بالطبع أصبحت الهواتف الذكية والتكنولوجيا عمومًا جزء لا يتجزأ من حياة الطالب اليومية على مستوى العالم، وليس في الوطن العربي فقط. لكن مع وجود التسهيلات التكنولوجية تلك، تتغير معها الخبرات المأخوذة من قبل الطلّاب في المدارس. اليوم في أراجيك تعليم سوف نتحدث عن إيجابيات وسلبيات تواجد الهواتف الذكية في المدارس مع الطلاب داخل الفصول وخارجها، لن نتحدث عن أجهزة الحاسوب المحمولة أو الـ iPad مثلًا، إنها ماكينات إنتاجية في المقام الأول، ومنافعها أكثر من سلبياتها. لكن الهواتف أخف، أسرع، أصغر، وتستطيع صنع الكثير جدًا بمعيار السلبية والإيجابية أكثر من أي جهاز آخر.
مزايا الهواتف الذكية في المدارس
1- التعامل السريع مع الأجهزة التعليمية الأخرى
واحدة من أهم إيجابيات الهواتف الذكية في المدارس هي بالطبع سهولة التعامل مع القطع التكنولوجية الأخرى بالمدرسة. أهم قطعة تكنولوجية تعليمية في الحياة هي بالطبع السبورة الذكية – Smart Board. تلك السبورة تقوم بعرض مقاطع فيديو، ملفات، صور، تشغيل مقاطع صوتية إذا كانت متصلة بسماعات خارجية، أو حتى الكتابة عليها ومسح المكتوب بمنتهى السهولة.
لكن الغرض من الهاتف هنا هو أنه يمكن عرض ما يقوم به المُعلم على السبورة تزامنًا مع هواتف الطلاب في الفصل. وهذا الأمر بالتأكيد يُفيد الطلبة الجالسين في مؤخرة الصف ولا يستطيعون رؤية السبورة بشكلٍ جيد في الأمام. ونفس الأمر ينطبق على الاقتران مع أجهزة أخرى مثل الطابعات والأقلام الذكية، إلخ.
2- إنجاز المهام الصفيّة مباشرة
أجل، توجد بالطبع فروض صفيّة يتم عملها بشكل تفاعليّ بين المُعلم والطلبة. وهنا يأتي دور الهواتف الذكية بالتأكيد. هنا يمكن للطالب أن يُخرج لوحة مفاتيح بلوتوث من حقيبته، ويبدأ في الكتابة على الهاتف مباشرة بعد أن يقوم بعمل اقتران بين الهاتف واللوحة. وبذلك يستطيع إنجاز الفروض الصفية التي تحتوي على كتابة مباشرة وهو جالس مع المُعلم في نفس الحجرة الصفية.
نفس الأمر أيضًا إذا أراد الطالب كتابة أي شيء يقوله المُعلم وهو يشرح، دون الحاجة لإخراج ورقة وقلم، أو التدوين يدويًّا على صفحات الكتاب. كما أنه يستطيع تسجيل الحصة أو المحاضرة ليدرسها بتأنٍ لاحقًا عندما يعود للمنزل.
3- تصوير السبورة والأوراق
أجل، أجل، وألف ألف أجل أيضًا. إنها الميزة الكُبرى للهواتف الذكية يا رفاق: الكاميرا!
الهواتف الذكية هذه الأيام بها كاميرات جبّارة جدًا. لنفترض أن المُعلم رسم الجهاز التناسلي للجنسين على السبورة، رسم في غاية التعقيد وبه تفاصيل كثيرة. يمكن ببساطة خروج طالب واحد لتصوير الرسم، ثم العودة إلى أقرانه بها وينقلها إليهم في ثوانٍ من خلال البلوتوث أو أي آلية أخرى. وبذلك يستطيع الطلاب التركيز على شرح المُعلم على الرسم، بينما ينظرون إلى الصورة على هواتفهم الذكية. لكن بشرط الّا يكون الأمر تامًا؛ مما يمنع الطالب من إنشاء رابطة مع الكتاب الورقي.
بالطبع الموضوع له مضار كثيرة جدًا، وهذا ما سأتحدث عنه تاليًا في قسم سلبيات الهواتف الذكية بالمدارس.
سلبيات استعمال الهواتف الذكية في المدارس
1- استعمال الهاتف الذكي للتنمر في المدرسة
مساوئ الهواتف الذكية في المدارس كثيرة، وهذه أبشعها للأسف.الهاتف سهل الإخراج من الجيب، ويمكن وضعه على وضع التصوير الصامت ونجد أن المُعلم تم تصويره دون أن يعلم، وفي وضعيات غريبة تجعل منه مادة للسخرية. وتلك الصور في العادة ما يتم تداولها على الانترنت بشكلٍ فجّ، أو على مجموعات (واتسآب) أو (مسنجر) بين الطلبة، وتحمل نفس التعليقات الساخرة.
ونفس الأمر ينتقل إلى حيّز الطلبة كذلك بين بعضهم البعض، يمكن للطلب أن يصور زميله في أي وضعية غير جيدة، أو بدون علمه أو موافقته، وينشرها على الانترنت ليصير فجأة محل سخرية من الجميع، وفي النهاية تتتشكل في داخله عقد نفسية كثيرة يمكن أن تدمر حياته في المستقبل.
هنا يتحول الهاتف من أداة تخدم الطالب في حياته اليومية، إلى وسيلة صارخة للتنمر على المُعلم الذي في الأساس يجب أن يكون قُدوته في الحياة، وأن يكن له كل احترام وتقدير.
2- الانشغال عن الدرس
في بعض الأحيان تكون الحصص مملة، هذا وارد جدًا. يمكن أن يرجع الأمر لكون الدرس مليئًا بالمعلومات المُكدسة دون شغف، أو لكون المُعلم ذاته لا يستطيع توليف المعلومة بطريقة مقبولة. ذلك الملل ينتج عنه إخراج آني للهاتف الذكي، والعبث به باستمرار. وهذا ينتج عنه ترك كامل للدرس والمُعلم. هنا المُعلم في طريق، والطالب في طريق آخر تمامًا.
هذا للأسف لا يصب في مصلحة الطالب أبدًا. مهما كان الدرس مُملًا، بالتأكيد هو بداخل المنهج الدراسي، وبالتأكيد سوف يأتي منه في امتحان نهاية العام. يجب الانتباه له، ولو بقدر 20% فقط حتى.
3- إزعاج المُعلم وإشعال غضبه عن عمد
وجدنا الكثير من مقاطع الفيديو على الانترنت لمُعلمين مُهتاجين وغاضبين جدًا، وينهالون على الطلاب بالضرب والتنكيل. هذا سيء جملة وتفصيلًا، وأنا معكم. لكن ما أغلب أسباب ذلك؟ بالتأكيد الإنسان لا يغضب دون سبب، أليس كذلك؟
في العادة يكون السبب هو الاستفزاز والسخرية والإزعاج المُتعمد من قبل الطالب تجاه المُعلم. أبسط وسيلة إزعاج موجودة الآن هي الهاتف الذكي. ببساطة يستطيع أن يُخرجه، ثم يفتح أي مقطع موسيقي صاخب، ويقلب الصف من مكان تُدار فيه رحى العلم، إلى حفلة موسيقى (ميتال) يجرح فيها المُغنون حناجرهم إثر الصريخ المستمر.
الأمر فعلًا غاية في الاستفزاز والإزعاج، وقد عاصرته بنفسي مع طلبة درست لهم في المرحلة الإعدادية. وكلما حدثّتْ إدارة المدرسة لتأخذ أي إجراء، كانوا يُلقون باللوم عليّ أنني لا أستطيع حكم الفصل بالسطوة والضرب. وأنا لا أستطيع ضرب طالب، هذا يتنافى مع مبادئي الإنسانية في التعامل مع البشر.
4- التكاسل في كل شيء
التكاسل قد يجعل الطالب لا يأخذ كتب المدرسة إلى الصف من الأساس، ويكتفي بتحميلها PDF أو تصويرها على هاتفه الذكي، ويذهب بالهاتف للمدرسة وينتهي الأمر. لا حقائب، لا أوراق، لا شيء على الإطلاق.
هذا ليس سيئًا بمنظور الحكم عليه وحده، لكن سيء في العموم. الاعتماد الكلي على الهاتف يجعل الإنسان مُتكاسلًا في أغلب مهامه الحياتية المصيرية التي تستلزم مجهودًا فعليًّا من أجل إتمامها على خير.
الفكرة هنا في أن الطالب سيقول: “كل شيء يُنجز على الهاتف، والمدرسة مُرتاحة مع ذلك الأمر. إذًا كل شيء في الحياة لا يحتاج لمجهود كما يفعل البالغون أو كما يفعل أقراني، كل شيء يُمكن أن يُختصر”. هذا سيجعله يُدرك لاحقًا أن الاختصار يؤدي لعدم إتمام الأمور كما ينبغي، وهذا سيؤثر عليه سلبًا على الصعيد الدراسي والحياتي سويًّا.