تخطي إلى المحتوى
من أهم كتّاب الخيال العلمي العرب... د. طالب عمران: أتنقل على أجنحة الحلم نحو المستقبل من أهم كتّاب الخيال العلمي العرب... د. طالب عمران: أتنقل على أجنحة الحلم نحو المستقبل > من أهم كتّاب الخيال العلمي العرب... د. طالب عمران: أتنقل على أجنحة الحلم نحو المستقبل

من أهم كتّاب الخيال العلمي العرب... د. طالب عمران: أتنقل على أجنحة الحلم نحو المستقبل

  كيف تختصر لنا رحلتك الثقافية والعلمية والفكرية؟ 

- أنا إنسان جادّ في تناول القضايا الإنسانيّة، في كلّ ما أكتب، ومنذ طفولتي، تعلقت بالقراءة، واكتشفت أدب المغامرة الذي قادني إلى أدب الخيال العلمي، بدأت أنشر مقالات علمية، تختص بالفلك لأنني فيزيائي رياضي وأحب الفلك، قراءاتي المتواصلة دفعتني لأكتب الشعر في البداية، ثم كتبت في المسرح ثلاث مسرحيات (طوفان الدم عام 1971م)، و(رجال في الفوضى عام 1972م)، و(أناس بلا ملامح عام 1973م). وكتبت القصة العادية والدراسة النقدية. 

 

نشرت أوّل قصّة في الخيال العلمي عام (1968م) في مجلّة الشرطة، وكان الشاعر محمّد الماغوط يرأس تحريرها وقال لي عندها: (أنت تغرّد في السرب وحيداً، فهذا الأدب هو أدب المستقبل، وسيكون لك شأنٌ كبيرٌ فيه، والكلام نفسه قاله لي الكاتب المسرحي سعدالله ونّوس، حينما نشر لي قصّة في مجلّة الأطفال أسامة، عام (1976م)، قدمت أوّل كتبي إلى مطبعة وزارة الثقافة، ثم أصبحت مشرفاً على الصفحة العلميّة في إحدى الجرائد المحلية، وبدأت أنشر قصصي في الخيال العلمي فيها. نشرت مجموعة قصص من الخيال العلمي للأطفال بعنوان (كوكب الأحلام عام 1978م)، ومجموعة أخرى بعنوان (صوت من القاع 1979م). أما أول رواية كتبتها فكانت (العابرون خلف الشمس 1979م)، وتتحدث عن رحلة إلى كوكب المريخ، تضيّع المركبة مسارها ثم تخترق الزمن لتحطّ فوق كوكب شبيه بالأرض، لكنه كوكب متطوّر جداً، مرّ سكانه بنفس المراحل التي مرّ بها البشر، لكنهم تعاونوا معاً لبث روح المحبة بينهم، واختفت الكراهية والحقد والحسد، وأصبح مجتمعهم مثاليّاً، لدرجة أن المرض اختفى بينهم وأصبحوا يعيشون طويلاً، ويكتشفون الكواكب والمجرات البعيدة، وحين يعود بطل الرواية إلى الأرض يرى الدمار الشامل بعد حدوث حرب نووية، فيدعوه المخلوق الفضائي الذي يصحبه للعودة معه إلى كوكبه، وفي أوج حزنه يرى زهرة بريّة قد نبتت بين الأنقاض قرب بيته المهدّم، فيرفض ويبقى للبحث عن بشر أحياء للعمل على إعادة الحياة إلى الأرض. 

 

 

 لماذا اخترت أدب الخيال العلمي؟

- أكتب الخيال العلمي لأن المستقبل يرعبني، وأنا أرى الإنسان يحاصر ويزداد مستقبله قتامة، وأنا أعتبر أن الخيال أداة العقل، وهو سر المعرفة البشرية، وكل هذه المعرفة التي أعطاها الله للإنسان، وبدأ بها يستشرف الآفاق المعرفية الأخرى أتت من الخيال.

 

 اتجهت للخيال العلمي بعد الرياضيات ماذا عن الفلك؟

 

- الاختصاص العلمي أتى من إيفادي للهند، وعلم الفلك جعلني أختارها، حيث اكتسبت الكثير من الخبرة والتجربة في دراسة الميثولوجيا الهندية وتنوع الحياة فيها، كتبت خلالها (أحزان السندباد، البعد الخامس، أمواج المدّ البحري، بين زمنين، سحر الأسطورة، أسفار الكشف، الحاسّة السادسة)، وهي ليست من الخيال العلمي، ولم أتوقّف عن كتابة الخيال العلمي قصّة ورواية، ولست متفائلاً بمستقبل البشريّة على الأرض.

 

 هل تعتقد أنّ أفلام الخيال العلمي نجحت في تقديم صورة خيالية مقبولة؟

- فيلم (أفاتار) لجيمس كاميرون، بجزئه الأوّل فيلم مذهل، يحكي عن عالم بريء، يجتاحه غزو من الأرض، لضرب براءته والقضاء على سكانه الذين يعيشون في تعاضد وانسجام مع بيئة دجّنوا حيواناتها الضخمة العدائيّة، وأصبحت جزءاً من مجتمعهم البدائي البريء، أما فيلم (الحديقة الجوراسيّة)، ففانتازيا مسليّة، وليس فيلماً جاداً، كما سيل أفلام الفانتازيا التي تغرق الأسواق.

 

 قلت في أكثر من لقاء إن أمك كانت معلمك الأول، ماذا تعني؟

- هاجر أبي لطلب الرزق لسنوات طويلة ، وتركنا بنتين وصبيين وحيدين مع أمّي، كنت في الرابعة من عمري عندما أحضرت لي أمي قلماً ودفتراً، ودفعتني نحو القراءة حتّى أصبح الكتاب رفيقي الدائم عندما أصبحت يافعاً، وتعلقت بكتب المغامرات والفضاء والتاريخ والحضارات السابقة، وكتبت الشعر وشجعني مدرّس اللغة العربيّة فأرسلت أوّل مقالة لي حول الكون إلى (المجلّة العسكريّة) الشهريّة، لأنها تهتمّ بالمواضيع العلميّة وفوجئت بنشرها، وفي الثالثة والعشرين من عمري عرض المسرح الجامعي أولى مسرحياتي (طوفان الدمّ)، عانيت في البداية في نشر مجموعاتي القصصيّة ورواياتي من الخيال العلمي، وقد حققت روايتي (ليس في القمر فقراء) رواجاً كبيراً.

 ماذا عن البرامج التلفزيونية والإذاعية التي أعددتها؟

- أعددت برامج (بين العلم والخرافة- والعلم والحياة....) والبرنامج الذي استمر طويلاً  (ظواهر مدهشة من عام 1988 حتى 2006م)، ويبحث في تفسير الظواهر الغريبة في الكون، وكان (آفاق علميّة) من أكثر البرامج متابعة. وأعددت التمثيليّات الإذاعيّة والمسلسلات مثل (أنفاق الأزمنة، المدينة المجهولة، كوكب الأحلام، خلف جدار الزمن، تلك الليلة الماطرة، الصوت والصدى، علوم العرب، كانوا أين نحن).  

 

 كيف تصف رؤيتك بالنسبة لأحداث رواياتك؟ 

 

- همومي الإنسانية الكبيرة تطغى على أعمالي، وفي رواية (مزون) الملحميّة طغى على بعض أحداثها طابع الاستشراف المستقبلي، الذي أعطى للهمّ الإنساني عمقاً واضحاً، ورواية (الأزمان المظلمة)، تتحدّث عن تصوّر لقرن بدأت ملامحه المرعبة في (11- 9) إلى الأزمان التي يشهدها عالمنا اليوم قبل ما سمّي بالربيع العربي، الذي برز واضحاً في تفاصيل الرواية قبل وقوعه بسنوات، وما يمكن أن يحدث حتّى العام (2040م).

 

 ما معنى عبارة (الخيال العلمي) الأقرب للفهم برأيك؟

- الخيال العلمي هو الانتقال عبر آفاق الزمن على أجنحة الحلم المطعم بالمكتسبات العلمية، وغالباً ما يطرق كتابه أبواب المستقبل بتنبؤاتهم دون زمن محدد، فهو نظرة واسعة على العالم يدخل فيها العلم فيخرج بحقائقه مع خيال الكاتب، ليرسم أحداثاً تنقلك إلى المستقبل أو الماضي السحيق فتثيرك وتذهلك، وقوة العقل الفريدة وقدرته على التخيل، هي التي تخلق العباقرة والعظماء. 

 درَّستَ في جامعات سوريا والجزائر والهند وسلطنة عمان، ماذا اكتسبت؟

- أضافت لي إقامتي في تلك البلدان الكثير من الخبرة، في الهند دخلت في عوالم اليوغا والتخاطر والحاسّة السادسة، وكتبت عن ذلك في رواياتي، وفي سلطنة عمان كتبت الملحمة الروائيّة (مزون) في جزأين، كل مكان كنت أقيم فيه له خصوصيّته عندي. 

 

 المجلات وقناة التربوية التي أسستها هل نجحت؟

 

- بالتأكيد، مجلّة (الخيال العلمي) في عامها الخامس عشر، ومجلّة (الأدب العلمي) في عامها العاشر، إضافة لسلسلة (أدب الخيال العلمي)، والقناة التربويّة حصدت في المهرجانات الجوائز الذهبيّة والفضيّة.

 

 هل تعتقد أنك نجحت فيما كتبت؟

- لا شك، في الخيال العلمي نهجت نهجاً إنسانيّاً خالصاً ضد الظلم والاستغلال والقهر، كما في رواية (الأزمان المظلمة عام 2003م)، وفازت بجائزة الأليكسو عام (2009م) كأفضل رواية خيال علمي عربيّة تستشرف المستقبل.

 

 تحدثت من قبل عن وجود حضارات أخرى في الكون؟

- أنا متأكد، هل يُعقَل أنّه لا يوجد في هذا الكون الشاسع العظيم الذي يضمّ أكثر من تريليوني مجرّة، غير مجرتنا حياة وحضارات عاقلة غيرنا؟ أنا أحلم بهذه الحياة العاقلة في كواكب أخرى، لكن مَن يصل للآخر أولاً، هو الأكثر تطوّراً وحضارةً بالتأكيد.

المصدر: 
مجلة " الشارقة الثقافية"