تخطي إلى المحتوى
للمرة الأولى في تونس... مكتبة في مستشفى عمومي بتصرّف المرضى للمرة الأولى في تونس... مكتبة في مستشفى عمومي بتصرّف المرضى > للمرة الأولى في تونس... مكتبة في مستشفى عمومي بتصرّف المرضى

للمرة الأولى في تونس... مكتبة في مستشفى عمومي بتصرّف المرضى

أنشأت إدارة مستشفى شارل نيكول في العاصمة التونسية مكتبة للنزلاء من المرضى في حدث فريد من نوعه في البلاد، إذ لم يسبق لمصحة عمومية أو خاصة أن شهدت مبادرة تثقيفية كهذه تولي الكتاب الأهمية التي يستحق. وقد لاقت هذه المبادرة الكثير من الاستحسان، سواء تعلق الأمر بالمرضى أو بالعاملين في المستشفى أو بالزوار الذين يتوافدون من ولايات تونس الكبرى الأربع ومن خارجها.

ويعتبر مستشفى شارل نيكول واحداً من أهم مستشفيات العاصمة، وسمي باسم طبيب فرنسي شهير حاز في بدايات القرن العشرين جائزة نوبل للطب باسم تونس التي أقام فيها طويلاً وأجرى فيها بحوثه التي أهّلته لنيل هذه الجائزة. ويضم المستشفى كل الاختصاصات التي يحتاجها المرضى، وفيه كفاءات طبية من كبار أساتذة الطب، لكن ككل مستشفيات القطاع العام تدهورت البنى التحتية والتجهيزات المتعلقة به في السنوات الأخيرة، وهو ما جعل المكتبة الصغيرة عزاء للبعض للتخفيف من معاناة المرض.

سعادة بالغة

شعرت وفاء العرفاوي النزيلة في أحد أقسام المستشفى بسعادة بالغة حين وجدت مكتبة في المستشفى، وهو ما لم تتوقعه بتاتاً، سواء في هذه المصحة أم في غيرها من المصحات التونسية. وتؤكد العرفاوي لـ"النهار العربي" أنها من هواة المطالعة، وقد جلبت معها كتاباً من المنزل لكنها فضلت قراءة كتاب من مكتبة المستشفى باعتبار أن بإمكانها قراءة كتابها الشخصي عند عودتها إلى البيت، فيما بعض العناوين المهمة الموجودة في مكتبة المستشفى قد لا تتمكن من إيجادها بالضرورة خارجها، وحتى إن وجدت فإن اقتناءها سيكون مقابل مبلغ مالي، فيما الحصول عليها مجاني في المستشفى. 

وتضيف: "يمكن القول إن رب ضارة نافعة وإن الدخول إلى المستشفى مكنني من إيجاد بعض الكتب التي بإمكاني مطالعتها بالمجان في ظل هذه الصعوبات المعيشية التي تعرفها تونس، والتي من ضحاياها الكتاب الذي أصبح سعره مرتفعاً مع ارتفاع سعر الورق. كما يمكن القول إن الكتاب في المستشفى كان لي خير أنيس في وحدتي بين الجدران الموحشة بعيداً من البيت والعائلة، وأنساني مرضي الذي أرهقني جسدياً ونفسياً قبل أن أبحر بين ثنايا السطور والكلمات".

وترى وجوب شكر المستشفى وإدارته على هذه البادرة التي إن دلت إلى شيء فهي تدل إلى رقي صاحب الفكرة ورغبته في النهوض بمستوى الوعي والتخفيف من معاناة المرضى. 

ضرورة التعميم

وتفاجأت المريضة فوزية المباركي عندما وجدت كتباً في المستشفى لأن الأمر غير معتاد وغير مألوف، خاصة في السنوات الأخيرة، إذ طال الإهمال كل القطاعات ولم تعد راحة المواطن التونسي تعني أحداً. فغالبية المسؤولين في مختلف المجالات، بحسبها ما يهمهم هو تحقيق المنافع الذاتية، ولم تعد المصلحة العامة تعني أي مسؤول منهم، وخصوصاً أولئك القائمين على القطاعات الحساسة، أي الصحة والتعليم والنقل.

وتضيف في حديثها لـ"النهار العربي": "ربما لو حصلت هذه المبادرة في مصحة خاصة ما كنت لأتفاجأ لأنهم يهتمون هناك براحة المريض بهدف الربح المادي، ولأنهم يتنافسون في ما بينهم على استقطاب المرضى، أما أن تحصل في مستشفى عمومي فالأمر غريب وغير معتاد. وفي كل الأحوال فهو أمر جيد، وهو أيضاً مبادرة تُذكر فتُشكر، وليتها تعمم على باقي المستشفيات، سواء تلك التي في العاصمة أم في الداخل، لعلها تخفف من الحنق على سوء الخدمات الصحية المقدمة، وخصوصاً سوء الاستقبال وعدم السهر على راحة المريض واللامبالاة بمعاناته".

 وتزيد: "لقد كان عزاؤنا دائماً، رغم سوء الخدمات في المصحات العمومية، هو كفاءة الأطباء التونسيين، لكن بمثل مبادرات كهذه يمكن للمريض أن يجد ما يخفف عنه معاناته من المرض والظروف غير المريحة لإقامته. ويمكن خلق وسائل ترفيه أخرى وليس فقط المطالعة لأن المطالعة لا تستهوي جميع التونسيين، لكن على العموم فإن مجرد التفكير في راحة المريض هو خطوة جيدة في الاتجاه الصحيح وجب تثمينها حتى نعطي لكل ذي حق حقه ونقول للمحسن أحسنت ولا نهضم حق أحد".

المصدر: 
جريدة النهار العربي اللبنانية