المقصود بالعمليات الاستشهادية في الماضي وصورتها الجديدة في الحاضر:
المقصود بالعمليات الاستشهادية عموماً: تلك الأعمال الجهادية التي يُقدم عليها فاعلها طلباً للشهادة ورغبةً فيها.
وطلب الشهادة والسعي من أجلها أمر مشروع دلَّت عليه الأحاديث الصحيحة والصريحة، وقد أفرد الإمام البخاري باباً جعل عنوانه: [باب تمنِّي الشهادة].
وذكر فيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((والذي نفسي بيده لولا أن رجالاً من المؤمنين لا تطيب أنفسهم أن يتخلَّفوا عني ولا أجد ما أحملهم عليه ما تخلَّفت عن سري تغزو في سبيل الله، والذي نفسي بيده لوددت أني أُقتلُ في سبيل الله ثم أحيا فأُقتلُ ثم أحيا فأُقتلُ)).
وقد أخذ ابن حجر العسقلاني رحمه الله من الحديث أنَّ تمنِّي الشهادة والقصد إليها مُرَغِّبٌ فيه ومطلوب، وذكر أن في الباب أحاديث أخرى صحيحة منها ما روي عن أنس مرفوعاً: (من طلب الشهادة صادقاً أُعطيها ولو لم تصبه) أي أُعطي ثوابها ولو لم يقتل، وهذا الحديث رواه مسلم.
- وأما العمليات الاستشهادية التي نحن بصدد بحثها لبيان حكم الشرع فيها فهي صورة جديدة لمقاومة العدو ومواجهته سمحت بها الوسائل القتالية الحديثة التي لم تكن معروفة من قبل، وتتمثل هذه العمليات بأن يملأ المجاهد حقيبته أو سيارته بالمواد المتفجِّرة أو يلف نفسه بحزام ناسف، مليء بالمواد المتفجِّرة، ثم يقتحم على العدو مكان تجمعهم أو يشاركهم الركوب في وسيلة نقل كبيرة، حافلة (باص) أو طائرة أو قطار ونحو ذلك، أو يتظاهر بالاستسلام لهم حتى إذا كان في جمع منهم ورأى الفرصة مواتية فجَّر ما يحمله من المواد المتفجرة بنفسه وبمن حوله، مما يؤدي إلى قتلٍ وجرحٍ وتدمير في أشخاص العدو وآلاته، وحتماً سيكون منفِّذ العملية من بين القتلى، وذلك لأنه غالباً ما يكون الأقرب إلى المادة المتفجِّرة، وهذه العمليات هي الأشد والأفضل من حيث إيقاع النكاية بالأعداء وإدخال الرُّعب في قلوبهم، وبالنسبة لليهود فإنها توقع مزيد من الخلاف بينهم، وتكون سبباً في رحيل بعض القادمين من يهود العالم للإقامة في فلسطين، ومنع أو - كحدّ أدنى - تقليل أعداد اليهود الذين يوافقون على القدوم إلى فلسطين للإقامة فيها، وذلك عندما يسمعون أنباء هذه العمليات، وقد كان لهذا النوع من العمليات الأثر الأول في إخراج اليهود من لبنان، بعد أن اغتصب أكثره سنة 1982 من قبل كيانهم المصنوع على أرض فلسطين، حيث قامت المقاومة اللبنانية بعدد من العمليات، شعر اليهود من خلالها أن بقاء جنودهم في لبنان يعرِّضهم لخطر القتل بعمليات المقاومة التي كان كثير منها من هذا النوع وهم الذين قال فيهم الحق سبحانه: ، {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النّاسِ عَلَى حَياةٍ} [البقرة: 2/96]، مما اضطرهم إلى الخروج من أكثر لبنان.
وهذا النوع من العمليات، نفَّذه الشباب المسلم المجاهد في السودان في وجه الغزاة الصَّليبيين وعملائهم المتمرِّدين، فرُدّوا بها على أعقابهم خاسئين.
ونفَّذه المجاهدون في الصومال ضدَّ الغزاة الأمريكان ومن معهم من جيوش العدوان - والذين ما جاؤوا رحمة بالصومال وشعبه - فأخرجوهم صاغرين.
ونفَّذته وتنفِّذه الحركات الإسلامية المجاهدة في فلسطين ولبنان، وبخاصة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وحركة الجهاد الإسلامي وحزب الله ضد اليهود المغتصبين، فساموهم بها سوء العذاب وحطَّموا أسطورة الجيش الذي لا يُقهَر، وأدخلوا الرُّعب في قلوب الغاصبين، وينفذه المسلمون المجاهدون في الفلبين ضد الحكم الصليبي الظالم، وينفذه المجاهدون المسلمون في الشيشان ضد الجيش الروسي المستعمر.
والآن وبعد بيان صورة هذه العمليات نأتي إلى النقطة الثانية من التمهيد.
2- ما يترتب على العمليات الاستشهادية بصورتها الحديثة من آثار:
أ- ما يترتب عليها من مصالح:
1- لقد ثبت أنَّ هذه العمليات هي الأكثر نكاية باليهود المغتصبين، والأنجع في إدخال الرُّعب في قلوبهم، فقد نزعت الأمن من صفوفهم حتى في شوارعهم ووسائل نقلهم الداخلية والخارجية وأماكن تجمعاتهم وفي ثكناتهم العسكرية، حتى صار اليهودي في فلسطين يخاف من كل شيء؛ من يهودي لا يعرفه، أو ورقة تطير في الهواء، أو لعبة طفل تلقى في شارع.
2- أنها الأضمن نجاحاً والأقل إخفاقاً بين الوسائل التي استخدمها المقاومون لليهود، حيث لا يُظهر القائم بها أي نوع من السلاح وإنما يبدو بمظهر راكب عادي أو جندي من جنودهم، أمّا ما عدا ذلك من الاقتحامات والكمائن فإنها تواجه أحياناً بأسلحة حديثة ونحوها، وإذا طالت المواجهة قد يؤتى لليهود بالعون والمدد، وقد تستخدم الطائرات، أما في هذه العمليات فإنه لا مجال للعدو في المواجهة، فالأمر لا يزيد على ضغطة على مفتاح أو زر دون أن يشعر أحد بما حصل إلا عند سماع الانفجار وتناثر أشلاء الأعداء.
3- أن هذه الأنواع من العمليات تؤدي إلى شيء من مواجهة اليهود بالمثل في قتلهم المسلمين، فقد كان المسلمون يُقتلون ويُقتلون، فصاروا بذلك (يَقتلون ويُقتلون).
4- أن المقاومة بشكل عام، وهذا النوع من العمليات بشكل خاص، جعل اليهود يحسبون ألف حساب قبل القيام بأية مجزرة أو عملية إبادة ضدّ مدنيي الشعب الفلسطيني - الذي كله مدنيون - حيث أصبحت هذه العمليات هي الرَّد الذي يتوقَّعه اليهود على كل مجزرة يرتكبونها ضدّ العُزّل والمدنيين.
5- أن القائم بهذه العمليات - إذا كان عمله خالصاً لله عزّ وجلّ، قاصداً نكاية بالأعداء وإعلاءً لكلمة الله سبحانه وتعالى، وتوهيناً للمعتدين وإضعافاً لهم، وإدخالاً للسرور وإعادة للعزيمة إلى قلوب المسلمين، وتجرئةً لهم على عدوهم، وقدَّم نفسه على هذا الوجه فإنه يكون بإذن الله عزّ وجلّ - قد أدرك مواقع الشهداء، وفاز بمكانة مرموقة ومقام محمود في عليِّين.
6- أنها تبعث في الأمة روح حبّ الجهاد والاستشهاد، الأمر الذي يخشاه الأعداء ويحرصون كل الحرص على عدم ظهوره في هذه الأمة من جديد.
فهي تبعث في نفوس المجاهدين حمية فداء دينهم وأمتهم اقتداء بإخوانهم الاستشهاديين ومنافسة لهم، ومزاحمة على المراتب العُلى في جنات النعيم التي تنتظر الشهداء. وتبعث في نفوس المتأخرين عن ركب الجهاد من المسلمين حبّ الجهاد مما يدفع كثيراً من الشباب إلى الانخراط في صفوف المجاهدين والعاملين على إحياء هذه الأمة وخلاصها.
7- أنها تدفع كثيراً من غير المسلمين في العالم للتعرف على عقيدة الإسلام التي يضحي حملتها بأغلى ما يملكون في سبيل الحفاظ عليها، وأنها سبب في تعرُّف كثير من الناس على حقيقة القضية التي يحملها الاستشهاديون على حقيقتها لا وفقاً لما تبثه كثير من وسائل الإعلام المضلِّلة.
ب- ما يظهر أنه مفسدة أو ما أشكل في أذهان بعض الناس حول هذه العمليات من الناحية الشرعية:
أشكل في أذهان بعض الناس حول هذه العمليات من الناحية الشرعية أمران:
الأمر الأول: أن القائم بها يُقْتَل بيد نفسه لا بيد عدُوّه، مما يجعل هذه العمليات تشبه الانتحار.
الأمر الثاني: أنه قد يقتل بها من الأعداء بعضُ من لا يجوز قصده بالقتل في الإسلام - المدنيّون - مثل الأطفال والنساء.. إلخ، الأمر الذي يجعلها مخالفة لأحكام الشرع من حيث عدم التزام قوانين القتال في الإسلام.
أمثلة على فعالية العمليات الاستشهادية
1- العملية: تدمير مقرّ الحاكمية العسكرية في صور.
- التاريخ: 11/11/1982.
النتائج: انهيار مبنى الحاكمية المؤلف من ثمانية طوابق وتدميره بشكل كامل، وهو يضم: مكتب الحاكم العسكري ومساعديه وقيادة الشرطة العسكرية وحرس الحدود وقيادة سلاح الإشارة وقيادة سلاح الهندسة وقيادة قوات المظليين وقوات (غولاني) الخاصة ذات التدريب الفائق.
- الخسائر البشرية: 400قتيل منهم أكثر من عشرين ضابطاً.
- آثار العملية: إرباك هائل وتحطيم معنويات المحتلِّين وزعزعة استقرارهم الأمني.
- سَبَق العملية: تعنُّت وغطرسة صهيونية لا مثيل لهما، وإطلاق النار على المعتقلين في معسكر أنصار قبل أربعة أيام بعد اجتياح الكيان الصهيوني جنوب لبنان.
2- العملية: تدمير السفارة الأميركية في بيروت.
- التاريخ: 18 نيسان 1983.
- النتائج: تفجير مبنى السفارة المكون من ثمانية طوابق ومجزرة لعناصر المخابرات الأميركية.
- الخسائر البشرية: 57 قتيلاً، 100 جريح، ومن القتلى الخبير الأول بالشؤون الفلسطينية واللبنانية في المخابرات الأميركية، وقتل معه معاونوه الثلاثة.
- آثار العملية: حرق بعض أوراق الضغط الأميركي، وإرباك أمني.
- سَبَق العملية: ضغوط أميركية سياسية في المنطقة، والسكوت عن مجازر صبرا وشاتيلا قبل سبعة أشهر.
3- العملية: تدمير مقر قيادة القوات الأميركية (المارينز) في بيروت.
- التاريخ: 23/10/1983.
- النتائج: انهيار المبنى بشكل كامل (أربعة طوابق).
- الخسائر البشرية: 219 قتيلاً من أفضل القوات تدريباً، 75 جريحاً، أكثر من عشرين مفقوداً.
- آثار العملية: ذهول. انسحاب القوات الأميركية من لبنان وكف يدها، رفع معنويات المقاومة.
- سَبَق العملية: قصف القوات السورية في تلال بيروت ومحاولة السيطرة العسكرية على لبنان.
4- العملية: تدمير مقر قيادة القوات الفرنسية في بيروت.
- التاريخ: 23/10/1983.
- النتائج: الدمار التام للمبنى المؤلف من تسعة طوابق.
- الخسائر البشرية: 47 قتيلاً من القوات الفرنسية، جرح 16 جندياً، 11 مفقوداً.
- آثار العملية: ذهول، انسحاب القوات الفرنسية من لبنان وكفِّ يدها، رفع معنويات المقاومة.
- سَبَق العملية: قصف جوي لمواقع سورية، ومحاولة بسط سيطرة عسكرية.
5- العملية: تفجير السوق التجاري في القدس الغربية (من معاقل حركة كاخ الإرهابية الصهيونية) بتاريخ 31/7/1997.
- النتائج: تناثر أشلاء الصهاينة على الشرفات وأسلاك الهاتف، أضرار بالغة لحقت بـ(60) محلاً.
- آثار العملية: إحباط جهود الطوق الأمني الصهيوني، ونكسة لأجهزة الاستخبارات الصهيونية، رعب وذعر شديدان في أوساط المتطرفين الصهاينة، ورفع معنويات الشعب الفلسطيني.
- الخسائر البشرية: 13 قتيلاً وأكثر من 160 جريحاً.
- سَبَق العملية: إنذار من حركة حماس لإطلاق سراح بعض المساجين، تبجح الكيان الصهيوني ورئيس وزرائه (نتنياهو) بأنه أوقف أعمال المقاومة وحقق الأمن لليهود المغتصبين.
6- عمليات الرّد على اغتيال (يحيى عياش) وذلك في شهري شباط وآذار من عام 1996 (خمس عمليات خلال أقل من عشرين يوماً).
- النتائج: قتل أكثر من 60 صهيونياً معتدياً ومئات الجرحى وأضرار مادية.
- سَبَق العملية: اغتيال المهندس (يحيى عياش) قائد كتائب عز الدين القسّام، وقبله الدكتور (فتحي الشقاقي) أمين عام حركة الجهاد الإسلامي، ضرب البُنى التحتية لحركتي حماس والجهاد الإسلامي.
- آثار العملية: دخول الرعب في قلوب اليهود المغتصبين، إطلاق سراح الدكتور (موسى أبو مرزوق) رئيس المكتب السياسي السابق لحماس من سجون أمريكة بعد أن رفض الكيان الصهيوني استلامه، وعلل (نتنياهو) ذلك بأنه يخشى إن استلمه وقوع أعمال انتحارية (أي استشهادية) كالتي وقعت بعد اغتيال الشهيد (يحيى عياش)، المطالبة داخل الكيان الصهيوني بإطلاق سراح الشيخ المجاهد أحمد ياسين، وذلك خوفاً من آثار موته في السجن.
7- العمليات الاستشهادية التي نفذها المجاهدون في السودان، ضد الجيوش الصليبية الغازية الأوغندية والأثيوبية والعملاء المتمردين على السلطة.
- سبق هذه العملية: هجمة شرسة من القوات الأوغندية والأثيوبية والعملاء المتمردين مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول الغرب بقصد احتلال أرض السودان وتقسيمها إلى دويلات.. وقد تمكن المهاجمون من اغتصاب بعض المدن والمناطق والاستيلاء عليها.
- النتائج: دحر القوات الغازية وهزيمتها وتكبيدها خسائر كبيرة جداً في الأرواح والمعدات العسكرية، حيث كان الشباب المجاهد يملؤون أجسادهم بالمتفجرات ويجابهون بها الدبابات الغازية، الأمر الذي أدى إلى انسحابها من المناطق التي استولت عليها، واستسلام كثيرٍ من المتمردين وخضوع الباقين للتفاوض بعد أن كانوا له رافضين.
8- عملية المجاهد عز الدين المصري (23 عاماً) من كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس والتي وقعت في أحد مطاعم القدس الغربية إذ قتل أكثر من 19 مغتصباً وجرح أكثر من مئة، وذلك بتاريخ 9/8/2002م وكان من نتائج هذه العملية انهيار عام في صفوف المستوطنين إضافة إلى ازدياد الانتقاد لحكومة شارون بسبب فشلها في توفير الأمن للمغتصبين اليهود.
9- العملية الثلاثية التي وقعت على التوالي في القدس الغربية فأدت إلى قتل أكثر من خمسة عشر يهودياً (15) وجرح أكثر من 180 آخرين واستشهاد منفذيها اللذان زرعا قنبلة ثالثة ووقتاها لتنفجر بعد استشهادهما بدقائق، وقد هزت هذه العملية التي نفذتها كتائب القسام الكيان الغاصب بأكمله ورفعت معنويات الشعب الفلسطيني وهزئت بالأمن الصهيوني الذي كان في تلك الفترة في أعلى الاستعداد والحيطة، وذلك بتاريخ 2/12/2002م.
10- عملية حيفا - طريق مجدو: نفذ العملية المجاهد حمزة عارف السمودي (18 عاماً) من سرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الإسلامي وقد أدت هذه العملية إلى قتل أكثر من 18 يهودياً - بعدد سنوات عمره - وجرح أكثر من ثلاثين، وأدت إلى إدخال الرعب إلى صفوف الكيان الصهيوني والتأكيد على أنه لا يوجد مكان آمن من ضربات المجاهدين الانتقامية لوجود الاحتلال.
11- عمليات الرد على استشهاد محمود أبو هنود: ففي يومين متتاليين بعد أقل من 10 أيام من استشهاده وفي ذكرى معركة بدر 17 رمضان 1422هـ، نفذت أربع عمليات ثلاثة منها استشهادية، قتل فيها أكثر من 40 صهيونياً غازياً مغتصباً ومئات الجرحى وأضرار مادية جسيمة، وقد سبق العملية اغتيال المجاهد محمود أبو هنود وأخويه أيمن ومأمون حشايكة من كتائب القسام.
- آثار العملية: حطمت أسطورة الأمن الصهيوني إذ وقعت هذه العمليات المتتالية في أجواء شديدة من الحصار الذي فرضه الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني بكامله وكانت يقظه العدو في أوجها، وأكدت هذه العمليات للشارع العربي والإسلامي إمكانية تكافؤ الرعب بعد أن كان الناس يتحدثون عن صعوبة الرد في مثل هذه الظروف.
12- عملية المجاهد عبد السلام صادق حسونة (27 عاماً) من بيت إمرين نابلس من كتائب شهداء الأقصى في مدينة الخضيرة المحتلة عام 1948م.
- نتائج العملية: مقتل 6 من الصهاينة الغاصبين وجرح أكثر من أربعين.
- آثار العملية: إثارة الرعب وخيبة أمل الشارع الصهيوني في الأمن مع وجوده محتلاً لبلاد المسلمين، إضافة أنها كانت واحدة من أهم العمليات التي عبرت للكيان الغاصب عن مدى التحام الشعب الفلسطيني حول المقاومة، إذ أن كتائب شهداء الأقصى تابعة لحركة فتح التي سلكت طريق السلام أو التفاوض مدة من الزمن، فكانت هذه العمليات إعلان من قسم كبير من هذه الحركة - لاسيما كتائب الأقصى عن قناعتهم التامة بعدم جدوى التفاوض مع هذا العدو المجرم.
13- وفي 27/3/2002 فجر المجاهد عبد الباسط عودة من كتائب القسام نفسه في فندق صهيوني في مدينة نتانيا شمال فلسطين المغتصبة عام 1948م مما أسفر عن مقتل أكثر من عشرين صهيونياً مغتصباً وجرح أكثر من 120 آخرين، وقد كان هذا المجاهد يتخفى بزي يهودي وكانت طائرات الأباتشي الصهيونية تبحث عنه بهدف قتله بعد أن وصفته صحف عبرية بأنه مشروع تفجير.. فكانت هذه العملية إضافة لما حققته من رفع معنويات الشعب المجاهد تدميراً لنظرية الأمن الصهيوني بعد أن تجاوز هذا المجاهد عدداً كبيراً من الحواجز إلى هدفه.
14- عملية مفرق قرقور الخضيرة: إذ تمكن المجاهدان محمود فوزي حسنين وأشرف صلاح الأسمر من سرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الإسلامي من تنفيذ عملية استشهادية من خلال سيارة مفخخة أدت إلى مقتل أكثر من 16 صهيونياً وجرح أكثر من 50 آخرين منهم عدّت جراحهم خطيرة وذلك بتاريخ 21/10/2002م.
وكان من نتائج هذه العملية ازدياد الثقة داخل الشعب الفلسطيني بالقدرة على الاستمرار في المقاومة إذ أنها وقعت في أعقاب ضربات قاسية للمقاومة واعتقالات واسعة ظن العدو أنه تمكن من الحد من قدرة المجاهدين على المقاومة لاسيما العمليات الاستشهادية.
15- وفي 9/3/2002م تمكن المجاهد إسماعيل الحوراني من مخيم العروب من الخليل أحد مجاهدي كتائب الشهيد عز الدين القسام من الوصول إلى مطعم بالقدس الغربية يقع على بعد 50 متراً فقط عن منزل رئيس وزراء الكيان الغاصب المجرم أرييل شارون وقريباً من هذه المسافة عن بيت المجرم نيتنياهو مما أثار الذعر في صفوف قادة الكيان، وقتل في هذه العملية أكثر من 11 يهودياً مغتصباً وجرح أكثر من أربعين آخرين أكثر من عشرة منهم جراحهم خطيرة.
16- عملية أم الفحم: التي نفذها المجاهد الشهيد رأفت أبو دياك بحزامه الناسف في حافلة للكيان الصهيوني الغاصب على مفرق أم الفحم فتمكن من قتل أكثر من عشرة من الصهاينة وإصابة أكثر من ثلاثين جراح سبعة منهم خطيرة.. وذلك بتاريخ 20/3/2002م وقد جن جنون شارون الذي حسب أنه بعدوانه على الضفة الغربية وإعادة احتلالها قد أنهى مقاومة الشعب الفلسطيني.
هذه بعض الأمثلة على نتائج العمليات الاستشهادية وهناك أمثلة أخرى كثيرة لا مجال لحصرها.
وكما أن الحرب والقتال والجهاد تتطور أساليبه وفنونه في الأزمان والأماكن، وأن الأعداء يتفننون بالاحتياطات والكيد والتآمر، فإن وجوه المقاومة يجب أن تتطور وأن تتناسب لتحقيق الغاية والهدف لتحرير البلاد المغتصبة، والديار المدنسة والأراضي المقدسة، من الأعداء والأشرار، وعصابات الغدر والحقد على الإنسانية والبشرية أجمع، وخاصة ما ابتليت به البشرية عامة والمسلمون خاصة من مكر اليهود وحقدهم واغتصابهم لفلسطين وما يلاقونه من دعم مادي ومعنوي من أشرار العالم. وهنا تسمو العمليات الاستشهادية لتكون في القمة وتحرك الأرض تحت أقدام العدو، وتزرع الخوف والاضطراب في صفوف أعوانه ونفوس أزلامه..
أ.د.محمد الزحيلي
وينبغي أن يعرف الجميع أننا ندين ترويع الأبرياء والآمنين مهما كانت دياناتهم وشعوبهم.. وندين كل عمل يقتل الأبرياء ويهدد استقرار الناس، وينسف طمأنينتهم، فإن الإسلام علمنا العدل حتى مع العدو اللدود... ولكننا لا نشعر بالحرج أبداً، بل نعلن للعالم كله أننا سنقتحم بوابات الموت دفاعاً عن عقيدتنا وديننا وإسلامنا وبلادنا وأهلنا وأعراضنا وأموالنا، وأن كل جيش واحتلال في بلادنا يجب أن يدمر، وبكل وأية طريقة، وقال الله تعالى: (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير) الحج 39. وإن ضريبة الحرية مهما كانت غالية فإن ضريبة الذل أفدح بكثير
الشيخ أحمد بن معاذ الخطيب
يوضح المقصود بالعمليات الاستشهادية قديماً وحديثاً، ويبحث في أشكالها القائل بشبهها بالانتحار، ويبين أقوال العلماء في الاقتحام على الأعداء اقتحاماً لا ترجى معه النجاة، ومشاركة العمليات للانتحار والاستشهاد ورأي الباحث فيها بمشروعيتها وفي ضوابط وشروط، ويدرس الأشكال القائل أنه يقتل بها المدنيين