تـقـديم
تمنى عليَّ أخٌ كريم وعزيز، هو الأستاذ مهند الحاج علي بك، مدير معهد تحفيظ القرآن في مجمع الشيخ عبد الغني النابلسي الإسلامي، أن أكتب مقدمة لكتابه الثاني ( وعلمناه صنعة ...) والمسلمون اليوم في أمس الحاجة إلى التوجه الذي أكده المؤلف الكريم وهو أن أمة الإسلام تعاني ما تعاني، يلاحظ ذلك المراقب الغيور دون بذل كبير جهد، ولا شك أن أسباب هذه المعاناة والضعف كثيرة ومتشعبة، وقد تكلم في هذه الأسباب والأدواء كتاب كثيرون، لكن الأخ المؤلف في كتابه هذا لن يخوض إلا في جانب واحد، واضحة معالمه، جلية أسبابه، هو جانب إهمال العمل والتصنيع في العالم الإسلامي إهمالاً لم يسبق له مثيل في تاريخ هذه الأمة، فأمة الإسلام بشكل عام والأمة العربية بشكل خاص من أقل الأمم إنتاجاً وتصنيعاً في العالم اليوم بل إنها أمة تكاد تكون عالة في مأكلها ومشربها وملبسها ومركبها على بقية الأمم.
والتفوق الصناعي في الغرب كان سبباً رئيساً لقوته، ولا أدل على صدق ما توجه المؤلف إليه من أن مسؤولاً في الخارجية الفرنسية قال عام اثنين وخمسين وتسعمائة وألف: ( إن المسلمين يملكون تراثهم الروحي الخاص بهم، يتمتعون بحضارة تاريخية ذات أصالة، هم جديرون أن يكونوا قواعد عالم جديد، دون الحاجة إلى إذابة شخصيتهم الحضارية والروحية في الحضارة الغربية، فإذا تهيأت لهم أسباب الإنتاج الصناعي في نطاقه الواسع انطلقوا في العالم يحملون تراثهم الحضاري الثمين، وانتشروا في الأرض يزيلون منها قواعد الحضارة الغربية، ويقذفون برسالتها إلى متاحف التاريخ ).
ولكنني أؤكد ـ كما ورد في الباب الأول من الكتاب ـ على ألا يذهب القارئ إلى أبعد مما أراده المؤلف فيتوهم كما يتوهم كثير من الناس أن التنمية الصناعية وحدها تحل مشكلات المسلمين، لأن التنمية بمفهومها العام هي الآن إله يعبد من دون الله في معظم بلاد العالم، والأمم التي بلغت شأواً بعيداً في التنمية شردت عن الله شروداً فريداً، لذلك تجد معظم المسلمين يخرقون حدود الله من أجل التنمية.
وللإسلام تصور دقيق لحقيقة المال ولكسبه ولإنفاقه، وقد وصف النبي (ص) المؤمنين بأنهم: يحبون جمع المال من أطيب سُبله، وصرفه في أحسن وجوهه، يصلون به قرابتهم وأرحامهم، ويؤثرون به إخوانهم، ويواسون فيه فقراءهم، ولأن يعضَّ أحدهم على الحجارة، أسهل عليه من أن يكتسب درهماً من غير حله، وأن يضعه في غير وجهه، وأن يمنعه من يستحقه، وأن يكون له خازناً إلى حين موته، فأولئك إن نوقشوا عَذّبوا، وإن عُفي عنهم سلموا. ولقد حضنا الله على طلب الرزق، ويسر لنا سُبله فقال تعالى: {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا *} [النبأ: 78/11] وقال: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ *} [الأعراف: 7/10] وقال تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ *} [الجمعة: 62/10] وفي الحديث الشريف: «إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا»، وقال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه : "لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق ويقول: اللهم ارزقني، وقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة"، وقال أيضاً: "استغن عن الناس يكن أصون لدينك، وأكرم لك عليهم".
ولكن دفعاً للقلق، ومنعاً من ارتكاب المعاصي، واحترازاً من أن يقف الإنسان موقف مذلة من أجل الرزق طمأن النبي الكريم (ص) المؤمن بأن رزقه مقسوم ومضمون، وموزون، وأن رزق الله تعالى، لا يجره حرص حريص، ولا ترده كراهة كاره، وأن الله تعالى جعل الروح والفرح في الرضا واليقين، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط، وقال (ص): «إن روح القدس نفثت في روعي أن نفساً لن تموت حتى تستوفي رزقها، فاتقوا الله عباد الله تعالى، وأجملوا في الطلب، واستجملوا مهنكم، ولا يحملنكم استبطاء شيء من الرزق على أن تطلبوه بمعصية فإن الله تعالى لا ينال ما عنده بمعصيته»[(81)].
وقد ورد في بعض الآثار القدسية: «عبدي خلقت السماوات والأرض، ولم أعيَ بخلقهن، أفيعييني رغيف أسوقه لك كل حين؟ لي عليك فريضة، ولك علي رزق، فإن خالفتني في فريضتي، لم أخالفك في رزقك.. وعزتي وجلالي، إن لم ترض بما قسمته لك، فلأسلطن عليك الدنيا، تركض فيها ركض الوحش في البرية، ثم لا ينالك منها إلا ما قسمته لك، ولا أبالي وكنت عندي مذمومًا. لذلك نهانا ربنا جل وعلا، أن نتشاغل بما ضمنه لنا عما افترضه علينا».
لذلك أمرنا الله عز وجل بصريح الآية المحكمة أن نأكل الحلال الطيب، فقال: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّبًا وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ *} [البقرة: 2/168] .
والحلال ما كان حلالاً في ذاته وفي طريق كسبه، فهو يحل لكم ويُبقي على الصلة بينكم وبين ربكم، والطيب ما طابت به أجسامكم ونفوسكم وحياتكم.
وقد يكون الحلال الطيب أقل من الحرام الخبيث، من حيث الكم، وفي هذا ابتلاء من الله لعباده المؤمنين، فمن نجح في هذا الامتحان وآثر القليل من الحلال الطيب على الكثير من الحرام الخبيث، بارك الله له في ماله، فانتفع منه وفي أهله وأولاده فسعد بهم، وحفظ الله له صحته ومكانته، وضمن له سعادته في الدنيا والآخرة قال الله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً *} [الكهف: 18/7] ، ولحكمة بالغة جعل كسب الحلال الطيب أصعب وأشق من كسب الحرام الخبيث، ليبتلى المؤمن ثانية في مدى حرصه على الحلال الطيب، بل في مدى حرصه على رضوان الله قال النبي (ص): «من بات كالاً (متعباً) في طلب الحلال، بات مغفوراً له»[(82)].
والشرع الحنيف، حينما يأمر المؤمن بتحري الحلال في كسبه ينهاه أشد النهي عن أن يتحرى الحلال والحرام في كسب الآخرين، فمن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، وطوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، وقد بين النبي (ص) أنه من طلب الرزق من طرقه المشروعة، وتقصى الحلال من الكسب، وابتغى أن يكف نفسه عن المسألة، وأن يغني أبويه وأهله وأولاده، لقي الله تعالى وهو عنه راض، لذلك قال (ص): «من طلب الدنيا حلالاً وتعففاً عن المسألة، وسعياً على عياله وتعطفاً على جاره، لقي الله ووجهه كالقمر ليلة البدر»[(83)].
وقد كان (ص) جالساً مع أصحابه ذات يوم فنظروا إلى شاب، ذي جلد وقوة، وقد بكر يسعى فقالوا: ويح هذا لو كان شبابه وجلده في سبيل الله، فقال (ص): «لا تقولوا هذا، فإنه إن كان يسعى على نفسه ليكّفها عن المسألة، ويغنيها عن الناس، فهو في سبيل الله، وإن كان يسعى على أبوين ضعيفين أو ذرية ضعاف ليغنيهم ويكفيهم فهو في سبيل الله، وإن كان يسعى تفاخراً وتكاثراً فهو في سبيل الشيطان».
لقد أكد النبي (ص) من خلال هذين الحديثين الشريفين: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى»[(84)].
فالعمل على إطلاقه أساس الرقي عند الله، فمن العمل الصالح... العمل الذي تكسب به رزقك ، فإذا بني هذا العمل على الإتقان، والنصح، وعدم الغش، واهتم صاحبه في تطويره وتحسينه، توصلاً لخدمة الخلق، الذين هو عيال الله، وترفق بالناس بالأجر أو السعر، وعاملهم باللين والحكمة، كان هذا العمل نفسه وسيلة لكسب رضوان الله ، والفوز بنعيم الجنة الأبدي، قال (ص): « إن الله تعالى يحب المؤمن المحترف»[(85)] .
بل وربما كان الذي يكسب رزقه حلالاً، باذلاً من أجله جهداً، ووقتاً، وعرقاً، أفضل عند الله تعالى ممن انقطع للعبادة، وهو عالة على غيره، يروى أن رجلاً كان يعبد الله فقيل له: ما تصنع؟ قال: أتعبد الله، فسئل: فمن يطعمك؟ فقال: أخي، فقيل له: أخوك أعبد منك..
والنبي (ص) ينهى عن المسألة مبيناً أنها تفتح على العبد أبواب الفقر فقال: «لأن يأخذ أحدكم حبله، فيحتطب على ظهره، خير له من أن يأتي رجلاً فيسأله، أعطاه أو منعه»[(86)].
قال: «من فتح على نفسه باباً من السؤال فتح الله عليه سبعين باباً من الفقر»[(87)]...، وفي الأثر أنه: من جلس إلى غني فتضعضع له - أي تمسكن - له ذهب ثلثا دينه.
فلا ينبغي للمؤمن أن يذلَّ نفسه، بل ينبغي أن يطلب الحوائج بعزة الأنفس؛ فإن الأمور تجري بالمقادير، فاليد المعطاءة العليا خير من اليد الممدودة السفلى.
ولقد نهانا الشرع الحنيف، عن أكل أموال الناس بالباطل، وجعله من كبائر المحرمات، حيث قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا *} [النساء: 4/29] .
لم يقل الله عز وجل: لا تأكلوا أموال الناس، لقد أشارت كلمة لا تأكلوا أموالكم، إلى ما هو عليه المؤمنون، أو إلى ما ينبغي أن يكون عليه المؤمنون، من أخوة صادقة، ومشاركة وجدانية حانية، يجسدها الشعور، بأن مال أخيك هو مالك، من زاوية أنه يجب عليك أن تحافظ عليه، وأن تصونه من التلف والضياع، فلأن تمتنع عن أكله بالباطل من باب أولى، فإذا أكلت مال أخيك أضعفته، وفي ضعفه ضعف لك، فأنت بهذا قد أكلت مالك، وأشارت كلمة (بينكم) إلى أن المال يجب أن يكون متداولاً بين جميع أفراد الأمة، وأكله بالباطل يجعله متداولاً بين الأغنياء فقط، وفي هذا تضييق على الفقراء، بل عُدْم لهم، وقد أثنى النبي (ص) على التجار الذين إذا حدثوا لم يكذبوا، وإذا وعدوا لم يخلفوا، وإذا ائتمنوا لم يخونوا، وإذا باعوا لم يطروا، وإذا اشتروا لم يذموا، وإذا كان عليهم لم يمطلوا، وإذا كان لهم لم يعسّروا.
وقال (ص): «مَن عامل الناس فلم يظلمهم، وحدثهم فلم يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم، فهو ممن كملت مروءته، وظهرت عدالته ووجبت أخوته وحرمت غيبته».
فإذا ظلمهم، أو كذبهم، أو أخلفهم، فقد سقطت عدالته، لكن الفقهاء عدوا بنوداً كثيرة تجرح العدالة، منها: أكل لقمة من حرام، ومنها تطفيف بتمرة..
المبادئ والقيم والمثل لا تعيش إلا في المثل الحي ، والمثل الحي يجسد المبادئ، ويحقق القيم، ويجعل الطريقة المثلى واقعاً، والمثل الحي حقيقة مع البرهان عليها، والمثل الحي يشكل نموذجاً إنسانياً خالداً، ونبراساً للأجيال من بعده، فأبو حنيفة النعمان رحمه الله، أكرم علمه ونفسه وحزم أمره على أن يأكل من كسب يمينه ، وأن تكون يده هي العليا دائماً، وقد أيقن أنه ما أكل أمرؤ لقمة أزكى، ولا أعز من لقمة ينالها من كسب يده، لذلك خصص شطراً من وقته لكسب رزقه، فاتجر بالخز (القماش) وأثوابه.
فكان له متجر معروف يقصده الناس، فيجدون فيه الصدق في المعاملة، والأمانة في الأخذ والعطاء، وكانوا يجدون فيه أيضاً، الذوق الرفيع: يأخذ المال من حله ويضعه في محله، وكلما حال عليه الحول، أحصى أرباحه من تجارته واستبقى منها ما يكفيه لنفقته ثم يشتري بالباقي حوائج القرّاء والمحدثين والفقهاء وطلاب العلم وأقواتهم وكسوتهم.
ومثل حي آخر، الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي كان مثلاً أعلى في العدالة والرحمة والزهد، وقد أتعب الذين أتوا من بعده، ففي عهده وفد إلى المدينة المنورة رسول من أذربيجان، وقد وصلها في ساعة متأخرة من الليل، وكره أن يطرق باب أمير المؤمنين في هذا الوقت فتوجه إلى مسجد رسول الله (ص) فسمع صوتاً فيه الأنين والحنين إلى الله، سمع صاحب هذا الصوت يقول: "يا رب أنا واقف ببابك، مستمسك بحبالك، هل قبلت توبتي فأهنئ نفسي، أم رددتها فأعزيها، فقال الرسول من أنت يرحمك الله قال أنا عمر بن الخطاب، فقال يا أمير المؤمنين ألا تنام الليل، قال عمر: إنني إن نمت الليل كله، أضعت نفسي أمام ربي، وإن نمت النهار أضعت رعيتي، ويمكثان في المسجد حتى صلاة الفجر، وبعد الصلاة يدعو عمر رسول عامله على أذربيجان إلى بيته، ويسأل عمر أم كلثوم زوجته، ماذا عندك من طعام يا بنت رسول الله (ص)، فقالت: ليس عندنا والله إلا الخبز وبعض حصاة الملح، ويتناولان هذا الطعام الخشن، ويسأل عمر ضيفه فيم جئتنا، فيقول، إن عاملك هناك، أرسلني بهذه الهدية إليك علبة فيها بعض الحلوى، لا تصنع إلا هناك، فقال عمر: أو يأكل عامة المسلمين هناك هذا الطعام؟ قال: لا هذا طعام الخاصة، قال: أَوَ أعطيت كل فقراء المدينة مثلما أعطيتني، قال: لا، هذا لك وحدك، قال عمر: بلغِ الأمير هناك أن يأكل مما يأكل منه عامة المسلمين، وألاّ يعود إلى مثلها، وأمر الرسول أن يذهب بهذه الحلوى إلى فقراء المسلمين في المسجد، وأن يقسمها فيما بينهم، وقال قولته الشهيرة، حرام على بطن عمر أن يذوق حلوى لا يطعمها فقراء المسلمين.
كيف لا وهو الذي خاطب بطنه من قبل بعد أن حرمه اللحم أشهراً عدة في عام المجاعة، خاطبه فقال: "قرقر أيها البطن أو لا تقرقر فو الله لن تذوق اللحم حتى يشبع منه صبية المسلمين".
لله در صحابة رسول الله، ماذا نقول بحقهم؟ أنقول: إنهم بشر.. نعم، ولكن ليسوا ككل البشر.. أنقول: إنهم ملائكة.. نعم، ولكن في الطهر والصفاء والنقاء.
أسأل الله عز وجل أن ينفع بهذا الكتاب المسلمين عامة، وطلاب العلم خاصة، وأن يحفزهم على أن تكون يد المسلمين هي العليا، وأن تكون دنياهم المتألقة جزءاً من دعوتهم، إنه خير مسؤول.
دمشق في 24/ رجب /1430هـ
الموافق لـ 17 / تموز /2009م
الدكتور محمد راتب النابلسي
كتاب قصصي قيم يروي حكايات رائعة ًعن الأنبياء و كبار علماء الإسلام, ممن خدموا أنفسهم, و نصروا أمتهم من خلال صنعة أو حرفة أتقنوها.
وهو يعالج موضوعاً تشتدُّ حاجة ُ المكتبة العربية إليه؛ فيتحدث عن مفهوم الحرفة في الإسلام؛ فقد علـّم الله عز و جل سيدنا داود عليه السلام الشرع, ولكنه جل جلاله علمه أيضاً شيئاً آخر : علـّـمه صنعة !!
فهل يعلّم المتدينون اليوم أولادهم الصناعة و الحرف كما علم الله الأنبياء الصناعة ؟
( و علمناه صنعة .. ) يبين أنّ الأنبياء لم يدافعوا عن أممهم و أراضيهم من خلال الدعاء المبارك المستجاب و الصلاة العظيمة و القتال فحسب, بل اتقوا بأسَ أعدائهم من خلال الصنعة أيضا ً :?وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ?
فهل يتعلـّم جيلُ اليوم الصناعة, ويحترف كما كان جيل الأمس حتـّى ينال رفعة و مكانة وسمو جيل الأمس ؟!...
هل نطبق ديننا ونعيشه كما عاشه الأنبياء ؟ !
هل نفهم ديننا حقا ً ...؟!
مستخلص
كتاب قصصي يروي حكايات عن الأنبياء وكبار العلماء الذين كان كسبهم من عمل أيديهم.
الكتاب - بعد التقديم الذي يبين مكانة العمل في الإسلام ودوره، ونظرة التشريع إليه، وبعد المقدمة – يقع في بابين؛ الأول تناول المؤلف فيه ((ملاحظات عن العمل والصناعة والحرفة)) وذكر فيه ملاحظات ستاً، يقوم عليها فهم المسلم لمعنى الكسب والحرفة، ختمها بآيات وأحاديث ترسم نظرية العمل وكسب الرزق في الإسلام.
وتخيّر في الباب الثاني قصصاً في سِيَر أعلام من الأنبياء والصحابة والتابعين وتابعي التابعين وكبار العلماء المسلمين على مدار التاريخ، عرفوا في اشتغالهم بحرف ليسدوا بها حاجة معيشتهم؛ فذكر حرفة كل من إدريس عليه السلام في الخياطة، وداود عليه السلام في صناعة الدروع، ولقمان الحكيم في النجارة، وزينب بنت جحش رضي الله عنها في الدباغة والغزل، وسلمان الفارسي رضي الله عنه في صناعة السلال، والحارث بن كَلَدة في الطب، وسعيد بن المسيب في التجارة، ومالك بن دينار في نسخ المصاحف، وإبراهيم بن الأدهم الزاهد الذي يعمل بكدّ يده أيَّ عمل حلال، والليث بن سعد في التجارة، ويحيى بن هبيرة في الوزارة، والسلطان محمد أورنك في الخط، وعبد الله القفّال في صناعة الأقفال الدقيقة، ومحمد بن علي المروزي في القضاء والخياطة معاً.
فصّل المؤلف في جانب من سير هؤلاء الأعلام، بالإضافة إلى إشارته لإبداعاتهم في أعمالهم وإتقانهم لها.