تخطي إلى المحتوى

الفكر والنهوض

20% خصم 20% خصم
السعر الأصلي $21.50
السعر الأصلي $21.50 - السعر الأصلي $21.50
السعر الأصلي $21.50
السعر الحالي $17.20
$17.20 - $17.20
السعر الحالي $17.20
نجحت الأنظمة العربية في اقتباس آخر التطورات المعرفية والعلمية؛ لكن المجتمعات العربية عجزت عن الإسهام في أي نمو معرفي واقتصادي إنساني، وما يزال الواقع العربي يزداد تأزماً وتفككاً، على الرغم من الجهود النهضوية التي بذلتها النخب الثقافية والسياسية، خلال القرنين الماضيين. لا شك أن النهوض غاية إنسانية، تتعلق بتحقيق حاجات الإنسان المعرفية والعضوية والنفسية.. وتتجلى من خلال التنافس بين الأفراد والجماعات والشعوب، لتحويل النوازع والرغبات والأفكار إلى أفعال وعلاقات؛ تحقق الإرادة المشتركة، وتبرز مكونات المجتمع.. فالنهوض عمل اجتماعي وسياسي واقتصادي، يعتمد على الفكر والمعرفة والعلم لتوجيه المجتمع وتحفيزه، من أجل تحقيق أهداف الحياة العليا، وبناء الحضارة. ومن هنا تقوم ضرورة لمعرفة أنساق الفكر التي تؤسس لعملية النهوض. هذا الكتاب يتناول- في سبيل الوصول إلى غايته- الفكر الإسلامي من وجهات نظر المعتزلة والشيعة وأهل السنة والأشاعرة والفلاسفة والآخذين بالعقل التجريبي وعلوم الاجتماع، وأخيراً الحداثيين. البحث يلخص جهوداً مضنية طويلة في تاريخ الفكر الإسلامي، لا بد للقارئ من معرفتها لتحقيق نهوض حضاري عربي فاعل!!

المؤلف
التصنيف الموضوعي
سلوفان نوع التجليد
أبيض نوع الورق
608 الصفحات
17x24 القياس
2018 سنة الطبع
9789933361907 ISBN
0.95 kg الوزن
أمازون رابط النسخة الإلكترونية على أمازون

توطئة من كتاب الفكر والنهوض لعل أكبر التحديات التي تواجه الجهود الفكرية الإصلاحية يتمثل في فهم خطوط التداخل والانفصام بين البعدين الديني والزمني، أو الديني والمدني في الفكر الإسلامي. تتولد صعوبة فهم العلاقة بين هذين البعدين من الاختلاف الكبير في ارتباطهما داخل الفكرين الحداثي الغربي والتراثي الإسلامي. فالديني يشغل مساحة مستقلة عن الزمني في الخبرة التاريخية الغربية، ويخضع إلى مرجعية مستقلة عن المرجعية السياسية والمعرفية. خطوط الانفصام الغربية لا يمكن نقلها بسهولة إلى الوعي التاريخي الإسلامي، نظراً لتداخل المرجعية المعيارية بين دوائر الدين والسياسة والعرف في الفضاء الإسلامي. هذا يجعل مراجعة الفكر التراثي عملاً ضرورياً لفهم هذه العلاقة من الداخل وتجنب عمليات الإسقاط التي تكررت خلال القرنين الماضيين والتي ولدت نتائج عكسية. وعلى الرغم من زيادة عدد خطوط التداخل في التراث الإسلامي إلا أن خطوط الانفصام لا زالت قائمة فيه بوضوح. لذلك فإنه من الخطأ افتراض أن العلاقة بين هذه الأبعاد في الفضاء الإسلامي هي نقيض العلاقة التي تشكلها في الفضاء الحداثي، وهو خطأ ترتكبه حركات الإحياء الإسلامي، التي تفترض أن تداخل الشرعي والسياسي في التجربة الإسلامية؛ يقتضي تحويل الشريعة - من خلال تجلياتها في الفقه الإسلامي - إلى قانون تعتمده الدولة العربية الحديثة، وتتجاهل أهمية الفصل بين أحكام الفقه وكليات الشريعة، وبين الأحكام المتعلقة بدائرة الفقه، وتلك المرتبطة بدوائر السياسة والاجتماع والاقتصاد. بيد أن أهمية فهم العلاقة بين الديني والزمني لا تتوقف على تحديد علاقات التداخل والانفصام بينهما، بل تتعلق أيضاً بالدور الأساسي الذي يلعبه الدين في عملية الإصلاح الثقافي؛ ذلك أن الدين يشكل الأرضية العميقة التي تقف عليها الثقافة، وبالتالي يحتاج الإصلاح الفكري إلى التعاطي مع المعيارية الإسلامية لتحقيق عملية التغيير والتجديد والإصلاح. الإصلاح الثقافي في جميع الحضارات المنصرمة انبنى على إصلاح ديني، وأولوية الإصلاح الديني بارزة في أطوار الحضارة الإسلامية، وهي بارزة كذلك في عملية بناء الحضارة الغربية الحديثة، التي بدأت من خلال حركة الإصلاح الديني في القرن الثالث عشر الميلادي، واستمرت حتى القرن السابع عشر. تَمثَّل الإصلاح الديني الغربي في جهود بدأها مفكرون دينيون مثل توماس الأكويني الإيطالي، ومارتن لوثر الألماني، وجون كلفن السويسري، وتكامل هذا الإصلاح قبل عصر الأنوار - الذي ولد الحداثة الغربية - بقرنين. بمعنى آخر؛ فإن الإسلام العامل الأساسي في أي إصلاح ديني في المنطقة العربية؛ عنصر ضروري للمشروع الحضاري الحديث على المستويين النظري الفكري والعملي التحفيزي. فعملية الإصلاح الثقافي عملية صعبة ومرهقة، وتحتاج لذلك إلى التزام يمتد عميقاً داخل الوجدان الفردي والوعي الجمعي، الذي يتكون من قيم الدين ومعتقداته. مشكلة المنحى الذي اتجهت نحوه جهود التحديث والتجديد أنه لا يستهدف وعي الإنسان ومقاصده وقيمه في العملية الإصلاحية، بل يستهدف الأشكال البنيوية للمجتمع. النزعة البنيوية الشكلية تقدم نتائج سريعة، ولكنها نتائج شكلية سطحية تعطي شعوراً حضارياً زائفاً دون أن تسمح بتطوير الوعي الفردي والجمعي، وإصلاح العلاقات البينية والسلوك الاجتماعي بطريقة تسمح بتأسيس مجتمع الحرية والكرامة والفاعلية، الضروري لإحداث نقلة حضارية حقيقية. النزعة البنيوية والوظيفية التي قادت جهود التغيير خلال القرن الماضي أدت إلى توليد ازدواجية ثقافية، انقسم المجتمع من خلالها إلى نخب تمتلك امتيازات سياسية واقتصادية، وتستخدمها لتوفير مستوى معاشي يحاكي مستويات النخب الغربية، ولكنها تتعامل مع الشعوب بكثير من القسوة والفوقية والاستعلاء. في الجهة المقابلة، تكرس الثقافة الشعبية تراث مراحل التراجع الحضاري خلال القرون القليلة الماضية، وترى خلاصها في إحياء نماذج تراثية تاريخية سابقة على مشاريع التجديد الحداثية. باختصار فإن المشهد السياسي والاجتماعي الحالي يظهر فشل المحاولات المعاصرة لتأسيس مشروع حضاري في العالم الإسلامي، يحفظ الحقوق ويحترم الإنسان، ويولد فعلاً إبداعياً وإنتاجياً ذاتياً. لمحة الفكر والنهوض مفهومان أساسيان لتحديد رسالة الإنسان التاريخية، وتقويم حركته المعرفية والثقافية في مواجهة الفرص المتاحة والتحديات المتجددة، ورصد الجهود الهادفة إلى تحقيق غايته ومعنى وجوده، وربط التطور الحضاري بالتفكير الإبداعي الذي مكن الإنسان من تجاوز التحديات الثقافية والبيئية التي واجهته عبر تاريخه الحضاري عموماً، وتاريخ الحضارة الإسلامية على وجه الخصوص. الفكر حصيلة نظر الفرد في محاولته لفهم محيطه، وصياغة المعاني المتولدة في ذهنه، والمشاعر المتأججة في كيانه. وهو كذلك حصيلة الحوار والجدل القائم بين الأفراد حول المعاني المشتركة والمختلفة، والأهداف المتماثلة والمتضاربة، والغايات القريبة والبعيدة. والفكر هو مبدأ النظر والاستدلال الذي يشكل بنية العقل الفردي، ومبدأ العلوم والمعارف التي تشكل العقل الجمعي، الذي يميز الثقافات والحضارات الإنسانية. لذلك كان التطور الفكري شرطاً ضرورياً لنهوض المجتمعات وارتقائها. والنهوض، بوصفه غاية إنسانية، يتعلق بتحقيق الحاجات النفسية والمعرفية والعضوية للإنسان، ويتجلى عملياً من خلال سيرورة التنافس بين الأفراد والجماعات والشعوب لتحويل النوازع والرغبات والأفكار إلى أفعال وعلاقات ومؤسسات تستبطن إرادة الفرد، وتحقق الإرادة المشتركة بين الأفراد ومكونات المجتمع. النهوض في سيرورته عمل اجتماعي وسياسي واقتصادي، ولكنه يعتمد على الفكر والجهود المعرفية والعلمية لتوجيه المجتمع وتحفيزه، وإعطاء الإنسان الزخم الاجتماعي الضروري لتحقيق أهداف الحياة العليا وغاياتها السامية. ومن هنا فإن البحث في الفكر والنهوض جهد يهدف إلى إلقاء الضوء على أنساق الفكر التي تؤسس لعملية النهوض، وعلى الشروط الاجتماعية والثقافية الضرورية لتحقيق النهوض الحضاري الذي يمثل قمة الفعل الإنساني وغاية الاجتماع البشري.


نجحت الأنظمة العربية في اقتباس آخر التطورات المعرفية والعلمية؛ لكن المجتمعات العربية عجزت عن الإسهام في أي نمو معرفي واقتصادي إنساني، وما يزال الواقع العربي يزداد تأزماً وتفككاً، على الرغم من الجهود النهضوية التي بذلتها النخب الثقافية والسياسية، خلال القرنين الماضيين. لا شك أن النهوض غاية إنسانية، تتعلق بتحقيق حاجات الإنسان المعرفية والعضوية والنفسية.. وتتجلى من خلال التنافس بين الأفراد والجماعات والشعوب، لتحويل النوازع والرغبات والأفكار إلى أفعال وعلاقات؛ تحقق الإرادة المشتركة، وتبرز مكونات المجتمع.. فالنهوض عمل اجتماعي وسياسي واقتصادي، يعتمد على الفكر والمعرفة والعلم لتوجيه المجتمع وتحفيزه، من أجل تحقيق أهداف الحياة العليا، وبناء الحضارة. ومن هنا تقوم ضرورة لمعرفة أنساق الفكر التي تؤسس لعملية النهوض. هذا الكتاب يتناول- في سبيل الوصول إلى غايته- الفكر الإسلامي من وجهات نظر المعتزلة والشيعة وأهل السنة والأشاعرة والفلاسفة والآخذين بالعقل التجريبي وعلوم الاجتماع، وأخيراً الحداثيين. البحث يلخص جهوداً مضنية طويلة في تاريخ الفكر الإسلامي، لا بد للقارئ من معرفتها لتحقيق نهوض حضاري عربي فاعل!!