يعالج هذا الكتاب مشكلات الفصام الفكري والثقافي الذي أصاب الوطن العربي والآثار المادية المترتبة على ذلك في المجتمع الحديث، ومن أهمها انشطاره إلى معسكرين متناحرين، حداثي وسلفي.
بدأ المؤلف بالإشارة إلى هيمنة النظام الغربي بكل منظوماته على الشعوب الأخرى وبخاصة على الإمبراطورية العثمانية بحجة تحديثها وتطويرها ثم انتقال هذه الآليات التحديثية للوطن العربي.
وتساءل عن الإجراءات التي اتخذتها النخب المثقفة المحلية من أجل الإصلاح وإعادة إنتاج مفاهيم الحداثة الغربية للتكيف مع الواقع الجديد.
ورأى المؤلف في دراسته أن الإجراءات انحصرت في مصر وسورية ولبنان، لأنها مراكز الفكر في المنطقة. وبيّن من خلالها إلى أي حد انسجم الفكر الغربي أو اختلف مع الثقافة المحلية والواقع الفكري، وكيف تعاون الحكام المحليون مع السلطة الغربية بحجة الوصول لدول حديثة، بإدخال العلمنة والحداثة الغربية إلى دولهم في مجالات الاقتصاد والسياسة والقانون لتحقيق التقدم والعالمية.. مع وسم الثقافة المحيطة بالبدائية والتخفف.
ومن هنا احتدمت أزمة الهوية في غياب المرجعية القومية وفي تأسيس أحزاب متطرفة، فوجدت الدول أنه لا مناص من الحزب الواحد بحجة استعادة الهوية والوحدة وتبنت النظام الاشتراكي بديلاً.
يرى المؤلف أن تبني نظام إنتاج عالمي والتماهي به يمنعان من إيجاد تنمية فعّالة، ويُخفقان في إيجاد عقلانية منسجمة مع الحاجات الحيوية الإنسانية للسكان المحليين.. كما يدعو إلى قيام المجتمعات بدورها الإيجابي الحضاري لحساب نظام فكري جديد مُبْدع.