سيّدة أعمال وعاشقة للثوب الفلسطيني، لم تمنعها النشاطات الإدارية والثقافية المختلفة من مواصلة شغفها في البحث عن ثوب قريتها المهجرّة "أبو شوشة" (تقع على بعد 8 كم جنوب شرقي مدينة الرملة). ربما لم تصل مها أبو شوشة إلى مرادها تمامًا، ولكنها حققّت إنجازًا لا يقل أهمية عن الهدف الذي انطلقت لأجله، إذ جمعت خلال رحلتها ما يزيد عن 140 ثوبًا فلسطينيًا من قرى ومدن مختلفة، أثواب موغلة في القدم والجمال، تسرد سيرة شعب عاش بسلامٍ حتى تم اقتلاعه وقرصنة ذاكرته وهويّته كما تقول مها.
ولدت مها أبو شوشة في رام الله عام 1962، حصلت على درجة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة بير زيت، وتولّت مناصب إدارية عدة في مؤسسات تجارية وثقافية مختلفة؛ فهي مديرة لشركة أبو شوشة للمقاولات، طورت شركتها العائلية بتأسيس الوكالة الوحيدة لشركة بيجو للسيارات في فلسطين. وهي عضو مجلس إدارة في كل من بنك فلسطين ومنتدى سيدات الأعمال الفلسطينيات، وهي أيضًا رئيسة الجمعية الفلسطينية للمحافظة على التراث المعماري (رواق)، ورئيسة مجلس الشاحنين الفلسطينيين. تم اختيارها كواحدة من أفضل 50 سيدة أعمال عربية مؤثّرة في مجلة Forbes Arabia لعامي 2006 و2007، واختيرت كذلك، في المجلة ذاتها، كواحدة من أفضل 100 سيدة عربية مؤثّرة.
حول رحلتها في البحث عن ثوب "أبو شوشة"، وعن مجموعتها من الأثواب الفلسطينية، وعالم الثوب الفلسطيني ورموزه وجماليّاته، وما تعرض له من سرقة واستلاب، وحول مصادر المعلومات حول الثوب الفلسطيني، كان هذا الحوار مع مها أبو شوشة.
(*) بدأتِ رحلة البحث عن ثوب قرية "أبو شوشة" منذ أواخر السبعينيات، ما الدافع أو المحفّز الذي كان وراء انطلاق هذه المسيرة؟
هو شغف؛ ولكن لكلمة "شغف" في رحلتي دلالات عدة؛ ربما بدأتُ بفضول شديد لمعرفة كيفية الحياة التي عاشها أهلي قبل النكبة في قريتي "أبو شوشة"، التي هُجِّر جميع أهلها بطريقة وحشية لم تمكّنهم من أخذ أي شيء من ممتلكاتهم بما في ذلك الأثواب. تطور هذا الفضول إلى شغف وإصرار على المواصلة عندما اطّلعت على هذا البحر الكبير من التنوّع والجمال الذي يعكس حياة النساء الفلسطينيات قبل النكبة، واللاتي لبسن هذه الأثواب وعشن فيها أيّامًا جميلة، كأيام الزفاف، أو أيامًا صعبة كالحداد، حسب ما يخبر عنه الثوب والمناسبة التي كان يتم ارتداؤه فيها. الثوب الفلسطيني يخبر عن حياتنا المسالمة والأكثر فرحًا قبل النكبة.
(*) هل تطوّر الدافع مع الوقت، لجمع واكتشاف الأثواب الفلسطينية، إلى وطنيّ أيضًا؛ لتكون مسيرتك مع الثوب الفلسطيني كجزء من حركة إحياء التراث الفلسطيني التي رافقت حركة التحرر الوطني، كمحاولة من الهوية السياسية لإيجاد أرضية استنادٍ وتعزيز في الإرث الثقافي؟
الدافع وطنيّ بالأصل، والإ فما الذي يدفعني إلى التفتيش عن أثواب قرى تم محوها كليًا من الوجود؛ لا بدّ من نقل الذاكرة إلى الأجيال الجديدة، ولكننا نتحدث هنا عن ذاكرة مرئية، لا عن حكاية أو قصة قابلة للسرد الشفوي. لكي أستطيع الحديث عن هذه الذاكرة، أي الثوب الفلسطيني، فلا بد من العثور عليه. على سبيل المثال، وصفت لي جدتي ثوبها مرات كثيرة ومع ذلك لم أستطع تخيّله، الخيال لا يستطيع أن يتصوّر الشكل الذي كان عليه الثوب مهما تم وصفه من قبل آخرين، خاصة مع شدّة التنوع والاختلاف بين الأثواب الفلسطينية حسب المنطقة والتاريخ.
تبقى هذه الذاكرة على قدر كبير من الأهمية للشعب الفلسطيني؛ أذكر أنه وأثناء تصوير لقاء معي في المتحف الفلسطيني، كنت أتحدث عن ثوب ارتدته نساء قرية أبو شوشة، وقلت أيضًا إن نساء قرى أخرى قد ارتدينه ومن بينهم قرى "البريّة" و"الكْباب" و"صَيْدون" و"النعاني" و"خُلْدة"، فإذا بالشاب الذي يقف وراء الكاميرا يوقف التصوير مندهشًا ويسألني إن كانت نساء "خلدة" قد لبسن هذا الثوب بالفعل، قلت: نعم، قال: أنا من "خلدة"، ما يعني أن جدتي قد ارتدت هذا الثوب؟ أجبت: أعتقد نعم، وربما لبسته في عرسها. ما أود قوله هو أن هذا بالضبط ما أود تحقيقه، أنا أشعر بسعادة لا توصف عندما أساهم في نقل هذه الذاكرة وتوثيقها للأجيال الشابة والقادمة؛ باختصار، فإني بعملي هذا، أي بجمع الأثواب الفلسطينية، أقوم بالتأكيد على هويتنا وإحياء ذاكرتها التي تعرضت لمحاولات محو وتهميش وقرصنة أيضًا.
(*) كيف تمتّ محاولات قرصنة/ سرقة الثوب الفلسطيني عبر التاريخ؟
ربما يصعب عليّ قول إن الثوب عبارة عن "سلعة"، ولكنه كذلك للأسف في نظر الكثيرين. وبعض ممن يدّعون الاهتمام بالتراث هم تجّار بالأصل. لقد تعرّض الثوب الفلسطيني بمرحلة ما للجمع بطريقة أقل ما يمكن وصفها بأنها هستيرية، وذلك بعد نكسة عام 1967، إذ أصبح عليه طلب عالٍ جدًا، وكذلك الأمر مع قطع تراثية أخرى كالمحراث وألواح الدّْرَاس والمناجل والمفاتيح وغيرها. هذا الطلب كان من قبل مؤسسات رسمية إسرائيلية كالمتاحف، ومن قبل أفراد إسرائيليين أيضًا، إذ بعد إتمام عملية احتلالهم لفلسطين من البحر إلى النهر، وانتهاء حالة الحرب، شعروا بالاستقرار نسبيًا، وأصبحوا بحاجة إلى صنع حضارة ذات جذور. فتشكّلت بذلك مجموعات من التجار الفلسطينيين الباحثين عن الأثواب؛ وكان كل تاجر يشكّل فريقًا من مندوبين يتجولون في كل فلسطين للبحث عن الأثواب وغيرها من القطع التراثية، كان هؤلاء يعرفون ما لدى السيدات، في منطقة معينة، من أثواب. كانوا يزورون البيوت ويجلسون ويتحدثون مع النساء ويشربون الشاي والقهوة معهن، ويستغلون بساطتهن أو حاجتهن بهدف الحصول على ما لديهنّ من أثواب.
في تلك الفترة، لم يكن هناك للأسف وعي بأهمية الثوب باعتباره ممثّلًا للذاكرة والهوية، أي لم يكن هناك تعلقّ كبير به؛ فقد كان الثوب يؤدي خدمة وظيفية وهو ارتداؤه في المناسبات الخاصة به، وربما يصبح صغيرًا نسبة إلى حجم صاحبته، أو تنتهي موضته، أو يعود لمناسبة خاصة كالعرس، فيبقى في الخزانة لا أهمية كبيرة لوجوده، لتلك الأسباب كانت النساء يبعن أثوابهن لهؤلاء التجار مقابل 4 أو 5 دنانير مقابل الثوب.
وقد ترفض امرأة بيع ثوبها، لكونه يمثل ذكرى خاصة لها، ربما يكون ثوب عرسها على سبيل المثال، فيغيبون عنها فترة من الزمن ثم يعودون إليها لذات الهدف وهو شراء الثوب. لاحقًا أصبحت هناك أسواق في مدن رئيسية عدة، كالقدس وبئر السبع ويافا ونابلس، لتستقر هذه الثروة الوطنية في أيدي التجار. لذا أقول أني أتيت في الزمن الرديء، ومعظم ما في مجموعتي من أثواب قمت بشرائها من تجّار بالأصل.
غير أن هذا الوضع دفع فلسطينيين، ولو كانوا قلّة، لاقتناء الثوب الفلسطيني لحفظه وحمايته من السلب، ومنهم السيدة هند الحسيني، مؤسِّسة دار الطفل العربي في القدس، والتي عملت منذ أواخر عشرينيات القرن الماضي على جمع أثواب من مناطق مختلفة، لأنها كانت مدركة أن هذه الثروة الوطنية تتعرض إلى الزوال. وهناك أيضًا السيدة وداد قعوار التي قامت بتشكيل مجموعة من الأثواب على قدر كبير من الأهمية لذات السبب، وهو حماية وحفظ هذه الذاكرة. إضافة إلى العديد من جامعي التراث الذين يملكون مجموعات هامّة.
(*) تضمّ مجموعتك ثوبًا شاهدًا على النكبة وتأثيراتها على الحياة الفلسطينية، حدّثينا عن هذا الثوب.
هو ثوب أبيض مطرّز بطريقة تمثّل ثوب رام الله المثاليّ والنموذجيّ، أهم ما فيه أنه تم زيادة طوله من منطقة الوسط حوالي 15 سم، باستخدام قماش أكياس الطحين التي كانت توزعها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وهذا يعتبر تدخلًا سيئًا جدًا على الثوب، ولكن صاحبة الثوب كانت بحاجة إلى ذلك؛ فالثوب كان لسيدة من رام الله طرّزته في العشرينيات وقدّمته لسيدة أخرى مهجّرة بعد النكبة، ولما كانت اللاجئة أطول من صاحبة الثوب اضطرت لإطالته. أعتبر هذا الثوب من أهم ما لديّ في المجموعة، فهو لا يرمز إلى النكبة فحسب، والحالة التي وصل إليها الفلسطينيون في مسيرة اللجوء بعد سلب أراضيهم وبيوتهم وممتلكاتهم، إنما يمثل كذلك حالة التعاطف والتكاتف بين أبناء الشعب الفلسطيني، الذين قاموا بحماية بعضهم البعض إبّان النكبة، فتقاسموا رغيف الخبز والملبس والمأوى.
(*) ما هي مراحل البحث عن الثوب، وعلى ماذا تعتمدين في عملية البحث عن الثوب وأرشفته وتوثيقه مناطقيًا وتاريخيًا؛ على التاريخ الشفوي أم على مصادر مكتوبة، أم على المصدرين معًا؟
أحيانًا، وبعد عملية بحث طويلة عن ثوب ما لا أصل لشيء، وأحيانًا يأتي الثوب إليّ. العملية معقّدة نوعًا ما، ولكنها تبقى تحديًّا كبيرًا بالنسبة إليّ. لقد اكتسبت معلومات وخبرة كبيرة خلال سنوات البحث والجمع، وبالتأكيد استفدت من معلومات لدى أشخاص عديدين. كما استفدت من كل ما تم كتابته في الموضوع وخاصة كتب وداد قعوار، التي تعتبر من أهم ما كُتب في التطريز الفلسطيني. وأيضًا هناك ما كُتب على أيدي باحثين أوروبيين تعاملوا مع موضوع التطريز كإحدى المزايا الإثنية التي تميز الشعب الفلسطيني، فاهتموا بجمعه وأرشفته والكتابة عنه.
البحث عن الثوب عملية طويلة ومركّبة، تنضج بالخبرة والمعرفة والمقدرة على مقارنة ومقاربة المعلومات. ومع ذلك لا أستطيع أن أقول إن هناك مصدرًا كتابيًّا أو شفويًّا دقيقًا تمامًا حول الثوب الفلسطيني، وحول ما لديّ من أثواب. حتى السيدات اللاتي هُجّرن وهنّ في أعمار 13 أو 14 عامًا، ما يعني أنهن اليوم على مشارف التسعين، معظمهنّ لا يتمكّنّ من تذكّر تفاصيل أثوابهن قبل النكبة؛ فالاعتماد على الذاكرة أمر صعب بطبيعة الحال. أحاول، من ناحية أخرى، الاعتماد على القطع الموثّقة في المتاحف المختلفة، إذ أن جزءًا كبيرًا منها قد تم توثيقه. أشير هنا إلى أن هناك مجموعات كبيرة من الأثواب الفلسطينية موجودة في متاحف في أوروبا وأميركا. أعتمد كذلك على معلومات وداد قعوار وخبراء آخرين لديهم معلومات، مثل السيد أبو إياد الحروب الذي لديه علم ومعرفة، وقام بجمع أثواب وأغانٍ وأدوات من الحياة الفلسطينية قبل النكبة.
(*) ماذا عن هوية الثوب الفلسطيني، ودلالات رموزه، وتنوّعه، وأوجه اختلافه بين القرى والمدن والمناطق المختلفة؟
الثوب الفلسطيني مثل الإنسان؛ يتطور وله مسيرة حياة ويتفرّع إلى سلالات ويخضع لتأثيرات مختلفة عبر الزمن، لكنه لا يموت، على سبيل المثال قد يحصل تزاوج بين ثوبين من قريتين مختلفتين فينشأ ثوب جديد مختلف. ويعود التنوع الهائل في الثوب الفلسطيني إلى عدد النساء اللاتي مارسن التطريز قبل النكبة، فالمرأة كانت تطرّز ثوبها بنفسها في أغلب الأحيان، وذلك قبل انتشار التطريز كحرفة ومهنة تختصّ بها نساء معينات في عقد الثلاثينيات من القرن الماضي. الأمر الهام هنا أنه لا يوجد ثوب يشبه الآخر، فكل إمرأة وضعت شخصيتها ولمساتها الخاصة في ثوبها، متأثّرة ببيئتها وحالتها الاجتماعية والنفسية أيضًا، وكذلك بذوقها الخاص في اللباس؛ فالمرأة المرحة تنعكس شخصيتها ومزاجها على ثوبها فنجده مليئًا بألوان مبهجة، على عكس المرأة التي لا تحب البهرجة وليست مرحة بطبيعتها ما ينعكس في ألوان وشكل ثوبها، فلربما تستخدم لونًا واحدًا على سبيل المثال.
أما الرموز في الثوب، أو وحدة التطريز، فمن الممكن أن تشير إلى المنطقة التي ينتسب إليها الثوب. على سبيل المثال تختلف وحدة النخل في التطريز بين رام الله وقرى الساحل وغزة ومناطق البدو، فلكل منطقة وحدة نخل خاصة بها. أيضًا من الممكن تمييز المنطقة التي ينتمي إليها الثوب من "الدّيارة"، وهي الجزء الأسفل من الثوب، فلكل منطقة طريقة مختلفة في ختم ثوبها من الأسفل. وهناك "الذّْيَال"، وهو التطريز الخلفي، فذيال ثوب رام الله يختلف عن ذيال ثوب مدينة البيرة، رغم أن المدينتين متقاربتان وتعتبران توأمين. وهناك رمز المثلث المتداول بكثرة في التطريز، والذي يشير إلى الحماية من الأمراض والحسد والشياطين والأمور الغيبية؛ ففي ظل الافتقار إلى العلاج والدواء في تلك الفترة، كانت النساء يكثرن من استخدام الحُجُب، التي تضم آيات قرآنية توضع داخل قماش مطرّز، وتعلّقها النساء على أثوابهنّ وعلى أطفالهنّ، ويطرّزن كذلك أشكال المثلثات على أثوابهنّ.
وحول الاختلاف بين الأثواب، أذكر أمثلة من بينها أثواب البدو القاطنين في الصحراء التي تتميز بالألوان الصارخة، وقد تطرّز المرأة عدد خيام القبيلة التي تنتمي إليها كنوع من الاعتزاز بالعائلة، وكان لكل قبيلة نمط معين من التطريز يميزها عن القبائل الأخرى. أما في قرى مدينتي يافا واللد، والمحاطة ببيّارات البرتقال، فتطغى على الثوب ألوان البرتقالي والأخضر والبنفسجي، إذ يبدو الثوب فرحًا ومبتهجًا مليئًا بالورود وأزهار البرتقال. أذكر هنا أن أبي كان يصف نساء اللد ويافا، المرتديات أثوابهنّ البيضاء المطرزة والذاهبات إلى سوق اللد أو سوق يافا، قائلًا "كانوا مثل رُفوف الحمام"، أي كأنهنّ سرب حمام يقفز بهجة ومرحًا. أما ثوب رام الله فيبدو محافظًا وجديًا، ذا ألوان وخطوط محدّدة مسبقًا، بحيث يتم تطريز اللونين الأحمر والأسود على قماش أبيض، أو اللون الأحمر على قماش أسود.
(*) أخيرًا، ما هي مشاريعك المستقبلية بخصوص مجموعتك؟ وما هي توصياتك فيما يتعلّق بعالم الثوب الفلسطيني؟
أقوم حاليًا بالعمل على إنشاء موقع إلكتروني لتوثيق مجموعتي، بحيث سيتم نشر صور كل ما لديّ من أثواب مع وصف كامل وتوثيق للمناطق والتواريخ. على صعيد آخر أرى أنه أصبح لديّ الكثير من المعلومات والخبرة حول عالم الثوب الفلسطيني، وأن عليّ أن أكتب في هذا المجال، لأنه تنقصنا مراجع علمية موثوقة. نحن غالبًا ما نكتب بطريقة عاطفية حول الثوب الفلسطيني، نقول إنه ثوبنا وهويتنا وذاكرتنا ولكن نادرًا ما نكتب بشكل علمي عنه، ربما لأنه تم احتلالنا وسرقة الكثير من تراثنا فنشعر أننا بحاجة إلى المبالغة ولهذا الحسّ العاطفي في تعبيرنا عن هويتنا وذاكرتنا. لكن المطلوب هو البحث وتوثيق تلك الذاكرة بشكل علميّ واحترافيّ. على سبيل المثال، يقول كثيرون إن الثوب الفلسطيني كنعانيّ بالأصل، وذلك دون الاعتماد على مصادر موثوقة، أنا لا أجرؤ على هذا الادّعاء، فهذه مسؤولية علمية؛ ولكن من الواضح أن وحدات التطريز الأصلية التي استخدمت لتزيين الثوب الفلسطيني هي رموز موروثة منذ قديم الأزل ولها معانٍ عميقة في الحضارات التي تعاقبت على فلسطين منذ آلاف السنين، وورثناها ولا زلنا نستخدمها حتى الآن.
ما أود قوله هو أن الثوب الفلسطيني تعرّض بالتأكيد لتأثيراث وتفاعل وتزاوج مع حضارات وثقافات أخرى؛ على سبيل المثال، تأثرنا كثيرًا بالعثمانيين، فلغاية أوائل عشرينيات القرن الماضي كان هناك ثوب منتشر في شمال فلسطين مفتوح من الأمام يشبه ثوب اليَلَك العثماني، وكان اسمه في فلسطين أيضًا "اليَلَك". نعم هناك العديد من المصادر في الثوب الفلسطيني، ولكن يبقى هناك تقصير فلسطيني واضح في البحث العلمي الجادّ والعميق في عالم الزيّ الشعبي الفلسطيني.