوع الورق
288 الصفحات
20×14 القياس
2002 سنة الطبع
1-59239-075-7 ISBN
0.29 kg الوزن

المقدمة

نرتكب مخالفة صريحة وحادة للمنطق إذا نحن قبلنا مناقشة موضوع المؤرخين الجدد الإسرائيليين عبر الاكتفاء باستعراض مؤلفاتهم. فهذا الاكتفاء يعني سذاجة القبول بقدرة ثلة من المثقفين الإسرائيليين (لا يتجاوزون العشرة) على تغيير تاريخ إسرائيل الدولة. ومع السذاجة غباء تخيل قدرتهم على فرض هذه التغييرات على مناهج التاريخ في مدارس الدولة الإسرائيلية،.

ولو نحن راجعنا هذه الكتابات لوجدنا فيها تكراراً مملاً للمواضيع ذاتها مع فارق اختلاف قراءة كل مؤرخ للوقائع. حتى تبدو هذه الكتابات وكأنها تكرار نمطي - مرضي . (Stereotype)

منذ المقدمة أريد أن أحيل المتعجلين لتعرف حركة المؤرخين الجدد إلى الفصول الثلاثة الأخيرة من هذا الكتاب. وعناوينها على التوالي: حركة المؤرخين الإسرائيليين الجدد، ونماذج من كتابات المؤرخين الجدد، ومواقف المثقفين العرب من حركات الانفتاح اليهودية.

أما بالنسبة إلى القارئ غير المتعجل فإني أنصحه بمتابعة مرحلية لفصول هذا الكتاب، إذ وقعت على مصطلح ((المؤرخين الجدد)) في كتابات سيغموند فرويد، التي تؤكد وجود حركة بهذا الاسم منذ القرن التاسع عشر. وكانت هذه الحركة تعيد النظر بالتاريخ اليهودي كافة دون أن تقتصر على حقبة منه كما تفعل الحركة المعاصرة، التي تقصر مراجعتها على فترة (1948م) وما بعدها، كما أن مراجعة حركة ماندلسون اليهودية - الإصلاحية تبين انتماء هؤلاء المؤرخين إلى فلسفة ماندلسون، القائمة على تذويب الفوارق وترسبات الخلاف بين اليهود ومحيطهم بهدف تأمين استمراريتهم، وبهذا أصبح من المستحيل تجاهل الأصول الفكرية التاريخية لهذه الحركة، وحصر دراستها بعرض نقدي لبضعة كتب ومقالات.

وهكذا فإن الصعود الإعلامي والسياسي للمؤرخين الجدد يضاف إلى هذه الأصول ليؤكد الطابع السياسي لهذه الحركة، بما يدعو إلى تحري خلفية هذا الطابع واتجاهاته وموقعه في السياسة الإسرائيلية وتوجهاتها المستقبلية.

وهذه الخلفيات تفوق بأهميتها كل المضامين الكتابية لهذه الحركة، إذ تمكن العودة إلى كتاب السياسي والجامعي الأمريكي بول فندلي والمعنون (Deliberate Deceptions) (مترجم إلى العربية) للاطلاع على كل الأكاذيب الصهيونية والبراهين الداحضة لها. بما يجعل القارئ يستغني عن فضل المؤرخين الإسرائيليين وتكرمهم بدحض هذه الأكاذيب، لدرجة أنهم يطلبون لها مقابلاً قيام حركة عربية مشابهة، والاطلاع على المحفوظات العربية تمهيداً لتدوين مشترك للتاريخ،.

إن كتاب فندلي يضم 113 صفحة من عناوين المراجع المحفوظاتية المكذبة للصهيونية، مما يجعل من بضاعة الإسرائيليين بضاعة كاسدة إضافة للشك بفسادها؟،.. ثم هل يكفي أن تعترف إسرائيل بأكاذيب أقامت عليها حربها النفسية طوال نصف قرن كي تنال البراءة؟ فما فائدة الحقائق المنتهكة؟ وما فائدة الاعتراف بعد الفضيحة؟

بعد كل هذا ترانا نقبل تهمة (يهودي كاره نفسه) الموجهة لهؤلاء المؤرخين؟ أم نعتبر هذه التهمة مجرد خدعة لتسويقهم، فهل يتساوى هؤلاء مع نعوم تشومسكي وحنة أراندت وسيغموند فرويد وإسرائيل شاحاك وغيرهم من المعادين فعلاً للصهيونية؟ وهي فئة تدفع غالياً ثمن تهمة ((يهودي يكره نفسه)) (أو لا سامية الأنا)، وكيف نفرق بين هؤلاء وبين المؤرخين الجدد؟ فتشومسكي مثلاً يركز نقده للسياسة الإسرائيلية (والأمريكية الداعمة لها) بدءاً من العام (1967م)، أما شاحاك فينتقد اللامساواة في هيكلية المجتمع الإسرائيلي، في حين يكتفي المؤرخ الجديد بمراجعة بعض المحطات الصراعية منذ قبيل حرب 1948م حتى اليوم،.

بناء على ما تقدم رأينا أن استيعاب المنطلقات النظرية لهذه الحركة يمر بمناقشة موضوعات مفصلية هامة وزعناها على الفصول التالية:

1- الذات اليهودية وتناقضاتها - بين معاداة السامية ولا سامية الأنا.

2- التحليل النفسي للنكتة اليهودية (عدوانية اليهود الكامنة تجاه الآخر).

3- يهود يخجلون من الهولوكست - هيستيريا المحرقة.

4- يهود معادون لإسرائيل.

5- سيغموند فرويد - اليهودي الذي كره نفسه بعد وفاته.

6- نعوم تشومسكي - نموذج خاص للاسامية الأنا.

7- صراعات الفقه الإسرائيلي - مسرحيات الاختلاف اليهودي.

8- حركة المؤرخين الجدد.

9- نماذج من كتابات المؤرخين الجدد.

10- لمحة عن المواقف العربية من حركات الانفتاح اليهودية - المؤرخون الجدد نموذجاً.

وفي النهاية نستعير من فرويد، اليهودي الذي كره نفسه بعد وفاته، هذا المقطع من كتابه (أفكار لأزمنة الحرب والموت).. ((إن الحروب لا يمكن أن تتوقف ما دامت الأمم تعيش تحت ظروف على مثل هذه الدرجة من الاختلاف، وما دامت قيمة الحياة الفردية تحسب بطرق على مثل هذه الدرجة من التباين..)).

وهذا ما حاولنا قوله في هذا الكتاب حيث شبح الاغتيال اليهودي (معنوي أو فعلي) يطارد كل يهودي يحاول الدعوة إلى المساواة في قيمة الحياة الفردية. إذ يبدأ الشبح بالتبدي على شكل تهمة ((لا سامية الأنا)) تتبعه نصيحة التخلي عن الأفكار الشريرة لتهديد تلقاه (تشومسكي) وصولاً إلى اغتيال (كما في حال رابين) واليهود قتلة الأنبياء ولا موجب لديهم للاكتراث بمن هم دون الأنبياء. أو التهديد بالاغتيال الذي يدعي باراك أنه يخشاه لو هو تخطى الخط الأحمر الذي تمثله عملياً حركة المؤرخين الجدد، التي تمثل الحد الأقصى المسموح به صهيونياً.

نرجو أن يساعد هذا الكتاب على فهم هذه الحركة وغاياتها والتفريق بين دعاتها وبين اليهود كارهي أنفسهم، كما بين هؤلاء وبين اليهود الذين ضاقوا ذرعاً بعبء تاريخهم ويشكون، كما يفعل إسرائيل شاحاك، من وطأة 3000 عام من التاريخ.

المؤلف

الفصل الأول

الذات اليهودية وتناقضاتها

بين معاداة السامية ولا سامية الأنا

تشير دراسات الأنتروبولوجيا الثقافية (الشخصية الأممية و/أو القومية) إلى اشتراك الشعوب السامية (العرب واليهود عموماً) بجملة سمات تميز شخصياتهم الثقافية وتدمغ ثقافتهم بطابعها، ولعل أهم هذه الصفات صفتان رئيستان هما:

1- البكائية.

2- عقدة المؤامرة.

ولقد لعب الدين الإسلامي دوراً مقرراً في الحد من هاتين السمتين وانعكاساتهما على الشخصية العربية، ولقد وصل هذا الدور إلى تحريم الإسلام لقائمة من المناسبات البكائية وتصنيف بعضها في خانة (غير المستحبة)، كما لعب الإسلام دوراً في الحد من أثر عقدة المؤامرة. لكن هذه الأخيرة عاودت الظهور بقوة أكبر عبر الممارسة الفعلية لأدوار المؤامرة. حيث يمكن الربط بين معاودة انفجار هذه العقدة وبين بداية اضمحلال الدور السياسي للعرب مع بداية الحروب الصليبية. وكان من الطبيعي أن تتصاحب هذه المعاودة مع إحياء ذكريات تجارب المؤامرة السابقة. الأمر الذي أدى إلى تراكم هذه التجارب وترسيخ هذه العقدة (المؤامرة) التي لا تزال لغاية اليوم مهيمنة على الشخصية العربية.

في المقابل نجد أن اليهودية ترسخ البكائية وتجسدها لدى اليهود في (حائط المبكى) ذلك الرمز الديني المقدس لدى اليهود المرسخ لبكائيتهم، التي تنعكس على الشخصية اليهودية بالحاجة العصابية - القهرية لإيجاد بكائيات فرعية، ومع طغيان السمة النفعية على هذه الشخصية فإنها تختار وتفضل اعتماد البكائيات القابلة للتوظيف والاستثمار. من هذه الزاوية نستطيع أن نفهم تلك النشوة اليهودية باستحضار ذكرى الهولوكوست وتضخيمها واستعادة تفاصيلها بصورة نمطية - تكرارية (Stereotype) تصل إلى حدود الهيستيريا. إذ يستحيل على أي باحث معاصر أن يتمكن من إحصاء البكائيات اليهودية في هذا المجال، فهنالك ملايين منها، موزعة ما بين ذكريات شخصية ومرويات (على لسان أشخاص عايشوا الهولوكوست) وأفلام سينمائية ومقالات صحفية وقصص وروايات وخواطر ودراسات نفسية واجتماعية وسياسية.. إلخ. حتى يمكن القول بأن اليهود تمكنوا من تغطية هذه البكائية عبر جميع فروع المعرفة ووسائل الاتصال المتاحة.

والشخصية اليهودية لا تكتفي بالرمز الديني (حائط المبكى) أو التاريخي (أسطورة الماسادا والهولوكوست وغيرها)، بل هي تبحث عن بكائيات أكثر فرعية. فهي تحتاج إلى بكائية خاصة بكل حارة يهودية، وإلى بكائية خاصة بكل عائلة يهودية، حيث لا شك بأن تعدد البكائيات هو من الأمور المرغوبة لدى اليهود، وهذا الميل للبكائيات يقودنا إلى مناقشة متعددة محاور البحث نختصرها بعرض الأسئلة: هل كان هذا الميل البكائي دافعاً لليهود، عبر تاريخهم، كي يلعبوا دور الضحية؟ وهل لهذه المذابح تاريخ أم إنها روايات مختلفة تتحول لأساطير مع مرور الوقت؟.

في المقابل تعرض قائمة أخرى من الأسئلة منها: ماذا لو حدث أن تكررت المذابح اليهودية، وفق ما يتوقعه اليهود، ألاَّ يجدر لهذا التكرار أن يستوقفنا للتساؤل عن سببه أو أسبابه؟

وهل يمكن علمياً التسليم بأن تكراراً مملاً على هذه الصورة يمكنه أن يعود إلى مبدأ المصادفة؟ وخصوصاً أن علماء النفس المعاصرين بدؤوا يتناولون بجرأة وبقناعة دور الضحية نفسها باجتذاب الاعتداء، فتكرار تعرض امرأة ما للاغتصاب لابد له من أن يلقي السؤال عن اعتمادها سلوكاً إغوائياً يغري المغتصبين ويجتذبهم. واعتمادها لهذا السلوك لابدّ له أن يكون على علاقة بكسب ما تحققه من خلال هذا السلوك. وعليه فإن من الطبيعي أن يلجأ دارسو الضحايا لتقسيمهم إلى فئتين؛ الأولى فئة الضحايا الحقيقيين وهم الذين يتعرضون للاعتداء بالمصادفة، والثانية فئة الضحايا الوهميين. وهم الذين يستفزون المعتدي (بصورة شعورية أو لا شعورية) مما يجعلهم عرضة لتكرار الاعتداء، ولسنا في وارد الدخول في التفاصيل، لذلك نكتفي بالتذكير بأن للعدوان، ومن ثم للضحية، أشكالاً ومناسبات يصعب حصرها، وكذلك نذكر بأن العدوان يمكنه أن يصيب أشخاصاً وجماعات وفئات وأحياناً شعوباً بكاملها.

بهذا نصل إلى السؤال الأخير حول البكائيات اليهودية وهو: أليست هذه البكائيات (مع وضعيات الشعب الضحية المرافقة لها) وحدها كافية لتفسير (عقدة الاضطهاد) التي لازمت الشخصية اليهودية منذ ظهورها حتى اليوم؟ ومن ثم أليست كافية لتفسير ولادة مصطلح (معاداة السامية).

يعتبر الطب النفسي أن الانتقام هو ردة الفعل الطبيعية أمام الاضطهاد، ورغبة الانتقام تستمد موضوعيتها من مستوى حقيقة التعرض للاضطهاد. والطب النفسي يضع هذه الحقيقة دائماً في موضع الشك. وذلك لارتباطها بمرض نفسي معروف لدرجة الشيوع وهو مرض الهذاء. الذي يبدأ من ردة فعل مرضية أمام اضطهاد حقيقي، ويمر بميول لتفسير الأمور بصورة هذائية مخففة (وهي عبارة عن شكوك غير مبررة) وصولاً إلى حالة ذهانية تسمى بهذاء العظمة أو جنون البارانويا.

مهما يكن فإن الشعور بالاضطهاد هو شعور غير مُحْتسب. وهو يدفع صاحبه باتجاه عدوانية الرغبة بالانتقام، مما يحول صاحبه إلى اعتماد سلوك تعريضي يطغى على شخصيته ويؤثر على توازنها. عن طريق توليده لحذر (شك) مرضي من الآخر، بما يؤدي إلى كراهية الآخر. وبما أن الوعي لا يتقبل بسهولة تعميم هذه الكراهية من الظالم (موضوع سيئ) إلى الآخر (المواضيع كلها) فإنه يلجأ إلى حيلة يسميها التحليل النفسي بالتكوين العكسي (Reactionformation) قوامها اتخاذ موقف ظاهري يذهب في الاتجاه المعاكس للرغبة المكبوتة (كراهية الآخر في هذه الحالة) الذي يشكل ردة فعل ضدها. وبذلك يخفي اليهودي كراهيته للآخر تحت ستار إظهار رغبته في التعاون معه ودعمه للآخر من أجل تحقيق رغباته. وهذا السلوك الظاهر معتمد من قبل الجماعات اليهودية منذ ظهورها حتى الآن. حتى تحول هذا السلوك إلى قناع يستعمله اليهود بنجاح فائق، لدرجة قدرتهم على إقناع قطاعات واسعة من الرأي العام بأن هذا القناع حقيقي، وبذلك فهم نجحوا في تورية وتغطية كراهيتهم للآخر، حيث الآخر بالنسبة إليهم هو غير اليهودي (الغوييم بالعبرية)، وتتساوى في ذلك جميع الأعراق، دون تفريق بينها وبين الأفراد إلا لجهة مدى وحجم فائدتهم لليهود.

ولقد استغرب المحلل النفسي اليهودي سيغموند فرويد هذه العنجهية فتساءل عن هذه الجرأة، وهذا التساؤل يردنا إلى القناع الذي يخفي حقيقة الملامح اليهودية تحت ستار من الخنوع والذل.

.....

.....

.....

هل نقبل بتهمة يهود يكرهون أنفسهم الموجهة إلى حركة ((المؤرخين الجدد)) الذين يعيدون النظر بالتاريخ اليهودي كله؟!

أم إنها خدعة تروَّج لتسويقهم.. وهل يتساوى هؤلاء مع تشومسكي وأراندت وفرويد وشاحاك وغيرهم من المعادين للصهيونية فعلاً؟ وكيف نفرّق بين هؤلاء، وبين المؤرخين الجدد؟

إن استيعاب المنطلقات النظرية لهذه الحركة يمرُّ بمناقشة موضوعات مفصلية وهامة وزعها المؤلف على فصول كتابه، ليساعد القارئ على فهم بحثه بين هؤلاء وبين يهود ضاقوا ذرعاً بعبء تاريخهم، ويشكون من وطأة 3000 عام منه.

يتناول هذا الكتاب البحث في الجذور التاريخية لأصل اليهود منذ عصر الأنبياء الأوائل حتى انتهاء دورهم التاريخي في فلسطين، ويبين أن يهود اليوم غير يهود بني إسرائيل الذين تحدث عنهم القرآن الكريم.

يحلل الكتاب الشخصية اليهودية، ويذكر ما تعانيه من عقد وأمراض والتواءات، ويبرز موقف اليهود التاريخي المعادي للبشرية، في كثير من فترات حياتهم السياسية والاقتصادية والعسكرية، ثم ينتقل إلى الحديث عن جذور الحركة الصهيونية، ويبين كيف انبثقت من اليهودية، مشيراً إلى الدور البريطاني والأميركي في بلورتها وتطويرها، من التنظير إلى التنفيذ، بدءاً بمؤتمر بال 1897م، حتى وعد بلفور 1917م.

ويناقش حتمية زوال إسرائيل بالاعتماد على التكهنات والتوقعات، ومن منظور إسلامي.