إن التحصيل على طلاب العلم من أظهر ما ينبغي أن يحرص عليه المعلمون والمربون، ويقتضي ذلك طبعاً تحديد المادة العلمية المراد إيصالها، وتصنيف عناصرها ومكوناتها، وإيضاح مشكلها، وتقديمها إلى الدارسين وفق منهج يجعل منها زاد معرفياً يسهم في إعداد شخصية قادرة على ارتياد آفاق العلم في مستوياته العليا، وخوض غمار الحياة العلمية المنتجة.
بهذه الفقرة استهل المؤلف مقدمة كتابه (التفكير النقدي عند العرب) ملتزماً بما استهل، فجاء الكتاب مركزاً بما استهل، فجاء الكتاب مركزاً على الفكر النقدية الرئيسية عند كل ناقد وبلورتها وتحديد مكانها في فضاء النقد العربي القديم، حتى بدا الكتاب كأنه في تاريخ الأفكار النقدية.
ولقد صرف المؤلف كل جهوده وقدراته إلى تقديم النقد العربي لطلاب العلم على النحو الذي يجعل منه رافداً فكرياً يثري ثقافتهم النقدية، ويمكنهم من تمثل أسباب الجمال في النصوص، مما يقوي ثقتهم بأنفسهم، واعتزازهم بشخصيتهم العربية الإسلامية، وييسر لهم سبل ارتياد مناهل الثقافة الإنسانية.
كتابٌ في تاريخ النقد العربي القديم منذ أوائله في العصر الجاهلي حتى العصر العباسي المتأخر.
الكتاب في اثني عشر فصلاً؛ بدأ الفصل الأول بالظواهر النقدية عند عرب الجاهلية وما قدموا فيه من بدايات النقد الفطري من خلال أحاسيسهم الجمالية. بينما نقل في الفصل الثالث الذي قصره على ((النقد في العصر الأموي)) الآراء النقدية للخلفاء والأمراء والفقهاء والنساء والشعراء بعضهم لبعضٍ في ذلك العصر.
أما الفصول المتبقية من الكتاب، فجعلها فصلاً لكل كتابٍ نقديٍّ مشهورٍ، درسها فيها دراسةً مستفيضةً، عرض فيه مادة كلٍّ منها، وركز على ما فيها من أفكارٍ نقديةٍ أضافها صاحبها إلى النقد، وما في كلٍّ من تطبيقاتٍ نقديةٍ جديدةٍ، تميز فيها من الآخرين؛ فقدم لنا خلالها، وعلى الطريقة المشار إليها، كتاب ((طبقات فحول الشعراء)) لابن سلام الجمحي، و ((البيان والتبيين)) و((الحيوان))، وكلاهما للجاحظ، و ((الشعر والشعراء)) لابن قُتيبة، و ((عيار الشعر لابن طباطبا))، و ((نقد الشعر)) لقدامة بن جعفر، و ((الموازنة بين الطائيين)) للآمدي، و ((الوساطة بين المتنبي وخصومه)) للقاضي الجرجاني، و((أسرار البلاغة))، و ((دلائل الإعجاز)) وكلاهما لعبد القاهر الجرجاني، و((منهاج البلغاء وسراج الأدباء)) لحازم القرطاجني.