علماء زهدوا في الشهرة
الكتاب يحتوي على نماذج رفيعة من علماء الأمة زهدوا في الشهرة منهم: المفسر والمقرئ، والمحدث، والفقيه، والأديب، والداعي إلى الله تعالى... وهم ممن عرف فضلهم، واشتهر علمهم ودينهم، وكانت الشهرة تتبعهم على غير رضاهم.
وإن ما نقل عن علماء السلف الصالح في تجنبهم للشهرة، والبعد عن الأضواء، واختيارهم العمل في الظل، ما يدعو إلى الإعجاب؛ فمنهم من جعل حب الشهرة من علامات عدم الصدق مع الله تعالى، ومنهم من كان يعد الشهرة ابتلاءً وذنباً من الذنوب، ومنهم من كان ينصح تلاميذه في البعد عن الشهرة، ومنهم من كان لايدع من يمشي خلفه كراهة الشهرة، ومنهم من كان يستصغر نفسه مخافة الشهرة، ومنهم من كان لا يتصدر المجالس زهدا في الشهرة...
كما كانوا رضي الله عنهم يحرصون على كتم طاعاتهم، والتستر على صالح أعمالهم، ولا يحبون أن يطلع عليها أحد، حتى قيل في بعضهم: ((لو جعلت له الدنيا على أن يفعله وأحد يراه ما فعله)).
وقد روي عنهم في ذلك الشيء الكثير من التهجد وقيام الليل، والإكثار من ذكر الله تعالى، والإنفاق سراً، وإخفاء أنفسهم في الجهاد في سبيل الله...
على أن كثيراً من العلماء خصّوا أفضلية الإخفاء بالنوافل دون الفرائض، وما عدا بعض أولئك الذين يقتدى وتيأسى بهم ويكون لأفعالهم تأثير في النفوس.
والعلماء الذين زهدوا في الشهرة لم يكونوا يدعون إلى الانطوائية والعزلة، بل كان لهم آثار طيبة في دعوة المجتمع وتوجيهه وإصلاحه.
فالاطلاع على هذه النماذج الرفيعة من علماء الأمة، أكبر مؤثر في النفس، وأقوى عامل من عوامل التربية، وتقويم الأخلاق، والتسامي إلى معالي الأمور، وهي تقدم لأبناء جيلنا المعاصر صورة مشرقة عن سيرة علمائنا وإخلاصهم في العلم والعمل.