تحلّى مالك بن نبي بثقافة منهجية، استطاع بواسطتها أن يضع يده على أهم قضايا العالم المتخلف.. اهتم بها منذ شبابه، ودرسها تحت عنوان (مشكلات الحضارة) فكانت هذه السلسلة التي بدأها بباريس ثم تتابعت حلقاتها في مصر فالجزائر، لتخرج بالعنوانات الكبرى الآتية (مرتبة ألفبائياً).
2 - تأملات 1 - بين الرشاد والتيه
4 - شروط النهضة 3 - دور المسلم ورسالته
6 - الظاهرة القرآنية 5 - الصراع الفكري في البلاد المستعمرة
8 - فكرة كمنولث إسلامي 7 - الفكرة الإفريقية الآسيوية
10 - القضايا الكبرى 9 - في مهب المعركة
12 - المسلم في عالم الاقتصاد 11 - مذكرات شاهد للقرن
14 - مشكلة الثقافة 13 - مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي
16 - ميلاد مجتمع 15 - من أجل التغيير
17 - وجهة العالم الإسلامي
لقد أمعن مالك بن نبي في الحفر حول مشكلات التخلف المزمنة، متجاوزاً الظواهر الطافية على السطوح إلى الجذور المتغلغلة في الأعماق، وباحثاً عن السنن والقوانين الكفيلة بتحول الشعوب من الكلالة والعجز إلى القدرة والفعالية.. وهكذا تجاوز مشكلة الاستعمار ليعالج مشكلة (القابلية لللاستعمار)، ومشكلة التكديس إلى البناء، والحق إلى الواجب، وعلم الأشياء والأشخاص إلى عالم الأفكار؛ مؤكداً {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 13/11]، وأن مفاتيح الحل عند الذات لا عند الآخر.
مات بن نبي عام 1973، لكن أفكاره مازالت حية تهيب بالأمة أن تتلقفها لتنهض بها من كبوتها المزمنة، وتدخل من جديد في مضمار الحضارة.
يصدر كتاب الظاهرة القرآنية هذا، ضمن كتب تنشر تحت عنوان (مشكلات الحضارة)، مترجماً إلى العربية من الفرنسية، مصدراً بمقدمتين لعالمين جليلين.
وتبدو أهمية المقدمة الأولى في الإيضاحات التاريخية على هامش فكرة الكتاب، وفي الدعوة إلى تطوير وسائل التفكير بتطور وسائل العلم، وإبراز المنهج القرآني خطة موضوعية تستهدف الحقيقة المطلقة.
وتبرز أهيمة المقدمة الثانية بأروع ما كتب في مسألتي الشعر الجاهلي واتصاله بقضية إعجاز القرآن.
ويأتي الكتاب بتحقيق منهج تحليلي في دراسة الظاهرة القرآنية، فيتيح للشباب المسلم فرصة التأمل الناضج في الدين، ويقترح إصلاحاً مناسباً لمنهج نفسير القرآن الكريم لأسباب تاريخية ومنهجية.
ويتحدث عن الظاهرة الدينية، ويوضح المذهبين المادي والغيبي في تفسيرها.
ويدرس الحركة النبوية ومبادئها، ويعقد موازنة علمية بين النبوة وبين ادعائها، متخذاً من حالة النبي أرمياء نموذجاً لعرض الأفكار العامة عن النبوة ونفسية النبي وخصائص النبوة.
ويبحث في مصادر أصول الإسلام، في عصر ما قبل البعثة، وطفولة النبي ( ومراهقته، وفي العصر القرآني المكي والمدني، وفي الوحي ومقاييسه الظاهرة والعقلية، ومقام الذات المحمدية والرسالة.
ويوضح خصائص الوحي الظاهرية، والعلاقة بين القرآن والكتاب المقدس.
ويبحث في موضوعات ومواقف قرآنية، فيها إرهاص القرآن، وما لا مجال للعقل فيه (فواتح السور)،
والمناقضات والموافقات والمجاز القرآني، والقيمة الاجتماعية لأفكار القرآن.
ويذيل الكتاب بمسارد فنية مفيدة.