يعالج الكتاب موضوعاً هاماً أصبح يتصدر النقاشات السياسية والفكرية في الوطن العربي، ألا وهو موضوع الهوية؛ ذلك أن العولمة بما تحمله من مضامين - تهدف إلى تدجين الشعوب وتدمير مناعاتها الثقافية - قد التقت في طروحاتها مع أهداف الأنظمة القطرية الضالعة في تفكيك الهوية العربية الإسلامية ومحاولة تغييبها، والسعي لفرض هويات قطرية وشرق أوسطية ومتوسطية، فضلاً عن الهويات الطائفية والعشائرية، الأمر الذي يؤدي إلى القيام بحاجات الاستبداد الداخلي والهيمنة العالمية على المنطقة.
والعجيب أن ما كان يُعدُّ في زمن الاستعمار انتهاكاً للهوية - ولاسيما ما يتعلق بالدين واللغة - غدا في زمن الاستقلال أمراً عادياً يلقى التشجيع من السلطة السياسية ذاتها!.. فكيف غيرت الإيديولوجيات الوطنية العربية الإسلامية لبوسها، وهي التي كانت تتصدى للاستعمار؟!
يحاول الكتاب قراءة الأوضاع الحالية في الأقطار المغربية في محاولة لفك الألغاز المحيطة بأزمتها والوقوف على الخلفية الكامنة وراء الأسباب التي تبدو على السطح من عنف وتنابذ ورفض كما يحاول تعرّف طبيعة العلاقة بين الهوية العربية الإسلامية والخصوصية المغاربية.. أهي علاقة تكامل، أم تنافر، أم..؟
مقاربة في إشكالية الهوية
يتناول هذا الكتاب إشكالية الهوية في المغرب العربي المعاصر.
ويبدأ بتناول الحديث عن الشخصية المغربية. ويتحدث عن الهوية العربية الإسلامية كهوية واحدة للمغرب العربي، ثم الهوية القطرية التي كرسها كمفهوم بديل أصحاب العداء الصريح للعروبة والإسلام.
ثم يتطرق إلى الهوية الشاملة والخصوصية المغاربية مع تزايد التحديات التي تفرضها العولمة على الشعوب. ثم يتناول سؤال الهوية في مواجهة الآخر الغربي، ثم علاقة خطاب الهوية بالخطاب القومي. ثم يتحدث عن مفهوم الهوية الذي تقترحه العولمة، وهي (الهوية العولمية). ثم يتحدث عن التطابق بين العروبة والإسلام، والخصوصية الفكرية. ثم يتحدث عن ضعف الوعي القومي العربي في المغرب العربي. ثم يتناول المكونات العربية والإسلامية للمغرب العربي منذ الفتح الإسلامي لهذه البلدان، ثم علاقة المغرب بالمشرق وأثر الإسلام والعروبة في هذه العلاقة.
بعد ذلك يتحدث عن المغرب الإسلامي وتشكُّل الخصوصية الدينية، وتأثير الأفكار والأهواء السياسية التي عرفها المشرق. ثم انخراط المغاربة في النشاطات الفكرية والسياسية والحركات الاحتجاجية التي تأسست في المشرق (الخوارج، الشيعة)، ثم يتناول الحديث عن المسألة البربرية في بلدان المغرب العربي، ودور الاستعمار الفرنسي في إبراز هذه النزعة. ثم يتحدث عن الوحدة المذهبية واختيار المغاربة للمذهب المالكي.
ثم يتحدث عن الثوابت الحضارية ودورها في تحصين الذات. وكيف استطاع الإسلام أن يكون أداة توعية وتعبئة ضد الاستعمار الغربي. ودور الزوايا والطرق الصوفية في مقاومة الاستعمار؛ ليصل إلى دولة الاستقلال، وإعادة تشكيل مفهوم الهوية في ظل مفهوم الدولة القطرية التي تبنت مشروعاً تحديثياً شديد التماثل مع الغرب، ثم يتحدث عن موقف الغرب من الإسلام، وعداء الصهيونية للعرب والمسلمين، ثم إشكالية الحداثة الغربية في المغرب العربي.