الجهاز التنفسي الدكتور نعيم شحرور قد يستطيع الإنسان أن يعيش من دون طعام أو شراب لأيام عديدة، ولكنه لا يستطيع العيش من دون تنفس لدقائق معدودة، ولو ترك للإنسان خيار أن يتنفس بإرادته، أو كان الهواء الذي نتنفسه بحاجة إلى التحضير كما يحضر الإنسان طعامه، أوكان التنفس يحتاج إلى يقظة دائمة؛ لما بقي على وجه البسيطة من أحد. فما سر خلق الله في الهواء؟! إن الهواء الذي نتنفسه هو جزء من الغلاف الجوي الذي خلقة الله سبحانه وتعالى محيطاً بالكرة الأرضية، ويمتد من سطح الأرض إلى ارتفاع 18000 ميل (أو مايعادل 29000كم) وإن معظمكتلة الهواء موجودة في الكيلومترات الثمانين السفلى. ولتخيل المسافة فإن الطائرات تحلق على ارتفاع 16 كيلومتراً فقط من سطح الأرض. ولو أن تحليقها كان يتطلب الارتفاع أكثر بكثير؛ لكان لزاماً على المسافرين أن يتزودوا بأجهزة كرواد الفضاء في كل رحلة مهما كانت قصيرة. ثم إن للهواء ثقلاً لا نشعر به ويبلغ 10 آلاف كيلو غرام على كل متر مربع أو ما يعادل 15 رطلاً لكل بوصة مربعة. فإن علمنا أن مساحة جسم الإنسان الوسطي هو 1.8 متر مربع؛ فإن الضغط الجوي على الجسم يصل إلى 18 ألف كيلو غرام. فكيف لا يشعر أحدنا بهذا الضغط الهائل؟! إنه ببساطة نتيجة الضغط المعاكس المخلوق في الجسم حيث يتوازن الضغط الخارجي مع الضغط الداخلي، فيحدث التوازن والاستقرار. وما كان ذلك ليوجد إلا بعقل مدبر. كيف نتنفس؟ بما أن مجرى التنفس موصول بالهواء الخارجي، ويحتاج الجسم لتغيير الهواء بشكل مستمر. فإن ذلك يتم بتغيير الضغط داخل الصدر والرئتين بشكل مستمر؛ على الأقل 12 مرة في الدقيقة، ففي الشهيق الطبيعي اللاإرادي يتسع الصدر فينخفض الضغط فيه، ويسحب الهواء إلى عمق الرئتين؛ حيث يتم التبادل الغازي، ثم يضيق الصدر ويرتفع الضغط فيه إلى أعلى من الضغط الجوي؛ فيخرج الهواء من الصدر. ويؤمن استمرار التنفس مراكز في جذع الدماغ لاتكل ولا تمل؛ في ليل أو نهار، وفي راحة أو جهد؛ تأخذ إشارات عن حاجة الجسم من التنفس عمقاً وسرعة، من عدة أماكن وأجهزة وإشارات اتصال فيزيائية وكيميائية، فتسرع وتبطئ التنفس حسب حاجة الجسم. فالتنفس يبطؤ في الليل بقدر لقلة الحاجة ويزداد في الحركة والمرض بقدر لزيادة الحاجة. وأعطي الإنسان بإرادته تحكماً فوق كل هذا فيمكن له أن يوقف أو يسرع أو يبطئ التنفس إن أراد. ولكن الغالبية العظمى من عمل التنفس وتنظيمه؛ يتم دون تدخل الإنسان. ويستوي ذلك في الليل والنهار والانتباه والانشغال. فسبحان الذي خلق كل شيء بقدر!! مركز التنفس: للتنفس مراكز موجودة في البصلة السيسائية والجسر في جذع الدماغ، وهي مركزان في البصلة وآخران في الجسر. أما مركزا البصلة؛ فواحد منهما مسؤول عن الشهيق والآخر عن الزفير. وأما مركزا الجسر فأحدهما يحرض الشهيق والآخر يحدده. وتعمل هذه المراكز الأربعة في تناسق كامل وتواتر آلي؛ بحيث يحدث الشهيق، ثم عند تمدد محدد لعضلات الشهيق؛ يتثبط هذا المركز وينشط مركز الزفير.وتتم هذه الآليات بواسطة شبكة من العصبونات المتشابكة المتذبذبة. تتلقى هذه المراكز إشارات منظِّمة من طبيعة عصبية وكيميائية وهرمونية؛ فتؤثر على سرعة وعمق التنفس. وإن أي خلل في هذه المراكز أو الإشارات الضابطة لها؛ يؤدي إلى قصور تنفسي، يحتاج إلى تهوية اصطناعية. فمراكز التمططفي الرئتين وعضلات التنفس؛ ترسل إشارات عصبية إلى مراكز التنفس؛ تعلمها بوضع جهاز التنفس الميكانيكي. كما أن هناك مراكز كيماوية ضمن الجملة العصبية المركزية؛ تتحسس تغيرات حموضة الدم والسائل الدماغي الشوكي، فكلما زادت الحموضة في الدم أو السائل حول الدماغ، زاد التنفس للتخلص من فائض غاز ثاني أكسيد الكربون. ويكون ارتفاع غاز ثاني أكسيد الكربون في الدم وانخفاض pH الدم محرضاُ رئيسياُ لهذه المراكز أيضاً، عن طريق المستقبلات الكيماوية المحيطية التي تشعر بذلك في الأجسام السباتية؛ ضمن الشرايين السباتية في العنق، والأجسام الأبهرية في شريان الأبهر. وفوق كل هذه المراكز يمكن للإنسان أن يتحكم بتنفسه؛ كأن يتحكم بتنفسه فيطيل الزفير خلال الكلام المتواصل أو الغناء، أو يوقف نفسه أثناء الطعام حتى لا يستنشقه، أو ينظم نفسه خلال السباحة أو الرياضة. فلو كان التنفس آلياً بشكل كامل لكان لزاماً علينا أن ننتظر الزفير ليأتي حتى نستطيع الكلام، ولصعب علينا الأكل دون شردقة، أو القيام بجهد أو رياضة. ولكن عند النوم وفي الأحوال العادية خلال النهار يكون التنفس آليا بامتياز. فإن حدث خلل جيني وراثي، فيمكن لهذه المراكز أن تضطرب، وخاصة أثناء النوم، فيحدث مثلا توقف النفس المركزي أو توقف النفس الانسدادي. فكم من نعمة نحن فيها ولا ندركها أو نشكر الخالق عليها!! الهـــواء? يبقى تركيب الهواء ثابتا و يشكل الآزوت فيه أربعة أخماساً، بينما يشغل الأكسجين 21? منه بالرغم من استهلاكه المستمر من البشر والنبات والحيوان. ولو زادت نسبة الأكسجين عن حد معين لأصبح ساماً، وهذا ما يحدث عند إعطاء مريض نسبة تفوق 50? من الأكسجين لمدة أكثر من 48 ساعة فتحدث سمية حادة، تخرب في النسيج الرئوي، يتبعهتليف فيالرئة،ويكونذلكأسوأبكثيرعند حديثيالولادة؛حيثيحدثلديهمعدمنضجفيالرئتين،وتليف خلفمقلتيالعينين. وأما بخار الماء فله أهمية عظمى في الهواء، وتعتبر كثافته أقل من كثافة الهواء الجاف، وتتغير نسبته في الهواء حسب درجات الحرارة. فعندما تزداد حرارة الهواء تبتعد الذرات عن بعضها، فتدخل جزيئات الماء أكثر، وتزداد نسبتها في الهواء، وتزداد الرطوبة بهذه الآلية، بينما تبريد الهواء يؤدي إلى طرد جزيئات الماء من بين جزيئات الهواء الأخرى، فتنقص الرطوبة. ولهذه الآلية أهمية كبيرة في ترطيب الهواء داخل الجسم كما سنشرح بعد قليل. ويساعد بخار الماء في ترطيب الأغشية المخاطية،وتسهيل حركة المفرزات للتخلص من الأجسام الأجنبية والعوامل الضارة بالطرق التنفسية.
كتاب هام جدا شارك بكتابته 10 أطباء مشهود لكل منهم في اختصاصه، يكشف لغير المختصين عن بديع صنع الله، ويميط اللثام عن روائع خلقه ودلائل قدرته، وذلك من خلال استعراض روعة الخلق ورقة الصّنع في جسم الإنسان بجميع أجزائه ومختلف أجهزته وأنحائه. ويتناول الكتاب كل ما اكتشفه العلم الحديث من أسرار جديدة لم تتعرض لها الكتب التي تناولت موضوع عظمة خلق الله في جسم الإنسان. دون الخوض في التفاصيل المعقدة التي ربما لاتهم القارئ غير المختص.
أحد عشر طبيباً في تخصصات مختلفة؛ أمضوا فيها شطرَ حياتهم؛ يعالجون المرضى باقتدار، ويقفون على آليات العمل في أعضاء الجسم.. الأمر الذي كان يدهشهم في عمل تلك الأعضاء في حالتي الصحة والمرض معاً؛ مما دعاهم إلى الإيمان المطلق بالله؛ تلقاء ما يعاينون من معجزات الخلق. يشرح هذا الكتاب للقارئ غيرِ المختص؛ الآليات التي تعمل فيها أعضاء الإنسان، لتضعه أمام آلاف المعجزات التي يقف المرء أمامهاً حائراً؛ يسبِّح بحمد الله، ويردد: ? لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً? [الطلاق:65/12]. ولما كان أقربَ الأشياء إلى الإنسان نفسُه؛ إذا استنارت له آيات الربوبية، واضمحلت عنه عثرات الشك والريب، فإنه إذا نظر في نفسه وجد آثار التدبير فيها قائمات، وأدلةَ التوحيد على ربه ناطقات. هذا الكتاب رحلة رائعة في جانب محدود من ملكوت الله تعالى وبديع صنعه ?وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ? [الذاريات: 51/21].