● صاحبَ العظمة هشام الجليل المقام
بعد التعظيم والتوقير، فقد سمعنا عن الرقي العظيم الذي تتمتع بفيضه الصافي معاهد العلم والصناعات في بلادكم العامرة، فأردنا لأبنائنا اقتباس نماذج من هذه الفضائل لتكون بداية حسنة في اقتفاء آثاركم، لنشر أنوار العلم في بلادنا التي يجتاحها الجهل من أركانها الأربعة.
وقد وضعنا ابنة شقيقنا الأميرة (دوبانت) على رأس بعثة بنات الإنجليز للتشرف بلثم أهداب العرش، والتماس العطف، لتكون مع زميلاتها موضع عناية عظمتكم وحماية الحاشية الكريمة، وحدب من لدن اللواتي يشرفن على تعليمهن، وقد أرفقتُ الأميرة الصغيرة بهدية متواضعة لمقامكم الجليل، أرجو التكرم بقبولها.
مع التعظيم والحب الخالص
خادمكم جورج ملك بريطانية
بهذه العبارات الحميمة، المفعمة بالتقدير والاحترام، خاطب ملك بريطانيا هشامَ بن الحكم؛ الخليفة الأندلسي (366-399هـ=976-1008م)؛ يومَ أن كانت الحضارة الإسلامية في أوجِ فعاليتها في الأندلس، وخطِّها البياني الصاعد!!
● ابك مثل النساء مُلكاً مضاعاً لم تحافظ عليه مثل الرجال
وبهذا التأنيب المقذع، ترثي أم أبي عبد الله الصغير- آخر الخلفاء الأمويين في الأندلس، الذي وقع وثيقة تسليمها لفرديناند (893هـ=1527م)- الحضارةَ الإسلامية ذاتها في الأندلس إبان أفولها، وهبوط خطها البياني إلى الحضيض!!
● تُرى ما موقع الأمة العربية- التي تتناوشها المخططات الأجنبية اليوم – على المنحنى الحضاري الراهن، وما محلها من الإعراب بين الفاعل والمفعول به في حلبة الصراع العالمي، بحسب قواعد النحو السياسي؟!
وهل بعد بلوغ الحضيض من صعود، ينهض به جيلٌ تصقله الأزمات؛ فيهب من تحت الرماد؛ متمرداً متحرراً من عجز الآباء، ليحقق نبوءة الرسول صلى الله عليه وسلم " ثم تكون خلافة راشدة على منهج النبوة"، وليؤكد القانون الرباني في نداول الحضارات (وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ) [آل عمران 3/140]؟!!