رغم الازدياد الملحوظ، خلال السنوات الأخيرة، في وتيرة نشر أعمال في العلوم الاجتماعية عربياً، وظهور العديد من دور النشر المتخصّصة في الكتاب البحثي والفكري، إلّا أن المنتَج المعرفي العربي ما يزال مفتقداً إلى واحدة من أبرز شروط نجاعته وقدرته على الوصول إلى الجمهور الكبير وفرض نفسه في النقاشات العامّة: العمل المؤسّساتي والجماعي. فالباحثون العرب في العلوم الإنسانية والاجتماعية أكثر من أن يُعدّوا، لكنّ الهيئات والمؤسّسات والفعاليات الرصينة عربياً في العلوم الاجتماعية، والتي يمكن لها أن تلمّ شمل أعمالهم، وتلعب دوراً في تطوير البحث ودعمه ونشره والتشبيك بين العاملين فيه، يبقى عددها دون عدد أصابع اليدين.
يغطّي البرنامج حقولاً معرفية قلّما تجتمع في المحافل البحثية العربية
يغطّي المنتدى - الذي ينعقد في المركّب الجامعي في منوبة وفي "مدينة الثقافة الشاذلي القليبي" في تونس - حقولاً معرفية قلّما تجتمع في المحافل البحثية العربية، بدءاً من راهنية بعض المفاهيم في العلوم الإنسانية وصولاً إلى السينما والفنون، مع المرور بالترجمة، وتعبيرات الثورة السورية، وأحوال البحث العلمي ومناهجه ومؤسساته، وكذلك تأثير التكنولوجيا الرقمية في حقل الإنسانيات.
وتتركّز الجلسات العِلمية لهذه الدورة الأولى من "إنسانيات" حول قضيّتين: مفهوم الأزمات، وأحوال البحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية اليوم، ولا سيّما في المغرب العربي. وتُعقَد في هذه المناسبة جلستان، تبحث الأولى في تحوّلات مفهوم الأزمة الذي شغل العالَم في الأعوام الماضية: من الأزمة الصحّية إلى الأزمة الاقتصادية، مروراً بالعديد من "الأزمات" الخاصّة بكل بلد، في محاولةٍ لفهم طبيعة ما نسمّيه أزمة، وتأثيراتها، والاستراتيجيات التي توضع لمواجهتها.
أمّا الجلسة الثانية فتلتفت إلى اشتغالات باحثين ومراكز أبحاث في حقول مثل الأركيولوجيا، والتاريخ، واللسانيات، والأدب، والفلسفة، والعلوم الاجتماعية، وعلوم الإسلام والدين بشكل عام، ولا سيّما في تونس والمغرب وفرنسا.
إضافة إلى هذين المؤتمرين العلميين، يبرمج المنتدى عدداً من "اللقاءات الموضوعاتية"، تحت أربعة محاور وعناوين كُبرى، هي: "الإنسانيات الرقمية"، و"الترجمة وتناقل المعارف"، و"العلوم الاجتماعية والمجتمع"، إضافة إلى محور حول "الفن، والثقافة، والسينما".