صعوبة الصلاة، هل هي حقيقة؟ هل الصلاة في طبيعتها عقوبةٌ أم مكافأة؟ ما وجه المتعة في الصلاة؟ لماذا في هذه الأوقات؟ لماذا بهذه الحركات وعدد الركعات؟ لماذا بهذه القراءات؟ لماذا فُرضت في كلّ الأديان؟ وهل فيها حقّاً ما يفوق الجهاد والقتال والاستشهاد في ميادين المعارك والقتال بحيث تحتلّ عند الله ورسوله هذه الدرجة من الأهمّية؟!
لقد ظللت أصلّي خمسين عاماً قبل أن أكتشف أنّني أمتلك بالصلاة أكبر مشروعٍ تجاريٍّ وحضاريٍّ وضع تعالى رصيدَ ميزانيّته في حسابي المصرفيّ لأقوم باستثماره، وأنّ عليّ أن أجتهد في اكتشاف الطريقة المثلى لإدارته وتشغيله بحيث أخرج منه بأكبر حصادٍ.
كم انتشرت في حياتنا العامّة، وفي دوائرنا الجامعيّة، من حقولٍ ومواد مختلفةٍ في علم الإدارة؛ فهي تُعنى بدراسة أمثل الطرق لاستثمار المشاريع الصناعيّة والتجاريّة والزراعيّة والعمرانيّة، بل استثمار كلّ ما يمكن أن يحقق الكسب ويجلب النفع، العامّ أو الخاصّ. علم إدارة المشاريع، وعلم إدارة رؤوس الأموال، وعلم إدارة الأعمال، وعلم إدارة المصانع، وعلم الإدارة التربويّة، وعلم إدارة الوقت، وعلم إدارة الخلافات، وعلم إدارة العقل، وعلم إدارة الإدارة.. وغيرها وغيرها.. علومٌ تؤدّي إلى أن يعود العمل المستثمَر على صاحبه بأعلى ربحٍ وأفضل إنتاجٍ كمّاً ونوعاً.
ولكن من فكّر مرّةً بإنشاء تخصّصٍ أو حقلٍ أو مادةٍ في مدارسنا أو معاهدنا أو جامعاتنا لاستثمار ما هو خيرٌ من كلّ هذه المشاريع، وأكثر فائدةً، وأطول دواماً، وأضمن حصيلةً، وأعمّ نفعاً للدنيا والآخرة معاً، وهو إدارة العبادات؟
لقد وضع الله تعالى بين أيدينا من هذه العبادات ما يمكن أن يكون لنا منها مشروعاتٌ ربحيّةٌ لا حدود لآفاقها؛ نستثمر فيها طاقاتنا للحصول على أعظم الثمار في الدنيا، ثمّ أعظمها في الحصاد الأخرويّ، وهو حصادٌ لا يعدله أيّ حصادٍ في ضخامته ونوعيّته وديمومته، وفي ضمان الحصول عليه سليماً كاملاً من غير لَبْسٍ ولا بخسٍ ولا تأخيرٍ ولا مماطلة.
الصلاة هي القمّة في قائمة هذه العبادات أو الاستثمارات. إنّها، تبعاً لتأكيدات الرسول (ص) لنا، تأتي بعد الشهادتين، ويأتي بعدها في الأهميّة برّ الوالدين، ثمّ يأتي، بعدَ بعدِها، الجهاد في سبيل الله!
قد يستغرب البعض إصدار كتاب يتحدث عن إدارة الصلاة .. ويتساءل وهل للصلاة إدارة ؟! .. ويجيب المؤلف إذ ا كانوا يدرسون إدارة الأعمال ليستثمروها خير استثمار، وليجنوا منها ماشاؤوا من ربح، وهو ربح زائل، فلم لا يكون لأعمال الآخرة إدارتها أيضاً، فنستثمرها أحسن استثمار، ونجني منها أعظم الأرباح، كيف لا وهو الربح الخالد، والجائزة التي لا تنتقص ؟ وهل هناك عمل أجدر بالاستثمار، وحسن الإدارة، والادخار، من عمل فريد كالصلاة أُريد به خير الدنيا والآخرة معاً ؟ .