العدل جوهر الاقتصاد الإسلامي
يبين هذا الكتاب المفاهيم التي تتميز بها نظرية الاقتصاد الإسلامي، ومنها الجانب الأخلاقي والعدل ويقارن ذلك بالنظم الاقتصادية الأخرى، ويشير إلى آثار كل أولئك على الحياة.
يبين هذا الكتاب المفاهيم التي تتميز بها نظرية الاقتصاد الإسلامي، ومنها الجانب الأخلاقي والعدل ويقارن ذلك بالنظم الاقتصادية الأخرى، ويشير إلى آثار كل أولئك على الحياة.
مقدمة الحمد لله الذي لا يفتتح المقال إلا بحمده، ولا يستلهم الرشاد إلا بمنته، ولا يَحسُن تنظيم العلاقات وتحقيق العدل والإنصاف إلا بهديه. قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ *} [التوبة: 9/33] . والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه. وبعد.. فموضوع البحث عن خُلُق العدل في المعاملات المالية ودوره في النشاط الاقتصادي الإسلامي مع دراسة مقارنة مع النظم الاقتصادية الوضعية من حيث دور العدل فيها. وحب العدل خلق فطري مغروس في النفوس البشرية في أصل خلقتها قبل أن تنحرف هذه الفطرة بفعل الشياطين.. وقد أدرك الناس قيمة العدل وأثره في واقعهم على مرّ العصور، وعرفوا حاجتهم إليه واضطرارهم إليه، وقد كانت إقامة العدل أصلاً أصيلاً في كل الرسالات السماوية، قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: 57/25] . فرسل الله جميعاً جاؤوا بالبينات، وأنزل الله معهم الكتاب للهداية، وأنزل معهم ميزان العدل ليقوم الناس بالقسط. والله تعالى قرن الهداية للإيمان بإقامة العدل، ذلك لأن العدل هو ثمرة من ثمرات الإيمان. ولما تاهت البشرية في ظلمات الضلال، وصارت تضرب في الحياة على غير هدى، كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران، صار الحديث عن العدل مجرد كلام يتشدق به الناس في جلساتهم وسهراتهم وخطبهم... ثمّ لا يتجاوز رؤوس ألسنتهم، فالناس في كل مكان تصدوا للحديث عن العدل مع أن أغلب المتحدثين في واقعهم من أشد الناس ظلماً.. ذلك لأن تحقيق العدل يقتضي أولاً معرفة ماهيته وكيفية تحقيقه، ثمَّ بعد ذلك توفر الدوافع والأساليب لتحقيقه.. وذلك لا يمكن أن يتم إلا من خلال أنوار الهداية الربانية التي تحدد حقوق البشر وحقوق الخالق، وتحدد الأساليب التي تمكن البشر من الحصول على حقوقهم، أي لابدّ أن يكون ذلك في ظلال الشريعة الإسلامية، خاتمة الشرائع. هذا الكتاب يتحدث عن العدل في جزء من أجزاء الشريعة الإسلامية المختص بالناحية الاقتصادية، ويحاول توضيح القواعد والأسس التي تكفل للمسيرة الاقتصادية أن تسير في طريق العدل، فتؤتي أُكلها المرجوة، وتنعم بثمارها الطيبة في أرجاء المجتمع، وينعم بظلال العدل فيها كل أبناء المجتمع الإسلامي، هذا العدل الذي حرمت منه المجتمعات المتشدقة بالعدل وغير المتشدقة به حسب ما تراه وتنص عليه في نظمها الاقتصادية الوضعية. مشكلة البحث وتتركز في تميز النظام الاقتصادي الإسلامي بكون أسسه مبنية على العدل، عن سائر النظم الوضعية، وفي بيان دور هذا الخلق الفطري في سائر المعلومات المالية المندرجة في النشاطات الاقتصادية الإسلامية، وأثر ذلك في المجتمع. أهداف البحث يهدف البحث إلى الأمور التالية: 1 - بيان المفاهيم المتعلقة بموضوع البحث لتحديد تعلق بعضها ببعض وذلك مثل: أ- مفهوم الأخلاق وأقسامها وأسسها وفروعها. ب- مفهوم النظم الاقتصادية بأشكالها. ج- مفهوم النظرية الاقتصادية وأشكالها وأركانها. 2 - بيان تميز النظام الاقتصادي الإسلامي من غيره بدور الأخلاق فيه عموماً والعدل فيه خصوصاً. 3 - بيان دور العدل في سائر أركان النظرية الاقتصادية في النظم الاقتصادية على المستوى الخاص والعام من حيث: الإنتاج، التبادل، التوزيع، الاستهلاك. 4 - عرض شواهد من فقه المعاملات المالية الإسلامية ومقارنتها مع الواقع المعاصر في النظم الوضعية للدلالة على تميز دور ظاهرة العدل وأثرها في النشاط الاقتصادي الإسلامي. أسئلة البحث 1 - ما مفهوم الأخلاق عموماً؟ وهل هي من الصفات الغريزية أم تفترق عنها؟ 2 - ما أقسام الأخلاق؟ وما كلياتها الكبرى في الإسلام؟ 3 - ما مفهوم العدل؟ وإلى أي كلية خلقية ينتمي؟ وهل هو خلق فطري؟ 4- ما مفاهيم النظم الاقتصادية، وأركان النظرية الاقتصادية؟ 5- هل يتميز النظام الاقتصادي الإسلامي عن الوضعي بأخلاقيته وعدالته؟ وهل هذا التميز متحقق في الواقع العملي؟ 6 - هل تتميز أركان النظرية الاقتصادية الإسلامية من الوضعية بأخلاقيتها وبدور العدل فيها؟ وما الدليل على ذلك؟ 7- ما دوافع ارتباط النظام الاقتصادي بالأخلاق وبالعدل وآثاره؟ وما أهمية ذلك في حياة المسلم وآخرته؟ أسباب اختيار البحث حارت عقول العلماء والفلاسفة في وصف طريق السعادة للناس، وقدموا لذلك الوصفات المختلفة، وكان من الباحثين عن السعادة البشرية علماء الاقتصاد في مختلف المراحل الاقتصادية. وكانت أفكار هؤلاء العلماء تدور حول اعتبار السعادة بأنها مجموع الإشباعات للحاجات المادية البشرية، فكان للنشاط الاقتصادي دور بارز في حياة البشر باعتباره المؤثر الأساسي في سعادة البشر؛ لما يقدمه لهم من إشباع للحاجات المادية، واستمرت التنمية الاقتصادية على مر العصور من أهم الأهداف التي تسعى المجتمعات الإنسانية لتحقيقها.. ولكن مع ذلك لم يتمكن العلماء الاقتصاديون بأفكارهم وأبحاثهم من الوصول بالبشرية إلى السعادة المنشودة، وإنما كانت أفكارهم دائماً تنتهي بهم إلى سراب ضائع، مما يدفعهم إلى تعديل نظرياتهم باستمرار، قال تعالى: {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً} [النور: 24/39] . أي إن بحث الإنسان دائماً ينتهي بالإخفاق؛ كالباحث عن الماء في الصحراء فإذا ظن أنه وجده تبين له أنه سراب فيعود للبحث من جديد. ولما انحرف المسلمون عن دينهم سعياً وراء بريق الحضارة الغربية، غرقوا معهم في بحر الضياع. فلا بدَّ من إعادة المجتمع الإسلامي إلى ألقه الذي كان عليه قبل أن يفتن بالحضارة الغربية بعلومها المختلفة؛ ومنها علم الاقتصاد الوضعي بمادياته البحتة وبعده عن القيم الروحية. وقد شعر المسلمون بالفراغ الوجداني الذي وقعوا فيه لبعدهم عن الله، وبدأ الاهتمام بالعلوم الإسلامية المختلفة يزداد؛ ومنها الاقتصاد الإسلامي واستنباطه من علوم الفقه والتشريع الإسلامي. ومن هنا كان الدافع الأساسي لهذا البحث هو المشاركة في الصحوة الإسلامية، وإن كانت مشاركة متواضعة، بهدف إزالة الغبار عن العلوم الإسلامية وإبرازها للوجود، بما فيها الاقتصاد الإسلامي، وذلك من خلال بيان جانب من جوانب تميز الاقتصاد الإسلامي في شدة ارتباطه بالنواحي الوجدانية والمشاعر الإنسانية، وتوجهه، كغيره من فروع الفقه، لشد روابط المحبة بين المسلمين، ومنع كل مايؤدي إلى تفكيكها، فكان الحديث عن دور الأخلاق والعدل في الاقتصاد الإسلامي مناسباً لما له من عميق الأثر في ذلك. أهمية البحث إن هذا البحث، على تواضعه، يلفت نظر الغافلين إلى شمول الشريعة الإسلامية بما تحيط به من جميع جوانب الحياة، وإلى مقصد من مقاصدها؛ وهو نشر المحبة التي هي عبق السعادة الحقيقية عندما تستقر بالقلوب. وتحقيق المقاصد الشرعية لا يتم إلا من خلال الالتزام بالضوابط والقيم الشرعية التي تحدد التكليف الشرعي. والمقاصد الشرعية بمجموعها تتوجه لتحقيق مقصد المقاصد كلها؛ وهو تحقيق العبودية لله وإقامة خلافته على الأرض.. وهذا هو الطريق الوحيد لنيل سعادة الدنيا والآخرة؛ لأن النفس البشرية وجدت لتسعد بالعبودية، ومن خلال العبودية لله فقط سوف تجد السكينة. وسكينة النفس هي الينبوع الأول للسعادة، فلا سعادة بلا سكينة ولا سكينة بلا التزام بشرع الله.. يسعد بها الإنسان ولو فقد كل شيء ويشقى بفقدها ولو ملك كل شيء. والبحث محاولة متواضعة للمشاركة في الدراسات الاقتصادية الإسلامية في نهضتها الحديثة، وذلك من خلال تأصيل أهم المعاملات المالية المرتبطة بالعدل والأخلاق، وبيان أهمية ارتباط الدين بسائر جوانب الحياة مؤشراً على طريق السعادة البشرية. حدود البحث يقتصر البحث على بيان دور العدل بوصفه سلوكاً خلقياً في أهم المعاملات المتعلقة بأركان النظرية الاقتصادية بالإنتاج والاستهلاك والتداول والتوزيع على المستوى العام والخاص بهدف الدلالة على دور العدل في النشاط الاقتصادي الإسلامي، وتميزه من سائر النظم الاقتصادية في ذلك. الدراسات السابقة في البحث بعد البحث والاطلاع، لم يجد الباحث أية دراسة بحثت في العدل في الاقتصاد الإسلامي بوجه مستقل، وإنما معظم الدراسات السابقة يندرج الحديث فيها عن العدل ضمن عدة مواضيع متفرعة. وإجمالاً فإن الاهتمام بالاقتصاد الإسلامي قد بدأ ينمو ويزدهر حديثاً، فعقدت له الندوات العامة والمتخصصة، وأنشأت بعض الجامعات أقساماً علمية له، وظهرت كتب ووسائل علمية متنوعة في الاقتصاد الإسلامي. ولأن الاقتصاد الإسلامي شديد الارتباط بالقيم الخلقية، فإن أكثر كتب الاقتصاد الإسلامي يندرج فيها الحديث عن خاصة الأخلاقية التي يتميز بها الاقتصاد الإسلامي بشكل فرعي من ضمن مواضيع الكتاب ومن ثم عن العدل في الاقتصاد الإسلامي. ومن هذه الدراسات والكتب السابقة والعامة عن الاقتصاد الإسلامي: 1- اقتصادنا، لمحمد باقر الصدر. 2- معالم الاقتصاد الإسلامي، للدكتور صالح حميد العلي. 3- أصول الاقتصاد الإسلامي، للدكتور رفيق يونس المصري. 4- مقومات الاقتصاد الإسلامي، لعبد السميع المصري. 5- الاقتصاد الإسلامي - الوقائع والأفكار الاقتصادية، للدكتور محمد سحنون. 6- الاقتصاد الإسلامي - مدخل ومنهاج، للدكتور عيسى عبده. 7- الاقتصاد الإسلامي والقضايا الفقهية المعاصرة، للدكتور علي أحمد السالوس. 8- الحرية الاقتصادية في الإسلام وأثرها في التنمية، للدكتور سعيد أبو الفتوح محمد بسيوني. 9- الاقتصاد الإسلامي، لمحمد علي التسخيري. 10- الاقتصاد الإسلامي بين البحث والنظرية والتطبيق، للدكتورة زينب صالح الأشوح. 11- موسوعة الاقتصاد الإسلامي، للدكتور محمد عبد المنعم الجمال. وهذا الموضوع أيضاً تناولته الكتب التي هي أعم من كتب الاقتصاد الإسلامي مثل: 1- كتاب فكر المسلم وتحديات الألف الثالثة، للدكتور نور الدين عتر. 2- نظام الإسلام، للأستاذ الدكتور محمد عبد المنعم الجمال.. 3- كيف نفهم الإسلام، لمحمد الغزالي. 4- موسوعة الحقوق الإسلامية، للشيخ محمود المصري. 5- أصول النظام الاجتماعي في الإسلام، للإمام محمد الطاهر بن عاشور.. وغير ذلك من هذه الكتب. كما كان هناك بعض الكتب المتخصصة في ناحية من نواحي الاقتصاد بحيث ربطت هذه الناحية بالأخلاق أو بعدالة الإسلام مثل: 1- عناصر الإنتاج في الاقتصاد الإسلامي، للدكتور صالح حميد العلي. 2- ترشيد الاستهلاك الفردي في الاقتصاد الإسلامي، للدكتور موفق محمد عبده. 3- العمل في الإسلام، للدكتور أحمد ماهر البقري. 4- الثروة في ظل الإسلام، للبهي الخولي. 5- علاج التضخم والركود الاقتصادي في الإسلام، لمجدي عبد الفتاح سليمان. 6- التجارة في الإسلام، لعبد السميع المصري. إضافة إلى ذلك هناك كتب فقه المعاملات المعاصرة إذ إن سائر المعاملات في الإسلام تقوم على العدل والأخلاقية، ومن هذه الكتب: 1- فقه المعاملات المالية، للدكتور رفيق يونس المصري. 2- بحوث فقهية في قضايا اقتصادية معاصرة، لمجموعة من الأساتذة هم: الدكتور محمد سليمان الأشقر والأستاذ الدكتور ماجد أبو رحية والدكتور محمد عثمان بشير والدكتور عمر سليمان الأشقر. 3- المعاملات المالية المعاصرة، للأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي. 4- الخلافات المالية وأحكام استرداد المال، للدكتور سعدي حسين علي جبر. 5 - أحكام الأغنياء، لعبد الله سلام بن إبراهيم. 6- الإلزام في التصرفات المالية، للدكتور وليد خالد الربيع.. وغير ذلك من هذه الكتب. ولاستكمال الموضوع لابدّ من الرجوع إلى الكتب المختصة بالأخلاق والعدل والقيم الأخلاقية، سواء في الاقتصاد الإسلامي أو في التشريع الإسلامي عموماً. ومن هذه الكتب: 1- القيم الإسلامية في السلوك الاقتصادي، للدكتور أحمد يوسف. 2- ضوابط تنظيم الاقتصاد في السوق الإسلامي، للدكتور غازي عناية. 3- دور القيم والأخلاق في الاقتصاد الإسلامي، للدكتور يوسف القرضاوي. 4- الاقتصاد والأخلاق، للدكتور رفيق يونس المصري. 5- الأخلاق الإسلامية وأسسها، للشيخ عبد الرحمن حسن حبنكة. 6- موسوعة من أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم ، للشيخ محمود المصري. 7- الأخلاق في الإسلام والفلسفة القديمة، للدكتور أسعد السحمراني. 8- أخلاق المسلم - علاقته بالمجتمع، أ. د وهبة الزحيلي. 9- أخلاق النبوة وآداب المعيشة، للإمام أبي حامد محمد الغزالي. 10- رياضة الأخلاق، للإمام ناصر الدين الحسيني المديني السمرقندي الحنفي. 11- أخلاق الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، لعمار مصطفى بازر باشي. 12- صفات الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، لعمار مصطفى بازر باشي. ومن الكتب التي تتحدث عن العدالة حصراً: 1- العدالة القضائية، للدكتور حسن تيسير شموط. 2- العدل في الشريعة الإسلامية وتطبيقاته في الفقه الإسلامي، للدكتور محمد مهدي أحمد قطناني. وهذان الكتابان يختلفان عن موضوع الدراسة بشموليتهما لسائر فروع الفقه بوجه عام، ولم تذكر فيهما التطبيقات المختصة بفقه الاقتصاد الإسلامي كما أن كتاب العدالة القضائية، كتاب قانون يتحدث بتوسع عن النواحي القانونية. 3- كتاب العدالة للجميع، للمؤلف كازا مايور. ترجمة د. عادل العوا، وهو يتحدث عن العدالة القضائية والجانب القانوني والاجتماعي دون التطرق لجانب التشريع الإسلامي. ولأن العدل يتحقق في سائر جوانب التشريع الإسلامي، لذلك يمكن أن يضاف إلى كل الكتب السابقة أمهات كتب الفقه والفقه المقارن في المذاهب الأربعة، وما فيها من معاملات تدخل الأخلاق والعدل في بناء أحكامها. وكذلك هناك كتب تفسير الحديث وما فيها من موضوعات متعلقة، مثل كتاب إعلام الأنام للدكتور نور الدين عتر، وغير ذلك من هذه الكتب. إضافة إلى هذه الكتب فإن المجلات الاقتصادية الإسلامية اهتمت بمثل هذه الدراسات، فنشرت المقالات المختلفة المتعلقة بالاقتصاد الإسلامي والقيم المرتبط بها. ومن هذه المقالات: - مقالة في دور القيم والأخلاق في ضبط الإنتاج، للدكتور محمد عبد الكريم أرشيد في مجلة الاقتصاد الإسلامي بدبي العدد (208). - مقالة في دور القيم والأخلاق في التجارة والأسواق، للدكتور شوقي دنيا في المجلة نفسها في العدد (271). - ومقالة أخرى عن دور القيم والأخلاق في ضبط الإنتاج للدكتور عبد الهادي أبو نصر في المجلة نفسها في العدد (289). والمقالة الأخيرة تبين دور القيم في رفع كفاءة أداء المنتجين، أما المقالة الأولى فتبين أثر القيم في تحقيق الكفاية الذاتية من الإنتاج، فالمقالتان تدوران في فلك تحسين الإنتاج من خلال القيم والتعامل بالعدل. وهكذا نرى أن هذه الدراسات إنما تتجه في الحديث عن الأخلاق اتجاهاً خاصاً لا يشمل جميع نواحي الحياة الاقتصادية، والبعض الذي تحدث عن سائر نواحي الحياة الاقتصادية فهو لم يركز على دور كل مسلك سلوكي أخلاقي؛ ولم يفصل الحديث عن سائر أركان النظرية الاقتصادية. وللمقارنة مع النظم الاقتصادية الوضعية كان لابدّ من الرجوع إلى كتب اقتصادية بحتة، مثل كتاب مبادئ الاقتصاد، للدكتور محمد عزيز والدكتور أبو سنينة محمد عبد الجليل من بنغازي، وكتاب علم الاقتصاد للمؤلفين سامو يلسون ونورد هاوس الأمريكي المترجم، وغير ذلك من أمثال هذه الكتب. اختلاف البحث عن الدراسات السابقة في الدراسات السابقة تمّ الحديث عن دور العدل والأخلاق في الاقتصاد الإسلامي. إما بنظرة عابرة عند الحديث عن خصائص الاقتصاد الإسلامي عموماً، أو بنظرة إلى ناحية معينة من الاقتصاد الإسلامي بينت دور القيم فيها عموماً، وإذا كانت الدراسة شاملة لمجمل الاقتصاد الإسلامي فهي تناولت الموضوع بصفة عامة ولم تفصل في مختلف السلوكيات الخلقية، كما أنها لم تركز على دور العدل والأخلاق في سائر أركان النظرية الاقتصادية. لذلك كان الاتجاه في هذا البحث إلى إلقاء نظرة مفصلة عن دور العدل بوصفه سلوكاً خلقياً في سائر أركان النظرية الاقتصادية، من خلال استقراء الدراسات السابقة وسائر المراجع الفقهية والأدلة الشرعية، مما يمكننا من تقديم نظرة موسعة عن دور العدل وحقيقة ارتباطه بالمعاملات المالية وأحكامها من حيث التحريم والإباحة والصحة والفساد. منهجية البحث يقوم البحث على إطارين رئيسيين: الإطار الأول: إطار الفقه الإسلامي : حيث تمت الإشارة إلى آراء الفقهاء في المسائل المندرجة في الموضوع، مع تأصيلها من الأدلة الشرعية، وبيان مفهومها وأحكامها جملة وتفصيلاً. الإطار الثاني: الإطار الفكري الاقتصادي : حيث تمت مقارنة الأفكار الاقتصادية الإسلامية بوجهات النظر الوضعية المادية، ولاسيما الاشتراكية والرأسمالية حيث أمكنت المقارنة. منهج البحث تمّ الاعتماد في دراسة البحث على المنهجين الاستقرائي والاستنباطي. حيث بنيت الدراسة على التأصيل من كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وسائر الأدلة الشرعية، والاعتماد على آراء وأقوال الفقهاء، وبيان الأحكام الفقهية للمعاملات الاقتصادية الإسلامية، حيث يؤدي العدل دوراً مهماً فيها من خلال استقراء الكتب الإسلامية المختلفة مع المقارنة مع النظم الوضعية من خلال استقراء الكتب المتعلقة، ومن ثم استنباط النتائج التي تبين دور الأخلاق والعدل في الاقتصاد الإسلامي.. تمّ استنباط عظمة تشريع الإسلام من خلال دراسة فرع من فروع هذا التشريع وهو الاقتصاد الإسلامي. فرضيات البحث من خلال استقراء الكتب الاقتصادية الإسلامية والكتب الفقهية والاقتصادية أمكن التوصل إلى أهم فرضيات هذا البحث التي يمكن إنجازها فيما يلي: 1- إن محدودية العقل البشري مصدر خلل رئيسي في بناء النظم الاقتصادية الوضعية تؤدي بها إلى الأزمات وعدم الاستقرار الاقتصادي وضياع العدالة الاجتماعية. 2- وربانية المصدر في فقه الاقتصاد الإسلامي سبب لعدم تعارضه مع مصالح البشر الحقيقية، وضمان لعدم وقوع الاقتصاد في الأزمات أو عدم الاستقرار، وكذلك ضمان لتحقيق العدالة الاجتماعية. 3- إن انحراف النفوس وراء أهوائها وشهواتها مصدر خلل رئيسي آخر في بناء النظم الاقتصادية الوضعية يؤدي إلى عدم الاستقرار في الاقتصاد وضياع العدالة في المجتمع. 4- تميز الاقتصاد الإسلامي بالعدل والأخلاقية ينأى به عن الأزمات وعدم الاستقرار. 5- الاقتصاد الإسلامي ملاذ الشعوب في تحقيق سعادة الدارين. وبعد: فإن كل عمل بشري لابدَّ أن يعتريه النقص مهما كمل، والكمال لله وحده، فأرجو من الله أن يوفقني في عملي ويلهمني السداد فيه، كما أرجو أن يجعل ذلك في صالح عملي وصالح عمل كل من كان له يد في تقديم هذا البحث. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أصدق المرسلين د. ثناء الحافظ
إهداء وشكر - إلى من قدم للإنسانية أرقى وأجمل صورة للعدل. إلى من بشَّر المسلمين بما ;ينتظرهم عند ;الله تعالى من خير إذا عدلوا، حين قال: «إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عزَّ وجل، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في أهليهم وما ولوا» (مسلم). إلى من قدم للإنسانية نظاماً اقتصادياً ربانياً من أبرز سماته العدل صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى التي رحلت وقد تركت في ذاكرتي أجمل صور العدل المزين بالحنان.. إليك يا أمي أهدي أثراً من آثارك. إلى من غرر المدعون للعلم به وأوهموه أن الأبوة ولاية تشريف فقط وليست ولاية تكليف، وأن حرمان بناته من ميراثهن لا يخرجه عن مفهوم العدل، لأنه حرّ في ماله، فرحل عن الدنياوقد ترك في قلوب بناته الحيرة والآلام، وترك أسرة فرَّق قلوب أفرادها المال وما يحمله من كبر وجبروت إلى قلوب من يؤلهونه فيسعون إليه بغض النظر عن الوسيلة.. ... إليك يا أبي أهدي عملي المتواضع، فليسامحك الله على ما دفعت إليه من عمل أوجع قلوب بناتك، فأرجو من الله أن يجعل مثواك أنت وأمي فسيح جنانه. - إلى من جعله الله مشعلاً أضاء لي طريق الهداية والعلم، إلى السند والود.. زوجي الدكتور بسام خليفة أهدي إليه ثمرة من ثمرات دعمه. - إلى أولادي الأحباء.. ثمرة عمري.. وأملي في عمل صالح أتركه من بعدي... - إلى أساتذتي في الفقه المقارن والاقتصاد الإسلامي، وأخص بالذكر الأستاذ الفاضل الدكتور عبد الرحمن الصابوني الذي قدم لي كل الدعم والنصح والتشجيع في دراستي، أرجو من الله أن يجزيهم عني خير الجزاء ويجعل ذلك في صحيفة أعمالهم... د. ثناء الحافظ