تخطي إلى المحتوى
"حريق وغريق" في 2023... الضحايا والمفقودون بالآلآف وأرقام قياسية في المحيطات والأنتاركتيكا "حريق وغريق" في 2023... الضحايا والمفقودون بالآلآف وأرقام قياسية في المحيطات والأنتاركتيكا > "حريق وغريق" في 2023... الضحايا والمفقودون بالآلآف وأرقام قياسية في المحيطات والأنتاركتيكا

"حريق وغريق" في 2023... الضحايا والمفقودون بالآلآف وأرقام قياسية في المحيطات والأنتاركتيكا

شهد هذا العام (2023)، كوارث طبيعية صعبة ضربت عدداً من البلدان والمناطق. فقد طالت مناطق كثيرة في جميع أنحاء العالم موجة من الظواهر المناخية القاسية، بدءاً بالفيضانات المدمّرة، مروراً بحرائق الغابات الواسعة، وانتهاءً بالعواصف المدارية غير المسبوقة. ووفقاً لتقارير، سجل عام 2023 رقماً قياسياً على مستوى الكوارث، في الأرواح والخسائر المادية، وقد اجتاز خسائر عامي 2020 و2022.

 وطالت موجة من الحوادث المناخية القاسية مناطق كثيرة في جميع أنحاء العالم، بدءاً بالفيضانات المدمّرة في الهند واليابان وليبيا، مروراً بحرائق الغابات الواسعة في أوروبا والولايات المتحدة وكندا، وانتهاءً بالعواصف المدارية غير المسبوقة في شرق أفريقيا ونيوزيلاندا والبرازيل. كذلك، الكوارث الطبيعية مثل الزلازل في سوريا وتركيا والمغرب، وغيرها من الحوادث التي خلفت عدداً من الضحايا والمفقودين، إضافة إلى الدمار

وفي ما يلي أبرز تلك الحوادث والكوارث (لحين تاريخ كتابة هذا التقرير يوم الثلثاء 19 كانون الأول 2023):

 

زلزال سوريا وتركيا

في السادس من شباط (فبراير) من العام الجاري، ضرب زلزال مدمر سوريا وتركيا، أودى بحياة أكثر من ستة آلاف سوري، في وقت أحصت الهيئة العامة التركية لإدارة الكوارث "آفاد" مقتل 44,374 شخصاً، ما يرفع حصيلة البلدين إلى 50,325 شخصاً.

 ألحق الزلزال دماراً هائلاً في مناطق واسعة من محافظات حلب وإدلب وحماة واللاذقية وطرطوس، ليضاعف مآسي شعب عاني منذ نحو 12 عاماً نزاعاً مُدمراً قسم البلاد بين أطراف عدة. ووقع الزلزال عند الساعة 4:17 (01:17 بتوقيت غرينيتش) حيث وجد النائمون أنفسهم عالقين تحت الركام عندما انهارت منازلهم.

 زلزال الحوز

ضرب زلزال عنيف المغرب ليل الجمعة، 8 أيلول (سبتمبر) 2023، وكان مركزه إقليم الحوز في جهة مراكش آسفي.

 دمر الزلزال أحياءً بأكملها، وسوّاها بالأرض، ما أجبر الآلاف على الانتقال إلى ملاجئ مؤقتة.

وأوقع هذا الزلزال المدمر 2012 قتيلاً و2059 جريحاً، منهم 1293 بإقليم الحوز، و452 بإقليم تارودانت، و41 بإقليم ورززات، و15 بعمالة مراكش.

عاصفة دانيال

في ليل 10 إلى 11 أيلول (سبتمبر) الماضي، ضرب الإعصار دانيال شرق ليبيا، بدرنة التي يبلغ عدد سكانها 100 ألف نسمة وتطل على البحر المتوسط. 

 وجرفت الفيضانات كل شيء في طريقها وتسببت في نزوح أكثر من 43 ألف شخص، بحسب إحصاء للمنظمة الدولية للهجرة. وفي طريقه، دمر الإعصار سدّي درنة المعروفين منذ عقود، ما تسبب بمقتل 3893 شخصاً، وفقاً لحصيلة صادرة عن الحكومة في شرق البلاد.

كوارث في آسيا

في 7 آب (أغسطس)، شهِدت العاصمة الصينية هطولات مطرية غزيرة قاربت 745 ملم، وهي الأعلى في يوم واحد منذ بدء رصد أحوال الطقس في 1883. ونتج من هذه الهطولات فيضانات تسببت في مقتل 33 شخصاً و18 مفقوداً، وانهيار وتضرر أكثر من 200 ألف منزل. وفي الأسبوع التالي، وصلت الحرارة في مقاطعة شينجيانغ إلى 52.2 درجة مئوية، وهو رقم قياسي جديد في الصين.

 ولقي ما لا يقل عن 126 شخصاً حتفهم وأصيب المئات بجروح في زلزال بلغت قوته 6,2 درجات ضرب ليل 18 كانون الأول (ديسمبر) مقاطعة غانسو في شمال غرب الصين، ما أدى إلى انهيار أبنية. وضربت زلازل قوية أفغانستان في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023 أدت إلى مقتل أكثر ألف شخص.

 وخلال النصف الأول من 2023، شهِدت القارة الآسيوية مجموعة من الأحوال المناخية التي أودت بحياة الكثيرين، أبرزها موجة البرد التي أصابت أفغانستان في 10 كانون الثاني (يناير) حيث وصلت الحرارة إلى 33 درجة تحت الصفر وأودت بحياة أكثر من 160 شخصاً، وكذلك إعصار موكا الذي اجتاح ميانمار في أيار (مايو) وتسبب في وفاة نحو 500 شخص وأضرار تقارب 1.5 مليار دولار.

 كما أسفر إعصار "بيبارجوي" عن مقتل أكثر من 12 شخصاً في الهند خلال شهر حزيران (يونيو)، وفي الشهر ذاته، عانت البلاد موجة حرّ شديدة أدّت إلى انقطاع التيار الكهربائي مرات عدة ووفاة ما يقرب من 170 شخصاً. ومنذ تموز (يوليو)، تستمر الفيضانات غير المسبوقة في الهند في حصد الأرواح، حيث تسببت حتى الآن في وفاة أكثر من 100 شخص.

أعاصير مدمّرة

لم يكن النصف الشمالي من الكرة الأرضية هو الوحيد الذي عانى ارتفاع الحرارة. ففي آب (أغسطس)، شهِدت البرازيل ارتفاعاً قياسياً في الحرارة بلغ 41.8 درجة مئوية في مدينة كويابا في منتصف الشتاء. وطالت موجة الحرّ جزءاً كبيراً من البلاد، ما دفع الآلاف من سكان ريو إلى الشواطئ.

 وفي جنوب البلاد، شهِدت ولاية ريو غراندي في 6 أيلول (سبتمبر) أسوأ كوارثها المناخية، حيث تسبب إعصار في أمطار ورياح غزيرة أودت بحياة 27 شخصاً على الأقل. وكان ما لا يقل عن 40 شخصاً فقدوا حياتهم نتيجة فيضانات وانهيارات أرضية في ولاية ساو باولو خلال شباط (فبراير) الماضي. كما أدّت حرائق الغابات في جنوب وسط تشيلي خلال الشهر ذاته إلى مقتل 24 شخصاً وإصابة نحو ألفي شخص، وإحراق أكثر من 800 ألف فدان من الأراضي.

 وخلال الفترة بين 4 شباط (فبراير) و15 مارس (آذار)، اجتاح الإعصار فريدي جنوب المحيط الهندي بفاعلية هي الأعلى واستمرارية هي الأطول لإعصار مداري. وأحدث فيضانات وأضراراً مادية وبشرية كبيرة في شرق أفريقيا، بحيث صُنِّف كثالث أخطر إعصار مداري في نصف الكرة الأرضية الجنوبي، وتسبب في وفاة ما لا يقل عن 1434 شخصاً، معظمهم في مالاوي وبنسبة أقل في موزمبيق ومدغشقر وزيمبابوي وموريشيوس.

 وفي شباط (فبراير) أيضاً، تسبب الإعصار المداري "غابرييل" في تدمير أجزاء من جزيرة نورث آيلاند في نيوزيلاندا، وقُدّرت أضرار هذا الإعصار بنحو 8.4 مليارات دولار على الأقل، ما يجعله الإعصار الأعلى كلفة في نصف الكرة الجنوبي.

 موجات الحرّ

وشهِدت بلدان الشرق الأوسط خلال صيف 2023 موجات حرّ شديدة وصلت إلى مستويات قياسية في بعض الدول، كما تسببت في اندلاع حرائق غابات واسعة النطاق في لبنان وسوريا والمغرب. وفي الجزائر وتونس، سجّلت درجات الحرارة 48.7 درجة مئوية و49 درجة مئوية على التوالي في 23 تموز (يوليو). وخلافاً لما حصل على الضفة الأخرى من المتوسط، ما زالت حرائق الغابات في الجزائر حتى هذا الوقت من السنة أقلَّ حِدةً، وغطّت مساحات أصغر، مقارنة بالسنوات الماضية.

 وحصل هذا رغم موجات الحرّ التي ضربت المناطق الساحلية، حيث الغطاء الغابي كثيف، متجاوزةً في بعض المناطق 49 درجة مئوية، مع رياح جافة بلغت سرعتها 65 كيلومتراً في الساعة.

  حرائق أميركا وكندا

تسببت الحرائق النشطة في كندا منذ نيسان (أبريل) في ارتفاع معدلات التلوُّث الجوّي إلى أعلى مستوياتها، وأظلمت السماء فوق مونتريال ونيويورك في بداية حزيران (يونيو). وفي منتصف آب (أغسطس)، كان نحو 5738 حريقاً قد أتى على 13.7 مليون هكتار منذ بداية السنة، وهي منطقة تقارب مساحة اليونان. وفي أرخبيل هاواي، تسببت حرائق 10 آب (أغسطس) في وفاة 110 أشخاص، وكادت تمحو بلدة لاهاينا التي يبلغ عدد سكانها 13 ألف نسمة في جزيرة ماوي. وكانت الظروف المناخية هي المسؤولة عن هذه الكارثة، حيث أدّى الجفاف إلى اندلاع النيران التي نشرتها رياح الإعصار "دورا".

 وكانت مدينة فينيكس، عاصمة ولاية أريزونا، قد شهِدت موجة حرّ قياسية استمرت طيلة شهر تموز (يوليو) وتجاوزت فيها الحرارة 43.3 درجة مئوية. وتسببت هذه المحنة غير المسبوقة في دخول العديد من الأشخاص إلى المستشفيات. وخلال الفترة من مطلع 2023 إلى تموز (يوليو)، رصدت الإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي 15 حدثاً مناخياً كارثياً في البلاد تسببت في وقوع 113 وفاة، وقاربت خسائرها 40 مليار دولار.

 حرائق في القارة الأوروبية

تسببت موجة الحرّ الاستثنائية التي سيطرت على اليونان في الأسبوعين الأخيرين من يوليو إلى مضاعفة أعداد حرائق الغابات، وتسجيل البلاد أكبر عملية إجلاء بسبب المناخ شملت 30 ألف شخص في جزيرة رودس وفي جزيرتي إيفيا وكورفو. واعتبرت المفوضية الأوروبية أن حرائق الغابات في شمال شرقي اليونان أكبر ما تم تسجيله على الإطلاق في الاتحاد الأوروبي.

 وما إن خمدت الحرائق، حتى اجتاحت الفيضانات مناطق واسعة في وسط وجنوب أوروبا خلال شهر آب (أغسطس). وعمل التيّار النفّاث في طبقات الجو العليا على تثبيت نظامين عاصفين في مكانهما، ما أدّى إلى هطول أمطار مستمرة فوق إسبانيا والبرتغال وسلوفينيا واليونان وتركيا. وفي الوقت ذاته، فرض ضغطاً مرتفعاً على فرنسا وبلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ والمملكة المتحدة، ما تسبب في موجة حارّة في أواخر الصيف.

  أرقام قياسية في المحيطات والقطب الجنوبي

سجّلت المحيطات في يوم 4 آب (أغسطس) درجة حرارة سطحية قاربت 21 درجة مئوية، وهو رقم قياسي عالمي يتم رصده لأول مرة. وكانت خدمة كوبرنيكوس لمراقبة المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي قد أعلنت في حزيران (يونيو) أن شمال المحيط الأطلسي كان دافئاً على نحو غير عادي. وفي سواحل فلوريدا، وصلت حرارة المياه إلى 38 درجة مئوية. كما سجّلت الحرارة السطحية في البحر المتوسط رقماً قياسياً بوصولها إلى 28.7 درجة مئوية في تموز (يوليو).

 وفي أيار (مايو)، أدّت حرائق الغابات في جبال الأورال الروسية وسيبيريا إلى مقتل 21 شخصاً على الأقل، والتهمت 280 ألف فدان من الأراضي، ودمّرت مئات المنازل. ونتجت الحرائق من موجة الحرّ التي يُرجّح ارتباطها بتغيُّر المناخ. وتُعزى درجة الدمار إلى نقص الموارد والعزلة التامة في مواقع هذه الحرائق.

 وطيلة تموز (يوليو) 2023، بلغ متوسط مساحة الجليد البحري في القطب الجنوبي 13.5 مليون كيلومتر مربع، وهي أدنى مساحة تم رصدها في هذا الوقت من السنة منذ بدء التسجيل المستمر عبر الأقمار الاصطناعية في أواخر عام 1978. وقد وصف أحد خبراء وكالة "ناسا" الأميركية هذه المغطيات بأن "ما نشهده هذا العام هو منطقة مجهولة في سِجل الأقمار الاصطناعية".

المصدر: 
النهار العربي