مستقبل الأسر المسلمة المهاجرة في أمريكا تتوافد الأسر المسلمة إلى أميركا، أو تتكوَّن فيها؛ طلباً للعلم أو الرزق؛ محملة بثقافاتها الإسلامية المحلية، على تفاوت بينها في الالتزام؛ بين ملتزم يحرص على التمسك الصارم بشعائر دينه، ومتساهل يتكيف مع البيئة الجديدة، ومنفلت ينصهر فيها !! وأول ما تفكر به الجاليات المسلمة في مهاجرها (المسجد)، يتعاون الجميع على إقامته؛ رمزاً لثقافتهم الوافدة، ومنتدىً يتلاقون فيه ويتعارفون، ويقيمون فيه صلواتهم، وأهمها الجمعة .. تتراخى عنها عزائمهم، وتفتر هممهم بحكم الاعتياد، ما لم يوفقوا بخطيب مفوه يثير حماسهم ويجمع شملهم .. وربما نشب الخلاف بينهم، فتتعدد مساجدهم بتعدد انتماءاتهم العرقية أو المذهبية !! وخارج المسجد؛ تحرص الأسر المسلمة المهاجرة على بناء علاقات اجتماعية بينها، تتفاوت بحسب اتساع مدينتهم أو ضيقها؛ يتزاورون، ويتبادلون الولائم في المناسبات والأعياد !! هكذا يعيش الجيل الأول من الآباء عالمهم الخاص بهم (عالم الكبار)؛ خليطاً من ثقافة حملوها معهم من بيئاتهم، وثقافة جديدة يحاولون إتقان لغتها، والتكيف معها في مهاجرهم ..فماذا عن أبنائهم ؟! أبناؤهم وأحفادهم (مواطنون أمريكيون بالولادة)؛ ولدوا في أمريكا؛ يتنفسون هواءها، ويعيشون ثقافتها، ويتعلمون مناهجها، ويتجرعون عادات مجتمعاتها، ولا يعرفون عن إسلامهم ولا عن تاريخهم سوى ما يلقنونه في البيت من آبائهم، فما عسى الآباء أن يقدموا لأولادهم عن لغتهم وإسلامهم؟ وماذا ينتظر لعالمهم الخاص بهم (المنفصل تماماً عن عالم الكبار) أن يكون ؟! *** اللغة العربية التي ستكون أداة طفلهم لفهم دينه ، وتلاوة قرآنه ، ودراسة تاريخه ؛ أول ما يفقده الطفل العربي في طفولته ؛ يلقن الإنجليزية ليدخل بها إلى المدرسة ، ولتصبح لغته التي يتخاطب بها مع أهله ، وتبقى العربية لغة الأهل فيما بينهم ، ومع أصدقائهم.. – لابد من تمكينهم منها ، فقد أثبت العلم قدرة الطفل على امتلاك عدة لغات للتخاطب والقراءة بها ، بذات المستوى. * التلفاز ، والآي باد ، والآي فون ، وسائر وسائل التواصل ؛ والألعاب الإلكترونية ، وأدوات الرياضة ؛ كل ذلك متوفر بين أيدي أطفالهم ، وعصره هو عصرهم ، لن تنفع معه القيود ، لأنهم بكل بساطة سيتجاوزونها .. _ لا بد من العمل على إقناعهم بضرورة ترشيدها ؛ وتسخيرها لخدمة تعليمهم وتقدمهم ، وصناعة مستقبلهم ، وتوزيع أوقاتهم عليها بحسب منفعتها وأهميتها ، واختيار برامج مفيدة لاجتماع الأسرة عليها ، في أوقات مناسبة لأفرادها جميعاً. *الصلاة والصوم وسائر العبادات ، لا يكفي تعويدهم عليها ، وتحفيظهم الفاتحة وقصار السور لأدائها شكلاً بلا مضمون .. – يجب تدارس معانيها معهم ، وتفهم مقاصدها الأخلاقية والاجتماعية البعيدة . * الوقت الكافي المخصص للعائلة: غالباً ما يستغرق الأب في عمله ، والأم في السوق ، أوفي لقاءاتها الحميمة مع الصديقات.. – يجب تخصيص أوقات كافية للأولاد ؛ في البيت ، أو في مطعم أو منتزه ، أوفي رحلة عائلية؛ بهدف توثيق الروابط بينها.. * المناهج والمواد الدراسية الرسمية؛ لا ينتظر أن تقدم لأطفالنا شيئاً عن تاريخهم الإسلامي وجغرافية بلدانهم وتعاليم دينهم. – لا بد من ترميمها باختيار المدارس الإسلامية التي تعنى بها إلى جانب المناهج الرسمية العامة ، إن توفرت! أو بمدرسة الأحد الإسلامية المكملة لها، بالإضافة إلى الدروس الخصوصية، ودروس الأهل في البيت.. شريطة دعم ذلك كله بمحفزات تجعله مطلباً لهم، يرغبون به، لا واجباً مفروضاً عليهم . . *** الأصدقاء في المدرسة والحي: سواء أكانوا مسلمين أم غير مسلمين ، هم المجتمع الأكثر تأثيراً في الأطفال .. – يجب أن يتعرف عليهم الأهل ، ويراقبوا تصرفاتهم عن كثب ؛ فيستبعدوا منهم – برفق – أصدقاء السوء ، خشية الانحراف بأبنائهم نحو المحرمات ؛ كالمخدرات والتدخين والعلاقات الشاذة .. وكذلك الاختلاط المستباح – في الثقافة الغربية- بين الجنسين ؛ ( البوي فريند )، وتحصين أبنائهم عن قناعة ضده .. *** الملابس والأزياء : التعري والملابس الفاضحة أو الممزقة ؛ الشائعة والوافدة إلينا من الغرب ، والمتعارضة كلياً مع مبادئ ديننا.. – يجب أن نعود أطفالنا على الأناقة والحشمة في اللباس ، وعدم التبذل وارتداء الملابس القصيرة ، وتشجيع الفتيات على ارتداء الحجاب عند بلوغهن سن المراهقة ، وإقناعهن بدوافعه وكونه رمزاً للمسلمة ، وصرفاً للأبصار عن خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، إلى رجاحة العقل وجدية الخطاب ، والتأكد من قدرتهن على الاعتزاز بحجابهن والدفاع عنه والصبر عليه !! والتأكيد على اختلافنا عن الغرب الداعم للتعري، وخاصة في أماكن العبادة احتراماً لها (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) [ الأعراف7/31]. *** المراهقة : السن الخطيرة التي سيبلغها أبناؤكم على مشارف المرحلة الثانوية ، وأول ظواهرها النزوع إلى التمرد لإثبات الذات والشخصية .. – لن تستطيعوا احتواء هذه النزعة ما لم تكونوا قد استكملتم بناء الشخصية المتوازنة لأطفالكم ، وتحميلهم رسالة إلى مجتمعهم ؛ أحسنتم إعدادهم لها !! *** الحوار العائلي ، ومناقشة كل المسائل والمشكلات التي يواجهها الأطفال؛ من دون حرج أو خجل: – يجب خلق هذا الجو من الصراحة والوضوح لدى الأطفال ؛ وخاصة في المشكلات التي يواجهونها في مجتمع مختلف اختلافاً جذرياً في نظرته لها ، عن القيم التي يتلقونها في البيت.. فمناقشتها في البيت خير من تركها غامضة يبحثون لها عن حلٍّ لدى أصدقائهم، أو في الكتب والصفحات المفتوحة لهم على مواقع التواصل الاجتماعي !! ***أحلام العودة وإغراءات التجذر: مهما داعبت أجفانَ الأسرة المهاجرة أحلامُ العودة بأطفالها إلى الوطن الأم ، فإن إغراءات الاستيطان لا تلبث أن تغالبها ، خاصة وهي تعيش الفرق الحضاري الكبير بين الوطن الأم والوطن البديل ، والذي أصبح الوطنَ الأم بالولادة بالنسبة لأطفالهم ؛ يعطيهم من حقوق المواطنة كل ما يطمحون إليه .. وتتراخى الأحلام تدريجاً، وتتعمق الجذور .. – ليس أمام الأسرة غير خيارين: أولهما ؛ السيناريو الذي رسمته أمريكا للمهاجرين إليها ، والذي بنت مواطنَتها على أساسه. فبعد استئصال السكان الأصليين من الهنود الحمر، لم يبقَ لها إلا استدراج المواطنين من كل الأصقاع، لبناء المجتمع الجديد، ووضعت لصهرهم في بوتقتها، وإدماجهم فيها، قاعدة تقول: ( لا يهمنا الجيل الوافد ، تهمنا الأجيال التالية له)؛ نصوغها على ما نشتهي وفقاً لمناهجنا التعليمية المتقدمة .. وثانيهما: السيناريو البديل الذي أطرحه ملخصاً؛ في حق كل مواطن أمريكي بالإسهام في بناء بلده، على قدم المساواة فيما بينهم؛ طالما أنهم متساوون في الحقوق والواجبات، لا فرق بينهم في القدم، طالما أنهم كلهم وافدون. وهذا الحق هو ما أدعو مهاجرينا إلى أميركا، إلى إعداد أبنائهم لممارسته، بهدف توفير حضور مميز للإسلام في الثقافة الأميركية؛ هو الأجدر به بين الأديان السماوية الثلاثة، لكونه خاتمتها والمعترف بها، والمقدس لأنبيائها جميعاً!!
كتاب جديد يرصد حياة الجيل الثاني في المهاجر ( أمريكا نموذجا )، ويلفت النظر إلى ضياع أبناء المهاجرين في خضم المجتمع الأمريكي، داعيا إلى إعداد منهجا كاملا يرمم ما يفوتهم من المناهج الأمريكية، ويمتن علاقتهم بجذورهم ويعدهم لأداء دور دعوي ؛ لنشر الإسلام الذي يمتلك كل مقومات النجاح في أمريكا بخطاب الإنساني العالمي الشامل.
يدعو الكاتب إلى إعداد منهج متكامل لأبنائنا في المهاجر؛ يرمم ما يفوتهم في مناهجها؛ ويمتن علاقتهم بجذورهم، ويهيئهم لحضور فاعل في المهاجر، عن طريق توعيتهم بثقافتهم، وإقناعهم بأن لديهم فيها ما يرمم ثقافة الغرب التي تكيل بمكيالين، وأنهم أصبحوا مكوناً أساسياً من مكونات المجتمع؛ لهم كل حقوق أفراده، وعليهم كل واجبات المواطنة فيه. ويؤكد الكاتب أن الإنسانية باتت أحوج ما تكون إلى الإسلام؛ الدين الخاتم الذي يجمع كل الأديان في سلة واحدة، ويحترم أنبياء الله ورسله كلهم، لا يفرق بين أحد منهم، ويخاطب سائر بني آدم من كل جنس ولون ودين ولسان؛ على حد سواء!!