مقدمة
إن تنوع مصادر المعرفة والتثقيف ومذاهب التربية ونظرياتها في العصر الحاضر، وتوفر الملهيات ووسائل التسلية والإمتاع؛ كالإنترنت والحاسوب والقنوات الفضائية والجوالات المتطورة التي تسبي ألباب الطلاب والطالبات في جميع مراحلهم الدراسية، وتستحوذ على جزء كبير من أوقاتهم واهتماماتهم زاد من التحديات التي تواجه المعلم في إيصال رسالته إلى أبنائه الطلاب، وجذب انتباههم، والتأثير فيهم وإقناعهم، وجعله أمام مسؤولية كبيرة.
ولا يخفى على أحد أن القنوات الفضائية وأجهزة الحاسوب وغيرها وسَّعت مدارِكَ الطلاب، ونمَّت مهاراتهم، وأغنَت ثقافتهم، ولكنها جعلت عتبةَ المطالب الفنية عندهم مرتفعة؛ بمعنى أنهم باتوا يقارنون بين جاذبيَّة التلفاز والإنترنت والجوالات المحمولة، وغيرها مثل: ( black berry- ipad- iphone- ) وبين البيئة الصفية التي يقضون معظم أوقاتهم فيها. وهنا يكمن التحدي الكبير بالنسبة للمعلمين، وما عليهم- أعني المعلمين- إلا أن يواجهوا التقنية بالتقنية من خلال المهارات العالية التي يمتلكونَها في استخدام الحاسوب والإنترنت فضلاً عن العمل الدؤوب والحثيث من أجل اكتساب مهارات التأثير والإقناع وفنون الاتصال وبرامج تطوير الذات التي سنأتي على ذكرها لاحقاً؛ ليحققوا التفاعل المأمول مع الطلاب، وليجعلوا البيئة الصفية بيئة محببة وجاذبة، من أجل النجاح في مهمتهم، وتحقيق آمال أمتهم المنشودة.
ولكي يبلغَ المعلمُ درجةَ التأثيرِ في الطلاب، وإقناعِهم لا بدَّ أن يكونَ قد تم إعدادُه وبناؤه من الناحية الدينية والمعرفية والأخلاقية والفنية والمهنية وبطريقة فيها الكثير من التجديد والتحول والتغير؛ لأن إعداد المعلم وبناءه يمثلان العامل الحيوي والرئيس والحاسم في العملية التعليمية في ظل عالم متغير يشهد طوفاناً معرفياً وتقنياً هائلاً.
"إن التأكيد على أهمية المدرس كعامل رئيس في العملية التعليمية أمر بدهي، وذلك لأن التدريس يتضمن نقل المعلومات والمهارات العلمية والعملية إلى الأفراد الآخرين، كما أنه يتضمن بالضرورة نقل المفاهيم والاتجاهات وأنواع السلوك وطريقة التفكير وأسلوب الحياة أو فلسفتها التي قد يؤمن بها المدرس"[(56)].
ومن الجدير بالذكر أن مصادر التربية والتوعية في الماضي كانت محصورة في الوالدين والأعمام والجيران وأئمة المساجد والمعلمين، أما في الوقت الحاضر فقد حلَّ أشخاص جديدون على حياة أبنائنا الطلاب؛ أشخاص يأتون من أماكن غير معروفة، لا نعرف اتجاهاتهم، ولا نعرف أمكنتهم، يظهرون علينا عبر الفيس بوك [facebook] حيناً وعبر التويتر [twitter] حيناً آخر، وعن طريق الشابكة [Internet] مرة ثالثة.
ولا ننسَ جاذبية (آي باد) [ipad] وسحر (الأبل ستور) [Appstore] و(آي بود) [ipod games] و(بي إ س بي) [BsB] و(آي فون) [iphone] و(سوني 2) [Sony2] وغيرها من المغريات الإلكترونية التي يقضي أبناؤُنا الساعات الطويلة معها وهم غارقون في سحرها مستمتعون في التعامل معها.
وهؤلاء الأشخاص الجدد يؤثرون في تفكير أبنائنا الطلاب واتجاهاتهم وميولهم وقيمهم تأثيراً كبيراً مما يزيد من صعوبة مهمة المعلمين والوالدين.
ومن غير المناسب أن يلقيَ المعلمونَ باللائمة على الطلاب، ويصفوهم باللامبالاة، وعدم الاكتراث بالدراسة، ذلك لأن الطلاب - بصورة عامة- مرآة تعكس الواقع المعيش، وثمرة من ثمار فكر المجتمع، ويقع على المعلمين العبء الأكبر في تصحيح مسار الطلاب، وينجحُ المعلمون في ذلك عندما يكونون مؤثرين، ويمتلكون فنون الإقناع المناسبة، كما يتحمل المجتمع والإعلام والوالدين باقي المسؤولية في تصحيح مسار الطلاب من خلال التربية الرشيدة والتوعية المدروسة والتنمية الفكرية والتوجيه الهادف.
وعلى ضوء ما تقدم ذكره نخلص إلى القول: إن على المعلمين أن يطوروا أدواتهم، ويحدثوا معارفهم، ويبذلوا جهوداً أكبر ليكونوا مؤثرين في الطلاب، وليتفوقوا على منافسيهم التقنيِّين؛ الذين يمتلكون جاذبية كبيرة تأسر القلوب، وتمتع النفوس، وتنشط الأذهان.
ولا بدَّ من الإشارة إلى أنَ التدريب أصبح أحد أهم الوسائل التي تمكن المعلم من تطوير أدواته في مجال تخصصه، وتنظيم معارفه، وزيادة خبرته الفنية التي تساعده على توظيف معلوماته توظيفاً صحيحاً ومؤثراً في نفوس المتلقين. كما أنَّ التدريب يعطي المعلم فرصةً كبيرة للتفكير خارج الصندوق، والإتيان بحلول وطرق إبداعية تخدم الموقف التعليمي وذلك من خلال الإفادة من خبرة المدرب والزملاء المتدربين.
كما أنَّ التدريب يساعدُ على ردم الفجوة بين المعلم وبين ما هو مطلوب منه، وما ينتظر أن يقدمه.
ولرسالة التعليم قداسة كبيرة وأهمية عظيمة؛ إذ يكفي المعلم فخراً أنه ناقل للمعرفة، وأنه ينير الطريق أمام الأجيال، ويعلمهم أساسيات المعرفة في جميع المواد، ويحثهم على التحلي بمكارم الأخلاق، ويغرس في نفوسهم المعاني الخيرة والقيم النبيلة، ورحم الله الشاعر الذي قال:
ومعلم وكفى بكل معلم
شرفاً وقد بعث النبي معلما
وقال الفيلسوفُ الصيني كونفوشيوس: "إذا كانت خطتك لمدة عام فازرع أرزا، وإن كانت خطتك لمدة عشرة أعوام فازرع شجراً، وإذا كانت خطتك لمئة عام فعليك بتعليم الأطفال"[(57)].
وقال فيلوكسن أليستيري: "إن معلمينا هم الذين يعطوننا الطريقة كيف نحيا حياة صالحة"[(58)].
وختاماً فإنني أضع بين أيديكم أيها المعلمون والمعلمات، أيها الآباء والأمهات هذا الكتاب الذي إنما هو محاولة مني ورغبة في تقديم بعض خبراتي المتواضعة وقراءاتي في هذا المجال لكم، متمنياً أن تفيدوا منه، وتجدوا فيه الجديد والمفيد الذي يعينكم على تبليغ رسالتكم السامية لأبنائكم بيسر وسهولة وبطريقة مؤثرة، ليتمكنوا من تحقيق أهداف أمتهم والارتقاء بها إلى ذرا العلياء والعطاء.
يقول د. يس قنديل: " وتهدف العملية التعليمية إلى تحقيق أهداف كبرى، تعكس آمال المجتمع وطموحاته في تنشئة أفراده، ويجب أن تكون هذه الأهداف معلومة لدى كل معلم، حتى يمكنه العمل في ضوء هذه الأهداف، وحتى يمكنه الاهتداء بها في رسم خططه التدريسية طويلة المدى، وفي تحقيق الترابط بين أهداف المواقف التدريسية المختلفة بشكل يسمح بنسج شبكة من العلاقات بين تلك الأهداف، ومن ثم يسمح بربطها بين أهداف تعليمية بعيدة المدى، مما يساعده في تحقيق مخرجات تعليمية تعكس تلك الأهداف"[(59)].
يحتوي الكتاب على خمسة فصول: الفصل الأول منه يتناول مفهوم التأثير ومهاراته المكتسبة، والفصل الثاني يتناول عناصر التأثير وأنواعه ومجالاته وضوابطه، والفصل الثالث يتناول مهارات الإقناع، والفصل الرابع يتحدث عن دور التقنية الحديثة والمناهج في عملية التأثير في الطلاب، والفصل الخامس يتناول دور التأثير والإقناع عند المعلمين في اكتشاف المواهب وتنميتها، وسيتم تحويل الكتاب إلى حقيبة تدريبية لتعم الفائدة أكبر عدد من المعلمين.
بقلم: - بدر/ أبو تميم - الرياض: 1431هـ/2011م - badrhussain@hotmail.com
كيف توصل الأفكار والمعلومات للطلاب بيسر وسهولة؟ ماذا تفعل لتخلق جواً إيجابياً في المدرسة؟ هل العملية التعليمية محببة وخلابة؟
لقد تطورت وسائل الاتصال، وطورت معها فن التواصل والتأثير والإقناع، ووُضعت برامج تدريب على تطوير الذات، ليتحقق التفاعل الأمثل بين المتلقي والمحاضر.
أصبح ضرورياً على المعلم أن يتقن مهارات الحاسوب والإنترنت، وأن يتعرف البرامج التعليمية وتقنيات التواصل الاجتماعي والجوال والكتاب الإلكتروني، فهذه كلها وسائل منافسة في عملية التعليم. ومع هذا يبقى المعلم (الأستاذ) القدير أفضل وأوثق وسيلة للتعلم.
هذا الكتاب يساعد كل مُعلم يريد أن يطور إمكاناته وقدراته الشخصية ليرتقي بالعملية التعليمية إلى المستوى الرفيع .
يتناول هذا الكتاب مهارات التأثير والإقناع، التي يحتاج إليها المعلمون، تناولاً موجزاً، ويبين دورها الكبير في الارتقاء بمستوى المعلمين من الناحية الفنية والعملية، ومن ثم مساعدتهم على جذب انتباه طلابهم، والتأثير فيهم، وإيصال رسائلهم لهم بيسر وسهولة، وبطريقة مشوقة في وقت يتمتع فيه الطلاب بجميع أدوات التسلية والإمتاع والترفيه كالتلفاز والإنترنت والألعاب الإلكترونية وغيرها.
كما يتناولُ الكتابُ أهميةَ التدريب الذي باتَ يُعرَفُ بمهارة العصر، ويعدُّه وسيلةً لردم الفجوة بين خبرة المعلم النظرية وبين الواقع العملي الذي يشهد تطورات كبيرة على الساحة التربوية والتعليمية، فضلاً عن دوره الكبير (أعني التدريب) في إكساب المعلم أدوات التميز والتأثير في الطلاب.
ويبرز الكتاب أهمية التقنية، ودورها الحيوي في مساعدة المعلم على مواكبة تطورات العصر من جهة، وشد انتباه الطلاب، وإمتاعهم، والتأثير فيهم من جهة أخرى، فضلاً عن تبصير المعلم بالطرق المثلى لاستخدام التقنية استخداماً نافعاً، وتوظيفها بطريقة منظمة ومدروسة من شأنها أن تثمر نتائج جيدة.
ويؤكد الكاتب أن التقنية رديف للمعلم وعامل مساعد له، وليست بديلاً عنه.
و يدعو الكاتب المعلمين إلى أن يواجهوا التقنية بالتقنية من خلال امتلاك المهارات العالية في استخدام الحاسوب والإنترنت فضلاً عن العمل الدؤوب والحثيث من أجل اكتساب مهارات وفنون الاتصال وبرامج تطوير الذات؛ ليحققوا التفاعل المأمول مع الطلاب، وليجعلوا البيئة الصفية بيئة محببة وجاذبة، لينجحوا في مهمتهم، ويحققوا آمال أمتهم المنشودة.
ويحث الكاتب المعلمين على غرس القيم الفاضلة والمعاني الخيرة في نفوس الطلاب؛ خاصة أن الضمير الحي والوازع الأخلاقي وجوهر الشخصية تتشكل وتتضح عند الطلاب في فترة تعلمهم في المدرسة.
كما يوجه الكاتب المعلمين لسبر أغوار المناهج التي يدرِّسونَها، وإعداد الوسائل التي تساعدهم على إيصال محتوى المناهج إلى الطلاب بطريقة سهلة ومحببة وكفيلة بانتقال الأثر.
وفي الختام يحث الكاتب المعلمين على اكتشاف الموهوبين، والعمل بمهنية من أجل تنمية مواهبهم وتشجيعهم لأنهم ثروة وطنية وإنسانية كبيرة ينبغي الاهتمام، بها واستثمارها بالطريقة الأمثل، ويحث المعلمين على تعليم الطلاب بشكل عام، والموهوبين خصوصاً كيفية التعلُّم، والبعد عن الإجراءات النمطية التي تجلب لهم الملل، وتحبطهم لأن معظم طلاب اليوم، والموهوبين منهم بشكل خاص قادرون على قفز وتجاوز عدد من الخطوات المنطقية، التي يتبعها المعلمون في شرح الدروس، والوصول إلى النتيجة أو الفكرة بسرعة.