فاطمة شرف الدين كاتبة ومترجمة لأدب الأطفال والناشئة، نُشر لها أكثر من 120 قصة للأطفال. حائزة جوائز عدة ولوائح شرف عربية وعالمية، آخرها جائزة بولونيا (Bologna Ragazzi New Horizon Award) لكتاب "لسانك حصانك".
تُنشَر كتبها في لبنان والإمارات ومصر وبلجيكا، وقد تُرجم بعضها إلى لغات عدة. تشارك في العديد من معارض الكتب والمؤتمرات العربية والعالمية عن أدب الطفل، كما تعطي ورش عمل للكتابة الإبداعية المتخصصة بالأطفال والناشئة.التقينا الكاتبة وكان لنا معها هذا الحوار.
- هكذا كتبت عن نفسك: "أقفز بين الكلمات والسطور وقصص الصغار التي أؤلفها". تبدو الطفولة واضحة في شخصيتك كما في أعمالك، حدثينا عن ذلك؟
- المواضيع التي أكتب عنها للأطفال والناشئة متنوعة، تعبر عن اهتماماتهم وحاجاتهم ومخاوفهم وأحلامهم. حين أنغمس في كتابة قصة ما، أقارب الموضوع من وجهة نظر الطفل الذي أتوجه إليه، وبالتالي، أنبش الطفلة أو المراهقة في داخلي لكي أستعيد نظرتي الى الأمور في حينها، والمشاعر التي يولدها الموقف الذي أكتب عنه. مثلا، إن قررت الكتابة عن طفلة تريد اللعب بالكرة مع أولاد الحي، بينما أمها تمنعها من ذلك، أستعيد نفسي طفلة وأتصور رد فعلي التلقائي في هذه الحالة. هذا لا يعني أني مررت بهذه التجربة تحديدا، لكن تواصلي المستمر مع مشاعري كطفلة ولِد وتطور مع تطوري ككاتبة للأطفال، وتطوري ككاتبة لهذه الفئات العمرية يغذي تواصلي بطفولتي باستمرار. هي دوامة ممتعة.
شروط
- صفي لنا شخصية كاتب قصص الأطفال، وهل هناك شروط لهذا النوع من الكتابة؟
- ما يميز كاتب أدب الأطفال عن سواه هو الحرفية في تبسيط الأفكار، وإيجاد الصوت المناسب لمقاربة الموضوع الذي يكتب عنه، فالمضمون والأسلوب واللغة عناصر تختلف باختلاف عمر الطفل الذي نتوجه إليه. على الكاتب أن يكون مدركا هذه الأمور قبل خوض تجربة الكتابة، فليس كل من يحب الأطفال ويمضي الوقت معهم، يمكنه الكتابة لهم. لذا، في رأيي، هناك عناصر أساسية تجعل كاتب أدب الأطفال ناجحا: 1) إلمامه بالأدب عامة، وبأدب الأطفال خاصة، 2) إلمامه باللغة العربية والامتياز بها، بحيث يمكنه تطويعها بحسب حاجة الفئة العمرية التي يتوجه إليها. 3) معرفته لمراحل تطور الأطفال منذ الولادة إلى سن 18 سنة، من النواحي الذهنية والعاطفية والاجتماعية واللغوية. 4) معرفته لأسس سيكولوجيا الطفل. 5) امتلاكه القدرة على التخيل وابتداع أفكار جديدة. 6) العمل الجدي والمثابر لإنتاج أفضل ما لديه.
- تحترفين كتابة قصص للأطفال ولليافعين، أيهما أصعب، وما الفرق بين مخاطبة الأطفال ومخاطبة الكبار؟
- الكتابة للأطفال عملية لديها تحدياتها، فتحويل فكرة إلى نص يحتوي على كامل عناصر القصة وعلى شخصيات تتطور مع تطور الحدث، وصولا إلى نهاية مقنعة تحقق الهدف الأساس من القصة، إضافة إلى القدرة على تبسيط الفكرة وإيصالها بطريقة سلسة متقنة غير مباشرة، كلها أمور تجعل الكتابة للصغار أمرا يستعصي على الكثير من الكتاب الذين يتوجهون بكتاباتهم إلى الكبار.
في طبيعة الحال، لكتابة الرواية للناشئة واليافعين صعوباتها الخاصة أيضا. لا شك أن هناك أمورا مشتركة بين الكتابة للصغار وللمراهقين، ففي الحالتين، على الكاتب أن يبتكر قصة متكاملة فيها تطور منطقي للأحداث والشخصيات وتفاعلها بعضها مع بعض. الفرق هو أن في الكتابة للصغار، على الكاتب أن يقتصد قدر الإمكان في استخدام الكلمات. فبعدد محدود جدا منها، عليه أن يعبر عن قصة كاملة متكاملة جذابة. في الرواية، من ناحية أخرى، هناك مساحة أوسع للتعبير عن الأفكار ولتطوير الحدث والشخصيات. هذه المساحة تيسر عملية الكتابة، وتسمح بالإسهاب في نقل الفكرة أو الحدث أو المشاعر.
ورقة بيضاء
- نعرف أن وعي الطفل بمثابة ورقة بيضاء، ونحن نكتب عليها ما نريد. تساهم القصص في تصويب أو عرقلة عمل الوعي. تصبح هنا كتابة نص للأطفال كالمشي بين الألغام. كيف ترين الأمر؟
- في اعتقادي، كل طفل يولد بشخصية وطباع خاصة به، لكن من المؤكد أن التجارب التي يمر بها في سنيه الأولى تؤثر بشكل كبير على مسار حياته في ما بعد. لذا، كما ورد في السؤال هنا، الكتابة للأطفال عملية دقيقة، وعلينا ككتاب أن نعي مسؤوليتنا الكبيرة حيال قرائنا الصغار. علينا أن ندرس بدقة طرق طرح المواضيع ومعالجتها، بحيث تساهم قصصنا في إدراك الطفل للمحيط الذي يعيش فيه، والتعامل مع الأحداث والتجارب والعلاقات التي يمر بها بشكل سليم. أتعامل بجدية مع كتاباتي للأطفال، فلا أقارب موضوعا من غير أن أجري بحثا عن طريقة تعامل الطفل سيكولوجيا مع الموضوع، وأدرس بدقة الزاوية التي في إمكاني مقاربة الموضوع منها.
في قصصي، أعالج مواضيع من صميم الحياة، فلا يكفي أن أكتب عن الصداقة والمحبة والتعاون والمثابرة، بل أتطرق إلى مواضيع مثل الحرب والموت والتنمر والاستبداد والتعنيف والنزوح والبحث عن الهوية، إلخ... الحياة والموت والفرح والحزن والأمل واليأس والظلم والعدل، كلها عناصر من واقع عيش الإنسان، وبالتالي أجد أنه من الضروري أن أضمنها في كتبي الموجهة الى الصغار والناشئة. من حق كل طفل أن يفهم هذه العناصر لكي يتمكن من التعامل معها في الحياة إن واجهته الصعاب، وإن جنّبته الحياة التجارب الصعبة، فسوف يشعر مع الآخر الذي يعاني من أي أمر ظالم أو قاس في حياته. لا يجوز تجنب الأمور الصعبة أو تزييف الواقع وإظهاره للأطفال على أنه دوما زاهٍ ومرح. جهل الطفل لما يدور من حوله يولد غموضا لديه، والغموض مُقلق. بعد كل ما ذكرته أعلاه، أشدّد على ضرورة كتابة قصص مرحة، فكاهية، لا مغزى منها غير المتعة والمشاعر الإيجابية. ففي النهاية، الكتاب صديق الطفل في كل أحواله وحالاته النفسية.
الموهبة والتعلم
- أقمت العديد من الورش التي تتعلق بكتابة قصص للأطفال واليافعين، هل نتعلم الكتابة هنا أم أنها موهبة تولد معنا؟ وفي حالتك كيف ذهبت إليها؟
- الكتابة فن له قواعده كفن الرسم أو الرقص أو العزف الموسيقي. يمكن لكل إنسان أن يتعلم فنا معينا، لكن لن يتقنه غير من يمتلك القدرة على التخيل والإبداع، ومن يتمكن من التواصل مع الطفل الذي في داخله، والأهم، من يعمل بجد من أجل تطوير فنه. من خلال التدريبات التي قمت بها عبر السنين، فإن الأشخاص الذين ثابروا على الكتابة للأطفال ونجحوا في ذلك هم من يمتلكون الصفات المذكورة أعلاه. إضافة إلى أن إتقان اللغة التي نكتب بها وتمكن الكاتب من تطويعها بحسب الموضوع والفئة العمرية التي يتوجه إليها، من أساسيات النجاح.
خيال الأطفال يفوق خيالنا ككبار بأشواط، لكن للأسف، في كثير من الأحيان يقمَعون من قبل مقدّمي الرعاية، الأهل أو المعلمين
بالنسبة إليّ، علاقتي بالكلمة وبالتعبير الكتابي عن مشاعري ومخاوفي وهمومي بدأت في طفولتي منذ أن تمكنت من اللغة. فالكتابة كانت طريقتي في علاجي للمشاكل النفسية التي كنت أمر بها. أما بالنسبة إلى خوضي حقل أدب الأطفال، فقد حصل ذلك بشكل تلقائي، من غير أن أضرب أخماسا بأسداس أو أن أخطّط الطريق التي سوف أخوضها. ما حثني على خوض هذا المجال، هو ملاحظتي الشحّ في كتب الأطفال الحديثة والجيدة في أسواق الكتب في بلادنا. لم أكن أعلم أن دراساتي الجامعية (ليسانس في التربية المبكرة، وماجستير في نظريات تربوية وتطبيقاتها مع التركيز على دور الكتاب في تربية الأطفال، وماجستير في الأدب العربي الحديث)، كانت تحضرني، من غير أن أدرك ذلك في حينه، إلى أن أصبّ كل ما اكتسبته من علم وخبرة، في كتب سوف أؤلفها للأطفال. كتبت أولى قصصي في وقت كانت دور النشر قد بدأت تعي النقص في نشر كتب حديثة ذات جودة في النص والروسم والإخراج، وسرعان ما غصت في هذا المجال، فعملت مع عدد من دور النشر المتخصصة في أدب الأطفال.
- ملعب كتابة قصص الأطفال هو الخيال، نؤنسن كل الأشياء، هل يمكن وضع خيال الكاتب أمام خيال الطفل؟
خيال الأطفال يفوق خيالنا ككبار بأشواط، لكن للأسف، في كثير من الأحيان يقمَعون من قبل مقدّمي الرعاية، الأهل أو المعلمين، الذين يصنفون أفكارهم بالصح أو الخطأ. فرسم فيل أحمر مثلا، قد يعتبره الكبير خطأ و"يعلم" الطفل على غير ما هو صائب، وهو أن الفيل رمادي وليس أحمر. هذا مثال بسيط، لكنه يعبر عن الكثير. كتاب الأطفال الجيد، يحفز خيالهم وبالتالي طرق إبداعهم ووعيهم لفكرة أن كل شيء مسموح. ممكن للقطة أن تتكلم وللفيل أن يكون برتقاليا وللشمس أن تحزن وللضفدع أن يتحول إلى أمير. أما بالنسبة إلى أنسنة الأشياء والحيوانات، فهي طريقة لمعالجة مواضيع قد تكون قاسية نوعا ما لو كانت الشخصية الرئيسية صبيا أو بنتا في عمر القارئ. على سبيل المثال، إن أردنا أن نعالج موضوع الفقد أو الموت، واستخدمنا عائلة أرانب كشخصيات القصة بدل شخصيات بشرية، يصبح الموضوع أقل وطأة على الطفل، على الصعيد العاطفي. لذا، أنسنة ما هو غير بشري له وظيفته، لكن لا يمنع الأمر أن يكون الهدف من هكذا قصص المتعة والخيال بحد ذاتهما.
- هل تستشيرين مختصين بتربية الأطفال أو أطباء نفسيين في كتابة قصصك؟
هذا أمر مهم للغاية، في حال كان الموضوع الذي أكتب عنه معقدا على الصعيد السيكولوجي والاجتماعي والعاطفي، فإن استشارة المعالجة النفسية تكون جزءا من بحثي قبل الخوض في الكتابة. فإضافة إلى هذه الاستشارات، أستعين كثيرا بالدراسات حول الموضوع الذي أتناوله. بالنسبة إلى كتب الصغار، بحثي هو في قراءاتي عن تطور الأطفال نفسيا وعاطفيا، وفي مراقبة الأطفال في أفعالهم وردود أفعالهم واللغة التي يستخدمونها. وعند الكتابة للناشئة، أعتمد على عدة سبل في بحثي، ابتداء بمقابلة معالجة نفسية. فلإتمام كتاب "كابوتشينو"، الذي يتناول موضوع العنف الأسري، استشرت معالجة نفسية أولا، ثم قابلت امرأتين خاضتا تجربة التعنيف من قبل الزوج لأفهم الظروف والحوافز، كما قابلت محاميا يعمل مع النساء المعنفات لأفهم الناحية الحقوقية. ولكتابة رواية "إجاصة ميلا"، ساعدتني معالجة نفسية تعمل مع الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات غذائية، على فهم الموضوع من جميع نواحيه، وطلبت منها قراءة روايتي أكثر من مرة لكي أتأكد من أني عالجت موضوع "الأنوريكسيا" بشكل صحيح.
- هل تأخذين رأي الأطفال في أفكار قصصك؟ هل يشاركون في الكتابة أحيانا بطريقة ما؟
بصراحة، لا آخذ رأي الأطفال في المواضيع التي أقرر الكتابة عنها. فخياراتي تعتمد على خبرتي ومعرفتي للبيئة التي ستتلقى كتبي. أستقطب أفكاري مما أراقبه من حولي، لكن أيضا من ذكرياتي كطفلة، ومن تجربتي في تربية ابنتي وابني. فالعديد من القصص التي أكتبها مستوحاة من تجارب خاصة. حين تسمح الفرصة، أقرأ نصا لصغار وأراقب اهتمامهم أو عدمه، كما أحاول مناقشة المحتوى معهم لأقدر مدى نجاحي (أو فشلي) في إيصال فكرتي لهم.
الرسوم
- كم تساهم الرسوم في خدمة النص، ولا سيما بأنا رأينا كتبا جديدة تسمى صامتة، رسوم بلا نص...
دور الرسوم في قصص الصغار هو توضيح المحتوى، من هنا تسميتها بالرسوم التوضيحية. في رأيي، تتضح فكرة الكتاب حين يأخذ الرسام النص إلى بعد آخر، أي أن يضيف مخيلته على مخيلة الكاتب، بدل أن ينقل النص حرفيا في الرسوم. الرسام المحترف يضيف تفاصيل غير واردة في النص لكنها مستوحاة منه. لذا، من الضروري أن يتقابل الكاتب والرسام لمناقشة القصة قبل الشروع في رسمها. هناك استثناء طبعا. ففي كتب الفئات العمرية من الولادة إلى عمر السنتين، يبحث الطفل عن المعنى الحرفي في الرسوم. فإن ذكر النص أن هناك ثلاث بطات في النهر، يجب أن تعرض الرسمة ثلاث بطات في النهر.
أما بالنسبة إلى الكتب الصامتة، فهذه قصص لكن من دون كلمات. هناك مبتكِر الفكرة، وهناك الرسام الذي يوضِح الفكرة في رسومه. في غالب الأحيان، يكون الرسام هو نفسه مبتكِر فكرة القصة أساسا. الرسوم تحكي القصة، لكن لكل قارئ نظرته المختلفة للرسوم ولتسلسل الأحداث.
يمنَع علينا الكتابة للأطفال والناشئة في أمور ثلاثة: الدين والسياسة والجنس. هذا الواقع يحد كثيرا من تطور الأدب، بالأخص الموجه الى المراهقين
- هل سيخدم الذكاء الاصطناعي عالم قصص الأطفال؟
- في رأيي، الذكاء الاصطناعي كارثي بالنسبة الى كتابة قصص الأطفال. ففي إمكان أي إنسان على وجه الأرض أن يطلب من تطبيقات الذكاء الاصطناعي أن تكتب له قصة للأطفال عن موضوع معين. لكن النتيجة ستكون نصا تقليديا، لا خيال ولا إبداع فيه، والأهم، يفتقر لفن الكتابة الأدبية وللأسلوب الذي يعكس ميزات الكاتب البشري.
- نعرف أن الأطفال لا يحبذون النصائح ولا الإرشاد، ونعرف أن هدف الكاتب هو إسداء نصيحة. كيف توازنين بين الأمرين؟
- الكتابة للأطفال فن كأي فن أدبي آخر. أنا أشبهها بكتابة الشعر، إذ أن على الكاتبة أن تقول ما تريد قوله بطريقة مخبأة بين السطور، لكن في الوقت نفسه واضحة وضوح الشمس. هناك فكرة معينة وراء كل قصة نكتبها، وصعوبة التعبير عن هذه الفكرة تتجلى في أن الطفل ينفر من الكلام الواعظ والمباشر. هو ذكي، فلندعه يحلل المحتوى ويستنتج فحوى القصة بنفسه. جميل أن نناقش المحتوى معه بعد القراءة، فهذا يعمّق المعنى عنده، ويعطي الكاتبة فكرة عن نجاحها في إيصال فكرتها. بالتالي، ما يميز الكاتب الجيد عن سواه هو الحرفة في إيصال المعنى بطريقة مبطنة لكن واضحة وفي متناول الطفل.
أطفالهم وأطفالنا
- أقمت بين أفريقيا (سيراليون) وأميركا (أوهايو/تكساس) وأوروبا (بلجيكا) وآسيا (لبنان). ترجمت قصصا أجنبية فاطلعت على أدب الطفل العالمي. أين نحن عربيا ولبنانيا مما يحدث عالميا في عالم كتب اليافعين؟
- كتب اليافعين والناشئة الحديثة ذات مواضيع آنية قليلة جدا عندنا. ولذلك أسباب عديدة. أولا، الاعتراف بهذه الفئات العمرية في العالم الأدبي في بلادنا أتى متأخرا جدا. تاريخيا، ما إن يشب الطفل ليصبح فتى أو فتاة في الرابعة عشرة مثلا، حتى يعتبر أنه صار كبيرا. وبالتالي ما يتوفر له من مادة قرائية هو أدب الكبار، كميخائيل نعيمة وجبران وإحسان عبد القدوس وجرجي زيدان إلخ. وإن حصل أن توجه الكاتب إلى فئة المراهقين، تكون كتب مغامرات، أو بوليسية، أي سيرة ذاتية، بعيدة كل البعد عن هموم واهتمامات المراهق. ثانيا، في زمننا، وبعدما تغير الوعي وصارت هذه الفئات تحظى بكتب موجهة إلى أعمارها، لا تزال هناك محدودية في إنتاج الكتب المناسبة لهم. المراهقة عمر صعب، والكتابة له تحد كبير على الكاتب. لذا، يتفادى الكتاب التوجه إلى هذه الفئات أساسا. ثالثا، هناك رقابة على ما يكتَب للمراهقين بسبب محظورات اجتماعية. لذا، القارئ المراهق يبتعد عن الكتب العربية، ويتوجه إلى الكتب الأجنبية التي تحاكي في مواضيعها واقعَ عيشهم وتجاربَهم في الحياة. لكن لذلك مشاكله أيضا، أولاها الغزو الثقافي وإقحام قيم وعادات لا تنتمي إلى مجتمعاتنا.
أدب المراهقين في حاجة ماسة إلى التطور في مجتمعاتنا العربية، ولن يحصل هذا التطور في ظل الرقابة الخارجية ورقابة الكاتب الذاتية.
- هل ما زال هناك مواضيع لا يمكننا طرقها في عالمنا العربي؟
- بالطبع، فنحن مجتمعات تقليدية، تمنَع علينا الكتابة للأطفال والناشئة في أمور ثلاثة: الدين والسياسة والجنس. هذا الواقع يحد كثيرا من تطور الأدب، بالأخص الموجه الى المراهقين.
- علاقة الكاتب إجمالا مع دور النشر تشوبها بعض الإشكاليات وقلة الثقة وغالبا ما يشعر الكاتب بالغبن. هل هذا ينطبق على عالم كتابة قصص الأطفال واليافعين؟
- العلاقة بين الكاتب والناشر ليست مثالية في غالب الأحيان، لا سيما أن الأخير يتخذ القرارات النهائية في ما يتعلق بالرسم والإنتاج. ليس في حيلة الكاتب إلا أن يثق بالناشر الذي يتعامل معه، من ناحية جودة الإنتاج ومن ناحية الترويج للكتاب والمبيع. شهدنا في السنين الأخيرة عددا لا بأس به من الكتاب الذين فقدوا الأمل في التعامل من الناشر وقرروا أن يتحولوا إلى ناشرين من أجل التحكم بكل تفاصيل إنتاج الكتاب والربح المادي.