لما كان النثر لغة العقل والمنطق، لا لغة العاطفة والخيال فقد وسَّع هذا الكتاب إطار البحث، فلم يقصره على ما يسمّيه المحدثون "النثر الفني" بل أدخل فيه النثر السياسي والإداري كالمعاهدات والرسائل، والنثر الديني كالمواعظ والحكم، والنثر القانوني كالمقاضاة والصكوك، فاتسعت مادة الكتاب وتعددت أغراضه فإذا هو ستة عشر باباً:
أولها دراسة اللغة العربية لرصد ما أبدعه الإسلام فيها، وما أحدثه من تطور في دلالات الألفاظ، وفي أساليب التعبير. وثانيها الحديث عن الكتابة العربية للوقوف على القلم العربي: أصوله وتطوره. وثالثها النظر في البيان المعجز الذي تفرد به القرآن الكريم. ورابعها تحليل الفصاحة النبوية في الحديث الشريف. وخامسها درس الخطابة بأنواعها السياسية والدينية والاجتماعية. وفي الباب السادس توفر الكتاب على دراسة الوصايا التي أصبحت كتابتها سنة متبعة. وفي السابع عني الكتاب بالمعاهدات والمواثيق بين الحاضرة والإقليم، أو بين الدولة الناشئة والدول التي تجاورها. وفي الثامن استعرض الرسائل ولا سيما الرسائل النبوية، وتلك التي تبادلها الخلفاء والأمراء.
وفي أربعة الأبواب التالية أبرز الكتاب الجانب الإرشادي التوجيهي، والجانب الاجتماعي الإنساني من النثر الإسلامي في حديثه عن الحكم والأمثال والمواعظ والتعزية والتأبين والعتاب. ثم ختم الأغراض الأدبية بموضوع فني خالص، وهو الوصف. ومن الفن انتقل إلى القانون، فتحدث في باب الأغراض غير الأدبية عن المقاضاة والوقف والحمى.
وقبل أن يتحدث في الباب الأخير عن خصائص النثر في عصر النبوة والخلافة الراشدة خص الباب الخامس عشر بالنقد الأدبي ليرصد ما أصاب النقد من سموّ أخلاقي ارتقى بالأدب من الجمال إلى الكمال.