تخطي إلى المحتوى
محاكمة الأدباء على موقع  goodreads محاكمة الأدباء على موقع  goodreads > محاكمة الأدباء على موقع  goodreads

محاكمة الأدباء على موقع goodreads

موقع goodreads خاضع لمزاج القارئ، فهو بيته ومدينته ومملكته، يستطيع فيه أن يقول رأيه بوضوح وبدون خوف في جميع الأعمال، يستطيع أن يصف كثيراً من الأعمال العلامات بأنها لا تعجبه، وأن أصحابها وهم من حملة نوبل أحيانا لا يشبعون نهمه للقراءة وليسوا على ذائقته. ستجد أحدهم يقيّم رائعة ماركيز «مائة عام من العزلة» بنجمة واحدة من خمسة نجوم، مع تعليق قاس: «سيئة، مضيعة للوقت». ويمنح قارئ آخر مجموعة نجيب محفوظ «حكاية بلا بداية ولا نهاية» نجمتين، ويسرد أسبابه لذلك التقييم المتدني: «نجمة للحوار المتقن المحبوك بشكل ممتاز لدرجة تساءلت عن تركيز الكاتب المذهل أثناء كتابته والذي جعلنا فيما بعد نتوه فيه، ونجمة لحبكة القصص القصيرة المتقنة للغاية، لكن لا تسألني أرجوك عن ماذا تتحدث هذه القصص الخمس القصيرة لأني لا أعرف. مفردات متداخلة وغريبة ولا مغزى واضح لها».

الكتّاب زاحموا القراء في هذا الموقع كذلك، وهناك حروب تدور حول التقييمات، لدرجة تبادل اتهامات بالتخفي خلف أسماء وهمية لتقييم أعمال زملاء بدرجات متدنية. في هذا التحقيق يوضح كتّاب رؤيتهم لـ goodreads، وهل يلقون بالا له؟ وهل يهتمون بتصنيفات القراء العاديين؟ وما أجمل «ريفيوهات» كُتبت عن أعمالهم؟ وما أغربها كذلك؟ وهل يشعرون بالصدمة أحيانا من بعض التقييمات؟

في البداية يقول الشاعر الفلسطيني زياد خداش إنه يصابُ بالرعب كلما دخل هذا الموقع. منذ أن سجله فيه صديقٌ قبل سنوات: «شيءٌ غريب يحدث في هذا الموقع، لا أفهمه، وكأن كل أشرار العالم تجمعوا، ليشتموني هناك، أنا أقبل النقد وانفتح على الملاحظات، مشكلتي مع اللغة والطريقة، هناك يسخرون ويشتمون».

زياد خداش صاحب «الشرفات ترحل أيضا» يحكي لـ«ملحق جريدة عمان الثقافي» أن صديقا روائيا له كتب مرة لإدارة الموقع يطلب توضيحا، تحت عنوان: «أمعقول أن البشاعة كلها تسكن هناك؟»! لكن إدارة الموقع لم ترد عليه، مما اضطره لترك الموقع. يعلق: «أنا لم أتركه، ولا أنوي تركه، أفتحه برعب كلما أحسستُ بفضول لمعرفة وسائل أخرى للشتم، أحب أنّ أتعرّف على آليات هذا المرض، الشاتمون يدخلون بأسماء مستعارة، والغريب أن كتبا مهمة تظهر في قائمة قراءتهم. هؤلاء ليسوا أشرارا فحسب، فمنهم مثقفون أيضا. لكن طبعا هناك معجبون في هذا الموقع، معظمهم مؤدبون وحضاريون، أعرفهم وهم موجودون عندي في وسائل تواصل أخرى».

ويختم كلامه قائلا: «أكره هذا الموقع، لكنّي أحب الدخول إليه، ولا أنوي تركه، أحب البقاء هناك لفترة، أتنزّه وأتجوّل بين الحرائق، وأحاول دائما أن أفهم أثناء تجوالي سبب هذه الكراهية غير الطبيعية، معظم المثقفين الكتّاب يتعرضون للشتم هناك، لستُ وحدي، لا أظنّ المسألة شخصية، المسألة مسألة ضجر، نعم، إنّه الضجر. الشّتّامون يعانون من الضجر، إنّهم يختبئون خلف أسماء وهميّة، لو كانوا أصحاب فكر وثقافة، لكتبوا بأسمائهم، إخفاء الاسم دليل خوف وكراهية وعجز ووحدة وضجر، نعم، إنّه الضجر، كان الله في عونهم».

قدر من الإنصات والاهتمام

من جانبها تمنح الكاتبة المصرية إيناس حليم اهتماما بالموقع. أسألها: هل تلقين بالا لتقييم أحد أعمالك عبر موقع جودريدز؟ فترد: «بالطبع، بل في الواقع إنني أُلقي بالا لكل تقييم يخص نصًا صدر لي ضمن كتاب، أو على صفحة أي منصة ثقافية، أو حتى في صفحتي الشخصية على الفيسبوك، سواء تم طرح ذلك التقييم كعرض للنص على موقع goodreads أو حتى لو كان مجرد تعليق هامشي على محتوى يخصني، بالإضافة إلى أنني أرى أن الاهتمام بآراء الآخرين جزء لا يتجزأ من سيكولوجية الكاتب الحقيقي مهما أصدر من أعمال ومهما صنع من تاريخ».

وفي إجابتها عن سؤال: هل تهتمين بتصنيفات القراء العاديين؟ تقول: «إذا كُنت تقصد بالقراء العاديين أولئك الذين دخلوا للتو عالم القراءة، أو الذين يبحثون في أرفف المكتبات وأجنحة المعارض عن الكتب السهلة ذات المحتوى المُسلي - كما يصفونها أمام بائع الكتب - فأولئك بصراحة لا أتأثر بتقييماتهم كثيرا إذا ما وصفوا نصوصي أنها غير مفهومة مثلا أو وجدوها تنتمي إلى عالم لا يُلائمهم لمجرد أنها تحمل رمزا غامضا أو وصفا تجريديا غريبا بالنسبة إليهم. أما في حال كنتَ تقصد بالقراء العاديين أولئك الذين لا صلة لهم بالكتابة الإبداعية لكن القراءة تُمثل بالنسبة إليهم جزءا مُهما من حياتهم، يستقطعون لها وقتا من يومهم وينظرون إليها على أنها الوسيلة الأهم لتشكيل وعيهم ونموهم الإنساني، فبالطبع أهتم بتصنيفاتهم، بل وأصف بعضهم أنهم موهوبون في القراءة، وأتعامل مع موهبتهم تلك بنفس القدر من الإنصات والاهتمام الذي أتعامل به مع القراء/ الكُتاب، فأنا أعتبر أن النخبوية الحقيقية فيما يخص القراء لا تتعلق بخوضهم تجربة الكتابة من عدمها، بقدر ما تتعلق بانفتاحهم على الأفكار وقدرتهم على استيعاب أشكال الكتابة على اختلاف صورها والفئة التي تستهدفها. وفي النهاية أنا أحترم اختيارات كل القراء وأؤمن أن الذائقة القرائية - والوعي كذلك - كلاهما ينموان تدريجيا مع كل رحلة كتاب».

تتذكر إيناس أجمل «ريفيو» عن عمل لها وهو مجموعتها القصصية «يحدث صباحا». كتبه الروائي الكبير الراحل علاء الديب عنها في الأهرام، قال فيه: «أتعلم من الكتَّاب الشباب الجدد الذين يسعدني الحظ بالعثور على إنتاجهم، أتعلم منهم ومعهم البحث عن «الصوت الخاص» الصوت الجديد، الذي لا يقلد أحدا، ولا يستورد ذوقا. الصوت الذي يعرف أن الكتابة عمل صعب نبيل. وأنه ليس وسيلة للادعاء أو التظاهر أو الاستعراض. إن فرح الإنسان باكتشاف صوته الخاص على الورق في شكل فني، فرح لا يعادله أي فرح آخر، لا جائزة، ولا انتشار». وكما تتذكر إيناس أجمل ما كتبه أحد عن مجموعتها تتذكر كذلك صدمتها حينما طالعت تقييما كتبته إحدى القارئات على goodreads تقول فيه إنها كرهت الحكايات بفضلها بعد أن قرأت مجموعتها «تحت السرير»، واستنكرت القارئة فكرة نشر كتاب باللهجة العامية معتبرةً أن ذلك لا ينتمي للأدب بأي شكل من الأشكال. تعلق إيناس: «الحقيقة إنني استأتُ من تعليقها فعلا، لا فيما يخص رأيها في الحواديت نفسها، لكن في عدم تقبلها - على غرار قراء كثيرين - للنصوص المكتوبة بالعامية، وعدم استيعابهم أن لتلك اللهجة إيقاعها الخاص بالرغم من وجود أعمال مهمة بل وممتعة كُتبت بها، مثل «لبن العصفور»، «المولودة»، «في كل قلب حكاية» وغيرها، لكن استيائيا من ذلك التقييم لم يؤثر على فكرتي في هذا الشأن، لأن لديَّ قناعة أن النص الإبداعي عموما يمكنه أن يتجسد على أي هيئة وأي لغة ما دام صاحبها يمتلك القدرة على حُسن استخدام أدواته، كما أنني مؤمنة جدا أن لكل منا ذائقته القرائية التي لا تتعلق بجودة العمل من عدمها، فالأمر يُشبه في ذلك كثيرا ذائقتك للطعام. أنا مثلا لا أحب الكابوريا في نفس الوقت الذي يجدها آخرون لذيذة جدا، ولذلك كان يجب أن أُعلم نفسي ألاّ أُتعامل مع الكابوريا على أنها طعام سيئ لأنها في الحقيقة ليست كذلك، حتى لو لم أستطع تقريبها من فمي أبدا! وهكذا هي الكتب. إن أعظم الأعمال من وجهة نظر أحدهم يمكنها أن تكون أسوأها على الإطلاق من وجهة نظر شخص آخر، وعليه لا ينبغي أن يُصادر أحد على اختيارات غيره سواء فيما يخص الكتب أو الطعام أو أي شيء آخر في هذه الحياة».

أما بالنسبة لمشاركتها في تقييم الكتب عبر goodreads فتعتبر إيناس نفسها مُقصرة في ذلك لأسباب تتعلق بالوقت وبعدم الانسجام بشكل عام مع طريقة التعامل مع الموقع، وتعترف أنها تلجأ إليه كثيرا للحصول على تقييمات للكتب التي أود قراءتها.

أكثر التعليقات قسوة

ويبدأ الكاتب الأردني جهاد الرنتيسي صاحب رواية «بقايا رغوة» حديثه بالتأكيد على أهمية الاستماع إلى آراء القارئ العادي: «حين تتحدث عن ذلك القارئ العادي فأنت تقصد الفئة المفترض أن يستهدفها أي عمل إبداعي، لعدة اعتبارات، من بينها أن هذا القارئ يمثل الشريحة الأوسع في المجتمع، وهي الشريحة المفترض أن يكون الارتقاء بذائقتها، والانتقال بها إلى مراحل وعي أكثر تقدما، هدفا للمثقف العربي».

غياب هذه الفئة، بحسب الرنتيسي، يعني الحد من حضور المبدع وعمله الإبداعي، وربما عزلتهما، وبالتالي من الطبيعي أن يتعامل المبدع مع هذا النمط من القراء باعتباره جمهوره المفترض، يملي عليه ذلك السعي للوصول إلى هذا الجمهور، الاستماع إلى آرائه ـ حتى لو كانت ساذجة في بعض الحالات ـ والإجابة على أسئلته.

ويضيف: «قد تجد لدى القراء العاديين ما يشجعك، يشيد بفكرتك، أو يقلل من أهميتها، وربما يشعرك بالعجز عن إيصال فكرة ما، وفي جميع الحالات أنت مطالب بالتقاط ما يصلك من القراء والعمل على توضيحه، سواء من خلال كتابة مقالة في صحيفة ما، أو الاستفادة من فرص اللقاءات الصحفية، وفي حال عدم توفر هذا أو ذاك.. لديك وسائل التواصل الاجتماعي، وقدرتها على إتاحة فرص الوصول لأوسع قطاعات من الناس».

تعرض الرنتيسي لبعض التفسيرات الخاطئة بعد صدور كتابه «روائيون في متاهة الشرق» وهو كتاب يتناول صدمات ما سمي بالربيع العربي، وهاجمه كثير من الروائيين وكان على صاحبه أن يوضح ما أراد الوصول إليه. يقول: «لم يرق التوضيح للبعض الذي كان مفتونا بالدمار الذي ألحقته انهيارات المنطقة، وبني آمالا على أرضية هشة، دون اعتبارات للظروف والسياقات التي جاءت فيها التحولات الأخيرة. في المقابل لم أجد في التعليقات التي وصلتني ما يشوش الرؤية التي تضمنها الكتاب، ولكنها أشعرتني بالاستياء من المثقف العربي الذي فضل العوم على ديماغوجيا المرحلة بإعادة إنتاج الأوهام، ووفر لبعض الفئات حججا لا تستقيم مع التفكير الواعي».

ويرى أن أكثر التعليقات قسوة ما يشعرك أنك لم تستطع تقديم فكرتك بالوضوح الكافي للقارئ، أو أن يكون القارئ أقل وعيا مما تفترض، وأن تُطالب بتبسيطات تصل إلى حد السذاجة لكي تكون مفهوما، ولا تستطيع مطالبة منتقدك ببذل جهد لتطوير ذائقته الفنية وقدراته الاستيعابية، والأكثر قسوة من كل ذلك تراجع نسب القراء في بلادنا العربية، الأمر الذي يعيدنا إلى دائرة الخوف من العزلة.

ويعلق: «موقع goodreads واحد من وسائل التواصل الاجتماعي التي جادت بها علينا ثورة الاتصالات، تساهم في الترويج للكتب، ومعرفة مستويات فهمها، وتساعد في تحديد مدى صلابة الأرض التي تقف عليها. بعد التجربة، وتجنبا للحساسيات، أحاول قدر المستطاع متابعة goodreads، دون الغوص في تفاصيله».

انزياح الحمل الثقيل

موقف الشاعرة السورية هنادي زرقة يختلف كثيرا عن مواقف الأدباء السابقين، إذ لا تعول كثيرا على القارئ، وحين تكتب لا تضعه في رأسها، ولم يحدث في أي مرة أصدرت فيها كتابا أن تابعت موقع goodreads، ولا تعرف إن كانت كتبها تحظى باهتمام القراء، أما لا. وكل ما يهمها أن تكتب بشكل جيد ومختلف، وأن يكون لها صوتها الخاص، وبعد أن يصدر كتاب لها تشعر أن حملا ثقيلا قد انزاح عن كاهلها.

حين أصدرت كتابها الشعري الأول «على غفلة من يديك» عام 2001 كتبت عنها القاصة السورية رباب هلال قراءة نقدية عنوانها «هنادي زرقة تفتح أول دفاترها لتطلق العاصفة». كانت فرحتها - كما تحكي - لا توصف، فهذه أول مرة يأتي اسمها مسبوقا بلقب شاعرة. تقول: «في البدايات كلنا نحتاج إلى من يصدقنا ويعترف بنا. قرأت الريفيو أكثر من مرة حتى أعتاد على كلمة «شاعرة»، أما أغرب ريفيو فقد كان عن «الحياة هادئة في الفيترين» وهو ديواني الخامس، كتابة لا تمت إلى الديوان في شيء بل مجرد صف كلام يصلح لأي كتاب». وارتباطا بهذا تقول: إننا «نفتقد في عالمنا العربي لنقاد الشعر. غالبا ما تتم قراءتنا من قبل شعراء وروائيين آخرين، وأحيانا تكون هذه القراءة مجرد مراجعة للكتاب تخلو من النقد»، ومع هذا تقول أيضا: «لطالما حظيت كتبي بالترحيب ولم تصدمني القراءات. بالعكس فقد شعرت بالسرور دوما إزاء ما يُكتب عني، وهذا ما يجعلني أشعر بالذعر كلما صدرت مجموعة شعرية جديدة لي، إذ أسأل نفسي: هل ستلقى الترحيب ذاته أم لا؟ مع الاعتراف أنه لا يزعجني البتة أن يكتب أحدهم بشكل سيئ عن كتبي، كثيرا ما أعود إلى كتبي بعد إصدارها وألاحظ بعض الأخطاء التي كان من الممكن تفاديها وأتمنى لو يعود بي الزمن لتصويبها وأقول في نفسي: كيف لم ينتبه القراء إلى هذه الأخطاء؟! إن وجود قارئ أو ناقد جيد هو نعمة للشاعر حتى لو كتب عنه بشكل سيئ».

درجات جزافية

وبدورها لا تلقي الشاعرة والروائية المصرية هدى عمران بالا للتقييم كدرجات، لأنها لا تفهم معاييره، والدرجات قد تكون مبالغا فيها أو جزافية، لكنها تلتفت بشكل خاص إلى «الريفيوهات»، سواء كانت إيجابية أو سلبية، لأنها تكشف لها كيف تلقَّى القارئ النص، خاصة وهي تعتبر الكتابة لعبة تشارك فيها الآخر. تقول: «أكثر تعليق أسعدني كان على روايتي «حشيش سمك برتقال». لم يصفها أنها جميلة، وإنما غريبة، وأنه - أي القارئ - لديه رغبة مجهولة أن يكتب نصا مضادا لها. شعرت وقتها أن لعبتي نجحت، وأنني استطعت أن أصل لما أردته»، وتعلق: «لا تصيبني الصدمة مطلقا من التقييمات المتدنية من أحد القراء حول أعمالي على goodreads، وأقدر أي رأي حتى لو كان سلبيا. ستجد أن أعمالا لهيمنجواي وماركيز وكاواباتا وبعض الأسماء الكبرى في تاريخ الأدب تلقى تعليقات سلبية وتتصف بالملل أحيانا كثيرة، قد يبدو ذلك لأن الذائقة الغالبة هي متوسطة بالأساس تسعى خلف الحكايات المثيرة المتشعبة والتقليدية أو المضمونة في أحيان كثيرة».

تتعامل هدى مع goodreads كملتقى للتعرف على ذائقة القراء بشكل عام، لا مكان فيها لكاتب أو لقارئ، بمعنى أن الجميع في هذه المساحة قراء، قد تكون مساحة لا بد منها مع التطور التكنولوجي واختفاء الجماعات الثقافية، وغياب حوار حقيقي حول الكتابة، وتقول: «ريفيو من قارئ مجهول أصدق بالنسبة لي كثيرا من آخر لكاتب مجامل. عامة، أنا غير مندمجة بالكامل في هذا العالم ولكني أحب أن ألقي نظرة من وقت لآخر لأفهم كيف يقرأ الناس الآن، أشارك ببعض «الريفيوهات» لكني لا أقيم كاتبا بالدرجات مطلقاً، أستخدم goodreads كأرشيف للآراء التي كوَّنتها عن الكتب التي قرأتها مؤخرا، ولا أنتظر من الكتَّاب أن يقيمونني، بقدر منحي رأيا جادا حول النص لأفهم كيف قرأوه.

رسالة من قارئ

أما الروائية المصرية نهلة كرم فقد كانت في بداياتها تهتم بكل تقييم، وتدخل إلى الموقع كل يوم تقريبا لتبحث عن أي «ريفيو» جديد، تفرح بسبب «الريفيوهات» الجيدة، وتتضايق بسبب السيئة، لكنها توقفت عن هذا الأمر تماما منذ سنوات، بعد أن لاحظت «ريفيوهات» ليس لها علاقة بتقييم العمل، وإنما تتطرق إليها هي شخصيا.

سألت نفسها وقتها: «لماذا يرغب أي شخص في أن يضايق نفسه بنفسه، خاصة وأن هناك أشخاصا يتعمدون الإساءة بشكل كبير إلى شخص الكاتب، ويصل الأمر في بعض الأحيان إلى إهانته؟» وتضيف: «بالنسبة لي هذا نوع من التعذيب لا أحب أن أذهب إليه بقدمي، صرت متصالحة أكثر مع فكرة أن كل عمل طالما نُشر فهو خارجي تماما، لا أريد أن أبحث عن تقييمات له بنفسي، من يريد أن يُرسل شيئا إيجابيا أو سلبيا يخص العمل، يراسلني عبر صفحتي، أفضّل ذلك أكثر».

وكلامها لا يعني عدم اهتمامها بآراء القراء، فهي تشعر بالسعادة حين يُرسل لها شخص لا يعرفها رسالة ليخبرها أنه قرأ عملا لها وأعجبه، ويناقشها فيه: «أجمل الريفيوهات التي أتذكرها، رسالة جاءتني من قارئة عربية تخبرني أنها ليست متأكدة إن كنت أنا نهلة كرم كاتبة رواية «على فراش فرويد» أم لا، وتقول لي: لكن إن كنتِ هي فأنا قرأت روايتك مؤخرا وشعرت كما لو أنك كتبت حياتي. فرحت برسالتها جدا لأن الرواية نُشرت عام 2014 والرسالة جاءتني العام الماضي، أي في 2021. فرحت لأن رسالتها جاءتني في وقت كتابتي روايتي التي نُشرت مؤخرا «خدعة الفلامنجو»، شعرت أنها إشارة لي تقول: اُكتبي، واتركي كل شيء للزمن، الكتابة تصل، في وقت ما ستصل، حتى لو بعد سنوات. الأمر أشبه برسالة تتركها داخل زجاجة في المحيط، ولا تبحث عنها، ولا عن الشخص الذي وجدها، الكتابة بهذه الطريقة مريحة جدا».

أما أغرب «ريفيو» فكان يخص روايتها «على فراش فرويد». بطلتها كانت تريد خلع الحجاب، وبالتبعية فإن القارئ وجَّه لنهلة نصائح بارتداء الحجاب، بل إنه عدَّد لها مزاياه. لا تشارك نهلة في تقييم أي أعمال على goodreads: «أنا أقيَّم ما يعجبني فقط على صفحتي الخاصة، وأترك ما لا يعجبني، هناك منشور رائع يعبر عني تماما كتبه مرة الناقد الأستاذ محمود عبد الشكور على صفحته: «علمتني مهنة النقد أن القبح بسيط وواضح وفجّ، وأن الجمال غامض وساحر ومراوغ، متعة النقد في اكتشاف أسرار الجمال، وليست في تكرار ما نعرفه عن فجاجة القبح، تشعر لحظتها أنك جواهرجي، ولست حفّار قبور». هذه العبارة أعمل بها من قبل قراءتها، وأنا مؤمنة تماما أن المهم هو أن نشير إلى الجمال، وليس أن نحفر القبور».

جريدة " عُمان"