تخطي إلى المحتوى
رئيس دائرة شؤون القدس لـ"النهار العربي": الحفريّات الإسرائيلية تحت الأقصى تثبت يومياً عدم وجود أيّ أثر يهودي رئيس دائرة شؤون القدس لـ"النهار العربي": الحفريّات الإسرائيلية تحت الأقصى تثبت يومياً عدم وجود أيّ أثر يهودي > رئيس دائرة شؤون القدس لـ"النهار العربي": الحفريّات الإسرائيلية تحت الأقصى تثبت يومياً عدم وجود أيّ أثر يهودي

رئيس دائرة شؤون القدس لـ"النهار العربي": الحفريّات الإسرائيلية تحت الأقصى تثبت يومياً عدم وجود أيّ أثر يهودي

سعت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ احتلالها القدس في حزيران (يونيو) عام 1967 إلى تعزيز سلطتها في الأحياء الفلسطينية عامةً والبلدة القديمة بمقدساتها الإسلامية والمسيحية والحرم القدسي الشريف خاصة، وذلك من خلال تغيير ملامح المدينة الفلسطينية ومشاريع التهويد المستمرة التي تنفذها البلدية والوزارت كافة، بزيادة وتيرة الاستيطان والاستيلاء على الأملاك وإغلاق المداخل والمخارج ونشر أعداد كبيرة من عناصر الشرطة. كذلك، منع السكان العرب من التطور الطبيعي من خلال حجب تراخيص البناء عنهم، واستثنائهم عمداً من كل مخططات التطوير والتوسع، لدفعهم إلى الرحيل عن المدينة، في ظل تطبيق السياسات التعسفية من هدم المباني يومياً وإخلاء المنازل.
 
ووصل الحال بالسلطات الإسرائيلية إلى منع الحجاج والمصلين من الوصول إلى أماكن الصلاة والعبادة، فوضعت شروطاً وحددت أعمار المصلين المسموح لهم بالوصول إلى الحرم القدسي الشريف خلال شهر رمضان المبارك، وتحججت بضيق المساحة ومنعت وصول الفلسطينيين من القدس والضفة الغربية وقطاع غزة والداخل الفلسطيني خلال أسبوع الآلام إلى احتفالات سبت النور في كنيسة القيامة.
يتزامن ذلك مع محاولات الجمعيات الاستيطانية المدعومة من الحكومة تقسيم الحرم القدسي الشريف والمسجد الأقصى زمانياً ومكانياً، وأصبح واضحاً من خلال منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي أنها تموّل الاقتحامات الكبيرة وتستخدم الإغراءات المادية لزيادة أعداد المقتحمين يومياً وخلال الأعياد.
 
واجتمعت الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو أخيراً داخل أحد أنفاق حائط البراق الملاصق للمسجد الأقصى، وهي شبكة أنفاق قامت إسرائيل بحفرها عام 1967 وتضم 57 نفقاً، وهي جزء من الأنفاق التاريخية تحت البلدة القديمة. وحصل ذلك ضمن احتفالات إسرائيل الـ56 باحتلال الشطر الشرقي وضمه إلى الشطر الغربي الذي احتل عام 1948. ونفّذ وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير اقتحاماً لباحات المسجد الأقصى، هو الثاني منذ بداية العام الجاري وتوليه منصبه. 
 آليات التهويد
"النهار العربي" التقى رئيس دائرة شؤون القدس في منظمة التحرير الفلسطينية المهندس عدنان الحسيني الذي شغل مناصب هامة في القدس، مهندساً ومديراً لدائرة الأوقاف الإسلامية، ومحافظاً للقدس، ووزيراً لشؤون القدس. وقال الحسيني إن "القدس هي عبارة عن أملاك وقفية مسيحية وإسلامية وأخرى حكومية، تتعامل معها السلطات الإسرائيلية من خلال التزوير وتدبير الدسائس والمؤامرت كما أصبح واضحاً وجلياً بعد الذي حدث في ميدان عمر بن الخطاب والحي الأرمني. إذ تستند السلطات الإسرائيلية إلى قانون أملاك الغائبين الذي يسمح للسلطات بمصادرة أملاك الذين تركوا أرضهم وممتلكاتهم خوفاً من الحرب، من خلال هذا التشريع استطاعت أن تحقق أهدافها على صعد عدة من أهمها الاستيطان، الجيل الثالث خاصة غير محمي بحسب هذا القانون ومعرّض للإخلاء والاستيلاء على ممتلكاته، ومكّنت سلطات الاحتلال من إقامة 80 بؤرة استطانية داخل أسوار البلدة القديمة، وعندما تصل الأمور إلى المحاكم يُحرم المقدسيون من أملاكهم وعقاراتهم. لقد اعتمدوا على حيثيات أن صاحب البيت الجد هو الجيل الأول صاحب العقار، أبناؤه لهم الحق في التملك، أما الأحفاد فليس لهم الحق، للأسف أغلب عائلات القدس التي تعود لها هذه الأملاك غير موجودة في القدس، إذ إن 70 في المئة من أصحاب العقارات من المهجرين أو المغتربين". 
 
 عن التنقيب والحفريات الإسرائيلية في محيط المسجد الأقصى أجاب الحسيني: "الأنفاق والحفريات التي قامت بها سلطات الاحتلال بدأت منذ احتلالها القدس وهي مستمرة حتى اليوم، بعد هدم حارة المغاربة في 10 حزيران 1967، تمت تسوية 116 دونماً وتدمير 136 منزلاً و4 مساجد ومدرسة الأفضلية وزاوية المغاربة ومقام الشيخ وطرد 3700 فلسطيني، وطمس معالم الأوقاف المغربية الإسلامية التي دامت 7 قرون. واستمرت بتنفيذ سياسة التطهير العرقي والسلب والتشريد التي مورست بحق الفلسطينيين، بعدها وضعت حكومة الاحتلال برنامجاً تتحرك بموجبه". 
 
وتابع الحسيني: "من المهم معرفة أن الملامح التي تسعى إسرائيل وراءها لم تكتشفها، فالبعثات التبشيرية الغربية الأميركية والبريطانية والألمانية والفرنسية هي من قامت بالحفريات القديمة واكتشفت الأنفاق، كل ما هناك أن إسرائيل وجدت الخرائط وبدأت بالتنفيذ من حيث انتهت البعثات الغربية، هناك مشاريع ومخططات تقوم السلطات الإسرائيلية باعتمادها لتغيير الملامح التاريخية والهوية الفلسطينية، بعد هدم الحي المغربي توغلوا بالحفريات تحت الأرض باتجاه الشمال (الزاوية) ثم طريق الآلام والمدرسة العمرية، وهو النفق المعروف بـ"نفق الحشمونائيم" تحت المنازل.   
 
بعدها بدأت سلطة الآثار الإسرائيلية الحفر في الجهة الأخرى على الأرض والتي تعرف بـ"الحديقة الأثرية" وهي تابعة للأوقاف، ومعظم الآثار التي عُثر عليها إسلامية وتعود إلى الحقبة الأموية. في الاتجاه الآخر الحفريات الخطرة لأنها تمت تحت العمارات السكنية، وأثرت على الأساسات، وهي بالمناسبة مدارس بُنيت خلال الحقبة المملوكية نحو (50) مدرسة مملوكية، ليس لها مثيل في العالم ومعروفة بجمال بنائها، الحفريات الخطرة طالت كل الشريط الموازي لجدار المسجد الأقصى الغربي وكلها تضررت وتابعتها بنفسي مبنى مبنى، من بينها المدرسة التنكزية والمباني ما بين باب السلسلة وباب الحديد (من أبواب الحرم القدسي الشريف)، والمدرسة الأرغونية ورباط الكرد والمدرسة الجوهرية، وبعدها وصلت حتى الزاوية الوفائية مقابل باب المجلس (المدخل الرئيسي لدائرة الأوقاف الإسلامية)، والمنجقية من الجهة الأخرى. كل هذه العمارات تصدعت، وصلوا من خلال قناة للمياه رومانية لم يحفروها قاموا فقط بتنظيفها لأنها موجودة من زمن الرومان، مثلاً تحت المدرسة المنجيقية عمارة رومانية، وآثار أموية مباشرة تحت باب الحديد، وبين مبنى وآخر - وهنا الخطر - فتحوا نفقاً بارتفاع مترين وعرض متر، معظم الآثار التي يُعثر عليها رومانية وبيزنطية وأموية ومملوكية".
 
وأوضح الحسيني أنهم "كانوا يستخدمون أدوات الحفر، وكنا نسمع ذلك بوضوح، وكنا نقدّم شكاوى لمنظمة اليونسكو، لكن خلال المرحلة الأخيرة كانوا يستخدمون في هذه الحفريات، بخاصة في "منطقة صهيون"، مادة كيمائية لتفتيت الصخر، وذلك لإسكاتنا وحتى لا نتقدم بمزيد من الشكاوى، وهو ما أكده تقرير رئيس لجنة تقصي الحقائق". 
 
ولفت الحسيني إلى أن الإسرائيليين استمروا بحفرياتهم ووصلوا حتى "سبيل قايطباي"، "كانوا بعيدين أمتاراً من أدراج مسجد قبة الصخرة، اكتشفنا ذلك وكنا نقوم بملء الآبار بالمياه لتكشف لنا ما يقومون بعمله، البئر كانت فارغة من المياه، وكادوا يصلون فقمنا مباشرة بإغلاق فتحات البئر وأخرجناهم من المكان من حيث دخلوا. وجودهم في هذه الأنفاق لا يعني شيئاً لأنها ليست لهم، هي من آليات التهويد التي استخدمت في مدينة القدس، لا علاقة لهم بها لأنها آثار بيزنطية وإسلامية، وقنوات مياه رومانية". 
 
واعتبر أن حفرياتهم "هي تزوير للتاريخ نتيجة الإفلاس، لأنهم على مدار السنوات الماضية يقومون بتغيير الملامح التاريخية للقدس، وبعد 56 عاماً من الاحتلال لم ينجحوا لا في تغيير التاريخ ولا في دفن الرواية الفلسطينية، ورغم كل المحاولات بقي باب العمود وباب الساهرة وكنيسة القيامة والمسجد الأقصى كما أعرفها".
 
التفوّق الديموغرافي في القدس
وأوضح الحسيني أن "من المهم معرفة أن مساحة القدس الشرقية كانت تبلغ 9 كيلومترات، وهي الآن تبلغ 72 كيلومتراً، لأن إسرائيل أضافت المستوطنات التي أقيمت على حساب أراضي محافظة القدس، ويبلغ عدد المستوطنين في هذه المنطقة 225 ألف مستوطن يضاف إليهم اليهود من سكان القدس الغربية، بمجموع 590.600 ألف يهودي أي نحو 60 في المئة من سكان المدينة، بينما يبلغ عدد الفلسطينيين 375.600 ألف وهم يشكلون تقريباً 40 في المئة من عدد السكان، لو استثنينا منهم عدد المستوطنين لكان عدد الفلسطينيين أكثر، إسرائيل تخالف دائماً القانون الدولي وتستخدم كل الطرق لتهجير الفلسطينيين من القدس. ويعيش اليوم في البلدة القديمة نحو 40 ألف فلسطيني، ويشكلون ما مجموعه 10 في المئة من سكان القدس الشرقية، و3500 ألف يهودي ما بين الحي اليهودي المقام على حارة الشرف والمستوطنين، ورغم كل كل السياسات التعجيزية بحق المقدسيين لم يستطيعوا أن يهزوا قواعد الصمود والبقاء ولم نرحل كما يريدون". 
المصدر: 
النهار العربي