أبو هلال العسكري والنحو
ما فتِئَ الأُسْتاذُ البَحّاثَةُ النَّحْوِيُّ المُدقِّقُ الدّكتور سَعِيد الزُّبيديُّ يُطالِعُنا بِسَلاسِلَ وَضّاءَةٍ من دِراساتِهِ المنهَجِيَّةِ المُسْتَبْصِرَةِ الرَّوِيَّةِ في مَسائلِ النَّحوِ العَربيِّ وقضاياه وأَبوابه ومَباحثه وأَعْلامه، ينقلُ قُرّاءَهُ في رِحْلَةٍ ماتِعةٍ إِلى خَبيءِ التُّراثِ اللُّغويِّ العَربيّ، كاشِفاً الغِطاءَ عن دَقائقِ الحَقائقِ التي قد تُخالِفُ ما هو شائِعٌ لدى كثيرٍ من الدّارسِينَ الذين ما انْفَكُّوا يَتَلَقَّفُونَ- مع الأَسَفِ- كَثيراً من المنقُولاتِ الدّارِجَةِ من غير فَضْلِ تَمْحِيصٍ ونَظَرٍ وتَدْقيق.
وفي هذه الدِّراسَةِ الجَدِيدَةِ الجادَّة، يَتَوفَّرُ الأُسْتاذُ الزُّبيديُّ بعَزيمَةٍ على تَبيُّنِ حَقِيقةِ اشْتِغالِ الأَدِيبِ المُؤلِّفِ المشْهُورِ أَبي هِلالٍ العَسْكَرِيِّ بِعِلمِ النَّحو، عَلى وَفْقِ ما أَشاعَهُ كُتّابُ تَراجِمِ النُّحاة، كالقِفْطِيِّ وغيره، ممَّن تَوسَّعُوا في إِضافَةِ كَثيرٍ من أَهلِ العَربيَّةِ وآدابِها إِلى دَوائِرِ النُّحاة؛ تَزيُّداً وتَكَثُّراً. وخَلُصَتْ مُباحَثَةُ الزُّبيديِّ القائِمَةُ على اسْتِقراءِ تُراثِ العَسْكَرِيِّ المنشُورِ واسْتِكْناهِهِ الدَّقيقِ إِلى أَن الرَّجُلَ لم يكن نَحْويّاً بِحال، ولم تكن له آراءٌ أَو اجْتِهاداتٌ قائمةٌ برأْسِها في هذه البابَةِ من العِلْم، ولم يكن مُتأشِّباً- مِنْ ثَمَّ- لأَيٍّ من سَدَنَةِ المَدْرسَتَينِ العَرِيقَتَين: البَصْرِيَّةِ والكُوفِيَّة، وأَنَّ ما عَرَضَ له من مَسائِلَ وتَعالِيقَ نَحْويَّةٍ غيرِ مُعَمَّقَة، لا يَعْدُو أَن يكونَ مُجْتَلَباً لأَغْراضِ دِراسَةِ النَّصِّ لا غَير.
كتاب هام لاغنى للمختصين والباحثين عنه .
