كتاب هام يسعى الكاتب من خلاله لتقديم مشروع جديد لعلاقة المسلم بقرآنه؛ تجعله حيا فاعلا يمشي على الأرض بما ينفع الناس، ويجعل المسلم متفاعلا معه في صلاته، خاشعا لخالقه؛ يقرأ كتابه كأنه ينزل عليه!! ويدعو إلى فتح باب الاجتهاد في التفسير المتجدد لكتاب الله تعالى، وعدم الوقوف عند التفاسير القديمة بذريعة قربها من عصر التنزيل، فكتاب الله تعالى " لا تنقضي عجائبه " كما وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو متجدد " ولوط" كما وصفه محمد إقبال؛ يعطي كل جيل من الأجيال بحسب طاقته واحتياجاته المعرفية. كتاب هام جدير بالقراءة.
ربما كان التحدي الكبير الذي يواجهنا ، ونحن نحاول رسم مستقبل الدراسات القرآنية ، الأسئلة التي يطرحها التحول إلى عصر المعرفة الرقمي : -فكيف ســـــتفهم أجيال عصر المعرفة الطي الرقمي للكتب ؟ والكتاب المسطور في رَقٍّ منشور ؟ والخط باليمين ؟ والسطر بالقلم وبالمداد ؟ بعد أن أصبح القلم أزراراً تكتُب بأحرف من نور ، وأصبح الرَّق المنشور شاشة افتراضية ؛ تبرز لقارئها من جواله المحمول في الهواء الطلق؟! -وكيف ستكون تلاوتهم للقرآن وتدبرهم له ، وقد أمدهم جهازهم الصغير بكل ما يطمحون إليـــــــــــــــــه من الوســـــــــــــــــائط ؛ من صــــــوت ولون وصورة، وقدرة فائقة على الحـــــــــــــــــركة ، والتقدم أو الاسترجاع ، و على التفرع ؛ تفسيراً ، وكلمات ، ونظائر ، ومعاني ؟! -هل ستكون قراءتهم أوعى؟ وهل سيكونون الأقدر على استيعاب القرآن وتطبيق أحكامه والدعوة إليه وتبليغه ؟! -كيف ستتعامل الدراسات القرآنية المستقبلية، مع النصوص القرآنية التي انقضت الحاجة إليها ؛ كالرق الذي جفف القرآن ينابيعه ، وفتح الأبواب مشرعة على مصراعيها لتحريره ، وإلغاء كل ما يتصل به من مصطلحات : العتق ، والمكاتبة ، وفك الرقاب ؟!
أصل هذا الكتاب ؛ بحث مقدم إلى المؤتمر العالمي الثاني للباحثين في القرآن الكريم وعلومه ، المنعقد في فاس . ينقسم الكتاب إلى ثلاثة أبواب ؛ تتصدرها مقدمات مهمّة ؛ عن قراءة القرآن الصحيحة ، وعن كون القرآن عربياً لأمة مسلمة ، وعن الدراسات القرآنية ومستقبلها في عصر المعرفة ، وعن خدمات النشر المستقبلية في حقل القرآن الكريم . تناول المؤلف في الباب الأول موضوع خدمة النص القرآني من جوانب مختلفة ؛ تتعلق بالرسم، والقراءات المتواترة ، والتلاوة ، والحفظ في الصدور ، ومنهج تعليم القرآن للأطفال. وتعرض في الباب الثاني إلى خدمة علوم القرآن الكريم ، فتحدث عن معاجم معاني القرآن ، وكتب التجويد ، وعلم اللسانيات ، وختم الباب بالإعجاز القرآني. وتناول في الباب الثالث موضوعاً جديداً ، هو خدمة النشر الإلكتروني الشامل للنص القرآني وعلومه ؛ في مرحلة معاصرة ناقش فيها البرمجيات الرقمية ، والنص المتفرع ، وقدم المؤلف رؤيته لهذا الموضوع من باب خبرته الطويلة في النشر. وختم المؤلف كتابه بملاحق، فقدم في الملحق الأول قائمة تبين صفات الحروف، ثم في الملحق الثاني أثبت صوراً تبين مخارج الحروف من جهاز النطق ، وفي الملحق الأخير ذكر ثبتاً بأهم كتب التفسير ومدارسها..