يذهب الكاتب في كتابه هذا مذاهب شتى في كتابة التاريخ والسيرة الذاتية، ورغم محافظته وارتباطه بسير الحداث في تسلسها التاريخي، إلا أنه تجاوز ذكر المعروف والمتكرر فيما قد كتب من قبل، مركزا على الوثيقة النادرة لإماطة اللثام عن مواضيع وقضايا وشخصيات لم يسبق تناولها أو التفصيل فيمن كتب عنها. منوها في الوقت نفسه على" إن وقائع التاريخ ليست كل وقائع الماضي، بل هي وقائع اختيرت بعد استبعاد أخرى، ولا تتكلم الوقائع بنفسها ولا عن نفسها، بل هناك اختيار وترتيب لوقائع أو لأحداث معينة، وفقا لحبكة معينة".
كتاب في سلسلة كتب تاريخ اليمن المعاصر؛ قدمه الباحث المؤرخ الدكتور حسين عبد الله العمري بما لديه من وثائق هامة عن المرحلة، حين كانت أسرته – من لدن جده وأبيه- أسرة فاعلة في الحوادث التي تعرضت لها اليمن، في الحقبة الهامة التي يؤرخ لها الكتاب، وهي حقبة الثلث الأخير من القرن التاسع عشر حتى منتصف القرن العشرين.
وضع المؤلف يديه على نقاط حساسة في معالجته للموضوع؛ فأشار إلى تراجم أشخاص فاعلين في تلك المدة، سواء من اليمنيين أم من العثمانيين، وأشار إلى دورهم في تاريخ المنطقة.
وتحدث عن مفاصل في تاريخ اليمن للفترة التي يتناولها، وما جرى فيها من انتفاضات ومن مشاريع، وما جاء اليمنَ خلالها من وفود، وما حدث فيها من إصلاحات على جميع الأصعدة، وخصوصاً في القضاء ودور القضاة كذلك. وتوقف عند زمن الإمام يحيى حميد الدين، وابنه سيف الإسلام وأبنائه الآخرين.
وأشار المؤلف إلى أوضاع اليمن بين الحربين العالميتين، وعلاقة بلاده مع روسيا السوفييتية.. ثم معاهدة صنعاء وظاهرة العزلة في بلاده، وعلاقة اليمن بالعراق والمعاهدة اليمنية- العراقية.
الكتاب أحد الكتب الهامة الموثقة لتاريخ اليمن في مرحلة حرجة.
ذهب المؤرخ والسياسي المعروف الأستاذ الدكتور حسين العَمري في كتابه الجديد (اليمن بين عهدين ولاية عثمانية ومملكة متوكلية 1289 - 1367هـ/1872 - 1948م)، مذاهب شتى في كتابة التاريخ، فرُغم محافظته وارتباطه بسير الأحداث في تسلسُلها التاريخي، إلا أنه تجاوز ذِكر المعروف والمتُكرر فيما قد كُتب من قبل مكتفياً بالإشارة أو الإحالة إلى المظان في الموضوع، وركَّز على الوثيقة النادرة لإماطة اللثام عن مواضيع وقضايا وشخصيات لم يسبق تناولها أو التفصيل فيمن كتب عنها، ومن ذلك التطرُّق إلى أُسرته ودورها، ومراسلات الإمام يحيى مع شيخ الإسلام العلاّمة القاضي حسين بن علي العَمري، وابنه العالم والسياسي الكبير القاضي عبد الله بن حسين العَمري، ومواضيع أُخرى هامة مُتعددة قبل اتفاق دعّان (1911م)، وبعده.. وإبراز الدور العثماني ممثلاً في شخصيات المشير أحمد عزت باشا وعصمت إينونو وعزيز المصري وأمثالهم على الساحة الدولية في غير اليمن، وفيما بين الحربين من مصادرها، وكذا بعض أهم رجال إدارة الإمام يحيى من آل الوزير وقضاة آل الإرياني، وآل الحداد والعُلماء والأدباء من بيت مطهر والديلمي والوريث والجرافي، ومن برز من أسرة (أبناء) الإمام يحيى، ودور بعضهم سلباً وإيجاباً، وكان هذا وكثير غيره قد اهتم به وأشار إليه مؤرخاً.. ناسباً نصوصاً تاريخية إلى كتابها أو مذكراتهم؛ كالعلامة الرئيس القاضي عبد الرحمن الإرياني، والرئيس المشير عبد الله السلال، والمؤرخ القاضي عبد الله الشماحي، والأستاذ الكبير أحمد نعمان، بالإضافة إلى كُتّاب ومؤرخين زاروا اليمن أمثال الكاتب الكبير أمين الريحاني، والكاتب الإيطالي المشهور أبونتي وغيرهما.
هذه دراسة وكتاب جديد في بابه جدير بالاطلاع والفائدة منه.