تخطي إلى المحتوى

في الإعجاز البلاغي للقرآن الكريم

20% خصم 20% خصم
السعر الأصلي $9.00
السعر الأصلي $9.00 - السعر الأصلي $9.00
السعر الأصلي $9.00
السعر الحالي $7.20
$7.20 - $7.20
السعر الحالي $7.20
هذا الكتاب عصارة محاضرات ألقاها المؤلف على طلبته في إعجاز القرآن البلاغي، أورد فيه المؤلف النماذج التطبيقية والأمثلة من أجل أن يتدبر القارئ كتاب الله، متسائلاً عن كل لفظة، وكل تركيب لما ورد على هذا الشكل، وأفاد المؤلفين من جهود السابقين وأضاف إليه من اجتهاده وعالج في الكتاب الإعجاز والتحدي والمعارضة ووجوه الإعجاز القرآني عامة , وأبرز الخصائص العامة للأسلوب القرآني، وبين بلاغة اللفظ القرآني المفرد، ثم درس بلاغة النظم القرآني وجمالية الفاصلة القرآنية وحروفها، وبلاغة التصوير القرآني والأمثال في القرآن والقصة القرآنية.

المؤلف
التصنيف الموضوعي
248 الصفحات
24×17 القياس
2011 سنة الطبع
9789933101152 ISBN
0.4 kg الوزن

تقديم
لا يتصوّر عقل سليم يؤمن أن القرآن الكريم هو كلام الله المنزَّل على محمد - عليه السلام - أن يكون قوله مثل قول البشر، أو يتصور أن يقدر على نظيره البشر؛ فأين المخلوق من الخالق؟! وأين المصنوع من الصانع؟!
فإذا ما انضاف إلى هذه البدهية التي يهتدي إليها كلّ ذي لبّ صحيح ذلك التحدي الحاسمُ القاطعُ متجسِّداً في مثل قوله تعالى: {قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا *} [الإسراء: 17/88] . إذا اجتمع هذا كلّه تجلّى النصّ القرآني نصّاً معجزاً فريداً، من غير طراز ما يعرف الخلق من القول، أو تخطر لهم القدرة على محاكاة لؤلؤة من لآلئه النادرة النفيسة ولو مجردَ خُطُور.
وجميع ما في القرآن مُيْئِس مُقْنِط معجِز: بلاغةً، ولغة، وتشريعاً، وفقهاً، وأحكاماً، وعباداتٍ، وقصصاً، وأمثالاً، وأخباراً، ومواعظ، وأخلاقاً، وغيبيات و... و... وفي لفظه ومعناه، وشكله ومضمونه؛ إذ هو في ذلك كله، لو كان من صنع مخلوق لكان على نحو ما قال الله فيه: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} [النساء: 4/82] .
والخلق؛ من إنس وجنّ، وعرب وعجم، ومن قدماء ومعاصرين وقادمين، مُتَحَدَّون بكلِّ جانب من جوانبه هذه جميعها، وهم عاجزون عن معارضة أقصر سورة من سوره، مهما استحكمت معارفهم، وقويت آلاتهم.
على أن هذا الكتاب مَعْنِيٌّ بتلمس وجه واحد من وجوه إعجاز القرآن الكثيرة، وهو الوجه البلاغيّ، وهو وجه وقع به تحدٍّ واضحٌ زاجر في أمة عُرفت بالبيان، واشتهرت بالفصاحة، وأشير إليها بالبنان في البلاغة واللسان، ولكنها لم تستجب لهذا التحدي؛ إذ لم تقدر عليه، فوقفت - وهي الأستاذة فيما تُتَحَدَّى به - أمام النص القرآني عاجزة ذاهلة مبهورة.
إن بلاغة القرآن - مثل جميع وجوهه الأخرى - بحر زاخر، متلاطم الأمواج، بعيد الأغوار، وهو كثير الدُّرر واللآلئ، غنيّ بالجواهر والنفائس، ولن يستطيع غواص - مهما أُوتي من المهارة - أن يستخرج جميع ما في أعماقه، إلى أن تقوم الساعة، ويرث الله الأرض ومن عليها.
ولأن القرآن هو هذا البحر الزخّار، الذي لا تنفد لآلئه، ولا تنقضي عجائبه، كان - في كلّ مرة - يمدّ قارئه بالجديد، ويكشف له من الخبايا والأسرار ما لم يكن كشفه له في مئات المرات، بل قل آلافِها، التي قرأه فيها من قبل.
إنه كتاب متجدّد مع الزمان، لا تذهب حلاوته، ولا تنقضي طلاوته. يجد فيه كل جيل ما يبل الصَّدى، ويشفي الغليل. والكلام في إعجازه قابل دائماً لأن يأتي بالجديد، ويكشف عن الممتع الطريف.
ولكن حلاوة القرآن وطلاوته لا يحسّ بهما من حُرِم الإبحار في علوم العربية، أو ضعُفت سليقته فيها. إن من اغترب عن العربية اغترب عن القرآن، ومن هجر العربية أو زهد فيها؛ فقد هجر القرآن وزهد فيه؛ فاللغة العربية هي مفتاح الدخول إلى عالم القرآن الساحر الخلاّب؛ بها نزل، وبه تقدَّست وشَرُفت، وصار بينهما من الرحم والقربى ما يُسقِم أحدَهما ويُعِلّه إن سقِم الآخرُ أو اعتلّ.
* * *
إن من أبرز وجوه الإعجاز القرآنيّ الوجهَ البلاغي. ويحاول هذا الكتاب، مجتهداً مخلصاً، أن يقدِّم سُهْمَة في جلاء غيضٍ من فيض هذا الوجه المشرق الخلاب. وهو عصارة محاضرات ألقيتها على طلبتي، خلال سنوات طويلة، في إعجاز القرآن البلاغيّ، وها أنذا أَنْسُقها وأشذّبها في هذا الكتاب الذي أضعه بين يديِ الدارس، علّه يستعين به على تذوق شيء من شهد القرآن الجنيّ، أو يضع بين يديه بعض مفاتيح هذا التذوق على الأقلّ.
بل لعل هذا الكتاب الذي أكثرت فيه من إيراد الأمثلة والنماذج التطبيقية حتى كدتُ أُخلصه لهما، أن يحمل قارئه على أن يتدبّر كتاب الله، وأن يتلوه على مهل، متسائلاً عن كل لفظةٍ فيه، وعن كل تركيب: لمَ ورد على هذا الشكل؟ ما الحكمة؟ وما الغاية من هذا التعبير دون ذاك، ومن هذا الأسلوب دون غيره؟ وقد يتضح له بعد التأمل والتدبر، المدعومَين بملكة مدربة مرهفة، وجهُ حكمة، وقد لا يتّضح، ولكنه، في جميع الحالات، لا ينبغي أن يشك في وجود هذه الحكمة التي قد تخفى عليه وعلى أبناء جيله، ولكنها قد تنكشف أمام بصائر من يأتي بعدهم.
إن هذا الكتاب محاولة متواضعة أفادت من جهود السابقين، وأضافت ما فتح الله به من اليسير القليل، وإن صاحبها ليتشرّف شرفاً لا حدّ له أن يخدم بها كتاب الله بجهد المُقِل، سائلاً مُنْزِل هذا الكتاب على نبيه الكريم - عليه السلام - أن يكون قد أُلهم السداد فيما قال، وعُصِم من الزلل والشطط، وأن يُغفر له ما قد يكون فيه من بَدَوَات الاجتهاد البشري الناقص..
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
أبو أنس (وليد)
دمشق: 30/4/1421هـ =30/7/2000م