تخطي إلى المحتوى
من أجل إنقاذ مكتبة القرويين العريقة ومخطوطاتها النادرة أقدم المكتبات ما زالت ناشطة تضم ثروة من أوراق ابن خلدون وابن سينا وابن رشد وآخرين من أجل إنقاذ مكتبة القرويين العريقة ومخطوطاتها النادرة أقدم المكتبات ما زالت ناشطة تضم ثروة من أوراق ابن خلدون وابن سينا وابن رشد وآخرين > من أجل إنقاذ مكتبة القرويين العريقة ومخطوطاتها النادرة أقدم المكتبات ما زالت ناشطة تضم ثروة من أوراق ابن خلدون وابن سينا وابن رشد وآخرين

من أجل إنقاذ مكتبة القرويين العريقة ومخطوطاتها النادرة أقدم المكتبات ما زالت ناشطة تضم ثروة من أوراق ابن خلدون وابن سينا وابن رشد وآخرين

حين حددت مجلة "التايم" الأميركية أفضل 100 موقع في العالم يمكن زيارتها وضعت مكتبة القرويين في مدينة فاس ضمن اللائحة. وبررت اختيارها بكون القرويين أقدم مكتبة جامعية في العالم ما زالت نشطة، The Oldest Working Library in the World. وإن كانت ثمة مكتبات أعرق من القرويين فقد توقفت عن مزاولة أنشطتها، إما بسبب تحولها إلى وظيفة أخرى، وإما بسبب انهيارها وزوالها. ويبدو أن الجانب الديني كان عنصراً داعماً للمكتبة، فهي تابعة لجامع القرويين الذي بنته أم البنين فاطمة الفهرية في منتصف القرن التاسع برعاية السلطان الإدريسي يحيى الأول، بالتالي فالمكتبة الملحقة بالمسجد اتخذت طابع القداسة، كما لو أن استمرارها يعني استمرار الجامع، بالتالي ديمومة العبادة.لذلك مثلما تعاقب الأمراء والسلاطين على ترميم الجامع وتوسيعه، وقد تحول في عهد المرابطين إلى جامعة، تعاقبوا على العناية بالمكتبة التابعة له.

وإذا ظلت المكتبة لفترة طويلة بمثابة ملحق صغير بالمسجد، الذي بني في القرن التاسع، تساعد في تدريس العلوم الأصيلة، فقد اتخذت شكلاً آخر في القرن الرابع عشر، بفضل السلطان المريني أبوعنان، بحيث عمد هذا الأخير إلى تزويد خزانة القرويين بكثير من الكتب النفيسة وتصنيفها. ووضع لها قانوناً داخلياً، ونشطت فيها حركة النسخ، واتسعت قاعدة المتوافدين عليها. ومع بداية القرن السادس عشر، في عصر الحكم السعدي، بلغت مصنفات الخزانة أكثر من 32 ألف مجلد. ومع تعاقب السنين ضاع عدد من المخطوطات لأسباب مختلفة.

أقدم مخطوط في العالم العربي

تضم مكتبة القرويين اليوم 21 ألف عنوان. غير أن الأهم هو توفرها على أربعة آلاف مخطوط، ضمنها مؤلفات نادرة جداً، لعل أبرزها هو مخطوط "كتاب الصيغ" لأبي إسحاق الفزازي الذي يعتبر أقدم مخطوط في العالم العربي، ويعود تأليفه إلى القرن الثاني الهجري. وتحتوي المكتبة على النسخة الوحيدة في العالم من كتاب ابن طفيل في الطب "الأرجوزة". تضم الخزانة أيضاً نسخة من القرآن تعود هي الأخرى إلى القرن الثاني الهجري، وقد كتبت بماء الذهب على رق الغزال بخط كوفي قديم.

ومن بين المخطوطات ذات الأهمية البالغة في خزانة القرويين مخطوط "دوام التحصيل" لابن رشد، ونسخة من كتاب "العبر" لابن خلدون جعلها بنفسه وقفاً على المكتبة حين كان يقوم بالتدريس في مدينة فاس. وقد صنفت منظمة اليونسكو هذا المخطوط ضمن التراث العالمي الإنساني.

وتحتوي مكتبة القرويين على مخطوط "البيان والتحصيل" لابن رشد، وقد كتب على الرق بخط دقيق مزين بالزخارف، و"مختصر أبي صعب الزهري" المكتوب على ورق عتيق بقرطبة في منتصف القرن الرابع الهجري، فضلاً عن نسخة قديمة من الإنجيل باللغة العربية مكتوبة بالخط الأندلسي. وتعتبر "سيرة ابن إسحاق" من أقدم المخطوطات التي تتوفر عليها خزانة القرويين.

وتوجد بالمكتبة نسخ نادرة لصحيحي البخاري ومسلم ومؤلفات ابن قتيبة والماوردي وابن كثير والجاحظ والفارابي وعدد من أعلام الفقه والنحو واللغة والطب القديم. وتهيمن المخطوطات التي تعالج القضايا الدينية على مصنفات المكتبة، إذ تشكل ثلاثة أرباع محتوياتها، بينما تنتمي 10 في المئة من المخطوطات إلى المجال الأدبي، وتتوزع البقية على التاريخ والفلسفة والعلوم والتراجم والسياسة والاجتماع.

 مخطوطات معرضة للتلف

وإذا كان ربع هذه المخطوطات في حالة جيدة، فإن حالة البقية ما بين متوسطة وسيئة. والراجح أن عوامل التلف من بتر ومحو وتمزق تعود إلى شروط التخزين من رطوبة وضوء وحموضة، فضلاً عن الحشرات والحرائق والإهمال البشري. وإذا كانت أرضية الكتب قد أفسدت أكثر من 250 مخطوطاً، فإن الإنسان تجاوز الحشرات وأتلف أكثر من 600 مخطوط بسبب البتر والتمزيق.

وقد سبق للباحث المغربي إدريس كرواطي عضو المركز الوطني للتوثيق أن قدم دراسة مفصلة عن الحالة المادية لمخطوطات المكتبة، سواء المصنوعة من الورق أو الرق، متوقفاً عند عوامل التلف ومظاهره وفق إحصاءات دقيقة. فأكثر من 1300 مخطوط مصنوعة من الورق في حالة سيئة، وأكثر من 1200 في حالة متوسطة، بينما ثمة 30 مخطوطاً مصنوعاً من الرق من أصل 385 في حالة سيئة، و82 في حالة متوسطة.

ولعل هذه الوضعية المخيفة لمخطوطات القرويين النادرة كانت هي السبب في التفكير في الرقمنة حلاً لتفادي التلف النهائي لها. فقبل عقدين ونيف، وبتعليمات ملكية، تم نقل المخطوطات من الخزانة من أجل الصيانة والترميم، وتوفير شروط أفضل بالمكتبة قبل إعادتها إليها. وتم إنشاء أربعة مختبرات بشراكات دولية من أجل معالجة المخطوطات والحفاظ عليها: مختبر أول للفهرسة الإلكترونية، وآخر للصيانة والتنظيف، وثالث للتصوير، ورابع للترميم. وتضم هذه المختبرات معدات وأجهزة حديثة، وفق معايير دولية، تروم إلى الحفاظ على المخطوطات الأصيلة. وقررت إدارة المكتبة منع التداول اليدوي للمخطوط الأصلي، والاكتفاء بالميكروفيلم والفهارس الإلكترونية.

المصدر: 
اندبندنت عربية