تخطي إلى المحتوى

العقلانية في الفكر العربي المعاصر

20% خصم 20% خصم
السعر الأصلي $7.00
السعر الأصلي $7.00 - السعر الأصلي $7.00
السعر الأصلي $7.00
السعر الحالي $5.60
$5.60 - $5.60
السعر الحالي $5.60
ماذا يعني العقل وما العقلانية؟ ما دلالتها اللغوية ؟ كيف نظر فلاسفة المسلمين إلى العقل؟ وما المكانة التي احتلها العقل في نظر الفقهاء وعلماء المسلمين؟ هل استمر الفكر العربي المسلم في تبنيه للعقل خلال بحثه وتفكيره؟ أم حصلت قطيعة مع الفكر العقلاني؟ أين وصل انتشار العقلانية في الفكر العربي المعاصر؟ وهل وجدت تيارات مختلفة تمثل العقلانية في الفكر العربي؟ ما مدى تأثر العقلانية العربية بالعقلانية الغربية؟ كيف استطاع المفكرون العقلانيون والمسلمون التوافق مع الفكر الديني؟ أسئلة كثيرة إشكالية يطرحها هذا الكتاب، تُقدم فيها وجهات نظر متباينة بين مفكر غربي عاش العقلانية الغربية، ثم درس الفكر العربي وتخصص به، ومفكر عربي عايش الفكر العربي ثم درس وتميز بدراسة الفكر الغربي ونقده.

المؤلف
التصنيف الموضوعي
غلاف نوع التجليد
أبيض نوع الورق
224 الصفحات
20*14 القياس
2012 سنة الطبع
9789933102630 ISBN
0.25 kg الوزن
أمازون رابط النسخة الإلكترونية على أمازون
نيل وفرات رابط النسخة الإلكترونية على نيل وفرات

المقدمة
في الحقيقة حينما يتبادر إلى ذهن الباحث التطرق إلى العقلانية في الفكر العربي المعاصر، يجد نفسه في مواجهة موضوع إشكالي شديد التعقيد والالتباس؛ نظراً لِما أُثير من حوله من سجالات وصراعات فكرية. أقول هذا لأن معظم المفكرين العرب؛ المعرِّفين والمبشرين بالمذاهب الفكرية والعلمية الغربية،باتوا لا يقرّون بوجود العقل والعقلانية في الثقافات المحلية إلاّ بمقدار ما يكون لها أمثلة تحاكيها بالتمام والكمال في التراث الغربي، وإلاّ حُكم عليها باللاعقلانية لطغيان العقل البياني على العقل البرهاني، وإلاّ زجَّ هذا التراث في مزبلة التاريخ لكونه يُشكّل عقبة كأداء أمام مسار عجلة التطور والتقدم. وذلك ابتداء مما اصطلح على تسميته بـ (عصر النهضة والإصلاح)، وانتهاء بلبوس حداثة مسبقة الصنع ومحكومة بمنطق النظام الرسمي الغربي المؤسس وشروطه وقوانينه، وما يحمله من صور منمطة عن الشعوب المختلفة عن معاييره ومقاييسه.
بموجب هذا المنظور حُوِّلت الثقافة إلى مجرد كم ومرادفة للقراءة والكتابة، ومعرفتنا بها أصبحت، من خلال الأفكار التي نرسِّخها، هائمة فوق الواقع. أما الواقع المعيش فظل يحتاج إلى عقل فعّال، يغوص فيه بالتحليل والتشخيص للأهواء الذاتية والقوانين الموضوعية التي تحكمه.
إن التشبث بعادات ذهنية مُفوتة يُعطل وظيفة العقل ويجعله أسير الترديد والتلقي لنتائج المنجزات المادية المنقولة عن الآخر، والتعاملِ مع المذاهب والأفكار على أنها أدوات للاستهلاك والتباهي الفارغ بها، لا محفزات تحضُّنا على مقاربة صيرورة الواقع والحراثة فيه لصنع المفاهيم المنتجة والمستشرفة لما يمكن إنجازه في المستقبل. فكانت الضريبة الكبرى هي إغماض العين عمّا يدور تحت أقدام نجوم الفكر والعلم من سلب للثروات وقهر للنفوس وتحطيم الذاكرة والخيال، وتكسير للبنى الاجتماعية والاقتصادية وقضم الأوطان، بفعل ضغوطات الخارج والمُستتبعين له في الداخل وتدخلاتهما. كما بات عالم الفكر نقاباً يحجب تحته، بوعي أو بلا وعي، نهب الواقع واستباحته والتواطؤ الضمني بين أساطين الفكر والعلم وأصحاب السلطات القائمة، حتى تحولت مجتمعاتنا، في إطار الدول المستحدثة، إلى دول مرتهنة كلّ منها، بعلومها وفكرها واقتصادها وسياستها وثقافتها، لتوجيهات الدول المهيمنة وإملاءاتها، ومسرحاً للتلاعب على التناقضات الإيديولوجية النازفة بالتنابذ الاحترابي في مجتمعاتها.
بصريح العبارة، أقول: إن العقلانية ليست مذهباً أو عقيدة نعتنقها ولا آلات نستهلكها، وإنما هي إنجازات علمية وفكرية استنهاضية، في مختلف الميادين، تصنع مفاهيمها بفعل تفاعلها مع واقعها وفي سياق تاريخي واجتماعي محدد.
وإلاّ كيف نفسر تناسل المساءلات المصعوقة بالدهشات والمفاجآت وتناميها بعد هزيمة (5/6/1967)، والتي جاءت لتعبِّر عن نفسها على التوالي، بالأسئلة الآتية: لماذا، بعد كلّ مكاسب النهضة والإصلاح والتنوير ثم الثورة، نُفجع بالإخفاقات والهزائم، ونكتوي بنيران الاستبداد والفساد والإفساد والتفقير المُمنهج؟ لماذا، بعد كلّ استحقاقات النظم الجمهورية والأحزاب التقدمية، انتهينا إلى الملكيات؛ بتوريث الأبناء والأحفاد...؟ لماذا، بعد كلّ المساعي المبذولة من أجل الحرية، نرانا مصدومين بالمفاجآت والاصطدام بعودة أنماط أصولية بحلل تكفيرية عنفية تدميرية؟ لماذا، بعد كلّ الطوفان الكلامي عن الديمقراطية، تشتد الحاجة اليوم إلى تثبيت الديكتاتورية بذريعة أن المد الأصولي يجتاح الساحة؟ وكيف، بعد كلّ الكم الهائل من الخطابات المستفيضة حول العقلانية والعلمانية، وعن الحداثة وما بعد الحداثة، نجد ماضينا يُطوّق الخناق علينا ويتربص بنا ليثأر منا؟ ولماذا، بعد كلّ النضالات القومية المُخاضة، والطروحات الإصلاحية الإسلامية، نحصد كلّ أسباب التفكيك والتفتيت، لا بل كلّ مخاطر التذرير والتدمير؟ وكيف نفسر أن بعض الناشطين الأصوليين من الدين نفسه؛ الداعين أنهم التجسيد المطلق لحاكمية الله، لا يجيدون غير الاقتتال والتهم التصفوية فيما بينهم؟ ولماذا انتهى قسم كبير من النخب اليسارية، المحسوبة، سابقاً، على القوى التقدمية، بعد أفول الاتحاد السوفياتي، إلى الاحتفاء بالليبرالية الجديدة والتهليل بقدوم العولمة بشعارها (النظام الدولي الجديد)، بذريعة أنه نذير بتجريف منابع الديكتاتوريات أو تجفيفها واستتباب الديمقراطيات على صعيد المعمورة؟ وكيف نفسر اندفاع بعضهم - للتخلص من الأوضاع المأزومة - إلى مد يد العون إلى المستعمِرين الجدد، على غرار معظم رواد النهضة والإصلاح حينما كان المستعمرون القدماء على الأبواب يمارسون ضغوطاتهم وتدخلاتهم السافرة في شؤون البلاد؛ لهيكلة دول وإعلان تأسيسها بعد اتفاقية سايكس بيكو تحت الاحتلال أو الانتداب؟ ثمّ ألم تؤدِّ اليوم هشاشة سيادات بعض الدول إلى إفساح في المجال لسلطاتها كي تعرض الأوطان للمزاد تمهيداً لعودة الاستعمار من جديد وتوطين قواعده العسكرية؛ لتحمي نفسها من غضب شعوبها أو من دول الجوار، لا من الكيان الإسرائيلي الغاصب، فضلاً عن الانتهاء بالتطبيع العلني أو السّري مع هذا الأخير، بعد الحديث المكرور عن استقلالاتنا وفكّ الارتباط مع الاستعمار؟
بعد كلّ هذه الأسئلة سنرى كيفية تموضع العقلانية في سياق قرنين، تقريباً، من التحديث من قبل المفكرين والمثقفين في العالم العربي والإسلامي، وكيفية انعكاساتها في خطابات هؤلاء وسجالاتهم وانتقاداتهم، ثمّ ما هي المحاجّات والمسوغات والتبريرات والمقاربات التي تقدم بها بعضهم لتعليل الإخفاقات والمعوقات التي لاقتها العقلانية لحفظ ماء وجهها. ثمّ سنرى، في الوقت نفسه، كيف باتت العودة إلى التراث أو النهضة محور اختبار تمثلاتها وتجلياتها ثمّ غدرها أو خيانتها بالردة، كما يقول بعضهم[(94)]، أو لبيان غيابها أو عدم تحققها بالكيفية المنشودة والمأمولة منها؟ هذا ما سنقاربه تباعاً بقدر الإمكان في بحثنا.

USD
  • USD
  • EUR
  • SAR
  • TRY
  • AED