تخطي إلى المحتوى
«المعبر» رواية تحكي وجع الإنسان السوري..الروائية حنان أسد : عبر رواياتي أحاول ان أتغلغل فـي قلب كل أنثى «المعبر» رواية تحكي وجع الإنسان السوري..الروائية حنان أسد : عبر رواياتي أحاول ان أتغلغل فـي قلب كل أنثى > «المعبر» رواية تحكي وجع الإنسان السوري..الروائية حنان أسد : عبر رواياتي أحاول ان أتغلغل فـي قلب كل أنثى

«المعبر» رواية تحكي وجع الإنسان السوري..الروائية حنان أسد : عبر رواياتي أحاول ان أتغلغل فـي قلب كل أنثى

صدر حديثاً عن دار الفكر بدمشق رواية (المعبر) للروائية السورية حنان أسد، تحكي الرواية حكاية وجع الانسان السوري عبر الحديث عن (معبر الموت) في حلب.. أو معبر (كراج الحجز) في حيّ بستان القصر، المعبر الذي يفصل بين القسم الشرقي من المدينة الخاضع لسيطرة (المعارضة المسلّحة)، والقسم الغربي منها الذي بقي خاضعاً لسيطرة الجيش السوري الرسمي. المعبر الوحيد في العالم الذي سُمّي بــ (معبر الموت). وصدر للكاتبة رواية (بارقة أمل) الحائزة على جائزة دار الفكر للرواية، ورواية (راحل انت )، كما صدر لها في القصة القصيرة: (صحائف القلوب) و(إمبراطورية الخطوط الحمر) و(حلب ..أبدلوا لامك راء).

عن روايتها وكتاباتها كان لـ(الوطن) معها هذا اللقاء:
ـ هل يمكن إعطاؤنا لمحة عن البدايات.. بمن تأثرت من الكتّاب.. ومن هم مصدر الإلهام حالياً؟
لا يمكنني أن أذكر بداياتي دون ذكر جهود والدي الواضحة في تأسيس لغتي ومتانة مفرداتي، حيث كانت مكتبته الواسعة متنفّساً عميقاً، أروح وأغدو وأنا غارقة بين الروايات والقصص لمؤلفين عرب مثل: نجيب محفوظ والمنفلوطي وعبد الحليم عبد الله، وغيرهم.
أمّا الآن وبعد خمسة وأربعين عاماً فالحكمة ضالّة المؤمن أينما وجدها التقطها، لا أقتصر على كتّاب معينين وإنما أغرف من كلّ بستان زهرة ما بين الأدب العربي والعالميّ المترجم.
ـ ملفت تقديمك لروايتك الأخيرة «المعبر»: (هذه ليست الحقيقة ..إنها الحقيقة من موقعي هنا ..من معبري إلى الإنسانية..) ما الذي أردت قوله في تقديمك هذا؟
تضاربت الأقوال والآراء والتحليلات السياسية والاجتماعية والدينية لما جرى في بلادنا الحبيبة سوريا، وما عاصرتُه في مدينتي حلب المنكوبة كان زاوية أخرى لم يلتفت لها الإعلام، ولم يرعها الفكر الإنساني أيّ انتباه، كان لا بدّ من تسليط الضوء على الإيقاعات النفسيّة لهذه الحرب الشعواء في قلب الأنثى المحاطة بدعائم اجتماعيّة كثيرة راحت تتفتت حولها وتتركها ريشة في مهبّ الريح.

ـ كيف نضجت فكرة رواية (المعبر).. وكم استغرقتِ من الوقت في كتابتها؟
(المعبر) استغرقت مني خمس سنوات على أقلّ تقدير حتى أبصرت النور، وهي تعتمل داخلي في إرهاصات مؤلمة لعلاقات أسريّة متهتكة زادت من الحرب شناعة، ومن الألم بشاعة، لم أكن ألتفت يميناً أو شمالاً إلا والناس من حولي مشغولون بتصنيف الآخرين تصنيفات سياسية أو اجتماعية بعيدة كلّ البعد عن المحبة والسلام الداخلي، كانت قطيعة الرحم وجفاء العلاقات الإنسانية في خضمّ النزوح والقذائف ترمي ويلاتها علينا أكثر من الحرب نفسها، فكيف لنا أن ننهي هذه المهزلة أمام الأعداء إن لم نعِد صياغة علاقاتنا بالوعي والحكمة!
آلاء التي غادرت بلادها وخلايا قلبها تعجّ بحبها القديم بعد أن خسرته في حرب لا ناقة لها فيها ولا جمل، غياث الصيدلاني الحكيم الذي استحوذ الانتقام على قلبه فسلب شبابه وحياته وبات في غياهب المجهول، صفاء التي خسرت والدها في لحظة طيش وغضب وجرّت أذيال خسارتها مع أيام عمرها، العم أبو عدنان الذي عاصر الحرب في أواخر أيامه بحكمة وصبر نادرين. كلّ هؤلاء ما هم إلا حكايا بيوتنا السورية وأسرار قلوبنا التي نضحت على الورق، لتثبت أنّ الخسارات المعنوية كانت أكبر بكثير من خساراتنا الماديّة لبيوتنا أو ممتلكاتنا.

ـ لجأت الى تقنية تعدّد الرواة في الرواية إضافة إلى استخدام تقنية الفلاش باك .. ما أعطاها جمالية ونكهة خاصة… والسؤال هل تفرض سيرورة الرواية التقنية أم ماذا؟
بالطبع إن عوامل نجاح أيّ رواية متعدّدة، ولعلّ التقنيات تساهم في هذا النجاح، فمنها ما يقوم على التنوّع في الصوت الروائي بحيث يتنقّل القارئ من شخصيّة إلى أخرى، ويرى الأحداث بعيون مختلفة لا تجعله حكراً على منظور واحد ونَفَس روائي واحد، كما أن تقنية الفلاش باك تحفّز ذهن القارئ بحيث تُترك له مساحة يساهم فيها مع الكاتب في ربط الأحداث وترتيبها في ذهنه، مما يبعده عن السآمة والملل.
هذه التقنيات وغيرها تساهم في جماليّة الرواية وزيادة الصنعة الفنيّة، وتخرجها إلى حدّ ما عن النمط الكلاسيكي الرتيب، ويتمّ العمل عليها تزامناً مع بناء الأحداث وسبك الحبكة، لكنّ هذا لا يعني أن تقوم الرواية على الفنيّات بغنىً عن الدعائم والهيكل الأساسيّ للرواية من بناء الشخصيات والأحداث والحبكة الروائية.

ـ كان موقفك ضد الهجرة والرحيل واضحاً في الرواية ..والسؤال ما هو المطلوب من الرواية رصد الواقع أم طرح الحلول؟
ما أخذته رواية (المعبر) هو نهج رصد الواقع، وضمن الواقعية التي طُرحت فقد أُغلقت المنافذ والمعابر عن الفرج وحوصرت البطلة صفاء ضمن حدود الوطن، ولو أنها تخطّت الحدود لغيّبنا كثيراً من المحاولات الفاشلة التي أعجزت السوريين عن إيجاد حلّ حقيقيّ للعاصفة التي ألمّت بهم، ما مرّت به شخصيات المعبر كان مسيراً في متاهة لا يد لأحدهم في دخولها، ولا حلّ بيدهم للخروج منها.

ـ رواياتك وقصصك (واقعية بامتياز).. فإلى أي مدى يمكن للروائي أن يلتزم بالواقع والأحداث؟
لا أنكر أنّ من الكتّاب من يبدع في تصوير عالم مغاير لما نعيشه، فينقلنا إلى مشاهد من الكلمة والتاريخ والقوانين لا تعترف بها حياتنا، لكنني مع قلمي لا أجد نفسي إلا وأنا داخل بيوتنا المحافظة، أتغلغل في قلب كلّ أنثى فأحكي أسرارها واعتلاجات روحها، أسرد أوجاع السوريين والمرأة منهم خاصة، وأحمل قضاياهم، وأجرّب أن أنبش في جروحهم التي اندملت من غير علاج، لأعيد صياغة الفكر والروح، حيث يمكن للوعي أن يجنبنا جروحاً جديدة.

ـ توقف أكثر من ناقد حول لغتك الروائيّة وجماليتها وتلك العناية في استخدام مفردات اللغة؟
أجمل ما ميّز الإنسان عن غيره من المخلوقات عقله، وقدرته على التعبير عن أفكاره، وقد أنعم الله تعالى علينا (نحن العرب) أننا نتكلّم باللغة العربية لغة القرآن الكريم الذي يشنّف أسماعنا ويمتّع أبصارنا آناء الليل وأطراف النهار، هذه اللغة التي تكتنز من المعاني والمفردات عدداً لا تجرؤ على منافسته أيّ لغة أخرى من لغات العالم، ومهما تطورت العلوم، وواكبت الدول ركب الحضارات لن تجد عن اللغة العربيّة غنىً في أسمى العلوم الفكرية والمعارف الإنسانيّة، اللغة العربية صديقة الروح ومؤنسة الفؤاد، بها نبوح لرب العالمين همومنا، ونفرّغ بين الناس ما يجول بخواطرنا، فهي مرآة الذات، وكم من كتّاب عرفناهم وسبرنا أغوارهم دون أن نلتقي بهم أو نعرف شكلهم، إنها اللغة العربية يا صديقي، هويّتك أينما رحلت، فلنعتزّ بها دائماً!

ـ ما زالت روايتك الأولى (بارقة أمل) التي صدرت طبعتها الأولى عام 2000، والتي تتحدث عن مشاكل الشباب في المجتمع العربي، تحظى بقبول وانتشار واسع..ما السبب برأيك؟
الصدق! عندما تكون شاباً وتتبنى هموم الشباب وتحكي بلسانهم لن تجد في قلمك إلا الصدق ينضح عواطفهم وحاجاتهم وغرائزهم، وحيث يوجد الصدق تكون الديمومة، فلا انتهاء لصلاحية مشاعر الشباب واعتلاجاتهم، وإن اختلفت التفاصيل الأخرى مع الزمن.

ـ في روايتك (راحل أنت) تقولين:هل كنت تنتظر لحظة غيابي عن الوعي لتدخلَ بي؟ ألم يكشف لكَ الجرحُ أنني ممتلئة بك؟ فهل وجدتَ شاغراً منكَ لك؟ .. سؤالي عن مفهومك للحب؟
الحبّ هو الأحجية التي حيّرت العلماء والمفكّرين في تحليل أسبابه وعوارضه، فهو سرّ إلهي جعله الله في قلوب عباده، منهم من احتاط له واكتفى بما يقيم أوده منه، ومنهم من وقع في شباكه وما خرج منه إلا بجروح وندوب، وعلى المؤمن أن يتسلّح بالحب في علاقاته الإنسانية المشروعة بدءاً بعلاقة الوالدين إلى الأخوّة والزواج والصداقة، ويتجنّبه في العلاقات غير المشروعة مهما زيّنت له البدايات، لأنّ عواقبه أليمة على النفس وخيمة على المجتمع.

ـ سؤال أخير ماهو السبب الذي دعاك لكتابة (المتدين بين النعمة والتهمة) ما الذي أردت قوله في كتابك هذا؟
عالمنا يعيش في انفصام حقيقي فيما يخص الالتزام بالدّين، حتى بدا الناس من حولنا فريقين، الملتزم منهم منعزل عن الآخرين، وغير الملتزمين قد أعتقوا أنفسهم من ضوابط الشرع مع أنّ كلا الفريقين يؤمن بالله ويعترف به إلهاً آمراً ناهياً، فكان لا بدّ من وضع النقاط على الحروف وتعريف كلّ من الفريقين اللذين هما في الحقيقة فريق واحد بما لهم وما عليهم من التزامات وحقوق، لعلّنا نرأب الصدع ونردم الفجوة التي بناها أعداء الدين فيما بيننا فنكون يداً واحدة تبني المجتمع وتحقق خلافة الله تعالى لنا على الأرض.

المصدر: 
جريدة " الوطن" العمانية