يقدم هذا الكتاب تفسيراً جديداً للعقل كظاهرة انبثاقية، نشأت من وجود خمس خصائص بشرية لا توجد إلا في الإنسان، وتميزه من سائر الحيوان، وهي: 1-النمو الاستثنائي للقشرة الحديثــــــة للدماغ البشـــــــــري. 2-البنية الفراغية ثلاثية الأبعاد للحَنجرة، وللثنيتين الصوتيتين. 3-تقابلية ابهام اليد مع الأصابع الأخرى. 4-انتصاب القامة. 5-القانون الأخلاقي.
وبعد أن يدرس المؤلف تنامي الدماغ البشري، وبنية القشرة الحديثة، وآلية النقل العصبي، يوضح لماذا يتألف هذا الدماغ نسيجياً من مئة مليار خلية فقط؛ أي أقل بعشرين مرة فيما لو نُسب وزنه إلى وزن جسم الإنسان، وعدد خلايا هذا الجسم (مئة ألف مليار خلية). ويُبَيِّنُ أنَّ سبب ذلك يرجع إلى كثرة المشابك العصبية (مليون مليار مِشبك)، وإلى غزارة الوصلات العصبية (مئة مليون مليار وصلة)، التي تعمل كدارات الحاسوب، وذلك على حساب عدد الخلايا. ويوضح المؤلف أنَّ العقل وُهب إلى الإنسان هبة من خالقه، ولم يصل إليه بالانتقاء الجيني (الانتقاء الطبيعي)، كما تعتقد الداروينية. ويؤكد المؤلف، بناءً على المعطيات الحديثة للأحفوريات البشرية (انظر كتابٌ "أصل الإنسان"، دار الفكر، للمؤلف)، أن الخط التطوري للإنسان مستقل تماماً، منذ ستة ملايين عام، عن الخط التطوري للقردة الحالية. ويبين، خلافاً لما أكده "داروين"، أنَّ الإنسان ليس مجرد قرد ذي دماغ ضخم.
يناقش الكتاب فرضية أن العقل البشري أو الاستعراف موجود في الكائنات الأخرى، التي سبقت الإنسان في الظهور، وان الانتقاء الطبيعي جعل هذا العقل في الإنسان ـ أكثر تطورا, فأضحى إنسانا فطنا حاد الذهن، نافذ البصيرة. ويؤكد أن العقل، أو ملكة الاستعراف، لم تصل إلى الإنسان بوساطة الانتقاء الطبيعي، ذلك أن العقل غير موجود في غير الإنسان، لقد وهب للإنسان من خالقه هبة تميزه من سائر الحيوان ، كما وهب معه قانونه الأخلاقي.
ويؤكد المؤلف، بناءً على المعطيات الحديثة للأحفوريات البشرية ، أن الخط التطوري للإنسان مستقل تماماً، منذ ستة ملايين عام، عن الخط