يقدّم هذا الكتاب مجموعة من المحطات التاريخية الحضارية المجهضة بفعل الظروف التي أحاطت بكل واحدة منها، يهدف من وراء ذلك إلى بسط هذه التجارب بكل ما اكتنفها من آمال وأحاط بها من إحباطات لاستخلاص الدروس التي تجنب الإحباط والإجهاض للمستقبل.
جعل المؤلف كتابه في خمس محطات، كل محطة يمثلها عَلَمٌ بارز من أعلام هذه الأمة المعاصرين؛ المحطة الأولى: مرحلة ما قبل الغزو الأوربي، وهي مرحلة النـزاع ما بين العثمانيين والمماليك، ويمثلها السيد عمر مكرم، الذي حاول إذكاء الفاعلية الجماعية، ولكنه أخفق. المحطة الثانية: مرحلة الاحتلال الأجنبي، ويمثّلها عبد الله النديم، الذي حاول جاهداً أن يعيد العلاقة العضوية العميقة بين المثقف وثقافة شعبه.. فأُحبط مشروعه. المحطة الثالثة: مرحلة النضال ضد الاحتلال، ويمثلها مصطفى كامل، ومحمد فريد، اللذان حاولا جاهدين تمتين العلاقة بين المستوى السياسي والمستويات الأخرى في المجتمع، فما نجحت جهودهما. المحطة الرابعة: وهي المرحلة التي كانت تبشر ببعث حركة اجتماعية نهضوية، ويمثّلها حسن البنا. إلا أنها أخفقت وانحرفت نحو الإفراط في التسييس. المحطة الخامسة: ترصد النضال في مكان آخر من أرض العروبة، أرض المغرب الأقصى، ومثلها المجاهد الأمير عبد الكريم الخطابي الذي حاول الدمج بين مقاومة الاستعمار والنهوض بالعلاقات الاجتماعية الداخلية.. ولكنه سقط في ساح الشرف شهيداً بفعل استفراد قوى الشر به.
خلص المؤلف من الوقوف أمام هذه المحطات إلى أن المقاومة لن تفلح إلا إذا ارتكزت على نهضة حضارية شاملة، تتعدى القطرية إلى الوطن العربي الكبير، الذي يهبُّ للنصرة، ويحول دون استفراد قوى الشر بالمقاومة والمقاومين.