الفصل الأول
حرية الفكر وحرية العقيدة
والحروب في الإسلام
{فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأعْدِلَ بَيْنَكُمْ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [الشورى: 42/15].
1ـ حرية الفكر والعقيدة:
لم يذكر لنا القرآن الكريم ولا الكتاب المقدس أخبار جميع الرسل الذين بُعثوا إلى البشرية منذ بدء الخليقة، والمؤكد أنّ عددهم لا يقتصر على المذكورين في القرآن الكريم، لقوله تعالى: {وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا، رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء:4/164-165].
وقوله جلّ شأنه: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لاَ يُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 23/44].
وقوله تعالى: {تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمْ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النحل 16/63].
وقوله تعالى: {لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدَىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [يوسف: 12/111].
حتى خُتمت النبوات والرسالات ببعثة خاتم الأنبياء والرسل وبالقرآن الكريم الذي أوضحَ أنهم لو أعملوا عقولهم في مضمونه لأيقنوا أنه استمرار لما قبله من الوحي: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الأَوَّلِينَ ، أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ} [المؤمنون: 23/69-70]، أي أنّى لهم إنكار الرسول لو تدبّروا القول -القرآن- وفهموه؟
ثم إنّ القرآن نصّ صراحةً أنّ مهمة الرسل ليست سوى البلاغ المبين، وفي ذلك خاطب القرآن النبي: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ، لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ} [الغاشية: 88/21-22]، أي ليس على الرسول إكراه الناس على الدين بعد البلاغ بل يُترك الإنسان لخياره الحر .
أما الحساب والثواب والعقاب فعلى الله وحده، لقوله جلّ شأنه: {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} [الغاشية: 88/25-26]. وقوله تعالى مخاطباً النبي: {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ} [الرعد: 13/40]، وقوله تعالى {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ} [المائدة: 5/92]، وقوله عزّ شأنه {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاّ الْبَلاَغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ} [المائدة: 5/99]، وقوله عز شأنه: {وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ} [العنكبوت: 29/18]، وقوله عز شأنه {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلاّ الْبَلاَغُ} [الشورى : 42/48]، وقوله عز شأنه: {مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 6/52]. لأن حساب الجميع على الله.
وقد استدل بعضهم أيضاً أن مغزى الآيات نفي الرئاسة الدينية المعهودة في الملل الأخرى كأن يكون لرؤساء الدين حق محاسبة الناس على عقائدهم، أو أن يكون لهم حق حرمان البعض من المغفرة بزعمهم، وحق طردهم من الدين -كما كانت تفعل الكنيسة -، وإذا كان تعالى لم يجعل لنبيه حق محاسبة الآخرين على عقائدهم وعلى عباداتهم -ناهيك عن طردهم من الدين- فمن باب أولى أن لا يحق ذلك لأحد من الناس، وهذا المعنى ينطبق اليوم بين طوائف المسلمين من سنة وشيعة.
وقوله جلّ شأنه مخاطباً نبيّه: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ ، لِكُلِّ نَبَأٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} [الأنعام: 6/66-67] أي سوف تعلمون العاقبة عندما يحين الأوان.
وقوله تعالى في الإعراض عن الخائضين في الآيات: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: 6/68]، وقوله تعالى في الحساب: {وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} لأن الحساب على الله {وَلَكِنْ ذِكْرَى} أي على المتقين تذكيرهم بالصواب قبل الإعراض عنهم، أو قد يكون الإعراض في حد ذاته بمثابة تذكير لهم بقبح أقوالهم وأفعالهم {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الأنعام: 6/69]، أي لعل الخائضين في الآيات يجتنبون الخوض والعبث.
وقوله تعالى في سلوك المؤمنين حين يسمعون لغو الكلام من الذين يجهلون الحق من الباطل: {وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ} [القصص: 28/55].
ويُبرِز القرآن مبدأ المسؤولية الفردية في الإيمان والطاعة: { قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ} [النور : 24/54] فمن يُطع يهتد، والرسول نفسُه ليس حفيظاً على الناس، ومن باب أولى أنّ باقي المسلمين ليسوا وكلاء على البشر: {مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} [النساء: 4/80].
أما المكذّبين فقد كان هذا شأنهم منذ بعث الرسل: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاؤوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ} [آل عمران: 3/184].
ثم يهدي اللهُ تعالى مَن يشاء الهداية بخياره، فالهداية - القسرية- ليست وظيفة النبي، ومن باب أولى ليست لغيره، إذ ليس ذلك هدف الوحي: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 2/272].
وأما المصرّون على الكفر بعد كل الرسالات والبراهين العقلية والآيات فلا سبيل عليهم بعد البلاغ: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ ، يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمْ الْكَافِرُونَ} [النحل: 16/82-83].
وقوله جلّ شأنه: {فَمَهِّلْ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا} [الطارق: 86/17]، أي أمهلهم لعلهم يتوبوا، أو أمهلهم ليوم الحساب .
وقوله جلّ شأنه: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ ، لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ، ولاَ أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ، ولاَ أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ ، ولاَ أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ، لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: 109/1-6]. فهذه السورة توضح السلوك السليم للمؤمنين تجاه الكافرين، ففي حين لا مجال لحلول وسط فيما يتعلق بالحقيقة، فليس من مبرر لاضطهاد الكافرين أو الإساءة إليهم.
وقوله جلّ شأنه: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِين} أي لولا الكثير من العوامل كالجمود على التقليد والقيود العائلية والاجتماعية والمصالح الدنيوية، والأمر في هذه الحالة: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمْ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الحجر: 15/2-3].
وبعد الدعوة والمناقشة الموضوعية والخيار الحرّ تُترك الأمور لله البصير بعباده: {فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِي لِلَّهِ وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدْ اهْتَدَوا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران: 3/20].
ويتكرر التأكيد على مبدأ المسؤولية الفردية وأن المرء لا يؤاخذ بعمل غيره: {وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ -أي بالقرآن الكريم- وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ ، وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ} [يونس: 10/40-41].
وبعد التأكيد على الحرية الفردية في اختيار العقيدة تصبح طريقة الدعوة الإسلامية واضحة للغاية كما في قوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل: 16/125]، فالاهتمام بالدرجة الأولى ينصب على الدعوة باتباع أكثر الأساليب حُسناً وحكمةً لأنّ الله تعالى أعلم بعباده من ضالّين ومهتدين.
ولهذا الغرض نهى القرآن الكريم عن المجادلة مع أهل الكتاب سوى بالأحسن وهو قصارى ما في الدعوة: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} [العنكبوت: 29/46] واستثنت الآية المصرين على الظلم منهم فهؤلاء لا ينبغي المجادلة معهم أصلاً.
وبيّن لهم المزيد عن فحوى المجادلة، كما بيّن لهم بكل وضوح وإيجاز ما يجب أن يكون عليه موقفهم في حال تولّي الطرف الآخر: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاّ نَعْبُدَ إِلاّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 3/64]. وقوله تعالى: {وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [العنكبوت: 29/46].
ومن ذلك قوله تعالى: {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتْ الذِّكْرَى} [الأعلى: 87/9] . وهو الأدب في الموعظة ونشر العلم، فالمطلوب هو التذكير إن كان هنالك جدوى تُرجى من الذكرى، أو في جميع الأحوال مع اتباع الأدب.
وكمثال على ذلك يذكر القرآن الكريم موقف نوح من قومه: {قَالَ
كثيرون تحدثوا عن الديانات والفروق بينها، وكثيرون تحدثوا عن الإسلام والمسيحية.. ولكن هذه الدراسة عنهما تتميز بالشمول والعمق في قضية العلاقة الحساسة بين هذين الدينين السماويين مع الموضوعية والبعد عن التحامل.
وإذ يلقي الكتاب الضوء على تاريخ العلاقة بين الإسلام والمسيحية فإنه يمهد السبيل إلى أن يتقبل الطرفان بعضهما بعضاً لإنشاء حوار متبادل بينهما بعيداً عن الأحكام المسبقة والمفاهيم المغلوطة.
ومن هنا فالكتاب ذو أهمية بالغة للمسلمين والمسيحيين على السواء لأنه يسعى لإزالة كثير من العقبات في عالم أصبح الحوار فيه ضرورة من ضرورات العصر للتغلب على المشكلات جميعاً.
الإسلام والمسيحية من التنافس والتصادم إلى الحوار والتفاهم - أليكسي جورافسكي - تر. خلف الجراد
يتميز هذا الكتاب بين الدراسات المماثلة بميزتين مهمتين:
أولاهما: شموله وتعمقه بقضية العلاقة بين الإسلام والمسيحية.
وثانيتهما: موضوعيته وبعده عن ألوان التحامل المعهودة في هذه القضية الحساسة.
يلقي الكتاب الضوء على تاريخ العلاقة بين الإسلام والمسيحية منذ ظهور الإسلام حتى عصرنا الحاضر، ويمهد للفهم المتبادل بينهما، ويبتعد عن الأحكام المسبقة والمفاهيم المغلوطة، ليقيم حواراً مثمراً بنّاء بينهما.
يتناول الكتاب صورة الإسلام في الفكر الديني - الفلسفي الأوربي، وفي الوعي الأوربي في القرون الوسطى وفي العصر الحديث، ويبين طبيعة الاقتباسات الثقافية في القرون الوسطى، ويقدم تمهيداً فلسفياً دينياً للحوار الإسلامي - المسيحي من فلاديمير سولوفيوف إلى لويس ماسينيون، ويبدي رأي سولوفيوف في الإسلام في المذهب الديني الفلسفي، ورأي ماسينيون في علم الإسلاميات الكاثوليكي المعاصر، والرؤية الكاثوليكية المعاصرة لمسألة الحوار مع الإسلام.
يرسم الكتاب صورة العالم الإفروآسيوي من الوثائق الكنسية العائدة للقرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، ويبين قضايا الإسلام في المجمع الفاتيكاني الثاني، والحوار الإسلامي المسيحي بعده، والأسس اللاهوتية، والجوانب الاجتماعية الثقافية للحوار الإسلامي المسيحي.
يشرح الكتاب العلاقة بين الإسلام ومسيحيي الشرق الأدنى، والوضع التقليدي لهم في المجتمع الإسلامي، ووضع الأقليات المسيحية في المشرق العربي، ويبحث في وسائل المنورين المسيحيين للقضاء على التشرذم الطائفي، وفي إيديولوجية العروبة في ضوء إشكالية العلاقات الإسلامية المسيحية المتبادلة في الشرق الأدنى.