بورصة الأوراق المالية من منظور إسلامي
يتناول طبيعة العمل في البورصة، ووظائفها، والعمليات الجارية فيها، مع نقد من منظور إسلامي من أجل تنمية المعاملات التي توافق الشرع، وبيان ما يمكن تعديله من المعاملات المخالفة، وما لا يمكن تعديله لإلغائه.
يتناول طبيعة العمل في البورصة، ووظائفها، والعمليات الجارية فيها، مع نقد من منظور إسلامي من أجل تنمية المعاملات التي توافق الشرع، وبيان ما يمكن تعديله من المعاملات المخالفة، وما لا يمكن تعديله لإلغائه.
ملخص البحث
يهدف البحث إلى دراسة بورصة الأوراق المالية من خلال بيان معناها ووظائفها ودورها الاقتصادي، وتحليلها من ناحية هيكلها الإداري وسير العمل فيها، والأوراق المالية المتداولة فيها (الأسهم والسندات)، والعمليات التي تجري فيها على تلك الأوراق المالية، ومن ثم نقدها من منظور إسلامي.
سلكت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي النقدي. وخرجت بجملة نتائج، منها أن البورصة أداة فعالة للتنمية من خلال الوظائف التي تقوم بها في مجال الاقتصاد الكلي والجزئي. وهي بهيكلها الإداري من لجان وعاملين، وبلوائحها وقواعدها، ونظمها تدخل في دائرة الإباحة الشرعية، فلا يوجد مانع من الأخذ بها. وإن إصدار الأسهم وتداولها بالبيع والشراء جائز شرعاً إذا لم تكن الجهة المصدرة لها مما يحرم التعامل معها كشركات إنتاج الخمور والبنوك الربوية. إن إصدار السندات وتداولها بفائدة ثابتة ومحددة، محرم شرعاً، ويعوض عنها ببدائل شرعية كصكوك المضاربة والمشاركة والإيجار. وهذا يبين قدرة البديل الإسلامي على تنظيم وتداول الأسهم والسندات (البدائل الشرعية) المعروضة للبيع، مما يمكن أصحاب الأموال السائلة من الاستثمار في مشروعات دون الوقوع في الربا (آكلاً أو مؤكلاً). ويمكن القول بأن العمليات التي تجري في بورصة الأوراق المالية أغلبها غير جائزة شرعاً، وهي بحاجة إلى تعديل في طبيعتها إن أمكن، أو إيجاد بدائل شرعية لها.
الفصل الأول
مقدمة البحث
توطئة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آلة وصحبه ومن والاه...
إن مما لا شك فيه أن المال قوام الحياة، وضرورة من ضرورياتها، وأن السعي لكسبه والعمل على تنميته واجب لا يستقر معاش ولا تهنأ حياة من دونه. وقد وضع الإسلام قواعد وأحكاماً خاصة بالمال، كسباً، وتمليكاً، وإنتاجاً، وتنميةً، واستهلاكاً، حيث يقول الله تعالى: {فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور} [الملك: 67/15] ويقول: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله} [الجمعة: 62/10].
ويعطي الإسلام المال الخاص حق المال العام في حمايته وحفظه ويصفه بأنه قوام الحياة، وإلى ذلك وجه الخطاب إلى الأمة: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولاً معروفاً} [النساء: 4/5]. ففيها دليل الحفظ، وكذلك دليل التنمية في قوله تعالى: {وارزقوهم فيها} وليس منها.
ولقد شرع الله سبحانه وتعالى لتداول المال نظام المعاملات، فقد جاء الإسلام والناس يتعاملون على أساس المنفعة، ولو كان على حساب الإضرار بالآخرين، فأخذ ينظم معاملاتهم؛ فحرم منها ما حرم، وأحل منها ما أحل، وعدل منها ما عدل، فأحل البيع وحرم الربا، ووضع للبيع والشراء قواعد عامة وشروطاً وضوابط، وأخلاقيات للعقود والتعامل التجاري، ليعود النفع على البائع والمشتري معاً وليزيد الإنتاج أيضاً.
والسوق هو الإطار الذي تتم فيه عادةً عملية البيع والشراء وأنواع مختلفة من المعاملات. ونظراً لأهمية السوق وتأثيره في الاقتصاد، أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ببناء سوق إسلامي في المدينة بديلاً عن سوق اليهود، الذي كانت تجري فيه المعاملات المحرمة. وكان صلى الله عليه وسلم يمر بنفسه على السوق لمراقبة العمل التجاري، واستمر هذا الاهتمام في عهد الصحابة والتابعين، وتطورت الأسواق في ظل النظام الإسلامي.
وأما في عصرنا الحديث فبعد أن تعرض المسلمون للتراجع الحضاري، وتخلفوا عن ركب التطور الذي حصل في جميع مجالات الحياة، لم يثبتوا لأنفسهم شهوداً حضارياً وخصوصاً في الجانب الاقتصادي، حيث بات الفقه الإسلامي فقهاً نظرياً، ضعيف الصلة بالواقع ومستجداته المعاصرة، فنشأت المعاملات الحديثة بعيدة عن التكييف الفقهي، وظهرت أسواق غير منضبطة بالشرع. ومن تلك الأسواق، بورصة الأوراق المالية التي تؤدي في ميدان الحياة الاقتصادية دوراً خطيراً، إذ يعقد فيها أكبر الصفقات التجارية التي تمثل الجزء الأكبر من ثروات البلاد. حيث إن إهم موارد البلاد تتجه إلى البورصة لتكون سوقاً لها، وعن طريقها يتم تصريف هذه الموارد، فإذا لم تكن أعمال البورصة خاضعة لنظم وضوابط شرعية، فإنها قد تتحول إلى مسرح للعبث بثروة البلاد ومجالاً للكسب الحرام.
تُعدُّ البورصة سوقاً مستمرةً، حيث يلتقي فيها البائع والمشتري، فيجد البائع سوقاً لبيع أوراقه وبضائعه، ويجد المشتري سوقاً لشراء ما يريد، وتتحدد في البورصة الأسعار نتيجة لقانون العرض والطلب. فمن المعلوم أن الحاجات تحتاج إلى إشباع، والإشباع يتحقق بالشراء، وهذا هو جانب الطلب، ويتحدد الطلب بمقدار المنفعة من الحصول على السلعة. والموارد الاقتصادية تدر السلع بتضافر عناصر الإنتاج ثم بيعها، وهذا هو جانب العرض الذي يتحدد بعوامل منها مقدار التكاليف اللازمة لإنتاج السلعة. وأن المؤشر لتحقيق التوازن بين قوتي العرض والطلب هو الثمن الذي يحدد توزيع الدخل على الحاجات، لتحقيق الإشباع، وتوزيع رأس المال على عناصر الإنتاج لتحقيق الإنتاج.
ومن هذا المنطلق يحاول الباحث الخوض في طبيعة العمل في بورصة الأوراق المالية والوظائف التي تقوم بها، والعمليات التي تجري فيها، وذلك بدراستها وتحليلها ونقدها من منظور إسلامي، لتنمية المعاملات التي تتم وفقاً لأحكام شرع الله وبيان ما يمكن تعديله ليوافق شرع الله، وما لا يمكن تعديله لإلغائه. وبذلك سيتضح معالم بورصة أوراق مالية إسلامية تعمل في خدمة التمويل والاستثمار، وزيادة الإنتاج وانتعاش الاقتصاد، بدلاً من أن تكون سوقاً لتقلب الأسعار والربا والتأثير على الحياة الاقتصادية للمجتمع، على حساب عدد محدود من الناس. والله الموفق لكل أمر وهو من وراء القصد.
أهمية البحث
تكمن أهمية هذا البحث في تحقيق الأهداف الآتية:
1-بيان أهمية البورصة في الحياة الاقتصادية حيث إنها تسهل عملية البيع والشراء، فإذا لم تكن الأموال حاضرة فإنها تسهل على المتعاملين الاتجار دون توقف، وإنها أداة لتصريف السلع والبضائع دون تعقيد أو تعويق.
2-بيان وعرضها أنواع المعاملات التي تجري في بورصة الأوراق المالية، ثم تحليلها ونقدها من منظور إسلامي.
3- بيان الصيغ الشرعية التي تكتمل بها بورصة الأوراق المالية الإسلامية في مسائل الأسهم والسندات والصكوك والعقود الخاصة، لأجل إقامة السوق وفق الضوابط الشرعية.
4-بيان آراء علماء الاقتصاد حول شركة المساهمة ودورها في التنمية والاستثمار، وعلاقتها بالأسهم والسندات ومقارنتها بآراء الفقهاء.
5-بيان التكييف الفقهي لسندات المقارضة ومدى علاقتها بربا الديون، وبيان الفرق بين المضاربة في الفقه الإسلامي وبورصة الأوراق المالية.
6- بيان ضوابط وشروط إقامة سوق أوراق مالية إسلامية وذلك من خلال التقويم الشرعي والاقتصادي لنموذج بورصة الأوراق المالية العصرية، لتنمية المعاملات التي تتم وفقاً لأحكام الشرع، ولتكون هي الغالبة من بين مجموع المعاملات، إلى أن تأخذ جميع المعاملات الصيغة الإسلامية بإذن الله.
الدراسات السابقة
نظراً لعدم وجود البورصة التاريخية في ظل النظام الإسلامي وبهذا الإطار العصري، لذا لم يجد الباحث حديثاً عن هذا الموضوع في الكتب الفقهية القديمة، حيث إن في تلك الكتب حديثاً عن البيوع والمعاملات التي كانت سائدة في تلك العصور، مع بيان الإطار الفقهي لكل معاملة مستجدة في أي عصر من العصور. ويندرج تحت تلك البيوع بعض البيوع التي تجري الآن في بورصة الأوراق المالية. أي إننا نتلمس بعض النظائر الفقهية لدى الفقهاء القدامى لتطبيقها على المعاملات المالية في سوق البورصة.
ولكن هناك معاملات وعمليات تجري في بورصة الأوراق المالية تعتبر من الأمور المستجدة، والتي تحتاج إلى تكييف فقهي معاصر، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى وجد الباحث أن أغلب المصادر المعاصرة حول هذا الموضوع ألفت باللغة الإنجليزية، وتعبر عن وجهة نظر الغرب في العمليات التي تجري في البورصة. أما المراجع الإسلامية المعاصرة حول هذا الموضوع فنادرة، وجل ما وجده إنما هو فقرات في كتب أو مجلات إسلامية تناولت جزئيات متناثرة منه، الأمر الذي يقتضي من الباحث مراجعة المصادر والمراجع الإسلامية لغرض التأصيل الفقهي للبيوع التي تجري في البورصة، وأما المصادر والمراجع الإسلامية الحديثة والمراجع الإنجليزية فتستخدم بهدف جمع الشذرات المتناثرة حول هذا الموضوع، ومن ثم دراسة وتحليل تلك الآراء بعد جمعها وتبويبها وتصنيفها.
فمن الدراسات السابقة حول هذا الموضوع، والتي استطاع الباحث الاطلاع عليها: كتاب ( أسواق الأوراق المالية ودورها في تمويل التنمية الاقتصادية) لصاحبه سمير عبد الحميد رضوان، تناول الكاتب في كتابه هذا دور الأوراق المالية في تمويل التنمية الاقتصادية، مبيناً مفهوم السوق والبورصة وأنواعها، ومعايير الكفاءة فيها، والقوانين التي تحكمها، وأشار إلى أنواع البيوع التي تجري في البورصة وموقف الفقه الإسلامي فيه، بيد أنه لم يوسع في ذلك بل طرحه في فصل واحد فقط. لقد توسع في تحليله للسوق في الاقتصاد الرأسمالي، وربط ذلك بالتنمية الاقتصادية، ولم يتطرق إلى تحديد شروط لإقامة سوق أوراق مالية إسلامية، لذلك ما يقدمه الباحث هو تفصيل ما يجري في البورصة من عمليات ومعاملات، وتحليلها من منظور إسلامي، وتحديد إطار لسوق أوراق مالية إسلامية، وهو ما اقترحه صاحب هذا الكتاب في جملة التوصيات والمقترحات.
وقد تطرق الدكتور علي أحمد السالوس في كتابه: ( المعاملات المالية المعاصرة في ضوء الشريعة الإسلامية) - وهو كتاب مكون من مجموعة بحوث ومحاضرات- إلى أعمال البورصة بصورة وجيزة. ففي ضمن مجموعة محاضرات، خصص محاضرة لأعمال البورصة في الفقه الإسلامي، حيث تناول في محاضرته أعمال البورصة بصورة وجيزة، وبيَّن حكم الشرع في بعض المعاملات التي تجري في البورصة دون تفصيل وتوثيق علمي، وذلك نظراً لطبيعة العرض، حيث لم يتطرق إلى إعطاء صورة عن البورصة، وعن أنواعها ووظائفها، ويمكن أن يعتبر الباحث هذا الكتاب أحد المفاتيح لتفصيل هذا الموضوع.
وقد تناول صاحب كتاب: ( تمويل المشروعات في ظل الإسلام) أشكال المشروعات وتمويلها حديثاً في باب، وبيَّن أن أحد أدوات التمويل الحديثة هي البورصات، ومن خلالها تطرق إلى تعريف البورصة ووظائفها وخصائصها في مبحث واحد فقط، وفي الباب الثاني تناول أشكال المشروعات وتمويلها في الإسلام، وتطرق إلى أن أحد أدوات التمويل الإسلامية الحديثة هي البورصات، وتحدث عن البورصة والسوق في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ووجه الشبه بينهما.
وقد تطرق الدكتور أحمد شلبي كذلك في كتابه: ( الإسلام والقضايا الاقتصادية المعاصرة) ، إلى شهادات الاستثمار والمضاربة المشتركة، وتصدر كتابه بدراسة الربا وعلاقته بالقروض، وتناول أيضاً الأسهم وحكم الشرع فيها والتعامل بها، وتطرق إلى تعريف البورصة وأنواعها، وبيَّن أيضاً رأي الفقه في السمسرة، ولكن بصورة وجيزة جداً.
وقد تناول الدكتور يوسف كمال محمد في الباب الرابع من كتابه: (فقه الاقتصاد الإسلامي) ، أحكام السوق، حيث تطرق إلى بيان أنواع الأسواق القديمة والمعاصرة، وأدرج البورصة تحت الأسواق غير المرغوب فيها، وتطرق إلى تعريفها ( البورصة) وأنواعها بإيجاز، وبيَّن في مجموعة نقاط عمليات البورصة وما تميزها من غيرها من الأعمال، وتطرق إلى الآثار السلبية للبورصة على الأسعار بصورة خاصة، وعلى الاقتصاد بصورة عامة، وهذا كله في خمس صفحات فقط حيث يحتاج إلى التفصيل والتوسيع والتطوير.
وأما في مجال إصلاح البورصات فقد تناول البروفيسور الفرنسي موريس آليه في كتابه: (الشروط النقدية لاقتصاد الأسواق من دروس الأمس إلى إصلاحات الغد) ، وهذا الكتاب في الأصل كان محاضرة ألقاها في المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بجدة، وترجم إلى العربية. فقد تناول الدكتور موريس المواضيع التالية: ضرورة الإصلاح النقدي والمالي من خلال: إصلاح النظام المصرفي والمالي، إصلاح الربط القياسي، وإصلاح البورصات (المصافق).حيث بيّن الآثار السلبية للبورصات إن لم يجر فيها إصلاحات، كالإفراط في تمويل المراهنات، والتسعير المستمر، والمراهنة على الأرقام القياسية لأسعار المصافق والانعكاسات النفسية للتقلبات في المصافق.
وفي مجال تطوير سوق أوراق مالية إسلامية، تناولت الباحثة سهى شوكت معاد في الفصل الخامس من كتابها: ( البنوك الإسلامية حول العالم) ، ماهية وأهمية سوق الأوراق المالية الإسلامية ونظرة المصارف الإسلامية إلى الأسواق المالية القائمة حالياً والجهود الرامية إلى تطوير الأسواق المالية الإسلامية، ولكنها لم تتطرق إلى العمليات التي تجري فيها، لذلك يرى الباحث أن هذا الفصل يحتاج إلى تفصيل وتطوير. وفي الفصل السادس تناولت موضوع المصارف الإسلامية والتقنية المعلوماتية، واستخدامها في المصارف وسوق أوراق المال، ولكنها لم تتطرق إلى الحكم الشرعي والمنظور الفقهي لاستخدام التقنية في المعاملات والتجارة.
وفي بحث بعنوان: ( تطوير سوق مالي إسلامي) من إعداد إسماعيل حسن محمد، هناك إشارات إلى البديل الإسلامي لبورصة الأوراق المالية، حيث تناول الباحث في بحثه هيكل سوق المال في الإسلام، وتطرق إلى ركائز السوق، المؤسسات والأدوات والسياسات، بصورة وجيزة ومختصرة جداً. وفي أثناء بحثه تطرق إلى موضوع الأسهم والسندات، واعتبرهما من المعاملات الطويلة الأجل في السوق، وفي أثناء مطلب قصير في بحثه تطرق إلى بورصة الأوراق المالية والبديل الإسلامي لها، لكنه لم يفصل فيه، لذا وجد الباحث أن يفصل في ذلك.
وفي بحث آخر أيضاً بعنوان: ( نحو نموذج إسلامي لسوق الأسهم) لسيف الدين إبراهيم تاج الدين، إشارات إلى طبيعة التداول في سوق إسلامية للأسهم، فقد تناول الباحث المبادئ العامة التي تكيّف طبيعة التداول في سوق إسلامية للأسهم، ويقوّم من الناحتين الشرعية والاقتصادية نموذج سوق الأسهم الرأسمالية الحرة. ثم يناقش دعوى ومعايير كفاءة الأسواق المالية الرأسمالية مستعرضاً في ذلك نظريات كوتنـر (P. Cootner) وسامولسون ( P.A Samuelson) وكينـز (J.M. Keynes) في الموضوع، وطبيعة العلاقة بين هاتين الفئتين تجعل السوق من دون منظم داخلي يحد من الجهالة والغرر ولا يحقق الكفاءة.
نظراً لما سبق من عرض لبعض الدراسات السابقة التي استطاع الباحث الحصول عليها حول هذا الموضوع، تبين للباحث أن هذا الموضوع يحتاج إلى صياغة جديدة يتسم بالشمول في الاستقراء والتعديل، والتحليل والتوسيع. وهذا ما دفع الباحث للخوض في غمار الموضوع.
أسئلة البحث
يحاول الباحث في بحثه هذا، الإجابة عن السؤال الآتي: ما الحكم الشرعي في أعمال بورصة الأوراق المالية؟
وتتفرع من هذا السؤال المركزي مجموعة أسئلة منها:
1 - ما العمليات المالية التي تجري في بورصة الأوراق المالية؟ وما حكم الشرع في تلك العمليات؟
2 - هل تجري عقود المضاربة الشرعية في البورصة؟ وما الفرق بين المضاربة في البورصة والمضاربة الشرعية؟
3 - كيف يتم بيع وشراء الأسهم والسندات؟ وما التكييف الشرعي لعمليتي البيع والشراء ؟ وهل يمكن إجراء تعديل في بعض الصور المحرمة لتكون متفقة مع أحكام الشريعة؟
4 - ما الآثار السلبية والإيجابية لبورصة الأوراق المالية؟
أمر ومن وراء المنهجية البحث
المنهج الذي يتبعه الباحث في دراسته لهذا الموضوع هو المنهج الوصفي التحليلي النقدي، وذلك من خلال وصف بورصة الأوراق المالية، وما يجري فيها من معاملات وعمليات، وما تقوم به من وظائف، ثم تحليل تلك الوظائف والعمليات والمعاملات على ضوء الفقه الإسلامي، ونقدها، وبيان ما يوافق الشرع لتنميتها والاستفادة منها، وما يخالف الشرع لاجتنابها، والابتعاد عنها، وتعديل ما يمكن إحداث التعديل فيه ليوافق الشرع ويستفاد منها. كذلك يقوم الباحث بعرض آراء علماء الاقتصاد حول العمليات التي تجري في بورصة الأوراق المالية، ومن ثم تحليل تلك الآراء ونقدها في ضوء المنظور الإسلامي.
وفي سبيل التوصل إلى ذلك، تهتم هذه الدراسة بالرجوع إلى المصادر والمراجع الأصلية في الفقه الإسلامي، للتأصيل الشرعي للعمليات التي تجري في البورصة، وكذلك المراجع المعاصرة التي تتعلق بالاقتصاد الإسلامي، وخاصة المتعلقة منها بسوق الأوراق المالية، لتحليل آراء العلماء المعاصرين حول المسائل الاقتصادية المستجدة في هذه القضية. وكذلك الرجوع إلى المصادر الأجنبية لمعرفة آراء علماء الاقتصاد في هذا الموضوع، وذلك لنجمع في هذه الدراسة وهذا التحليل بين الأصالة والمعاصرة، لتقديم نظرة إسلامية واعية ومنفتحة حول ما يجري في بورصة الأوراق المالية من معاملات لا يمكن الاستغناء عنها.
تراجع المسلمون في العصر الحديث عن ركب التطور الحضاري، وخاصة في الجانب الاقتصادي، وضعفت صلة الفقه الإسلامي بالواقع ومستجداته المعاصرة وبعُدت المعاملات الحديثة عن التكييف الفقهي.. وظهرت أسواق لم تنضبط بالشرع.. ومنها بورصة الأوراق المالية ذات الدور الخطير في الاقتصاد.
ومن هنا تناول الكتاب طبيعة العمل في البورصة ووظائفها والعمليات الجارية فيها، وقدم فيها نقداً من المنظور الإسلامي من أجل تنمية المعاملات التي توافق الشرع، مع بيان ما يمكن تعديله من المعاملات المخالفة، وما لا يمكن تعديله لإلغائه.. كل ذلك من أجل تقديم تصّور عن إقامة بورصة أوراق مالية إسلامية تعمل على خدمة التمويل والاستثمار الشرعيين.
بورصة الأوراق المالية من منظور إسلامي (دراسة تحليلية نقدية)
شعبان محمد إسلام البرواري
يتناول الكتاب وصف بورصة الأوراق المالية، وما يجري فيها من معاملات وعمليات، وما تقوم به من وظائف، ثم يحلل تلك الوظائف والعمليات والمعاملات وينقدها وفق الفقه الإسلامي، ويبيّن ما يوافق الشرع لتنميتها والاستفادة منها، وما يخالفه جتنابها، وتعديل ما يمكن إحداث التعديل فيه ليوافقه.
كما يعرض الكتاب لآراء علماء الاقتصاد حول العمليات التي تجري في بورصة الأوراق المالية، ومن ثم يحلل تلك الآراء وينقدها في ضوء المنظور الإسلامي. استناداً إلى المصادر والمراجع الأصلية في الفقه الإسلامي والمراجع المعاصرة التي تتعلق بالاقتصاد الإسلامي، وخاصة المتعلقة منها بسوق الأوراق المالية، لتحليل آراء العلماء المعاصرين حول المسائل الاقتصادية المستجدة حول بورصة الأوراق المالية.
وخلص الكتاب إلى بيان أهمية البورصة في الحياة الاقتصادية فذكر أنها تسهل عملية البيع والشراء، فإذا لم تكن الأموال حاضرة فإنها تسهل على المتعاملين الاتجار دون توقف، وأنها أداة لتصريف البضائع دون تعقيد أو تعويض. ثم عرض أنواع المعاملات التي تجري في بورصة الأوراق المالية، وحللها ونقدها من منظور إسلامي.
وبيّن الصيغ الشرعية التي تكتمل بها بورصة الأوراق المالية الإسلامية في مسائل الأسهم والسندات والصكوك والعقود الخاصة. لأجل إقامة السوق وفق الضوابط الشرعية. ثم تعرض لآراء علماء الاقتصاد حول شركة المساهمة ودورها في التنمية والاستثمار، وعلاقتها بالأسهم والسندات ومقارنتها بآراء الفقهاء. وتحدث عن التكييف الفقهي لسندات المقارضة ومدى علاقتها بربا الديون، مع بيان الفرق بين المضاربة في الفقه الإسلامي وبورصة الأوراق المالية.
وأخيراً تناول ضوابط وشروط إقامة سوق أوراق مالية إسلامية وذلك من خلال التقويم الشرعي والاقتصادي لنموذج بورصة الأوراق المالية العصرية، لتنمية المعاملات التي تتم وفقاً لأحكام الشرع، حتى تأخذ جميع المعاملات الصيغة الإسلامية.