تخطي إلى المحتوى

المجتمع المدني - مقاربات في دور المرأة والشباب

20% خصم 20% خصم
السعر الأصلي $4.50
السعر الأصلي $4.50 - السعر الأصلي $4.50
السعر الأصلي $4.50
السعر الحالي $3.60
$3.60 - $3.60
السعر الحالي $3.60

مشروع جديد للإصلاح يعيد مقاليد الأمور إلى العلماء والفقهاء والمفكرين ، من خلال رؤية ثقافية وفكرية لعالم السياسة.

المؤلف
سرمد الطائي ترجمة
التصنيف الموضوعي
غلاف نوع التجليد
أبيض نوع الورق
184 الصفحات
24×17 القياس
2001 سنة الطبع
1-57547-939-7 ISBN
0.3 kg الوزن

المرأة في المجالين السياسي والاجتماعي

حين نتحدث عن المرأة وحقوقها والظروف التي تمر بها، فعادة ما نتصور أن تلك الحقوق والمكانة لا يتم تأمينها إلا إذا مارست المرأة نشاطها خارج المنزل ، ويؤدي هذا التصور بشكل غير واعٍ إلى شيوع اعتقاد خاطئ في المجتمع يفضل المرأة العاملة على ربة البيت.

وبطبيعة الحال فإن المرأة إذا أجبرت على لزوم دارها ولم تتح لها الفرصة لمزاولة العمل الذي ترغبه نتيجة لذلك، فلنا أن نقول إن الحقوق الإنسانية للمرأة لم تراع في ذلك المجتمع، لكن المرأة إذا اختارت لنفسها البقاء في البيت والتفرغ لإدارته فلا يمكن استنتاج أنها أقل شأناً من تلك التي تعمل خارج المنزل مضطرة في بعض الأحيان.

إنني لا أعلم أي مكانة في عالم الوجود تلك التي تتفوق على مكانة الأم، وكلما فكرت في ذلك عجزت عن تحديد دور مكافئ للأمومة في أهميته في المستوى العاطفي والقيمي والفني والاجتماعي وحتى في مجال الاقتصاد والسياسة، وبالطبع فإن ذلك حين تفي المرأة بالدور الحقيقي للأم ويتم توفير الأرضية المناسبة لذلك. إذ لا تتمثل الأمومة بمجرد الإنجاب والرضاعة والاهتمام بنمو الأطفال جسمياً، بل لا بد للأم أن تكون نموذجاً للوعي والمعرفة والعاطفة والشخصية المتسمة بالنضج، لتتمكن من تربية أبنائها بنحو يتم تأهيلهم كأفراد متميزين. ويتطلب ذلك في المجتمع السليم وجود الظرف الذي يكفل إعداد أمهات بهذه المواصفات.

في المجتمعات غير المتقدمة وفي مجتمعنا أحياناً، نجد أن المرأة، ومن زاوية كونها امرأة، كانت تجبر على البقاء في المنزل، غير أن ذلك أمر مرفوض، لكنها حيث تكون قادرة على الخروج من المنزل وممارسة المهنة التي تشاء، ومع ذلك فهي تختار البقاء في منزلها والتوفر على المسؤوليات المهمة كتأمين جو مناسب لتربية الأطفال، فهي حينئذ قد حققت إنجازاً عظيماً كما أتصور. وأجدني راغباً في التأكيد على أنه في المجتمع الإسلامي الذي يتحرك بشكل صحيح نحو التنمية، لا ينبغي أن يؤدي تفرغ المرأة للعمل المنزلي، إلى إيجاد معوقات أمام تكامل شخصيتها الذي إنما يتحقق بتواصلها مع الشأن الاجتماعي. ونلاحظ في كل المجتمعات ظاهرة تقسيم العمل أي أن كلاً من أبناء المجتمع كان يجد نفسه مضطراً للقيام بعمل معين لأجل بناء المجتمع، وعلى حد تعبير أفلاطون وأرسطو فإن العامل في ظهور المجتمع هو حاجة الناس إلى عمل بعضهم البعض، فيجتمع الناس معاً من أجل البقاء كما يقول أرسطو.

ويتمثل هدف المجتمع المدني في تحقيق حياة أفضل، وإنما يتبلور الجانب المدني في المجتمع بالمبادرة الواعية والاختيارية المبنية على رغبة أفراده. إذ ينبغي أن يكون الإنسان حراً ليتمكن من المشاركة التي تقوم على رغبته في المجالات الحياتية المختلفة؛ خاصة مجالات السياسة والثقافة. فحين يضطر رجل أو امرأة إلى العمل في مؤسسة ثقافية أو اقتصادية، فإن حصيلة جهوده ستعود بالنفع على الشعب على أية حال، غير أنه حينما يختار بنفسه عملاً اقتصادياً أو سياسياً أو ثقافياً، فإن البعد الإنساني والإرادي لذاته سيظهر بشكل أفضل في جهوده. حيث إن إنسانية المرء إنما تتحقق بممارسته للوعي والاختيار.

إن بلادنا بحاجة إلى توفير الظروف التي تتيح فرص التقدم لكل من المرأة العاملة وربة البيت بشكل متكافئ، وتكفل الأخذ بوجهة نظر كلا الشريحتين.

فهل وفرنا الأرضية المناسبة لذلك؟ وهل نمتلك أحزاباً يمكن للمرأة أن تساهم في أنشطتها، أو اتحادات نقابية وفنية واجتماعية ورياضية أو علمية ودينية تتوفر فيها تلك الفرصة؟ ولو توفرت هذه المؤسسات لتمكنت كل من ربة البيت والمرأة العاملة أن تسهم في عملية التنمية وأن يصبحن عناصر فاعلة في المجتمع.

إنني لا أحبذ كثيراً أن نمتلك أقساماً خاصة بالنساء في المجالات المختلفة، وبالطبع فإنه في وسع النساء كبقية الشرائح والقطاعات أن يعمدن بمحض إرادتهن إلى تأسيس اتحادات وما شابه في إطار الأنشطة الخاصة بهن، لكن امتلاكنا في مجالٍ ما قسماً أو مؤسسة خاصة بالنساء يعكس مع الأسف أن مشاكل النساء أكثر وتحتاج إلى أسلوب خاص لتناولها.

ينبغي لنا أن نطمح إلى يوم يدخل فيه سائر الرجال والنساء إلى المجال الاجتماعي، ولا نحتاج إلى مؤسسات تتولى تجاوز الحرمان والنقص الذي يلاحظ في حياة المرأة، ويمثل جزءاً من موروث الماضي. وحينئذٍ لا ينبغي أن يكون تقييمنا لمكانة المرأة قائماً على أساس أن تلك معلمة وهذه موظفة أو مهندسة أو مديرة أو ربة منزل، لأن كلاً من هذه الأصناف جيد في إطاره، والمرأة بشكل طبيعي هي التي تتكفل الدور الرئيسي في المنزل، ولكن يمكن حتى وفقاً للمعايير الحالية للإسلام والفقه، أن نقدم نموذجاً جديداً لدور المرأة وموقعها وحقوقها.

نجد أن الإمام الخميني طرح أفكاراً جديدة بعد الثورة، ونلاحظ اليوم أن فقهاءنا يقدمون وجهات نظر أخرى حول المرأة، ولا تزال هناك آفاق أخرى بالتأكيد لا بد من الانفتاح عليها بدقة ومراعاة لكافة الجوانب. ولكن على أساس المعايير المتوفرة الآن ليس ثمة ما يجبر المرأة على الانصراف إلى أعمال المنزل فقط، أما إذا بادرت المرأة إلى ذلك بمحض إرادتها، فهو أمر إيجابي للغاية شريطة أن لا يتقاطع ذلك مع تكامل شخصيتها واستيفائها لما تمتلكه من حقوق كمواطنة وفرد من المجتمع. وينبغي اتخاذ تدابير على صعيد آخر تحول دون أن يؤدي عمل المرأة خارج المنزل إلى التأثير على عملية النمو الجسمي والروحي لأبنائها.

من المؤسف أن الإمكانيات المتاحة للرجال في الحقل العلمي أكبر مما هو متاح للنساء في بلادنا، مع أن الوضع أصبح أفضل بعد الثورة، إذ كانت هنالك مصاعب أكثر في الماضي، على أساس أن الأجواء الدراسية والخروج من المنزل بشكل عام، كان يمثل مصدر قلق للعوائل الملتزمة إلى حدٍ ما، لكن ذلك القلق انحسر اليوم بدرجة كبيرة. ونجد اليوم أن العنصر النسوي يمثل نسبة جيدة في مجالات التعليم والمجالات البحثية، وتعتبر نسبة الإناث أكثر من 40 % وهو رقم جيد مع أنه ينبغي أن يرتفع.

ونواجه في المجال التعليمي بعض المعوقات الاجتماعية خاصة في الأرياف أو المدن الصغيرة، فحين يتطلب الأمر أن تنتقل الفتاة إلى مدينة أكبر لتواصل دراستها، فإن عائلتها تعارض ذلك فتضطر إلى البقاء في قريتها، وبالتالي الانقطاع عن الدراسة.

ولذلك يتحتم علينا إيجاد الظرف الملائم الذي يكفل توفير فرص التعليم للفتيات كالفتيان بالضبط، لأن ذلك يساهم في حل قدركبير من المشاكل. فحقوق المرأة والإمكانيات التي تحتاجها ليست الأمر الذي نمنحه نحن الرجال إياها منّة وتفضلاً. وبالدرجة الأولى يجب أن تحدد مكانة المرأة وحقوقها، وحينئذ سيتولد الدافع اللازم لاكتسابها، ولذلك فإن ارتفاع المستوى العلمي ودرجة الوعي بين النساء هو من أهم العوامل في نيل نساء البلاد لحقوقهن.

إذا لم تكفل الأجواء السياسية والاجتماعية في البلاد للرجل والمرأة؛ أن يمارسا تأكيد الذات وطرح وجهة النظر، والانفتاح الفكري والحرية في التعبير على المستوى الفكري، فإن البلاد ستكون ضحية للتخلف، وإذا أتيحت هذه الفرصة للرجال وحسب سيفتقد المجتمع توازنه.

نجد في تاريخ الإسلام بنحو وآخر أن المرأة استطاعت أن تظهر وتتألق، خاصة في صدر الإسلام وقبل الانحراف الذي ظهر في مرحلة ما بعد الخلفاء الراشدين حين وصلت إلى الحكم سلطات استبدادية باسم الإسلام. ورغم قلة تلك النماذج النسوية نتيجة للظرف الاجتماعي السائد آنذاك، فإن الإسلام لا يشكل عائقاً لنشاط المرأة وفعاليتها. ونحن إذا لاحظنا الوضع الراهن سنجد الحالة ذاتها، لكن ذلك لا يدلل على أن المرأة اليوم أكثر تخلفاً أو أنها لا تمتلك الحق في ممارسة أنشطتها.

المهم في الأمر أن يكون للمرأة حق الاختيار وأن لا يكون ثمة مانع من عملها السياسي والاجتماعي والثقافي، وفي الوقت ذاته لا يسوغ لنا أن نتطرف كثيراً في الدعوة إلى المساواة بين الجنسين إلى الدرجة التي نطالب فيها بأن تترك كافة النساء بيوتهن حتى لو كرهن ذلك للعمل خارج المنزل من أجل تقدم البلاد.

في هذا الكتاب يبرز البعد الثقافي جلياً في شخصية الرئيس السيد خاتمي، حيث يدعو إلى تأسيس سلطة المثقفين، كما كان الفيلسوف أفلاطون من قبلُ يدعو إلى تأسيس سلطة الفلاسفة.

فالسيد خاتمي يحرص في أثناء أحاديثه عن المجتمع المدني على تأكيد مفهوم الحرية، ويحاول توظيف المعطيات التاريخية والدينية والثقافية من أجل بلورة ودعم هذا المفهوم.

ففي معالجته لموضوع المرأة يناقش قضية المجتمع الأموي والمرأة والأسرة ودور المرأة في الإسلام. ويقدم رؤيته حول خصوصيات الشباب وروح النقد عندهم، والوضع التعليمي، ودور الشباب والرياضة.

ومن الميزات التي تطبع جهود السيد خاتمي هي تأكيده على التبعات السيئة للانحياز الإيديولوجي إن كان في التعامل مع الشأن الفكري أو فهي يرتبط بالتعاطي مع قطاعي الشباب والنساء، ويجد ذلك متقاطعاً مع الحرية بالقدر الذي تتطلبه بنية المجتمع المدني.

هذا الكتاب يتضمن أفكاراً جريئة وواقعية شكلت جوانب مهمة من شخصية السيد خاتمي، الذي قاد مشروع الإصلاح في إيران، والذي حقق نتائج باهرة خلال فترة رئاسته، وما الانتصار الكبير الذي حققه في انتخابات عام 2001م، إلا دليل على أن أفكاره قد وجدت صدى لها في نفوس وعقول مواطنيه.

مشروع جديد للإصلاح يعيد مقاليد الأمور إلى العلماء والفقهاء والمفكرين ، من خلال رؤية ثقافية وفكرية لعالم السياسة.